تقول مصادر مطلعة إيرانية إن الغموض لا يزال يكتنف قضية وفاة الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني وتزداد الشكوك والتساؤلات حول تفاصيل وفاته، منها أنه لقي حتفه داخل مسبح كان يعتاد السباحة فيه منذ أعوام، لمرتين أو ثلاثة في الأسبوع، ولكن من خلال تصريحات وزير الصحة الإيراني يبدو أنه دخل المسبح لوحده وبقي حراسه خارج المسبح، وألقى الوزير باللائمة على الفريق الطبي الذي كان من المفترض أن يرافقه حيثما يتواجد، وعاد وزير الصحة في اليوم التالي بعد تلك التصريحات ليقول بأن الشيخ رفسنجاني ما كان يجبذ أن يكون معه فريق طبي، وهذا التصريح الأخير يوجه اللوم إلى الشيخ رفسنجاني نفسه والحكومة معاً، إذ أنهما قصّرا في الموضوع، فضلاً عن أن المسؤولين الكبار في إيران جميعهم لديهم أطباء يراقبون أوضاعهم الصحية، ومنهم الشيخ رفسنجاني عند ما كان يتولى الرئاسة.
وما يزيد الشكوك إيضاحات مساعد وزير الصحة الذي يقول إن مقدمات مرض القلب كانت موجودة لديه وكان غالبا ما يراجع الأطباء إلا أنه لم يكن يعاني من مشكلة جديدة تؤثر على نشاطه اليومي.
ويمكن الرد على تلك التصريحات بأن مقدمات مرض القلب متوافرة لدى أي شاب، فضلاً عن شيخ تجاوز 80 عاماً، بالإضافة إلى أن أسرة الشيخ رفسنجاني تقول بأنه خضع لفحوصات كاملة قبل أسبوعين، اطمأن رفسنجاني من خلال نتائجه بأن لا شيئ يثير القلق صحياً، مما يؤكد على ما صرح به مساعد الوزير من القول بأنه لم يكن يعاني من مشكلة تؤثر على نشاطه اليومي.
والحقيقة التي تملص المسؤولون في النظام الإيراني عن الإفصاح عنها هي أن الشيخ رفسنجاني لقي حتفه وهو داخل المسبح، مما يعني بأنه غرق أو أُغرق في الماء، وعند ما انتبه الحراس إلى تأخر الشيخ دخلوا المسبح فوجدوا الشيخ متوفيا في المسبح !!
إقرأ ايضًا: رحيل كاتم أسرار الثورة الإسلامية الإيرانية
ومن جهة أخرى وجوه التشابه بين أجواء وفاة الشيخ رفسنجاني وظروف استشهاد المستشار الإيراني أمير كبير عالية جدا ، وأمير كان كان يرى رفسنجاني في شخصيته أسوة وقدوة له طيلة حياته، مما يزيد على الشكوك، ويشار إلى أن أمير كبير قُتل وهو في حمام بمدينة كاشان.
والفرضية التي تكبر يوما بعد يوم هي اغتيال الشيخ رفسنجاني بيد المتطرفين الذين ربما يرون في اغتياله خدمة للنظام الإسلامي ومرشده آية الله خامنئي، بينما الأخير احتفظ بأواصر الصداقة مع رفسنجاني رغم جميع الخلافات في وجهات النظر، وبالرغم من أن الجدل بينهما وصل إلى تبادل الردود خلال الخطابات العامة، ولكن العلاقات بينهما لم تكن في يوم من الأيام مقطوعة بشكل كامل، كما أكد عليه خامنئي، واختلاف الرأي لم يُفسد ودّهما المبتادل، إلا أن هناك عناصر متغلغلة داخل مؤسسات النظام الأمنية والاستخباراتية تقوم بين حين وآخر بأعمال تراها لصالح النظام وتنفّذ اجتهاداتها الخاصة تلك، كما حدث في العام 1997 في عهد الرئيس خاتمي خلال سلسلة من الاغتيالات السياسية التي قامت بها مجموعة غير منظبطة من وزارة المخابرات الإيرانية.
إقرأ أيضًا: المشهد السياسي الإيراني بعد وفاة رفسنجاني
واعتبر المتشدون خلال الأعوام الأخيرة بأن رفسنجاني تحوّل إلى عدوّ للجمهورية الإسلامية ورفعوا شعارات الموت لرفسنجاني خلال اجتمات ومسيرات عامة، وبثّ التلفزيون الإيراني تلك الهتافات مرات عدة. أليس من المحتمل أن الذين كانوا يهتفون بشعارات الموت لرفسنجاني هم قاموا بقتله لضمان النظام؟! ألم ينظر المتشددون خلال سنوات السبع الماضية لشرعية قتل رفسنجاني من خلال اعتباره رأس الفتنة التي هي أشد من القتل وفق القرآن؟! تلك أسئلة تحتاج إلى إجابات مقنعة وواضحة، وليس من المستبعد أن تلك الشبيحة تتصرف مع المرشد الأعلى بنفس الطريقة ثم تقوم بانقلاب عسكري لإزاحة جميع المعالم الديموقراطية الغربية الوافدة الأجنبية عن الإسلام - وفق تعبيرهم- عن جسد الجمهورية الإسلامية.