أكدت وثيقة لمحققين دوليين اطلعت عليها «رويترز»، وللمرة الأولى، الاشتباه في أن رئيس النظام السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر مسؤولان عن استخدام أسلحة كيميائية في الصراع السوري الذي ذهب ضحيته مئات آلاف القتلى وملايين النازحين واللاجئين. 

وكان تحقيق مشترك للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حدد وحدات من الجيش فقط ولم يذكر أسماء أي قادة عسكريين أو مسؤولين. ولكن قال مصدر مطلع على التحقيق إنه توجد الآن قائمة بأفراد ربط المحققون بينهم وبين سلسلة هجمات بقنابل الكلور وقعت في عامي 2014 و2015 من بينهم الأسد وشقيقه الأصغر ماهر وشخصيات رفيعة أخرى، وهو ما يشير إلى أن قرار استخدام أسلحة سامة جاء من أعلى مستوى في السلطة.

ولم يتسنَ الحصول على تعقيب من الأسد أو شقيقه، لكن مسؤولاً في حكومة الأسد قال إن الاتهامات بأن القوات الحكومية استخدمت أسلحة كيميائية «لا أساس لها من الصحة». 

وقال المصدر الذي رفض الكشف عن هويته بسبب حساسية المسألة إن القائمة التي اطلعت عليها «رويترز« لكن لم يُعلن عنها، استندت إلى مجموعة من الأدلة جمعها فريق 

الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا ومعلومات من وكالات مخابرات غربية وإقليمية. ولم تتمكن «رويترز« من مراجعة الأدلة أو التحقق منها على نحو مستقل.

وتحقيق الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية - المعروف بآلية التحقيق المشتركة- تقوده لجنة من ثلاثة خبراء مستقلين ويلقى دعماً من فريق من العاملين الفنيين والإداريين، وأمر به مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتحديد الأفراد والمنظمات المسؤولين عن هجمات كيميائية في سوريا.

ونفت فرجينيا جامبا رئيسة آلية التحقيق المشتركة أن تكون لجنة التحقيق أعدت أي قائمة بأفراد مشتبه بهم. وقالت لـ»رويترز« في رسالة بالبريد الإلكتروني «في الوقت الحالي لا تجري دراسة أي تحديد لهويات أفراد«.

ويحظر القانون الدولي استخدام الأسلحة الكيميائية وقد يشكل ذلك جريمة حرب.

وفي حين أن لجنة التحقيق ليس لها أي صلاحيات قضائية إلا أن تحديد أسماء مشتبه بهم قد يؤدي إلى ملاحقتهم قضائياً. وسوريا ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية لكن مجلس الأمن يمكنه إحالة جرائم حرب مزعومة إلى المحكمة برغم أن الانقسامات بين القوى الكبرى بشأن الحرب في سوريا تجعل ذلك احتمالاً بعيداً في الوقت الحالي.

وقال متحدث باسم المحكمة «تشعر المحكمة الجنائية الدولية بالقلق بشأن أي دولة ترد تقارير عن وقوع جرائم فيها.. إذا لم تقبل سوريا اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، فإن السبيل الوحيد لكي تحصل المحكمة على اختصاص بشأن الوضع سيكون عن طريق الإحالة لمجلس الأمن«.

ووفقاً للمصدر فقد تشكل القائمة التي اطلعت عليها رويترز أساساً لتحقيقات فريق المحققين هذا العام. وليس من الواضح إن كانت الأمم المتحدة أو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستنشران القائمة بشكل منفصل.

وتحدد القائمة هوية 15 شخصاً «سيجري التدقيق بشأنهم في ما يتعلق باستخدام القوات المسلحة للجمهورية العربية السورية لأسلحة كيميائية في 2014 و2015». ولا تحدد دورهم المشتبه به لكنها تورد ألقابهم.

والقائمة مقسمة إلى ثلاث فئات. الأولى تحت عنوان «الدائرة المقربة من الرئيس» وتشمل ستة أشخاص من بينهم الأسد وشقيقه الذي يقود الفرقة المدرعة الرابعة ووزير الدفاع ورئيس المخابرات العسكرية. والفئة الثانية تضم أسماء قائد القوات الجوية وأيضاً أربعة من قادة فرق القوات الجوية. ومن بينهم قائد الفرقة 22 بالقوات الجوية واللواء 63 للطائرات الهليكوبتر، وهي وحدات سبق أن قال التحقيق إنها أسقطت قنابل تحتوي على غاز الكلور. والقائمة الثالثة «عسكريون كبار آخرون ذوو صلة»، وتشمل أسماء عقيدين ولواءين.

وأبلغ هاميش دي بريتون جوردون وهو متخصص مستقل في الأسلحة البيولوجية والكيماوية يراقب سوريا، «رويترز« أن القائمة تعكس سلسلة القيادة العسكرية. وقال دي بريتون جوردون وهو قائد سابق بفرق الدفاع البيولوجي والكيميائي البريطانية التابعة لحلف شمال الأطلسي والذي كثيراً ما زار سوريا لأغراض الاستشارات المهنية «تُتخذ القرارات عند أعلى المستويات في بادئ الأمر ثم تفوض إلى المستويات الأدنى. لذلك، فإن الاستخدام الأول سيحتاج إلى إذن من الأسد«.

ولم يتسنَ الحصول على تعقيب من وزارة الدفاع والقوات الجوية السورية.

ونشرت اللجنة تقريراً في تشرين الأول الماضي جاء فيه أن قوات الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيميائية ثلاث مرات على الأقل في 2014 و2015 وأن تنظيم داعش استخدم غاز الخردل في 2015.

وحدد تقرير تشرين الأول الفرقة 22 بالقوات الجوية السورية واللواء 63 للطائرات الهليكوبتر على أنهما قاما بإسقاط قنابل تحتوي على غاز الكلور وقال إن أشخاصاً «لهم سيطرة فعلية في الوحدات العسكرية.. يجب محاسبتهم«.

وقال المصدر المطلع على التحقيق إن تقرير تشرين الأول حدد بوضوح المؤسسات المسؤولة وإن الخطوة التالية هي ملاحقة الأفراد.

ووضعت واشنطن يوم الخميس 18 مسؤولاً سورياً بارزاً في قائمة سوداء استناداً إلى تقرير تشرين الأول. ووردت أسماء بعضهم في القائمة التي أطلعت عليها «رويترز« لكن ليس من ضمنهم الأسد أو شقيقه.

سياسياً ومع اقتراب موعد محادثات السلام السورية برعاية روسيا وتركيا في الآستانة، لا يزال الغموض يكتنف احتمال مشاركة الولايات المتحدة فيها ولا سيما مع إعلان الولايات المتحدة أنها لم تتلقَ دعوة للمشاركة في تلك المحادثات، وبعدما أعلن الكرملين أنه غير قادر بعد على التوضيح ما إذا كانت ستوجه دعوة الى واشنطن للمشاركة فيها.

وحدد موعد محادثات الآستانة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، أي بعد ثلاثة أيام من تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف حول احتمال مشاركة الولايات المتحدة تلك المحادثات «لا يمكنني أن أوضح ذلك بعد. بالتأكيد، نحن نؤيد أكبر تمثيل ممكن لكل الأطراف» المعنية بالملف السوري، «لكنني لا استطيع أن أجيب بشكل ملموس الآن».

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية تأييدها لمشاركة الولايات المتحدة في محادثات الآستانة ونصحت إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالمشاركة فيها. وقال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأميركية «لم نتلقَ دعوة رسمية للمشاركة في الاجتماع»، قبل أن يضيف أنه «ليس لدى الحكومة الحالية أي اعتراض» على المشاركة في هذه المحادثات.

وقال تشاوش أوغلو من جنيف «يجب بالتأكيد أن تتم دعوة الولايات المتحدة، وهذا ما اتفقنا عليه مع روسيا». 

ووضعت فصائل سورية معارضة عقب اجتماع لها في أنقرة، مجموعة من الشروط لحضور اجتماعات الآستانة حول سوريا، وعلى رأسها تحقيق وقف إطلاق نار شامل، والتأكيد على شموله جميع المناطق المحددة باتفاق وقف إطلاق النار، ومن بينها منطقة وادي بردى.

وتشير قرارات الفصائل عقب اجتماعها إلى أنه سيتم تسليم أسماء الوفد المفاوض بعد 48 ساعة من التزام النظام وحلفائه بوقف إطلاق النار والتحشيد على هذه المناطق.

كما أكدت فصائل المعارضة أنه خلال الأيام العشرة المقبلة وقبل الذهاب إلى الآستانة، يشترط نشر مراقبين في خطوط التماس للمناطق التي وصفتها بـ»المهددة»، منوهة إلى أن الفصائل ستذهب بعد نشر المراقبين، وحضر الاجتماع أكثر من 30 فصيلاً معارضاً.

ميدانياً، استأنفت قوات النظام السوري قصفها ليل الجمعة على وادي بردى بريف دمشق وعطلت صيانة عين الفيجة الذي يمد دمشق بالمياه، وذلك بعد ساعات من الاتفاق مع المعارضة على هدنة، كما قصفت طائرات النظام مناطق عدة في إدلب وحماة، مما تسبب بسقوط قتلى وجرحى.

وقالت مصادر في المعارضة إن قوات النظام جددت قصفها الليلة على وادي بردى، وإن اشتباكات اندلعت بين الطرفين، مضيفة أن القصف تسبب في وقف عمل فرق صيانة منشأة عين الفيجة والتي دخلت وفقاً لاتفاق الهدنة.

وفي وقت سابق، قالت الهيئة الإعلامية بوادي بردى إن فرق الصيانة وصلت إلى نبع عين الفيجة وفقاً للاتفاق، مضيفة أن من أهم بنود الاتفاق عودة كل الأهالي إلى قراهم بسيمة وعين الفيجة وإفرة وهريرة، وخروج من لا يقبل بالتسوية مع النظام إلى ريف إدلب.

وعلى صعيد آخر، هزت سلسلة انفجارات قاعدة المزة العسكرية في ضاحية دمشق ليل الخميس - الجمعة، قال المرصد السوري انها استهدفت مستودعات ذخيرة. واتهم الجيش السوري إسرائيل بقصف قاعدة المزة العسكرية قرب دمشق، محذراً إياها من «تداعيات هذا الاعتداء السافر»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري. وقال المصدر إن الصواريخ انطلقت من طائرة من شمال بحيرة طبريا (الجولان المحتل).

وقتل ثمانية أشخاص مساء الخميس في تفجير انتحاري في حي كفرسوسة في جنوب شرق دمشق، بحسب المرصد السوري. وأكد التلفزيون السوري وقوع «هجوم إرهابي».