تطل المرحلة المقبلة على برمجة أولويات جديدة للحكومة بعد الموجة الاولى التي شملت اقرار مرسومي النفط، ويبدو ان الملف المالي سيحظى بالاولوية التالية في ظل عدم التمكن من ادراج موازنة السنة الجديدة على جدول اعمال الجلسة التشريعية المقبلة لمجلس النواب في انتظار اقرارها في مجلس الوزراء.
وعلمت "النهار" في هذا السياق ان مجلس الوزراء سيباشر قريباً دراسة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة 2017 وقد أحالها وزير المال علي حسن خليل في آب الماضي. وتشير مصادر وزارية الى ان مجلس الوزراء سيناقش مشروع الموازنة ويقره وسيحيله على مجلس النواب الذي يحتاج لاقرارها الى إنجاز قطع الحسابات المالية للسنوات السابقة، خصوصاً ان الموازنة لم تقر منذ ١٢سنة وكانت عمليات الصرف تتم على القاعدة الاثني عشرية وتغطية النفقات الإضافية من خارج الموازنة بقوانين أقرت في مجلس النواب في ظل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ومن ثم حكومة الرئيس تمام سلام.
وتقول المصادر نفسها إن وزارة المال التي قامت بجردة تدقيق في الحسابات المالية من أجل تسوية قضية الـ١١ مليار دولار العالقة منذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة (عندما استقال وزراء الطائفة الشيعية) كانت قد شارفت إنجازها، واذا كان هناك تفاهم على معالجة هذه القضية فيمكن تسوية أوضاع مالية الدولة والعودة الى الانتظام القانوني في عملية الانفاق.
وأوضحت مصادر الوفد اللبناني الرسمي الذي رافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في زيارته للرياض لـ"النهار" ان النتائج الإيجابية التي إثمرتها الزيارة ستتظهّر تباعاً وأقلّ ما يمكن القول إنها اعادت فتح كل أبواب التواصل والتعاون مع المملكة العربية السعودية، وقريباً تبدأ الترجمة العملية بتبادل الزيارات الوزارية بين البلدين وبتعيين سفير للمملكة في لبنان، كما بالمساهمة في دعم تسليح الجيش وقوى الأمن وان في اطار مختلف عن الهبة السابقة التي احاطت بها التباسات كثيرة، في حين ان المهم في الموضوع هو تحقيق الهدف بدعم قوى الامن في ما تحتاج اليه من تجهيزات وعتاد في مواجهة الكثير من التحديات الامنية وفِي مقدمها مكافحة الارهاب وحماية الحدود.
بري و"هريسة الستين "
في غضون ذلك، أثار كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن استحالة التوصل الى قانون انتخاب جديد في المهلة المتبقية موعد الانتخابات النيابية انطباعات متناقضة لدى القوى السياسية، خصوصاً ان هذا الموقف جاء وسط تصاعد الشكوك في امكان استدراك ضيق الوقت المتبقي أمام بدء سريان المهل التي يلحظها القانون النافذ، اي قانون الستين. وفي هذا السياق لم يفاجئ كلام المشنوق رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يبدي أساساً تشاؤمه بامكانات التوصل الى قانون جديد من منطلق تشكيكه في جدية غالبية القوى السياسية في التخلي عن قانون الستين. وهو صرّح لـ"النهار" أمس بأنه يقدم اسباباً تخفيفية للمشنوق لانه يقوم بالواجبات المطلوبة منه في وزارة الداخلية حيال الاستحقاق الانتخابي بصرف النظر عن رؤية فريقه وتعامله مع قانون الستين الذي يبقى محل طموح عدد لا بأس به من القوى السياسية. وقال بري إنه لم يتلق شيئا بعد عن القانون البديل من غير ان يعني ذلك انه رفع الرايات البيضاء أمام قانون الستين. ودعا في هذا الاطار "الغيارى" على رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط "الى الكف عن هذه السياسة فالرجل ليس على هذا القدر من رفضه للنسبية وقبوله بقانون جديد" مضيفا ان المتباكين على جنبلاط لا يبكون الامام الحسين بل هريسة الستين".
جعجع و"الكواليس"
في المقابل برزت ملامح تفاؤل واسعة لدى رئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع بامكان التوصل قريبا الى قانون انتخاب جديد وسط تشدد تصاعدي لافت لديه في رفض قانون الستين. وكشف جعجع أمس لـ"النهار" ان ثمة تواصلاً جدياً بين الافرقاء السياسيين وراء الكواليس على مستويات ثنائية أو أكثر وفي كل الاتجاهات من أجل التوصل الى قانون انتخاب جديد قبل نهاية الشهر الماضي . واذ بدا جازما في رفض العودة الى قانون الستين، أعلن "اننا مصرون في شكل لا مثيل له على قانون جديد"، لافتاً الى ان الرئيس ميشال عون " يعتبر ان بداية عهده ستكون فاشلة اذا لم يتم التوصل الى قانون جديد ". واوضح في هذا الاطار ان هذا الموقف " واحد لدى كل من القوات والتيار الوطني الحر " مشيرا الى ان العمل يجري على القانون المختلط الذي يجمع الى حد كبير بين المشروع، الذي قدمته "القوات " و"تيار المستقبل " والحزب التقدمي الاشتراكي، ومشروع الرئيس بري.
بين المشنوق وريفي
على صعيد سياسي آخر، اتخذ السجال الحاد الذي برز في اليومين الاخيرين بين الوزير السابق اللواء اشرف ريفي والوزير المشنوق امس بعدا جديدا مع دخول الرئيس سعد الحريري على خطه الى جانب وزير الداخلية. وبادر الحريري مساء الى التغريد عبر "تويتر " قائلاً: "كم كنت مخطئا عندما شككت بنهاد المشنوق واعطيت بعضهم كامل ثقتي".
وكان ريفي اتهم المشنوق بكشفه امنياً من خلال سحب عدد من مرافقيه الامنيين، كما سلم أمس قوى الامن الداخلي سيارات مصفحة كانت وضعتها في تصرفه شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي.