قلما نشاهد صحفًا أجنبية أميركية في الضاحية الجنوبية لبيروت إلا أن صحيفة نيوزويك الأميركية زرات الضاحية الجنوبية مؤخرًا والتقت عددًا من عناصر حزب الله، وأجرت الصحيفة حسب قولها لقاء مع أحد قياديي الحزب، وكانت اللقاءات حول الحرب التي يخوضها الحزب في سوريا ومن باب الحرص والتعرف إلى وجهة نظر حزب الله بخصوص هذه الحرب، وتحديدًا معركة حلب الأخيرة.
الرجل الأول الذي التقته، مقاتل وديّ المظهر في أوائل الخمسينيات من عمره يحمل مسدساً ويضع بندقية M16 على طاولة قريبة منه، وقد طلب من الصحيفة إطلاق إسم مستعار عليه هو علي، لأنه غير مخول من الحزب للحديث مع الصحافة.
اثناء المقابلة سحب علي هاتفه الذكي وشغل فيديو صوره في حلب كان يرتدي فيه زياً عسكرياً مموهاً ويحمل مدفعاً رشاشاً كبيراً مع صدى صوت اطلاق نار وقذائف الهاون في الخلفية. ثم يظهر الفيديو علي وهو يقوم باستبدال علم جبهة النصرة من أحد المواقع براية حزب الله. وعندما انتهى الفيديو، وضع علي هاتفه بعيداً. وقال: "المعركة لم تنته بعد. لقد فزنا بحلب، لكنها لم تنته بعد".
في منزل آخر في الضاحية، التقت المجلة قيادياً من الحزب طويل القامة يجلس بعصبية على الأريكة. ويقول إنه يفضل عدم الكشف عن اسمه لأنه لا يملك تصريحاً من الحزب للحديث مع الصحافة عن دور حزبه في الحرب السورية. ويستطرد قائلاً: "لم نشعر بها كأنها معركة محلية"، رغم أن "هناك كثيراً من النفوذ الدولي في حلب. الإرهابيون مسلحون تسليحاً جيداً. لديهم كثير من المال والسلاح، الذي وصل إليهم عبر تركيا".
إقرأ أيضًا: حزب الله في سوريا تحت إمرة القيادة الروسية؟
بدا القيادي، وفق المجلة، واثقاً من عدم قدرة أي طرف على الوقوف في وجه الحزب في لبنان، وهذا ما تعزوه نيوزويك، نقلاً عن أوريلي ضاهر، الباحث في جامعة أكسفورد، إلى انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، ما أمّن لحزب الله موقفاً قوياً على الساحة المحلية. وهذا ما يوافق عليه القيادي في الحزب بقوله مع ابتسامة متوترة: "سيكون لدينا انتصارات في سوريا تنعكس ايجاباً على لبنان، لأن حزب الله الآن في تواصل مع جميع الأطراف في البلد".
لكن أضرار المعركة السورية لا تقتصر على الخسائر في الأرواح، إذ يقول أعضاء في حزب الله للمجلة إن هناك توتراً بين الحزب والنظام في دمشق. وعند سؤال علي عن مشاعره تجاه نظام الأسد، يقول ضاحكاً: "نحن والنظام السوري في كثير من الأحيان نطلق النار على بعضنا البعض". "نحن لا نعير اهتماماً له وليس لدينا نية للتخلي عن معظم المناطق التي سيطرنا عليها في سوريا. نحن لسنا في سوريا لأننا نحب شخصاً يدعى بشار الأسد. إذا جئت وقلت لنا غداً إن النظام السوري سيعود إلى لبنان، سأجيبك بأننا سنقاتلهم ونقتلهم جميعاً. نحن موجودون في سوريا لمصلحتنا فحسب. نحن ندافع عن مصالحنا".
من جهة أخرى، التقت الصحيفة شيخاً سلفياً في أواخر الثلاثينيات من عمره يقود ميليشيا صغيرة في حي باب التبانة في طرابلس، اسمته محمد لأنه رفض التصريح عن اسمه الحقيقي خشية انتقام الحكومة اللبنانية وحزب الله. ويقول إنه قاتل في سوريا مع جبهة النصرة وأمضى بعض الوقت في حلب. وهو سيعود للقتال مرة أخرى "حتى اسقاط هذا النظام الوحشي".
إقرأ أيضًا: حزب الله في أميركا اللاتينية شبكات معقدة للتهريب والمخدرات
يرى محمد أن ما تعانيه الطائفة السنية اليوم سببه حزب الله، الذي يسيطر على الحكومة، بينما ترك السنة وحيدين في ساحة المعركة، مضيفاً: ''علينا أن نفعل شيئاً للدفاع عن أنفسنا، وسندافع عن أنفسنا، حتى داخل لبنان".
ووفق المجلة، يشعر حزب الله بالقلق من المتشددين في لبنان أمثال محمد، حيث كانت هناك العديد من الهجمات من قبل الإسلاميين في الضاحية، وآخرها أدى إلى مقتل 43 شخصاً في تشرين الثاني 2015. وفي رأي القيادي في حزب الله، الذي قابلته المجلة، أن التهديدات لم تتوقف، مردفاً: "عندما وضع الإرهابيون سيارة مفخخة في الضاحية قال الحزب للحكومة اللبنانية، إما أن تقومي بعملك، أو سنفعل نحن ذلك، وقد قمنا بعملها في بعض الأحيان عندما كانت غير قادرة على ذلك. لقد أفشلنا مئات محاولات الإرهابيين الذين يحاولون تنفيذ هجمات في لبنان. وبغض النظر عن مدى الصعوبة التي نواجهها ونحن نحاول أو عدد الأفراد الذين نلقي القبض عليهم،
هناك دائماً احتمال أن يتسلل شخص أو أكثر لتنفيذ عمليات تخريبية .