يكاد ملف الانتخابات النيابية، بكل عناصره: القانون، المواعيد، المهل، التمديد، التمثيل، والمواقف السياسية، يستأثر بمجمل الحركة السياسية، سواء بين القوى من الداخل، أو بين القوى وعلاقتها مع القوى الأخرى.
وكان الأبرز، عشية استئناف جلسات التشريع، وعشية اجتماع الكتلتين الكبريين في المجلس: كتلة «المستقبل» وتكتل «الاصلاح والتغيير» اليوم، ارتفاع الصوت المسيحي بأحزابه الثلاثة البارزة وهي الكتائب و«القوات اللبنانية« و«التيار الوطني الحر» اعتراضاً على اجراء الانتخابات وفق قانون الستين، في حين كان تيّار «المستقبل» و«حزب الله» يعلنان في ختام جلسة الحوار رقم 39 التي انعقدت مساء امس بينهما في عين التينة، وبحضور كامل طاقمي الحوار، الى جانب وزير المال علي حسن خليل، ممثلاً الرئيس نبيه بري وحركة «امل»، انهما «ناقشا ضرورة الاسراع باقرار قانون جديد للانتخابات يلبي طموحات اللبنانيين»، كما ان الطرفين «اتفقا على تكثيف التواصل خلال الايام المقبلة لتذليل العقبات».
اما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي قرر اجراء اتصالات مباشرة مع ممثلي الكتل، فلم يعرف ما إذا كان لا يزال مصراً على الاتصالات أم انه عدل عن هذه الخطوة، مع العلم أن موقفه كان واضحاً بالتمسك بقانون الستين لا غير، أو اي قانون اكثري على شاكلته.
وقال مصدر نيابي متابع لهذا الموضوع ان الحزب سيتحرك للحصول على مواعيد، لكن جلسات التشريع والحكومة ربما تؤخّر اللقاءات مع رؤساء الكتل النيابية.
وبالتزامن مع هذا النشاط الانتخابي، سيكون اليوم للرئيس ميشال عون، خطاب يتناول فيه الأوضاع الداخلية والإقليمية وموقف لبنان منها، في الاستقبال التقليدي لاعضاء السلك الدبلوماسي العربي والدولي العاملين في لبنان، لمناسبة بدء السنة الجديدة.
واستبق الرئيس عون خطابه هذا، بإعلان موقفين يصبان في سياق ما يمكن أن يتطرّق إليه الخطاب:
الاول: تأكيده امام وفد مسيحي من مجلس كنائس الشرق الأوسط أن «الوجود المسيحي يتوقف على الوجود السياسي»، معتبراً أن «تناقص عدد المسيحيين لا يعود فقط للحروب والدبابات والمدافع والطائرات، بل عبر الاغراق بالمال والخوف»، مشيراً إلى ان الذي «يحمي هو وجودنا السياسي، ومشاركتنا في إدارة الشأن العام والسلطة»، معتبراً أن هذا هو السبب الذي أقرّ الاستحقاق الرئاسي لفترة طويلة.
والثاني يتعلق بالموقف الذي أبلغه الرئيس عون لمنسقة الأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ من أن الدعم الدولي للبنان يتزامن مع الجهود التي تبذلها الدولة لتعزيز الأمن والاستقرار، وإطلاق خطة نهوض شاملة، بعد انتظام عمل المؤسسات اثر انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة ونيلها الثقة.
وكانت كاغ جالت، أمس، برفقة نائبها منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فيليب لازاريني ومدراء مكاتب منظمات الأمم المتحدة في لبنان، على كل من الرئيس برّي في عين التينة، والرئيس سعد الحريري في السراي الكبير، والذي اكد ان ازمة اللاجئين السوريين في لبنان تبقى بالنسبة إليه الموضوع الجوهري والنقطة الاكثر صعوبة وحساسية، لافتاً الى انه ينظر الى المنظمات التابعة للامم المتحدة كشريك أساسي لنا في تحمل أعباء هؤلاء النازحين، داعياً هذه المنظمات إلى اعداد مسح شامل لتواجد هؤلاء وأثرهم على الاقتصاد اللبناني من مختلف الجهات المالية والخدماتية والبنى التحتية.
خطاب عون
وفي الحفل التقليدي الذي يقام اليوم لمناسبة تقبل رئيس الجمهورية التهاني بالأعياد من قبل أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والاجنبي، وهو التقليد السنوي الذي لم يغب عن قصر بعبدا الا في فترة الشغور الرئاسي، يتبادل الرئيس عون وعميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي غبريال كاتشيا الكلمات في المناسبة.
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر مطلعة أن خطاب الرئيس عون سيركز على جملة ملفات داخلية وخارحية واولويات عهده المرتكزة على خطاب القسم، لافتة إلى انه سيتطرق إلى دور لبنان في محيطه والعالم وتميزه بتعايشه المسيحي – الإسلامي، والوضع الاقليمي واهمية احترام القانون الدولي وميثاق جامعة الدول العربية وإبعاد لبنان من الصراعات الخارجية.
وتناول رئيس الجمهورية موضوع النازحين السوريين وضرورة عودة سريعة لهم وألا تتحوّل مخيمات وتجمعات النزوح إلى محميات أمنية، مكرراً انه لا يمكن ان يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين، كما سيكرر اهمية مكافحة الإرهاب.
وأفادت المصادر نفسها أن هذا الخطاب الشامل لن يحيد، عمّا توقف عنده في خطاب القسم حول الاستقرار الأمني، وتطوير الجيش وخطط اقتصادية مبنية على خطط قطاعية واستثمار الموارد البشرية واللامركزية الإدارية والوقاية من الفساد ومكافحته وتفعيل أجهزة الرقابة.
ولفتت إلى انه في ما خص الشق الداخلي من كلمته، فسيصار إلى التركيز على إقرار قانون الانتخابات يؤمن عدالة التمثيل قبل موعد الانتخابات المقبلة.
تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن 28 وزير خارجية دولة أوروبية طالبوا بعد اجتماعهم أمس في بروكسل باجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ورحبوا بعودة الحياة الديموقراطية إلى المؤسسات اللبنانية، وشددوا على سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان الرسمي تجاه القضايا الإقليمية، كما طالبوا بتنفيذ القرارات الدولية، ومنها القرار 1559.
الحراك الانتخابي
وعلى صعيد الحراك الانتخابي، سجلت الوقائع المعطيات التالية:
1 – الرئيس ميشال سليمان أعلن من عين التينة بعد لقاء الرئيس بري انه «افضل ألف مرة أن لا نمدد للمجلس، وأن ننتخب مجلساً بولاية قصيرتة، والأهم هو تداول السلطة، وإدخال تحسينات على قانون الستين»، مؤكداً انه لا يجوز التراجع عن النسبية.
2 – حزب الكتائب على لسان رئيسه النائب سامي الجميل أعلن أن معركته مفتوحة ضد قانون الستين الذي يضرب صحة التمثيل، مذكراً رئيس الجمهورية بخطاب القسم والحكومة ببيانها الوزاري.
3 – «التيار الوطني الحر»، وبعد اجتماع للمجلس السياسي الشهري برئاسة الوزير جبران باسيل، اعتبر أن قانونا جديدا للانتخاب يؤمن صحة التمثيل هو المدخل الأساسي لبناء الدولة، مطالباً جميع المعنيين باستكمال المسار الميثاقي الايجابي لاقرار قانون جديد واجراء الانتخابات في موعدها، معلناً ان التيار لن يقبل التمادي في التأخير، او يمتثل برغبة البعض بإجراء الانتخابات وفق قانون الستين او التمديد مرّة ثالثة للمجلس.
وهدد التيار العوني بأن «هذا الأمر سيوّلد رفضاً وثورة شعبية مبررة، والتيار سيكون من أوّل رواده».
4 – وأكدت «القوات اللبنانية» بلسان مصادرها لـ«اللواء» رفضها اجراء الانتخابات المقبلة على أساس قانون الستين، ومعلنة انها لن تقبل ما يقوله البعض من انها تريد ضمناً الإبقاء على هذا القانون، وان تفهمها لظروف النائب وليد جنبلاط لا يعني القبول بهذا القانون.
وفي إطار متصل، أبلغ وزير مسيحي آثر عدم كشف اسمه «اللواء» ان الفريق المسيحي لن يقبل بأي شكل من الاشكال بإجراء الانتخابات على أساس قانون الستين، معلناً أن جهد «القوات» ينصب حالياً على القانون المختلط، وكاشفاً ان جميع القوى تدرك أن لا انتخابات في أيّار المقبل، والتأجيل سيحصل وربما إلى تشرين الأوّل. (راجع ص3)
في هذا الوقت، تناقش كتلة «المستقبل» في اجتماعها الأسبوعي اليوم، الوضع الانتخابي، في ضوء الأجواء التي عاد بها وفد الكتلة إلى الحوار الثنائي مع «حزب الله».
وأوضحت مصادر نيابية أن الكتلة لا تزال ملتزمة بالمشروع المختلط الذي وضعته مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، وسبق أن وقعت عليه مثل ما فعل ممثلا «القوات» و«الاشتراكي»، وهي تؤكد على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها، وفق القانون الذي سيتم اعتماده، وهي بالتالي لا تحبذ بالمطلق التمديد للتمديد الحالي، وترى في المقابل، انه لا مانع من الإبقاء على القانون الحالي، في حال ثبت ان هناك استحالة للتوافق على قانون جديد، يعتمد على النسبي أو المختلط.
وتوقعت المصادر أن تشهد المرحلة المقبلة، وتحديداً تلك الفاصلة عن موعد اجراء الانتخابات في شهر أيّار المقبل نوعاً من شد حبال سياسي، خصوصاً وأن بعض القوى السياسية والحزبية، ولا سيما المسيحية، ترى انها متضررة من قانون الستين، وما شابهه من نظام يرتكز إلى الدوائر والاقضية الانتخابية، والتي طالما اشتكت من صيغة الستين التي لا تتيح للمسيحيين اختيار كامل نوابها وايصال ممثليها الحقيقيين الى الندوة البرلمانية.
أزمة النفايات
إلى ذلك، فرض مشهد تكدس النفايات في شوارع الضاحية نفسه على المعنيين والقضاء، حيث عقد في وزارة الداخلية اجتماع ترأسه الوزير نهاد المشنوق لدراسة الحلول المقترحة ورفعها اليوم إلى الرئيس الحريري في السراي.
ومنعاً لاستفحال مشكلة تكدس النفايات وتباطؤ الحلول أصدر القاضي حسن حمدان قراراً قضى بفتح مطمر الكوستابرافا مؤقتاً ولغاية 24 من الجاري، منتقداً الوزارات المعنية وخصوصاً وزارتي الصحة والزراعة والمديرية العامة للطيران المدني لعدم وضع دراسة علمية ذي شأن للمشكلة.
وما بين الإقفال المؤقت والفتح المؤقت وخطر النورس في الجو وخطر النفايات على الأرض يأمل المواطنون أن تنجح الدولة في تأمين الحلول العلمية المدروسة الجذرية والنهائية للمشكلة لكي لا تعود أزمة النفايات مجدداً.