محادثات الأستانة التي تقرر إجراؤها في الثالث والعشرين من الشهر الجاري والمخصصة لإيجاد حل للأزمة السورية برعاية روسية - تركية قد تكون محطة على طريق الحل وليست نهايته.
ولا يبدو أنها ستكون أفضل من سابقاتها التي أجريت في جنيف بعد تشابك الملف السوري حيث يزداد تفاقما وتوسعا وليس العكس، على أن الجهود الدولية المبذولة وما رافقها من لقاءات ونشاطات واجتماعات والتي تحمل طابعا سياسيا ودبلوماسيا ليست أكثر من مبادرات لرفع العتب والحراك في الوقت الضائع وتعبئته من قبل إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما ومحاولة منها للقول للعالم بأنها لا تكتفي بالتفرج على مأساة السوريين ونكبتهم ودمار بلدهم واستنزافهم بالقتل والتهجير وتمدد النفوذ الإيراني وتوسعه على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية، ومن ثم الهيمنة الروسية عسكريا وسياسيا، إضافة إلى تزايد نشاطات الجماعات الإرهابية كتنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرهما والتي تسيطر على أكثر من نصف الأراضي السورية وإنما تسعى أي إدارة أوباما وتبذل الجهود لوضع خريطة طريق لما يسمى إيجاد حل للأزمة السورية، مع الإشارة إلى أنها سعت إلى كل شيء إلا إلى الحل الفعلي والعملي لأنهاء معاناة السوريين، بل أنها واكبت ورعت التراجع المتدرج لمقومات وعناصر أي حل وشروطه، حيث أنها حرصت ابتداءًا من محادثات جنيف واحد وجنيف2 وجنيف3 وعلى هامشها من محطات تفاوضية في فيينا وغيرها على ضمان تراجع سيطرة المعارضة السورية المسلحة على الأرض في أكثر من منطقة في سوريا وصولا إلى الوقت الراهن حيث يتم التحضير لمحادثات الاستانة والتي تشكل مصدر قلق وازعاج للنظام السوري وإيران وحلفائها سيما وأنها جاءت بناءا لرغبة روسية وتركية ولا تنسجم مع المصلحة الإيرانية وحليفها رئيس النظام السوري بشار الأسد.
إقرأ أيضًا: الرئيس عون بين الرياض وطهران
وبالرغم من أن محادثات الاستانة معنية بالوضع الميداني أكثر من الواقع السياسي إلا أن إيران ومعها النظام السوري لا يفصلان بين الوضعين الميداني والسياسي انطلاقا من موقفهما الرافض لأي تسوية وأي حل للأزمة السورية.، وبدا ذلك من موقفيهما عندما كان وضعهما متراجعا في ميادين القتال والذي وصل إلى حافة الانهيار، فكيف بهما اليوم وهما يشعران أن الموقف العسكري لصالحهما ضد المعارضة السورية بكافة فصائلها وتشعباتها وألوانها وليس فقط بتلك المصنفة في خانة الإرهاب.
وما يثير قلق الثنائي الإيراني والنظام السوري أن المطلوب في المحادثات المرتقبة في الاستانة التنازل وعدم الاستثمار في ما أطلق عليه إنتصار حلب، ثم العودة إلى اعتماد المسار السياسي خصوصا وان هذا الطلب يأتي من حليفهم الروسي وليس من أي طرف آخر.
وحتى تركيا فإن ما يرشح من مباحثات أنقرة بين ممثلي المعارضة السورية والسلطات التركية تمهيدا لمؤتمر الاستانة فإنها تجد نفسها في موقف غير مريح يفرضه ضغط موسكو وتخلي واشنطن وهذا ينعكس سلبا على المعارضة السورية وثورتها ككل.
إقرأ أيضًا: العالم الإسلامي بين إيران والسعودية
وعليه فإنه في هذه الأيام وعشية تولي دونالد ترامب مقاليد الإدارة الأميركية وانعقاد مؤتمر استانة فإن موسكو تخطف المبادرات الدولية بمباركة أميركية في حين تتعرض تركيا لحصار سياسي وارهابي منظم ويترافق ذلك مع رفع إيران لسقف تدخلاتها العدوانية استباقا لواقع تخشى أن يكون مختلفا في واشنطن قد لا يصب في مصلحتها.
وعليه فإنه في ظل هذا الواقع الدولي والإقليمي ومع المواقف المتناقضة فلا يلوح في أفق مؤتمر استانة إذا عقد فعلا اي بارقة امل لحل يضع حدا للحروب السورية المدمرة.