قبل أيام من تسلمه السلطة كرئيس للولايات المتحدة الأميركية شن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سلسلة من الهجمات في كل الاتجاهات، معتبراً أن حلف شمال الأطلسي «تخطاه الزمن»، وأن أنغيلا ميركل ارتكبت «خطأ كارثياً« بشأن المهاجرين، وأن البريكست سيكون "أمراً عظيماً" وأن واشنطن قد تبرم اتفاقاً مع روسيا.
وأثارت هذه التصريحات سلسلة ردود فعل غاضبة من كبار القادة الأوروبيين، وحتى من قبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري وزادت من حدة السجال حول مواقف الرئيس الأميركي المنتخب الذي لم يتسلم مهامه بعد.
وقبل أيام من تنصيبه الرسمي على رأس القوة الأولى في العالم، أطلق الملياردير الجمهوري كعادته تصريحات صادمة متجاهلاً أي مراعاة لشركاء بلاده، وموزعاً تعليقات حادة عن السياسة الأوروبية في صحيفتي "تايمز" البريطانية و"بيلد" الألمانية. ومد يده إلى موسكو في ظل الخلاف القائم حالياً بين الكرملين وإدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما.
وتحدث ترامب عن إمكانية التوصل الى اتفاق مع روسيا للحد من الأسلحة النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، من دون إعطاء تفاصيل.
وقال لصحيفة "تايمز": "لنرَ إن كان بوسعنا إبرام اتفاقات جيدة مع روسيا، أعتقد أنه ينبغي الحد بشكل كبير من الأسلحة النووية،
وهذا جزء من المسألة". وأضاف "العقوبات تؤلم روسيا كثيراً في الوقت الحاضر، لكن أعتقد أنه من الممكن أن يحصل أمر يكون مفيداً للعديد من الناس".
وتناول ترامب مجدداً مسألة تثير القلق بين الأوروبيين في ظل استعراض القوة الروسي المتواصل، فانتقد مرة جديدة الحلف الأطلسي الذي "تخطاه الزمن" برأيه، آخذاً على دوله الأعضاء عدم دفع حصتهم من نفقات الدفاع المشترك واعتمادها على الولايات المتحدة، وأعلن: "قلت من وقت طويل إن الحلف الأطلسي يواجه مشاكل. أولاً، تخطاه الزمن لأنه صمم قبل سنوات مديدة (...) ولأنه لم يعالج الإرهاب. وثانياً، الدول (الأعضاء) لا تدفع ما يتوجب عليها".
ولا تصل النفقات العسكرية لمعظم دول الحلف الأطلسي الى مستوى 2% من إجمالي ناتجها الداخلي، النسبة التي حددها الحلف في 2014.
كذلك وجه ترامب سهامه الى المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي انتقدت مراراً الرئيس المنتخب علناً، ولو أنه أكد أنه يكن لها "الكثير من الاحترام".
وقال "أعتقد أنها ارتكبت خطأ كارثياً، وهو السماح بدخول كل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين". ورأى أن عواقب سياسة الاستقبال هذه "ظهرت بوضوح" أخيراً، في إشارة الى الاعتداء ضد سوق لعيد الميلاد في برلين أوقع 12 قتيلاً في 19 كانون الأول الماضي وتبناه تنظيم "داعش".
إقرأ أيضًا: مرشح رئاسة فنزويلا على علاقة بحزب الله؟
ورأى أنه كان يجدر ببرلين بدل استقبال اللاجئين، العمل على إقامة مناطق حظر جوي في سوريا لحماية المدنيين من عمليات القصف. وقال "كان يجدر بدول الخليج أن تدفع نفقات ذلك، فهي أكثر ثراء من أي كان".
واتهم ألمانيا بالسيطرة على الاتحاد الأوروبي. وقال "انظروا الى الاتحاد الأوروبي (...) إنه أداة لألمانيا، لذلك أعتقد أن المملكة المتحدة كانت على حق بالخروج".
وتوقع أن يكون بريكست «أمراً عظيماً« معلناً عزمه على إبرام اتفاق تجاري مع بريطانيا "سريعاً وطبق القواعد"، والتقاء رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي "سريعاً"، متوقعاً أن "تخرج دول أخرى" من الاتحاد الأوروبي.
ورأى ترامب أن «الشعب والناس يريدون هويتهم الخاصة وبريطانيا كانت تريد هويتها الخاصة«. والتقى ترامب مارتن لوثر كينغ الثالث الذي هو الابن الأكبر لمارتن لوثر كينغ الذي يُعتبر من المدافعين عن الحقوق المدنية، وذلك في محاولة منه للتأثير على الأميركيين من أصول أفريقية.
وفي الردود، فقد أكدت ميركل بعد انتقادات ترامب للاتحاد الأوروبي وإشادته بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أن مصير الأوروبيين يبقى «في أيديهم«. وقالت ميركل التي سئلت في مؤتمر صحافي أمس، عن دعم ترامب لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وتوقعه خروج بلدان أخرى، «أعتقد أن مصيرنا نحن الأوروبيين في أيدينا. أريد أن أواصل السعي حتى تعمل الدول الأعضاء الـ27 معاً نحو المستقبل... لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين"، إلا أن الرد الأعنف على ترامب جاء من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي قال خلال حفل أقيم لتقليد السفيرة الأميركية في باريس جين هارتلي وساماً: «اؤكد لكم أن أوروبا ستكون دائماً على استعداد لمواصلة التعاون عبر الأطلسي، لكنها ستتحرك وفق مصالحها وقيمها. وهي ليست بحاجة لنصائح خارجية تقول لها ما عليها فعله".
إقرأ أيضًا: مؤتمر باريس بين التأييد الفلسطيني والرفض الإسرائيلي
وكان هولاند قال في وقت سابق إن على أميركا ترامب "ألا تخاف من نفسها ومن العالم"، وذلك في كلمة ألقاها في وزارة الاقتصاد بباريس.
وفي الإطار نفسه ندد وزير الخارجية الأميركي بـ"التصريحات غير اللائقة" التي أدلى بها ترامب تجاه الاتحاد الأوروبي والمستشارة الألمانية "الشجاعة"، وذلك في مقابلة مع شبكة "سي أن أن" في لندن. وقال كيري «اعتقد بصراحة تامة أنه كان من غير اللائق لرئيس منتخب للولايات المتحدة أن يتدخل في شؤون دول أخرى بهذه الطريقة المباشرة.