صراع على البقاء في السلطة يُعطي قانون الستين الاولوية

 

النهار :

بدأت الغيوم السياسية التي تغلف مسألة بت قانون الانتخاب تثير مخاوف لعلها الاولى من نوعها منذ التوصل الى التسوية التي ادت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري. اذ ان التطورات التي احاطت المواقف السياسية المتعارضة من صيغ المشاريع الانتخابية والتي يتعاظم معها عمليا احتمال بقاء قانون الستين كأمر واقع بات يصعب اختراقه الا بمفاجأة كبيرة لا تبدو حظوظها مرئية راحت ترسم ظلال اشتباك سياسي بين محاور سياسية عدة تتوزع كالآتي: محور يتمثل بـ"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" يضغط بقوة نحو اجتراح تسوية تأتي بقانون جديد ضمن الفسحة الزمنية الضيقة التي لا تزال متاحة قبل انطلاق مهل القانون النافذ وآلياته. ومحور يتمثل بالحزب التقدمي الاشتراكي يلاقيه ضمنا "تيار المستقبل" يضغط نحو الابقاء على النظام الاكثري. ومحور ثالث يضغط نحو اقرار صيغة النسبية ويتقدمه "حزب الله". ومع ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يطرح مشروعين يلحظ احدهما الاكثري والنسبي والآخر التأهيل على مرحلتين فان تحذيراته المتكررة اخيرا من بقاء قانون الستين تشكل واقعيا جرس انذار من فوات الاوان امام تسوية ممكنة للاتفاق على قانون جديد. وجاءت الجلسة التشريعية لمجلس النواب المقررة غدا وبعد غد لتطلق بدورها العنان للمخاوف من ضياع المهلة المتبقية امام احتمال التوصل الى قانون جديد بفعل خلو جدول اعمال الجلسة من المشاريع الانتخابية. ومع ذلك يعتبر الرئيس بري ان السير بقانون الستين هو اقل سؤا من التمديد للمجلس للمرة الثالثة "الا اذا حل عقل الرحمن في قلوب المعنيين وتم التوافق على قانون في الايام المقبلة" فيتم عندها ادخال مادة واضحة المعالم في القانون تدعو الى تأجيل تقني للمجلس لا تتعدى مدته ثلاثة اشهر. واللافت في موقف بري انه يشدد على رفض امكان نقل بعض المقاعد النيابية من دوائر الى اخرى وادخال كوتا نسائية على القانون النافذ بما يعني رفضه أي "عملية تجميل" لهذا القانون لانه في نظره "لا يستحق الا الدفن". ويوجه في هذا السياق رسالة الى الرئيس عون عبر "النهار" تختصر بقوله ان "بقاء الستين هو صدمة للعهد وللبنان وشعبه ومستقبله".
وسط هذه الاجواء طغى ملف قانون الانتخاب على جلسة الحوار الـ 39 بين "حزب الله" و"تيار المستقبل"، مساء امس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة وصدر بعدها البيان الاتي: "ناقش المجتمعون ضرورة الاسراع في اقرار قانون جديد للانتخابات يلبي طموحات اللبنانيين. وجرى عرض لنتائج الاتصالات والمشاريع المطروحة، واتفق المجتمعون على تكثيف التواصل خلال الايام المقبلة لتذليل العقبات".
كما ان المجلس السياسي لـ"التيار الوطني الحر" الذي عقد اجتماعه الدوري الشهري برئاسة الوزير جبران باسيل اتخذ موقفا صارما من موضوع قانون الانتخاب فأكد "ان عدم إقرار قانون جديد للانتخاب يُؤمّن صحة التمثيل وعدالته سوف يعيق كل الحياة السياسية في البلد، لانه عنوان الاستقرار السياسي والمدخل الاساس لبناء الدولة" وحض "كل المعنيين على استكمال المسار الميثاقي الايجابي الذي بدأ مع انتخاب الرئيس العماد عون وتتابع مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس الحريري، وذلك من خلال اقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، لأن التمادي في التأخير يعني وقف هذا المسار الميثاقي وهو ما لن يقبل به "التيار" وسيواجهه بما له من قوة سياسية وشعبية". واعلن "ان "التيار" يرفض هذه المماطلة، خصوصاً ان القوانين المتداولة التي يدور حولها النقاش أصبحت معروفة ومحصورة، وبالتالي اصبح لزاماً على الجميع إعطاء الاجوبة والموقف الواضح من الصيغ المطروحة، اذ لا يمكن ان يقبل "التيار" ان يمتثل الشعب اللبناني وكل التيارات السياسية لرغبة البعض ممن يريد اجراء الانتخابات وفق قانون الستين او يريد التمديد للمجلس الحالي للمرة الثالثة. ان هذا الأمر سوف يولّد رفضاً وثورة شعبية مبرّرة و"التيار" سيكون من أوّل روّادها".

 

الموازنة
في غضون ذلك علمت "النهار" ان اتجاهات معاكسة للأجواء المتصلة بقانون الانتخاب تسود الاتصالات الجارية لاقرار مشروع الموازنة العامة لسنة 2017 وان ورشة حكومية سيطلقها الرئيس الحريري قريبا لانجاز هذا الاستحقاق بعدما انجز وزير المال علي حسن خليل تقريره عن الموازنة والموازنات الملحقة ووضع رؤية لمعالجة وضع المالية العامة واعادتها الى المسار الصحيح الفعال عارضا فيها اثر الاوضاع الداخلية والخارجية على الاوضاع الاقتصادية والمالية. وعلمت "النهار" ان وزير المال ضمن المشروع كلفة غلاء المعيشة في اعتمادات الرواتب وكلفة تعديل سلسلة الرتب والرواتب (نحو 1200 مليار ليرة) وثمة اجراءات مقترحة لزيادة الايرادات وتغطية بعض النفقات. كما علم ان عملية التدقيق في الحسابات ومن ضمنها حسابات الـ11 مليار دولار العائدة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة قد انجزت بنسبة 90 في المئة.

 

عون... والحريري
وكان الرئيس عون اكد امس ان "لا زيادة في الضرائب بل هناك تحسين للايرادات عبر الحد من التهرب الضريبي". وكانت لرئيس الجمهورية جلسة عمل اولى مع المنسقة الخاصة للامم المتحدة سيغريد كاغ مؤكدا استمرار التعاون الكامل مع المنظمات التابعة للامم المتحدة. كما التقت كاغ الرئيس الحريري في حضور مديري مكاتب المنظمة في لبنان. وتحدث الحريري عن ازمة اللاجئين السوريين التي وصفها بانها " الموضوع الاكثر صعوبة وحساسية" وطالب بمسح شامل لاماكن انتشار اللاجئين واثرهم على الاقتصاد اللبناني.
على صعيد آخر وفيما يلقي الرئيس عون اليوم خطابا رسميا خلال استقباله اعضاء السلك الديبلوماسي في قصر بعبدا يتناول فيه توجهات العهد برز كلامه امس عن واقع المسيحيين في المنطقة لدى استقباله وفد اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الاوسط في لبنان الذي تقدمه بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي والرئيس الاعلى للكنيسة السريانية في العالم البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني. وحذر الرئيس عون من "اننا اذا فقدنا وجودنا السياسي فقدنا وجودنا ككل" واعتبر ان تناقص عدد المسيحيين في دول المنطقة "لا يعود فقط الى الحروب بل ايضا الى عدم وجودهم في ادارة السلطة والشأن العام". وسلم رئيس الجمهورية الى البطريرك يوحنا العاشر انجيلا اثريا مكتوبا باللغة اليونانية صادره الجيش من احد المطلوبين في التنظيمات الارهابية اعترف بسرقته من دير القديسة تقلا في معلولا في سوريا.

 

 

المستقبل :

في رسالة دعم دولية وازنة للعهد الجديد ومسيرة «استعادة الثقة» الحكومية، برز أمس تأكيد مجلس خارجية الاتحاد الاوروبي دعم الاتحاد الكامل للبنان من خلال تبني وزراء الخارجية الأوروبيين إثر اجتماعهم في بروكسل، 9 خلاصات بشأن الملف اللبناني رحبت في أبرزها بإنهاء «الجمود المؤسساتي الطويل» عبر إنجاز الاستحقاقين الرئاسي والحكومي، مع التشديد على أهمية اجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في موعدها المناسب في العام الجاري، وسط تجديد التزام أوروبا بوحدة وسيادة واستقرار واستقلال وسلامة أراضي لبنان، والتأكيد في الوقت عينه على أهمية الالتزام اللبناني المستمر بسياسة النأي بالنفس عن كل الصراعات الإقليمية تماشياً مع «إعلان بعبدا«، وذلك بالتوازي مع شكر اللبنانيين على استضافتهم اللاجئين السوريين والفلسطينيين، في مقابل إعراب الاتحاد الأوروبي عن التقيّد الكامل بالتزاماته تجاه المجتمعات المضيفة للاجئين التي كان قد تعهّد بها في مؤتمر لندن في شباط 2016. 

وإذ أكد المؤتمرون ضرورة استمرار الالتزام اللبناني بالقرارات الدولية، أشادوا في المقابل بالدور الذي تضطلع به القوات المسلحة اللبنانية وقوات اليونيفيل للحفاظ على السلام والاستقرار في جنوب لبنان، مع إبداء الدعم الأوروبي الكامل للجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية في مكافحة الإرهاب ومنع التطرف، والالتزام في هذا السياق بدعم المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية الرسمية. كما كان تأكيد متجدد من الاتحاد على الالتزام بدعم لبنان وحكومته بما يصب في إطار تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتطوير قطاعات الطاقة والبنية التحتية. 

وجا في نصّ الخلاصات التسع التي تبناها اجتماع بروكسل أمس تحت إشراف الممثلة العليا لخارجية الاتحاد فديريكا موغيريني:

أولاً، يرحب الاتحاد الأوروبي بانتخاب ميشال عون في 31 تشرين الاول 2016 رئيساً للجمهورية اللبنانية وبتشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة سعد الحريري في 18 كانون الاول 2016، وهما خطوتان وضعتا حداً للجمود الطويل الأمد الذي أصاب المؤسسات السياسية اللبنانية. كما يشيد الاتحاد الأوروبي برئيس الوزراء المنتهية ولايته تمام سلام وأدائه وحسن قيادته الأمور في ظل ظروف صعبة.

ثانياً، يأخذ الاتحاد الأوروبي علماً بإعلان الحكومة اللبنانية ويرحب بطموحها الساعي إلى «استعادة الثقة». وعليه يدعو الاتحاد لبنان لاجراء الانتخابات التشريعية في الوقت المناسب في عام 2017، وضمان حصول هذه العملية بسلاسة وشفافية، بما يدعم تقليد الديمقراطية القائم منذ فترة طويلة في لبنان. والاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم الدعم لهذه العملية.

ثالثاً، يرحب الاتحاد الأوروبي بتصميم جميع الجهات السياسية اللبنانية الفاعلة على مواصلة العمل بهذه الروح البناءة ذاتها وفي جو من الوحدة الوطنية. وهذا أمر بالغ الأهمية كي يتمكن لبنان من ضمان حسن سير العمل في جميع المؤسسات الديموقراطية والتعامل مع مختلف التحديات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وهذه التحديات تتأثر بشكل كبير بالصراع في سوريا. إن حرية لبنان والتنوع فيه هما نموذج للمنطقة بأسرها ويتماشيان مع قيمنا المشتركة وينبغي حمايتهما.

رابعاً، يؤكد الاتحاد الأوروبي التزامه بوحدة وسيادة واستقرار واستقلال وسلامة أراضي لبنان. ويكرر أهمية الالتزام المستمر بسياسة النأي بالنفس عن كل الصراعات الإقليمية، وذلك تماشياً مع «علان بعبدا«.

خامساً، يشدد الاتحاد الأوروبي أيضاً على أهمية التزام لبنان المستمر على أكمل وجه بتنفيذ واجباته الدولية، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أرقام 1559 و 1680 و 1701 و 1757. ويشيد الاتحاد الأوروبي بدور القوات المسلحة اللبنانية وقوات اليونيفيل في الحفاظ على السلام والاستقرار في جنوب لبنان. ويؤكد الاتحاد الاوروبي دعمه لليونيفيل، الذي تسهم فيه العديد من دول الاتحاد مساهمات كبيرة. كما يواصل الاتحاد الأوروبي دعم عمل المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ.

سادساً، يدعم الاتحاد الأوروبي بالكامل الجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية والمؤسسات الأمنية في مكافحة الإرهاب ومنع التطرف ويرحب باستمرارية التعاون معه من أجل تعزيز ذلك. ويجدد الاتحاد التزامه بدعم المؤسسات العسكرية اللبنانية الرسمية.

سابعاً، إنّ أولويات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ولبنان والاتفاقيات المعتمدة في 11 تشرين الثاني 2016 تضع إطاراً متيناً للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان ودعم الاتحاد الأوروبي المستمر للبنان. ويرحب الاتحاد الأوروبي بتأكيد الحكومة الجديدة شراكتها معه، ويؤكد لها التزامه دعم لبنان في مواجهة التحديات بما يصب في صالح استقرار البلاد، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام والشامل بما في ذلك تطوير قطاعات الطاقة والبنية التحتية، وتنفيذ الإصلاحات وخطط التنمية الملحة. وما يشجع الاتحاد الأوروبي هو التزام القيادة اللبنانية الجديدة بالحكم الرشيد وتعزيز سيادة القانون، بما في ذلك مكافحة الفساد وزيادة مشاركة المرأة والشباب.

ثامناً، يشيد الاتحاد الأوروبي بجهود لبنان غير العادية لجهة استمراره في استضافة أكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري إلى حين تكامل الظروف الملائمة لعودتهم. والتقدير يجب أن يوجه إلى المجتمعات المستضيفة. ويقدم الاتحاد الأوروبي كامل التزاماته التي تعهد بها في مؤتمر لندن الذي عقد في شباط 2016، ويتطلع إلى مواصلة تعاونه مع الحكومة اللبنانية الجديدة من أجل ضمان التقدم في تحسين أوضاع اللاجئين وحقوقهم وحمايتها، وتطوير أوضاع المجتمعات المضيفة الضعيفة تماشياً مع الالتزامات الموقعة بين بيروت وبروكسل. ويثني الاتحاد الأوروبي أيضا على جهود لبنان واستضافته اللاجئين الفلسطينيين بمن فيهم أولئك الذين فروا من سوريا مؤخراً.

تاسعاً، إنّ الاتحاد الأوروبي عازم على مواصلة دعمه للبنان ويدعو الشركاء الإقليميين والمجتمع الدولي لتعزيز دعمهم للسلطات اللبنانية الجديدة.

 

الديار :

عُرف النائب وليد جنبلاط خلال السنوات الاخيرة ببراغماتيته السياسية التي قادته الى تقديم التنازلات في أحيان عديدة، إما لحماية الطائفة الدرزية، وإما لتجنب المواجهة مع أطراف داخلية. 
وعلى هذه القاعدة، بدا جنبلاط حريصا على تنظيم علاقته مع «حزب الله» وتحييدها عن الخلاف حول الازمة السورية، كما أظهر مرونة واضحة في مقاربة الاستحقاق الرئاسي ولم يجد حرجا في دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية ثم العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، برغم انتمائهما الى المحور الحليف لسوريا.
وانسحبت هذه الليونة ايضا على مسألة تشكيل الحكومة، فلم يطرح جنبلاط خلال المفاوضات شروطا صعبة، ولم يتجاوز في مطالبه سقف الممكن، فكان ان حصل على حقيبة التربية، إضافة الى وزارة دولة لشوؤن حقوق الانسان، وهي تسمية لم تنج من سخرية جنبلاط نفسه.
لكن، عندما وصل الامر الى مشارف الحسم في ملف قانون الانتخاب، وتقلصت هوامش المناورة حتى الحد الأدنى... «استشرس» جنبلاط في مواقفه، وانتقل «فطريا» الى الهجوم، باعتباره افضل وسيلة للدفاع. هنا، لا مجال للمسايرة والمجاملة في حسابات رئيس «اللقاء الديموقراطي» الذي يعتبر انه بصدد «معركة وجودية» تتصل بمصير الموحدين الدروز في لبنان، وبالتالي فهي لا تحتمل التراجع الى خطوط خلفية او التساهل في المواجهة، كما حصل في محطات أخرى.
والهجوم المضاد للمختارة لم يأخذ في طريقه فقط مبدأ النسبية الكاملة، بل أصاب أيضا «المشروع المختلط» الذي  تنصل منه جنبلاط، بعدما كان قد تم التوافق عليه بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، على اساس  68(أكثري) - 60 (نسبي).
وقد طلب «اللقاء الديموقراطي» خلال الساعات الماضية مواعيد للقاء الكتل النيابية، كما طلب موعدا لمقابلة رئيس الجمهورية ميشال عون، لكنه لم يتحدد بعد.           

ـ جنبلاط: هذا مطلبي ـ

ويقول النائب وليد جنبلاط لـ «الديار» ان النسبية، سواء كانت كاملة ام جزئية، مرفوضة من قبله، موضحا انه متمسك أكثر من اي وقت مضى بالنظام الاكثري، ولم يعد موافقا على المشروع المختلط الذي كان قد جرى التفاهم عليه سابقا مع «المستقبل» و«القوات». 
ويضيف بنبرة حازمة: بصراحة، لقد تغيرت الظروف بين الامس والحاضر، وبالتالي فان المشروع المختلط الذي يمزج النظامين الاكثري والنسبي في وعاء واحد، لم يعد مقبولا من جهتي.
ويلفت جنبلاط الانتباه الى ان اتفاق الطائف لم يتضمن أي إشارة الى النسبية، ولم يلحظها لا من قريب ولا من بعيد، وأنا أطالب بالعودة الى «الطائف» الذي توافقنا عليه جميعا، والكف عن الاختراعات التي ليست لها علاقة بهذا الاتفاق.
ويشير جنبلاط الى ان «الطائف» ينص على تحديد التقسيمات الانتخابية بعد إعادة النظر في عدد المحافظات، «وانطلاقا من هذا المبدأ، أنا أدعو الى تقسيم اداري جديد لجبل لبنان، بحيث تصبح منطقة الشوف وعاليه محافظة جديدة قائمة بحد ذاتها، ولا مانع في انشاء محافظات أخرى ضمن جبل لبنان، إذا تطلب الامر.
ويعتبر جنبلاط ان الاصداء الأولية على موقفه من قانون الانتخاب مقبولة، موضحا ان «اللقاء الديموقراطي» طلب مواعيد للقاء الاطراف السياسية الداخلية وشرح وجهة نظرنا، ونحن في انتظار تحديد المواعيد.
وفي سياق متصل، يؤكد مصدر قيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «الديار» ان الظروف والشروط الموضوعية لتطبيق النظام النسبي، غير متوافرة حاليا في لبنان، إذ لا توجد برامج وطنية او أحزاب عابرة للطوائف والمذاهب، وليس هناك من يمين ويسار، ولم تُلغ الطائفية السياسية، ولم يتخفض سن الاقتراع الى 18 سنة.
ويضيف المصدر: إذا كان تعيين دركي او حاجب لا يمكن ان يتم إلا وفق قواعد اللعبة الطائفية، فعن اي نسبية يتكلمون؟
 ويؤكد المصدر ان المطلوب اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، من دون اي تأجيل، إنما على اساس النظام الاكثري حصرا، لافتا الانتباه الى ان «المختلط»، بما فيه مشروع «المستقبل» و«القوات»، لا ينتج التمثيل الصحيح ولا يحقق الديموقراطية الحقيقية.
ويعتبر المصدر ان «معظم الذين يتولون التنظّير حول أهمية النسبية الشاملة او «المختلط» لا يعرفون عنهما شيئا».
ويشدد المصدر القيادي في «التقدمي» على ان النظام الاكثري، كما يطرحه جنبلاط، ليس منطلقا من منطق الغائي او اقصائي، بل يرمي الى تحقيق الشركة والمشاركة، «والدليل على ذلك يكمن في اللوائح التوافقية التي شكّلها جنبلاط في عاليه والشوف خلال الانتخابات السابقة، إذ انها اتسعت لـ«القوات اللبنانية» و«الكتائب» و«الاحرار»، الى جانب الامير طلال ارسلان، ما يؤكد حرص جنبلاط على حماية الوحدة الوطنية وعدم اختزال الجبل بلون واحد».
ويرى المصدر ان معظم القوى الداخلية تنادي علنا بالنسبية، إلا انها تسعى ضمنا الى «الستين»، في حين ان جنبلاط صريح وواضح، وهذا ما يميزه عن البعض.

ـ «التيار» و«القوات» ـ

في المقابل، يخوض «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» اختبار اثبات المصداقية والقدرة، في مواجهة قانون الستين، الذي يُلحق الغبن بالتمثيل المسيحي أساسا، كونه يعطي مكونات أخرى «امتياز» بسط نفوذها على مقاعد نيابية مسيحية، تقع تحت سطوة «الاكثرية» المنتمية الى الوان طائفية مغايرة.
وليس خافيا، ان عهد الرئيس ميشال عون سيكون المتضرر الاول والاكبر من إحياء «الستين» الذي سيغدو كسكين مغروز في ظهر طموحات «التغيير والاصلاح»، باعتبار انه سيعيد انتاج الطبقة السياسية الحالية التي تتعارض في «جيناتها» مع ضرورات تطوير الدولة وضخ دم جديد في عروقها.
وإذا كان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع قد أطلق قبل ايام تغريدة تضامنية مع جنبلاط، مؤكدا انه لا يمكن القبول بقانون انتخاب لا يحظى بموافقته، إلا ان أوساطا مسيحية مقربة من معراب أبلغت «الديار» ان لدى جعجع في الوقت ذاته ثابتة أخرى، وهي عدم التساهل او التهاون في مبدأ تأمين التمثيل الحقيقي للمسيحيين، موضحة انه يلتقي مع الرئيس عون في هذا الطرح.
وفي رسالة حاسمة لمن يعنيه الامر، تضيف الاوساط: لا تلومّن سمير جعجع على الموقف الذي قد يتخذه، إذا تم الخروج من المشروع المختلط الذي يجمع بين الاكثري والنسبي.
وتؤكد الاوساط ان جعجع لن يقبل عدم تصحيح الخلل في تمثيل المسيحيين وتحقيق العدالة لهم، مشيرة الى انه كما لا يقبل ان تتعرض اي طائفة للظلم، يرفض ايضا ان يظل المكوّن المسيحي مظلوما، منبهة الى ان جنبلاط سيتحمل المسؤولية عن التداعيات التي قد يرتبها تمسكه بالاعتراض على كل نماذج النسبية، بما فيها تلك الجزئية الواردة في المشروع المختلط. 
وماذا لو أصبح قانون الستين أمرا واقعا في نهاية المطاف، برغم اعتراض جعجع عليه؟ تجيب الاوساط المقربة من «القوات:» عندئذ، مكره أخوك لا بطل..

 

الجمهورية :

مذبحة النورس مستمرّة فوق مكبّ الكوستابرافا وروائحِه الكريهة سياسياً ومالياً و«صفقاتيا»، فيما تطلّ أزمة النفايات من جديد، لتضَع لبنان مجدداً أمام هذه الآفة، وترمي على المواطن اللبناني كلّ الاحتمالات السلبية والخطيرة على الصحة والبيئة، بما يضع مجدداً الدولة أمام التحدي وإعلان حال الاستنفار لمواجهة هذا الخطر جدّياً ولمرّة أخيرة، بما يتطلبه من علاجات جذرية وليس بالمسكّنات. أمّا في السياسة، فعلى رغم دخول البلد في الزمن الانتخابي، يبدو الوسط السياسي العام في حالِ استرخاء، ومنهمكاً في صخبٍ سياسي وإعلامي بعناوين انتخابية بلا ترجمة على أرض الواقع. على أنّ اللافت للانتباه كان ارتفاع نبرة عين التينة بتحذير رئيس مجلس النواب نبيه بري «مِن الشرَّين» أي قانون الستين والتمديد، بالتوازي مع موقف عالي النبرة ينطوي على دلالات كثيرة، أطلقَه «التيار الوطني الحر» واستعجَل إقرارَ قانون جديد وإجراءَ الانتخابات في موعدها، معتبراً أنّ التأخير يعني وقفَ المسار الميثاقي، وملِحّاً بمواجهة هذا التأخير بما له من قوّة سياسية وشعبية.

تبدو رائحة قانون الستّين هي العابقة وحدها في الأوساط السياسية على اختلافها، في ظل ما يتردد عن حراك انتخابي خجول، لا بل غير مرئي، بين بعض الاطراف المعنية، توصّلاً لصيغ انتخابية جديدة تحظى بتوافق الاطراف حولها.

وإذا كان رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط قد حسم موقفه رفضاً لصيغة النسبية، ويستعدّ لجولة «إقناع» للقوى السياسية بموقفه، خصوصاً وأنه يلمس تفهّماً شاملاً لهواجسه من كل الاطراف، فإنّ ايّ خطوة جدّية لم تظهر بعد على السكة الانتخابية تؤشر الى إمكانية الولوج الى صيغة جديدة في المدى المنظور، خصوصاً وأنّ القوى المعنية بالملف الانتخابي ما زالت تسبح في المدار الاعلامي والدعائي لا اكثر، وتدور حول ثوابتها ومسَلماتها.

«التيار الوطني»... سنواجه

في هذا السياق، دعا المجلس السياسي لـ»التيار الوطني الحر» الى «إقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، لأنّ التمادي في التأخير يعني وقفَ هذا المسار الميثاقي، وهو ما لن يقبل به «التيار»، وسيواجهه بما له من قوة سياسية وشعبية».

وأكد رفضَه «هذه المماطلة، خصوصاً أنّ القوانين المتداولة التي يدور حولها النقاش أصبحت معروفة ومحصورة، وبالتالي اصبَح لزاماً على الجميع إعطاء الاجوبة والموقف الواضح من الصيَغ المطروحة، إذ لا يمكن ان يقبل «التيار» ان يَمتثل الشعب اللبناني وكلّ التيارات السياسية لرغبة البعض ممّن يريد إجراءَ الانتخابات وفق قانون الستين أو يريد التمديد للمجلس الحالي للمرة الثالثة. إنّ هذا الأمر سيولّد رفضاً وثورة شعبية مبرّرة، و»التيار» سيكون مِن أوّل روّادِها».

الجميّل

وتمنّى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل عبر «الجمهورية» على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استعمالَ صلاحياته الدستورية المنصوص عنها في الفقرة العاشرة من المادة ٥٣ من الدستور، بتوجيه رسالة الى مجلس النواب يضع فيها النوابَ امام مسؤولياتهم بضرورة إقرار قانون جديد للانتخاب قبل حلول موعد المهَل الدستورية للانتخاب.

وكان الجميّل قد ذكّرَ في مؤتمر صحافي أمس بأنّ قوانين الانتخابات كانت تأتي تاريخياً بدفعٍ من رئيس الجمهورية، وقال: «لا أحد يقنِعنا بأنّ صحة تمثيل المسيحيين تتأمّن بتحالفٍ ما، لأنّ التحالفات ظرفية، والأشخاص ليسوا أبديّين».

واعتبَر « أنّ إصلاح الشراكة يبدأ بإقرار قانون جديد للانتخابات»، وقال: «إذا كان الهدف صحة التمثيل وتأمين الشراكة الحقّة فيجب الإتيان بقانون جديد، وكلّ شيء موقّت، أمّا ما يبقى فهو القانون»، معتبراً أنّ الضمانة ليست بالاشخاص إنّما بالمؤسسات والقوانين.

«المستقبل»

وأكدت اوساط تيار «المستقبل» لـ«الجمهورية» أنّه «مع كلّ ما يؤدي الى بَلورة صيغة توافقية بين الاطراف جميعاً، لكي تجري الانتخابات النيابية في مواعيدها.

وأشارت الى انّ موقف «التيار» معلن بكلّ صراحة ووضوح ولا لبسَ فيه، ويترجَم في المشروع المقدّم من كتلة «المستقبل» النيابية مع الحزب التقدمي الاشتراكي، ومع «القوات اللبنانية»، والذي نراه المشروعَ الملائم الذي يجب ان تجري الانتخابات على اساسه، علماً أنّ خطوط التواصل على هذا الصعيد لم تتوقّف، بل هي مفتوحة مع الجميع».

حوار «الحزب» ـ «المستقبل»

وكان الملف الانتخابي محلّ بحثٍ في جلسة الحوار الـ 39 التي عقِدت مساء امس بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضور: المعاون السياسي للامين العام للحزب حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن، النائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كذلك حضر وزير المال علي حسن خليل.

وأعلن المجتمعون في بيان بعد الجلسة أنّهم ناقشوا»ضرورة الإسراع بإقرار قانون جديد للانتخابات يلبّي طموحات اللبنانيين. كما جرى عرض لنتائج الاتصالات والمشاريع المطروحة، واتّفق المجتمعون على تكثيف التواصل خلال الايام المقبلة لتذليل العقبات».

خليل

وقال خليل لـ«الجمهورية»: «إنّ نقاشات جلسة الحوار كانت هادئة جداً وكان هناك إصرار من الاطراف المشاركة على ضرورة بذلِ جهدٍ استثنائي من اجل الوصول الى قانون انتخابي جديد منسجم مع العهد الجديد».

وفي إشارة الى الموازنة، قال: «للمرّة الأولى نشعر بأنّ هناك نوعاً من الجدّية في نيّة إقرار الموازنة داخل مجلس الوزراء وإحالتها الى مجلس النواب لإقرارها، وهذا نتيجة أجواء التوافق القائم. والتوجّه هو لموازنة متواضعة في الإنفاق وجدّية في إرساء قواعد المعالجة للوضع المالي».

برّي .. حذارِ

وكانت أجواء عين التينة قد عكسَت مزيداً من التصلب في موقف بري «اعتراضاً على قانون الستين، ومِن الإصرار على ضرورة الولوج الى قانون انتخابي جديد يُحدث صدمة إيجابية في الواقع الداخلي، ويَرسم الطريق نحو استقرار داخلي نتمنّى ان يكون طويل الأمد لا بل دائماً، وليس استقراراً هشّاً قابلاً للاهتزاز عند ايّ محطة، كما تشهد على ذلك تجارب السنوات الماضية».

ولذلك، وبحسب هذه الاجواء، فإنّ بري يؤكد مجدداً «أنّ هناك سبيلاً وحيداً للإنقاذ الداخلي، يبدأ وينتهي عند ذهابنا واحتكامنا الى الدستور، فالدستور يحدّد خريطة الخلاص. تحدّث عن إنشاء مجلس للشيوخ وعن مجلس نيابي على اساس وطني، فأقرب الطرق الى ذلك هي الالتزام بالدستور لا اكثر ولا أقلّ».

وتعكس أجواء عين التينة ايضاً ملاحظة بري بــ»أنّ هناك من يحاول ان يضع اللبنانيين امام الحائط مخيّراً إياهم بين شرَّين، وكلاهما شر مطلق، اي قانون الستين والتمديد لمجلس النواب الذي اخرجَه بري من التداول ويَرفض حتى مجرّد الإتيان على ذكره، إذ إنّ التمديد قد حصل مرّة، ولكنّه لن يحصل مرة ثانية على الإطلاق».

وبحسب هذه الأجواء، فإنّ بري «يعتقد أنّ طريق إنتاج قانون جديد ما زال مفتوحاً وثمّة إمكانية لبلوغ هذا الهدف، والمطلوب من كلّ الاطراف وضعُ الصيغة التي تلائم استقرار البلد والأجيال المقبلة، وثمّة فرصة متاحة يمكن ان تتعزّز إذا ما تمّت الاستفادة من الرغبة التي عبّر عنها في إنتاج قانون جديد».

وفي هذا السياق، قال بري امام زوّاره «إنّ محاولة الإبقاء على قانون الستين تؤثر سلباً على البلد، ويتضرّر منها الجميع وفي مقدّمهم عهد الرئيس ميشال عون، مشيراً إلى انه ما زال ينتظر ما سيؤول اليه الحال في هذا الملف، ربطاً بحركة الاتصالات حوله. وردّاً على سؤال، قال بري: «إذا كان الستّين سيئاً، وهو كذلك، فإنّ التمديد للمجلس هو الأسوأ، وبالتالي لا يفكرَنّ أحد في طرح هذه المسألة معي».

وحول ما يتردّد حول عمليات تجميلية يخضع لها قانون الستين، قال: «كلّ ما يُحكى عن نقلِ مقاعد من هنا وهناك أو محاولات تجميل لن أمشيَ فيه على الإطلاق، ففي ذلك ضرب للمؤسسات ولبنان في آنٍ معا».

الحريري يتحدّث مساءً

على صعيد آخر، يتحدّث الحريري مساء اليوم في حفلِ العشاء الذي يقيمه في السراي الحكومي على شرف رئيس وأعضاء مجلس أمناء وإدارة الجامعة الأميركية في بيروت لإطلاق حملة «بكلّ جرأة: سعياً إلى الريادة والابتكار والخدمة».

وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري سيحدّد نظرته الى الوضع التربوي والمستوى الجامعي تحديداً في لبنان، ويتحدث عن رؤيته ومفهومه لتشجيع مشاريع الريادة والابتكار والخدمة ومفاهيمها التربوية والاجتماعية والاقتصادية ودور الجامعة الأميركية والجامعات الأخرى في هذا الاتجاه.

كذلك سيتحدّث عن تطورات المنطقة وسيشدّد على مبدأ مواجهة الجهل والسعي الى التطور واكتساب العلم في هذه المرحلة بالذات لتجاوزِ التحديات التي تواجه لبنان واللبنانيين.

وسيشدّد الحريري ايضاً على مواجهة التطرّف الديني الذي يعيق التقدّم، وسيدعو إلى الحوار والاعتدال في مواجهة الساعين الى تزكية التعصّب والتزمّت الديني، رافضاً لبعض المفاهيم السائدة التي لا تمتّ إلى الأديان السماوية جميعها بصِلة.

وفي جانب من كلمته سيتناول الحريري التطورات التي رافقت الجولة الرئاسية الخارجية وما حققته من انفتاح لا بدّ منه لتعزيز علاقات لبنان مع هذه الدول، وسيجدّد الدعوة الى وقفِ التدخّل في شؤونها الداخلية حمايةً لمصلحة لبنان قبل ايّ مصلحة أخرى.

الاتّحاد الاوروبي

وفي المواقف، رحّب الاتحاد الأوروبي بالتطورات الإيجابية الأخيرة في لبنان، ودعا «إلى إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها هذه السنة وضمان عملية سلِسة وشفّافة، تمسّكاً بالتقليد الديموقراطي العريق للبنان». وأبدى استعداده لتقديم الدعم لهذه العملية. كذلك رحّب «بعزمِ الأطراف السياسية اللبنانية كلها على متابعة العمل بالروحية البنّاءة نفسِها وفي جوّ من الوحدة الوطنية».

وفي مسألة اللاجئين السوريين أعاد الاتحاد احترامَه بكامل التزاماته التي قطعها في مؤتمر لندن في شباط 2016، واعلنَ انه «يتطلع إلى متابعة تعاونِه مع الحكومة الجديدة لضمان تقدّمِ العمل في تحسين أوضاع اللاجئين وحقوقهم وحمايتهم، وكذلك المجتمعات المضيفة المعوزة، ودعا الشركاء الإقليميين والأسرة الدولية إلى تعزيز دعمِها للسلطات اللبنانية الجديدة».

الأمم المتّحدة

على صعيد متصل، أبلغَت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ رئيسَي الجمهورية والحكومة دعمَ الامم المتحدة للبنان، والحفاظ على امنه واستقراره» ولفتَ الرئيس عون كاغ الى انّ الدعم الدولي للبنان يتزامن مع الجهود التي تبذلها الدولة اللبنانية لتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد وإطلاق خطة نهوض شاملة بعد انتظام العمل في المؤسسات الدستورية إثر انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة ونَيلها الثقة.

أمّا الرئيس الحريري فأثار مسألةَ اللاجئين السوريين في لبنان، وقال: «نحن ننظر إلى المنظمات التابعة للأمم المتحدة كشريك أساسي لنا في تحمّلِ هذه الأعباء، ونعتمد عليها من أجل التمكّن من مواجهة هذه التحديات. والمطلوب كخطوة أولى، أن يكون لدينا مسحٌ شامل لتواجدِ اللاجئين السوريين وأثرِهم على الاقتصاد اللبناني الفعلي من مختلف الجهات؛ المالية والخدماتية والبنى التحتية.

درباس لـ«الجمهورية»

إلى ذلك، ذكّر الوزير السابق للشؤون الاجتماعية رشيد درباس بأنّ الحكومة اللبنانية أقرّت سياسة عامة تجاه اللجوء السوري نهاية عام 2014 ويجري تنفيذها بدقّة منذ 5/1/2015.

وقال لـ«الجمهورية»: لقد أنشأتُ برنامجاً لرصد التحركات السكانية الطارئة، والقصد من هذا ان تكون للدولة اللبنانية قاعدة بياناتها الخاصة المستقلة عن قاعدة بيانات المنظمة الدولية. وهذا البرنامج يستهدف ايضاً دراسةَ الأثر الذي يتركه اللجوء على الدولة اللبنانية والمجتمعات المضيفة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

ولقد كانت هناك مفاوضات مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتمويل هذا البرنامج ولكنّها توقّفت مع اعتبار الحكومة مستقيلة، وأتمنى ان تستأنف هذه المفاوضات من أجل إنجاز هذا البرنامج، علماً أنّ عدداً كبيراً من المتعاقدين تمّ تدريبهم للقيام بمهامّهم على أحسن وجه»

 

 

اللواء :

يكاد ملف الانتخابات النيابية، بكل عناصره: القانون، المواعيد، المهل، التمديد، التمثيل، والمواقف السياسية، يستأثر بمجمل الحركة السياسية، سواء بين القوى من الداخل، أو بين القوى وعلاقتها مع القوى الأخرى.

وكان الأبرز، عشية استئناف جلسات التشريع، وعشية اجتماع الكتلتين الكبريين في المجلس: كتلة «المستقبل» وتكتل «الاصلاح والتغيير» اليوم، ارتفاع الصوت المسيحي بأحزابه الثلاثة البارزة وهي الكتائب و«القوات اللبنانية« و«التيار الوطني الحر» اعتراضاً على اجراء الانتخابات وفق قانون الستين، في حين كان تيّار «المستقبل» و«حزب الله» يعلنان في ختام جلسة الحوار رقم 39 التي انعقدت مساء امس بينهما في عين التينة، وبحضور كامل طاقمي الحوار، الى جانب وزير المال علي حسن خليل، ممثلاً الرئيس نبيه بري وحركة «امل»، انهما «ناقشا ضرورة الاسراع باقرار قانون جديد للانتخابات يلبي طموحات اللبنانيين»، كما ان الطرفين «اتفقا على تكثيف التواصل خلال الايام المقبلة لتذليل العقبات».

اما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي قرر اجراء اتصالات مباشرة مع ممثلي الكتل، فلم يعرف ما إذا كان لا يزال مصراً على الاتصالات أم انه عدل عن هذه الخطوة، مع العلم أن موقفه كان واضحاً بالتمسك بقانون الستين لا غير، أو اي قانون اكثري على شاكلته.

وقال مصدر نيابي متابع لهذا الموضوع ان الحزب سيتحرك للحصول على مواعيد، لكن جلسات التشريع والحكومة ربما تؤخّر اللقاءات مع رؤساء الكتل النيابية.

وبالتزامن مع هذا النشاط الانتخابي، سيكون اليوم للرئيس ميشال عون، خطاب يتناول فيه الأوضاع الداخلية والإقليمية وموقف لبنان منها، في الاستقبال التقليدي لاعضاء السلك الدبلوماسي العربي والدولي العاملين في لبنان، لمناسبة بدء السنة الجديدة.

واستبق الرئيس عون خطابه هذا، بإعلان موقفين يصبان في سياق ما يمكن أن يتطرّق إليه الخطاب:

الاول: تأكيده امام وفد مسيحي من مجلس كنائس الشرق الأوسط أن «الوجود المسيحي يتوقف على الوجود السياسي»، معتبراً أن «تناقص عدد المسيحيين لا يعود فقط للحروب والدبابات والمدافع والطائرات، بل عبر الاغراق بالمال والخوف»، مشيراً إلى ان الذي «يحمي هو وجودنا السياسي، ومشاركتنا في إدارة الشأن العام والسلطة»، معتبراً أن هذا هو السبب الذي أقرّ الاستحقاق الرئاسي لفترة طويلة.

والثاني يتعلق بالموقف الذي أبلغه الرئيس عون لمنسقة الأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ من أن الدعم الدولي للبنان يتزامن مع الجهود التي تبذلها الدولة لتعزيز الأمن والاستقرار، وإطلاق خطة نهوض شاملة، بعد انتظام عمل المؤسسات اثر انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة ونيلها الثقة.

وكانت كاغ جالت، أمس، برفقة نائبها منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فيليب لازاريني ومدراء مكاتب منظمات الأمم المتحدة في لبنان، على كل من الرئيس برّي في عين التينة، والرئيس سعد الحريري في السراي الكبير، والذي اكد ان ازمة اللاجئين السوريين في لبنان تبقى بالنسبة إليه الموضوع الجوهري والنقطة الاكثر صعوبة وحساسية، لافتاً الى انه ينظر الى المنظمات التابعة للامم المتحدة كشريك أساسي لنا في تحمل أعباء هؤلاء النازحين، داعياً هذه المنظمات إلى اعداد مسح شامل لتواجد هؤلاء وأثرهم على الاقتصاد اللبناني من مختلف الجهات المالية والخدماتية والبنى التحتية.

خطاب عون

وفي الحفل التقليدي الذي يقام اليوم لمناسبة تقبل رئيس الجمهورية التهاني بالأعياد من قبل أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والاجنبي، وهو التقليد السنوي الذي لم يغب عن قصر بعبدا الا في فترة الشغور الرئاسي، يتبادل الرئيس عون وعميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي غبريال كاتشيا الكلمات في المناسبة.

وفي هذا السياق، أوضحت مصادر مطلعة أن خطاب الرئيس عون سيركز على جملة ملفات داخلية وخارحية واولويات عهده المرتكزة على خطاب القسم، لافتة إلى انه سيتطرق إلى دور لبنان في محيطه والعالم وتميزه بتعايشه المسيحي – الإسلامي، والوضع الاقليمي واهمية احترام القانون الدولي وميثاق جامعة الدول العربية وإبعاد لبنان من الصراعات الخارجية.

وتناول رئيس الجمهورية موضوع النازحين السوريين وضرورة عودة سريعة لهم وألا تتحوّل مخيمات وتجمعات النزوح إلى محميات أمنية، مكرراً انه لا يمكن ان يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين، كما سيكرر اهمية مكافحة الإرهاب.

وأفادت المصادر نفسها أن هذا الخطاب الشامل لن يحيد، عمّا توقف عنده في خطاب القسم حول الاستقرار الأمني، وتطوير الجيش وخطط اقتصادية مبنية على خطط قطاعية واستثمار الموارد البشرية واللامركزية الإدارية والوقاية من الفساد ومكافحته وتفعيل أجهزة الرقابة.

ولفتت إلى انه في ما خص الشق الداخلي من كلمته، فسيصار إلى التركيز على إقرار قانون الانتخابات يؤمن عدالة التمثيل قبل موعد الانتخابات المقبلة.

تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن 28 وزير خارجية دولة أوروبية طالبوا بعد اجتماعهم أمس في بروكسل باجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ورحبوا بعودة الحياة الديموقراطية إلى المؤسسات اللبنانية، وشددوا على سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان الرسمي تجاه القضايا الإقليمية، كما طالبوا بتنفيذ القرارات الدولية، ومنها القرار 1559.

الحراك الانتخابي

وعلى صعيد الحراك الانتخابي، سجلت الوقائع المعطيات التالية:

1 – الرئيس ميشال سليمان أعلن من عين التينة بعد لقاء الرئيس بري انه «افضل ألف مرة أن لا نمدد للمجلس، وأن ننتخب مجلساً بولاية قصيرتة، والأهم هو تداول السلطة، وإدخال تحسينات على قانون الستين»، مؤكداً انه لا يجوز التراجع عن النسبية.

2 – حزب الكتائب على لسان رئيسه النائب سامي الجميل أعلن أن معركته مفتوحة ضد قانون الستين الذي يضرب صحة التمثيل، مذكراً رئيس الجمهورية بخطاب القسم والحكومة ببيانها الوزاري.

3 – «التيار الوطني الحر»، وبعد اجتماع للمجلس السياسي الشهري برئاسة الوزير جبران باسيل، اعتبر أن قانونا جديدا للانتخاب يؤمن صحة التمثيل هو المدخل الأساسي لبناء الدولة، مطالباً جميع المعنيين باستكمال المسار الميثاقي الايجابي لاقرار قانون جديد واجراء الانتخابات في موعدها، معلناً ان التيار لن يقبل التمادي في التأخير، او يمتثل برغبة البعض بإجراء الانتخابات وفق قانون الستين او التمديد مرّة ثالثة للمجلس.

وهدد التيار العوني بأن «هذا الأمر سيوّلد رفضاً وثورة شعبية مبررة، والتيار سيكون من أوّل رواده».

4 – وأكدت «القوات اللبنانية» بلسان مصادرها لـ«اللواء» رفضها اجراء الانتخابات المقبلة على أساس قانون الستين، ومعلنة انها لن تقبل ما يقوله البعض من انها تريد ضمناً الإبقاء على هذا القانون، وان تفهمها لظروف النائب وليد جنبلاط لا يعني القبول بهذا القانون.

وفي إطار متصل، أبلغ وزير مسيحي آثر عدم كشف اسمه «اللواء» ان الفريق المسيحي لن يقبل بأي شكل من الاشكال بإجراء الانتخابات على أساس قانون الستين، معلناً أن جهد «القوات» ينصب حالياً على القانون المختلط، وكاشفاً ان جميع القوى تدرك أن لا انتخابات في أيّار المقبل، والتأجيل سيحصل وربما إلى تشرين الأوّل. (راجع ص3)

في هذا الوقت، تناقش كتلة «المستقبل» في اجتماعها الأسبوعي اليوم، الوضع الانتخابي، في ضوء الأجواء التي عاد بها وفد الكتلة إلى الحوار الثنائي مع «حزب الله».

وأوضحت مصادر نيابية أن الكتلة لا تزال ملتزمة بالمشروع المختلط الذي وضعته مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، وسبق أن وقعت عليه مثل ما فعل ممثلا «القوات» و«الاشتراكي»، وهي تؤكد على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها، وفق القانون الذي سيتم اعتماده، وهي بالتالي لا تحبذ بالمطلق التمديد للتمديد الحالي، وترى في المقابل، انه لا مانع من الإبقاء على القانون الحالي، في حال ثبت ان هناك استحالة للتوافق على قانون جديد، يعتمد على النسبي أ