هل ما عجزت القوى السياسية عن الاتفاق عليه في 7 سنوات ستكون قادرة على إنجازه في غضون 7 أسابيع؟ في المنطق، الجواب هو بالنفي. لكن يبدو أن بعض القوى السياسية مصمّم على إنجاز تغيير ما في قانون الانتخابات، وقرر مواجهة الحملة التي يشنّها النائب وليد جنبلاط، نيابة عن نفسه وعن آخرين، لتثبيت قانون الستين خياراً وحيداً. وفي هذا الإطار، رفع التيار الوطني الحر مستوى التحدي أمس، إذ هدّد بقيادة «ثورة شعبية». وصدر هذا الموقف بعد اجتماع المكتب السياسي للتيار، برئاسة الوزير جبران باسيل، مؤكداً أن «عدم إقرار قانون جديد للانتخاب يُؤمّن صحة التمثيل وعدالته سيعوق كل الحياة السياسية في البلد، لأنه عنوان الاستقرار السياسي والمدخل الأساس لبناء الدولة».

ورأى المجتمعون أن إقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات في موعدها «استكمال للمسار الميثاقي الإيجابي الذي بدأ مع انتخاب الرئيس العماد ميشال عون وتتابع مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري»، و»التمادي في التأخير يعني وقف هذا المسار الميثاقي، وهو ما لن يقبل به التيار، وسيواجهه بما له من قوة سياسية وشعبية».

 


ورأى المكتب السياسي للتيار أن إبقاء قانون «الستين» هذا الأمر سيولّد رفضاً وثورة شعبية مبرّرة، و«التيار» سيكون من أوّل روّادها. بيان المكتب السياسي للتيار يبدو ناطقاً بما يعجز رئيس الجمهورية عن قوله، بسبب متطلبات موقعه الدستوري. كذلك من الواضح انه يتسلّح بموقفين: الأول، موقف حزب الله الداعم لإقرار قانون جديد للانتخابات من جهة، وموقف القوات اللبنانية التي أبلغت قيادة التيار بأنها، في حال تراجُع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي عن توقيعهما على اقتراح القانون المختلط الذي اتفقا عليه مع القوات، فإن الأخيرة ستُصبح في حل من تعهدها معهما. وبناءً على ذلك، «لن تقف القوات مكتوفة الأيدي، بل ستؤيد أي اقتراح قانون يؤمن صحة التمثيل، ولو كان مطلب النسبية الشاملة الذي يؤيده التيار الوطني الحر وحزب الله». وتعليقاً على بيان التيار، اكتفت مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل بالقول: «هذا حقهم، لكن في وجه من سيثورون؟». وفيما كان قانون الانتخاب مدار بحث في جولة الحوار بين المستقبل وحزب الله برعاية الرئيس نبيه بري، قالت مصادر المتحاورين إنهم لم يتوصلوا إلى أي اتفاق يمكن التعويل عليه لإنتاج قانون انتخابي جديد.
وفي إطار الضغط لإقرار قانون جديد للانتخابات، برز أمس موقف رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، الذي قال إن «قانون الستين لا يكرّس المحادل الانتخابية فقط، بل يضرب صحة التمثيل المسيحي وقدرة كل الإصلاحيين والقوى التغييرية على أن تتمثل في مجلس النواب المقبل». واستغرب «غياب قانون الانتخابات عن جدول أعمال الجلسة التشريعية التي ستنعقد بعد يومين، مع أن رئيس الجمهورية دعا إلى دورة استثنائية»، مذكراً «الحكومة ببيانها الوزاري في ما خص قانون الانتخابات». وقال: «منذ تشكيل الحكومة لم تضع أي جلسة لمجلس الوزراء على جدول أعمالها قانون الانتخابات، ولا ذكر قانون الانتخاب على جدول أعمال المجلس النيابي، ولا أي لجنة فرعية في المجلس النيابي تبحث قانون الانتخابات، فما الأمر؟». وسأل: «كيف يتحدث الجميع عن قانون جديد ولا يتحرك حتى الآن؟»، داعياً إلى «وضع القانون على جدول أعمال مجلس النواب، لأن التنصل من المسؤولية غير مقبول تجاه الوعود وطموح اللبنانيين بحياة مؤسساتية ودخول أشخاص جدد إلى المجلس». ووعد الجميّل بالوقوف إلى جانب رئيس الجمهورية «في أي خطوة تهدف إلى إقرار قانون انتخابي جديد». وصوّب على التحالف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، قائلاً: «لا أحد يقنعنا بأن صحة تمثيل المسيحيين تتأمن بتحالف ما، لأن التحالفات ظرفية والأشخاص ليسوا أبديين».
على صعيد آخر، وفيما استمرت أولوية الحكومة أزمة النفايات وقتل الطيور في محيط مكب الكوستابرافا، يبدو أن البحث الجدي في ملف التعيينات أرجئ إلى حين. وبحسب مصادر وزارية في التيار الوطني الحر، فإن البحث في إبقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في موقعه أو استبدال آخر به، مُرجأ إلى بداية الصيف المقبل. كذلك لم يتطور النقاش بعد بشأن تعيين قائد جديد للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي، إذ لم يحسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما إذا كان يريد لقهوجي أن يستكمل ولايته الممددة حتى نهايتها في الخريف المقبل، ليترك أمر تعيينه إلى حكومة ما بعد الانتخابات، أو أنه سيضع الأمر على طاولة مجلس الوزراء القائم حالياً. فيما تبدو كل التعيينات الأمنية الأخرى مرتبطة بقيادة الجيش.