يواصل النظام ومليشياته حملته العسكرية على قرى وادي بردى، من دون تحقيق أي اختراق عسكري، أو حلّ لأزمة المياه في العاصمة دمشق ومحيطها.
وجددت المدفعية الثقيلة التابعة للنظام، قصفها منازل المدنيين في قرى الحسينية وديرمقرن وبسيمة وعين الفيحة، ما اعتبر تنفيذاً لتهديدات على لسان المُفاوض الروسي الذي توعد بالتصعيد العسكري وتسوية قرى وادي بردى أرضاً، و"تحويلها إلى صحراء".
الصحافي والناشط علي دياب، أكد لـ"المدن"، أن المفاوض الروسي قال لممثلي الوادي إنه "سيجعل الغربان تأكل من جثث أهل الوادي". وأشار نشطاء إلى أن المُفاوض الروسي، كان قد رفع درجة التهديد، بعدما قام عناصر من مليشيات النظام بملء سيارته بالبضائع والفودكا والتبغ. وأكد مطلعون على سير المفاوضات أن المسؤول الروسي رفع تقريراً إلى مراجعه الروسية اتهم فيها أهل الوادي بالتواسط للدفاع عن "جبهة النصرة"، رغم كل التقارير التي تؤكد أن لا وجود يُذكر لـ"جبهة فتح الشام" في وادي بردى. تهديدات المُفاوض الروسي جاءت عقب رفض الأهالي شروط "المصالحة" التي يريدها النظام، بما تتضمنه من تهجير قسري لهم.
وكان رئيس هيئة الأركان الروسية، قد أعلن الثلاثاء عن "اقتراب عملية تحرير ريف دمشق من نهايتها"، ما اعتبر عدم إلتزام روسي بـ"وقف إطلاق النار" الموقع مع تركيا، ومحاولة للتصعيد على الأرض، تماشياً مع رغبة مليشيات النظام و"حزب الله" في "تطهير" محيط دمشق الشمالي الغربي من المعارضة، كونه أصبح موقعاً تستخدمه مليشيا "حزب الله" لتصنيع السلاح وتخزينه وتمريره إلى لبنان.
وتزامن ذلك مع استمرار استهداف قرى الوادي بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية، ما تسبب في مقتل مدني وسقوط سبعة جرحى. واستهدفت مليشيات النظام منابع عين الفيجة، بشكل مباشر، بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، ما زاد من حجم الأضرار في حوض النبع الذي يعد خزان مياه للعاصمة دمشق.
وتدخل محاولات اقتحام وادي بردى، أسبوعها الرابع، وتشترك فيها مليشيات "حزب الله" اللبناني و"الدفاع الوطني" و"درع القلمون" و"الحرس الجمهوري" و"القوات الخاصة"، وتتوزع الجبهات بغطاء جوي من مروحيات البراميل، والطيران الحربي.
ويستمر وصول تعزيزات الحرس الجمهوري و"الدفاع الوطني"، بشكل شبه يومي، إلى محور بسيمة، من منطقة الأشرفية، وأعقب ذلك محاولة اقتحام تصدت لها المعارضة، وأعلنت عن عطب دبابتين وعربة شيلكا وقتل عدد من الجنود. مليشيات النظام ردّت باستهداف محور بسيمة بصواريخ أرض-أرض مُحمّلة بالكلور، ما أوقع إصابات وحالات اختناق في صفوف المدنيين. وشنّ الطيران الحربي أكثر من 15 غارة جوية، واستهدف مروحي البراميل المحور بأكثر من ثلاثين برميلاً متفجراً.
وعلى محور كفير الزيت، يستمر وصول تعزيزات مليشيات "حزب الله" و"درع القلمون"، اللتين تشتركان مع وحدات من "القوات الخاصة" في إدارة العمليات العسكرية، بشكل مباشر، في جرود المنطقة. محاولات الاقتحام عبر محور كفير الزيت مازالت مستمرة، رغم خسارة المليشيات ثلاث دبابات، خلال الأيام الماضية. أما على محور عين الفيجة، فدارت اشتباكات عنيفة لصدّ محاولة اقتحام مليشيات "حزب الله" و"الحرس الجمهوري" على منابع الفيجة ومحيطها، وتمكن مقاتلو المعارضة من قتل عنصرين أثناء محاولة مجموعة مشاة التسلل عبر جبل الهوات المحيط بالمحور.
ولم تهدأ الاشتباكات في جبهة الحسينية، التي يحاول "حزب الله" و"درع القلمون"، والحرس الجمهوري، المتمركز في محيطها، التسلل إليها مستفيدين من الغطاء الجوي والقصف التمهيدي. كما تحاول المليشيات تنفيذ اقتحامات من نقاط أخرى، خاصة على محور بلدة دير مقرن.
وتستهدف جميع المحاور، يومياً، بصواريخ أرض-أرض من نوع "فيل"، وقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة والدبابات، فيما تفصل كافة قرى الوادي عن بعضها، بسبب استهداف الطرق بينها، بالرشاشات المتوسطة والثقيلة والقناصات وعربات الشيلكا. وتحاول مليشيات النظام توسيع الجبهات ومحاور القتال، عبر تجريف المرتفعات الجبلية المحيطة بالمنطقة، لتسهيل تمركز نقاط جديدة لها، تضم عربات وآليات ورشاشات ثقيلة.
وتهدف العمليات العسكرية إلى خرق عسكري، أو رفع نسبة الخسائر البشرية والمادية، عند الأهالي، للضغط على المعارضة كي ترضخ، وتدخل في "مصالحة شاملة". كما تسعى مليشيات النظام إلى شق صف المعارضة، و"لجنة المفاوضات الموحدة" المنبثقة من "التحالف الدفاعي المشترك"، عن طريق عرض "مصالحات" انفرادية مع قريتي سوق وادي بردى وكفر العواميد، اللتين لا تتعرضان لمستوى القصف الذي يستهدف المناطق المحيطة بهما، وتشكلان ملجأ للمدنيين الهاربين من الحرب. مليشيات النظام باتت تُهدد سوق وادي بردى وكفر العواميد بالقصف المباشر، أو شن هجمات عسكرية عليهما، في حال عدم قبولهما بمشاريع "المصالحات" التي تضع المعارضة أمام خيار "الحافلات الخضراء" لنقلهم إلى الشمال السوري، أو قوافل عسكرية تقلهم إلى جبهات القتال مع مليشيات النظام، بعد تجنيدهم في صفوفها. وترفض المعارضة المسلحة ووجهاء المنطقة، تلك الخيارات، جملة وتفصيلاً.
وتعاني مناطق وادي بردى، من نقص حاد في المواد الأساسية؛ الغذائية والطبية، جراء استمرار الحصار منذ أكثر من عام، وتزامناً مع الحملة العسكرية المستمرة منذ ثلاثة أسابيع. وتتفشى الأمراض بشكل متزايد، نتيجة استخدام المياه غير المُعقّمة، عدا عن ارتفاع حصيلة الجرحى بشكل يومي وسط عجز عن إجراء عمليات إسعافية أو جراحية، بسبب تدمير النقاط الطبية بفعل القصف الممنهج.
هارون اسود