عندما دقت ساعة الحقيقة، قرّرت الطبقة السياسية اعتماد قانون الستين. فهذا القانون بات قانوناً الهياً منزلاً عند المسؤولين اللبنانيين، فهم وقبل كل موعد انتخابات نيابية يطيحون الناس بسعيهم الى اقرار قانون جديد ويطلقون الخطابات الشعبوية الداعية الى التجديد والى التمدن والتطور، الا انه ما ان يقترب موعد الانتخابات حتى يعودوا ويقروا «الستين» متذرعين بحجج مختلفة والهدف «الحفاظ على زعامتهم». باختصار، القانون النسبي يضر بالزعامات اذ المشكلة تكمن في ان «النسبية» تهدد الزعامات الطائفية وليس الطائفة بحد ذاتها ولذلك اجمع معظم الزعماء رغم الاختلاف الايديولوجي والفكري فيما بينهم على قانون الستين رغم عدم مجاهرة البعض بهذا.
وفي هذا السياق، تشير المعلومات التي حصلت عليها «الديار» الى ان جميع الكتل متجهة الى القبول بقانون 1960، الا اذا حصلت مفاجأة غير محسوبة او ملموسة حتى الآن، مع اضفاء تعديلات بسيطة عليها غير انها لا تغير في جوهر القانون. وعليه، يحاول البعض تمرير الوقت حتى انتهاء المهل الدستورية فيصبح اقرار الستين امراً واقعاً لا مفر منه. وقصارى القول، هناك مواعيد كثيرة لتحضير الانتخابات النيابية منها تشكيل الهيئة التي تشرف على الانتخابات، حيث اكدت وزارة الداخلية ان تاريخ 21 ايار هو المهلة الاخيرة للاستعداد للانتخابات بما ان شهر رمضان هذه السنة يقع في شهر حزيران، وعلم في هذا السياق ان وزير الداخلية نهاد المشنوق سيدعو للانتخابات قريباً.
مصادر مسيحية توقفت امام نعي وزير الداخلية نهاد المشنوق القانون الجديد للانتخابات بعد ساعات قليلة على تصريحات علنية لرئيس الجمهورية بان الانتخابات المقبلة ستكون وفقاً لقانون جديد، واكدت المصادر ان قيادة المستقبل «تناور» وترفض الشراكة المتوازنة مع اطراف اخرى في مناطق نفوذها، ولانها تخشى المجاهرة علناً بالامر، وجدت بـ«الفيتو» الجنبلاطي خشبة خلاص من عبء النسبية التي لا تريدها.
وترى المصادر ان امام المستقبل خيارين : اما رفع سقف التحدي امام العهد عبر اجهاض قانون جديد للانتخابات، لربح معركة «البيت الداخلي» عبر التمسّك بقانون الستين، او اعطاء العهد دفعة جديدة «على الحساب» بالتفاهم على قانون جديد مرتبط بتحالفات انتخابيات مسبقة واثمان سياسية مرتبطة بالمرحلة المقبلة وحكومة العهد الثانية.
وتعتبر المصادر انه في لغة الخسارة والربح، يؤمن قانون الستين لتيار المستقبل طموحاته ويحقق مصالحه، وكلام المشنوق يعني ان المستقبل يضع الجميع بين 3 خيارات : اما انتخابات وفقاً للقانون المرعي الاجراء، أو تأجيل يرغب به، أو تأمين تحالفات سياسية تزيد من نسبة ارباحه قبل أي تفاهم على القانون الجديد.
واكدت المصادر ان الابقاء على الستين لن يمرّ مرور الكرام على العهد، وهناك عدة خيارات أمامه، اولها فتح ملفات كانت في معرض التأجيل لتسهيل التسويات الداخلية، ولكن اذا بقي الحريري على موقفه اللامعلن، فبعبدا لن تبقى ساكتة وسيكون الردّ في أماكن يعرفها رئيس الحكومة.
واكدت المصادر ان المرحلة هي مرحلة «عض اصابع» تجري بصمت بين الرئاسة الاولى والثالثة على خلفية قانون الانتخابات، والسباق على اشدّه بين نجاح المستقبل لتمرير «المختلط» بشروط او انتصار «الستين» على العهد، ولكل خيار اثمان.
ـ بري: «الشغل ماشي عالستين» ـ
وفي هذا السياق، قال الرئيس نبيه بري امام زوّاره امس «ان المناقشات في قانون الانتخاب لا تجري حول المختلط او التأهيل على اساس القضاء، لكن يبدو ان الشغل ماشي عالستين لفرضه امراً واقعاً».
واكد بري «انه يجب تطبيق الدستور، فالدستور واضح ونصّ على مجلس شيوخ ومجلس نيابي على اساس وطني لاطائفي» وكنا قد بدأنا مناقشة هذا الموضوع على طاولة الحوار، فليطبقوا الدستور لا اكثر ولا اقل».
وحول امكانية التصدي مع رئىس الجمهورية لقانون الستين قال بري: «لقد صار معلوماً انني متفق مع فخامة الرئيس على قانون الانتخاب قبل انتخابات الرئاسة وبعدها، لكن المشكلة ليست هنا، بل في مكان آخر، وكان هناك ايضاً تواصل مع وليد بك ولم نقطع الامل، لكن تدخل المزايدين دفع جنبلاط الى موقفه الاخير».
وكرّر بري موقفه «ليس وارداً عندي التمديد ولا ليوم واحد، وهذا الامر حُسم، وليكن هذا معلوماً للجميع، ولا تمديد بأي شكل من الاشكال، الا اذا اقروا قانوناً جديداً، ويأتي التمديد التقني من ضمن القانون الجديد».
ـ النابلسي: ليس من السهل كسر الحلقة الطائفية ـ
اما الشيخ صادق النابلسي فقد قال لـ «الديار» ان موقف حزب الله المبدئي هو مع القانون النسبي، الا ان الظروف التي يمر بها لبنان لا تسمح باعتماد «النسبي» فليس من السهل كسر الحلقة الطائفية حتى لو قام حلف انتخابي بين المقاومة والتيار العوني وحركة امل. بيد ان الرئيس نبيه بري لا يستطيع احراج حليفه الوزير وليد جنبلاط باقرار قانون يحد من نفوذ الاخير. واشار الى وجود تناقض فاضح في مواقف الاحزاب، حيث ان رؤساء الكتل يتكلمون عن النسبية ويطالبون بها فيما هم زعماء طائفيون ولذلك، النسبية لن تأتي بالتطور والتمدن للمجتمع اللبناني طالما لبنان مبني على الطائفية والمذهبية.
وتأكيدا على كلامه، لفت الشيخ صادق النابلسي الى ان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لم يبد تجاوبا مع قانون النسبية بل على العكس كل تصاريحه تشير الى انه لا يحبذ النسبية وتغريدته على موقع تويتر بان القوات لن تأخذ اي موقف مناهض للحزب الاشتراكي ما هي الا دليل واضح على ان جعجع يرفض النسبية.
واعتبر الشيخ النابلسي ان القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي هم اكثر المتضررين من قانون نسبي لان هذا القانون يقلص حصتهم في المقاعد في البرلمان النيابي ولاحقا في سلطتهم وشعبيتهم، الامر الذي يهدد استمراريتهم. فعلى سبيل المثال، اذا لم يتحالف جعجع مع التيار العوني في ظل قانون نسبي فبالكاد سيفوز بنواب في قضاء بشري بينما لن يكون له اي نائب في المناطق اللبنانية الاخرى. وكذلك الامر على تيار المستقبل، حيث اذا لم يقم الاخير بتحالفات مع قوى سياسية قد لا يتماشى مع ايديولوجيتها في انتخابات نيابية مبنية على النسبي فحصته ستتراجع بشكل كبير في الندوة البرلمانية.
ـ عدوان: الستون ضربة للعهد ـ
من ناحية اخرى، يحاول الوزير وليد جنبلاط رفع السقف عاليا كي لا يتم ضم بعبدا مع الشوف في الانتخابات المقبلة وكي لا تشكل النسبية جزءاً كبيرا في اي قانون سيعتمد النظام الاكثري، حيث يخول جنبلاط اختيار نوابه الدروز والمسيحيين ايضا.
الى ذلك، بعد تغريدة رئيس حزب القوات اللبنانية التي قال فيها ان حزبه لن يقبل باي قانون يضر بالحزب الاشتراكي والتي اوحت ان القوات لا تعارض قانون الستين، أوضح النائب جورج عدوان للديار ان القوات اللبنانية «تدعو الى اقرار قانون جديد يراعي جميع الكتل السياسية ولكن في الوقت ذاته يعكس تمثيلا صحيحا للشعب اللبناني في البرلمان». وتابع بان «هذا القانون الجديد يجب ان يكون فيه جزء من النسبية»، مضيفا «ان التوصل الى قانون مختلط يجمع بين «النبسي والاكثري» لا يمكن ان يتحقق دون تطمين الجميع وبشكل خاص الوزير وليد جنبلاط». وقال عدوان «ان القوات اللبنانية تكثف الاجتماعات واللقاءات مع عدة كتل سياسية من اجل ايجاد مساحة مشتركة «تنجي» البلاد من قانون الستين وهي في الوقت ذاته والتزاما بتحالفها مع كتلة المستقبل فان القوات اللبنانية تسعى الى اقرار قانون يكون عادلا بحق تيار المستقبل كما الى قانون يريح جنبلاط». ورأى عدوان «ان اقرار الستين هو ضربة للعهد وللاصلاح وللتغيير».
الديار : أزمة صامتة بين عون والحريري ووزير الداخليّة سيدعو للإنتخابات قريباً
الديار : أزمة صامتة بين عون والحريري ووزير الداخليّة سيدعو...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
197
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro