عقد رئيس الجمعية الخيرية الثقافية - مؤسسات الإمام شمس الدين الوزير السابق ابراهيم شمس الدين، مؤتمرا صحافيا، في الذكرى السادسة عشرة لرحيل الشيخ محمد مهدي شمس الدين، في مقر الجمعية في بيروت - مجمع الإمام شمس الدين - مستديرة شاتيلا.
واستهل المؤتمر بالقول: "كنت أرغب في الذكرى السادسة عشرة لرحيل الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمه الله، أن نتذكر جميعا علمه وتقواه السياسية وعروبته وإسلاميته ولبنانيته، فقيها مجددا في الدين وفي الفكر الديني والسياسي.
نفتقده جميعا في لبنان، وفي العراق، وفي سوريا، وفي مصر أيضا، وفي كل العالم العربي المأزوم الذي لا يزال يبحث عن حرية تتوافق مع هويته. يفتقده الجميع لاعتقاد الجميع أنه، لو كان موجودا، لكان أمر سوء أو شر ما، ربما، ما حدث، ولكان أمر خير أو دفع شر ما، ربما، قد حدث.
وكنت أرغب، في هذه الذكرى، وهي المتزامنة مع مرور خمسين عاما على تأسيس الجمعية الخيرية الثقافية من قبل الشيخ شمس الدين مع أخيار من رجال لبنان الطيبين، هذه الجمعية التي تأسست قبل تأسيس المجلس الشيعي والتي زرعت خيرا وعلما ورعاية في الجنوب والبقاع وبيروت، كنت أرغب في أن أطلق المشروع الكبير والجديد للجمعية، وهو مشروع جامعة مدن التي ترسى على معايير عالية علمية وجدية، والتي توقف العمل في إنشاء أولى كلياتها بسبب عدوان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومحاولته الإستيلاء على كل ما بناه الشيخ شمس الدين في الجمعية ومعها ما تحاول أن تبنيه الجمعية لأجيال عتيدة".
وأضاف: "منذ أكثر من سنة بقليل أصدر نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى قرارا قرر فيه أن مسجد الإمام الصادق الذي بنته الجمعية مع رئيسها الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين عام 1998، وما تحته والأرض المحيطة به هي وقف يتبع سلطة المجلس، وكذلك المباني التي تحضر لتكون كليات جامعية.
هكذا، قرر اعتبار أن الأرض وما عليها تابعة له وبسلطته، وطلب من دائرة الشؤون العقارية في بيروت- لا بد من التساؤل إذا صار المجلس الشيعي هو الفقيه العقاري لهذه الدائرة التابعة لوزارة المال- تسجيلها ملكا لأوقاف الطائفة الشيعية، من دون قرار قضائي، بل بسلطة مجموعة ميليشيات تستجيب له ولرغباته العقارية، وضعت يدها على المسجد الذي بنته الجمعية وترعاه وتنفق عليه منذ 19 عاما والذي لم يلحقه الشيخ شمس الدين بأوقاف المجلس الشيعي رغم أنه كان أيضا رئيسا له، وحجة نائب رئيس المجلس الشيعي وحاشيته هي أن المسجد والأرض هما وقف، وهذاادعاء غير صحيح بل مزور، علما أنه أصدر قرارا ثانيا منذ أقل من شهر اعتبر فيه أن المدافن التي دفن فيها مسلمون شيعة في القرى والمدن هي تابعة للمجلس الشيعي ويجب أن تسجل في السجلات العقارية أنها كذلك".
وتابع: "إن هذه الأرض التي تشغلها الجمعية هي ملك لبلدية بيروت، وقد أجاز المجلس البلدي عام 1983 للجمعية استعمال هذا العقار لإنشاء مشاريع تربوية وثقافية وغيرها، على أن تعود الأرض والمباني التي عليها إلى بلدية بيروت بعد 99 سنة، والجمعية ملتزمة بهذا الاتفاق تماما ولا تستطيع الخروج عنه.
إن هذه الأرض هي ملك بلدي خاص، لها مالك موجود ومعروف وحاضر وحي،وهي ليست وقفا: لا يستطيع المجلس الشيعي أن يوقف ما لا يملكه، لا هو يستطيع، ولا الشيخ محمد مهدي شمس الدين يستطيع،مهما قالوا، ولا الجمعية ولا أنا. لا يمكن أحدا أن يجعل ملك الغير وقفا له أو لغيره، حتى لو كان فيه مسجد، ولا يطاع الله من حيث يعصى.
وقال: "إن المجلس الشيعي بمحاولة استعمال سطوة مذهبية دينية، يريد أن ينتزع ملكية الأرض المحمية بالدستور بما هي ملكية خاصة، ويحولها إلى ملكه هو تحت عنوان وقف لمجرد أن بعض شاغليه من المعممين الجدد وغيرهم قرر ذلك وأرسل عناصر شارعية للاستيلاء عليها".
وأضاف: الجمعية، كأي جهة محترمة ومدنية، تؤمن بالدولة ومؤسساتها وشرعيتها، كما كان السيد موسى الصدر والشيخ شمس الدين، وتتقيد بالقانون وليس بالتسلط المذهبي وبأمراء الشوارع، تقدمت بطلب إبطال القرار لدى مجلس شورى الدولة، ثم طلب إعادة محاكمة لديه أيضا، كما تقدمت بدعوى إزالة تعد لدى قاضي الأمور المستعجلة، وهي الآن في الاستئناف، وبدعوى أمام القاضي المنفرد المدني ضد المجلس الشيعي لمنع تعرضه لحق الجمعية، وكذلك تم الطعن في قرار القاضي في المحكمة الشرعية الذي أجاز للمجلس الشيعي قرار الوقفية، تلك المحكمة التي صرنا ننظر إليها، نحن وغيرنا الكثير من الناس، بتوجس وقلق لارتباط بعضها وتأثرها بالتحالف المذهبي السياسي داخل الطائفة الشيعية".
وتابع: "لقد حدثت أمور عدة في سياق هذا الاعتداء والاستيلاء، نستغربها ونستنكرها، وهي:
1 - إن مجلس الشورى قد رد طلب الإبطال بحجة أن الأمر ليس من اختصاصه بل اختصاص القضاء العدلي، نقول بل إن القضية تدخل في صلب اختصاصه وبإجماع محامين وقانونيين اختصاصيين كثر، ولهذا طلبنا إعادة المحاكمة، ولا يستطيع ان يتنصل منها "محايدا". ثم إنه استند إلى المادة التاسعة من الدستور التي تقول "إن الدولة تحترم جميع الأديان والمذاهب"، ليقول إن المجلس الشيعي بما هو مؤسسة مذهبية لها حق أن تستقل بإدارة شؤونها، ونقول له: هل هذا يعني ان الدولة إذا كانت "تؤدي فروض الإجلال لله تعالى"، وفق تعبير الدستور، إنها يجب أن تقدم القرابين وأراضي الغير وحقوقهم إلى المؤسسات المذهبية؟ ثم ألم يقرأ بعض مجلس الشورى تتمة المادة التاسعة إياها التي تقول "إن استقلالية المذاهب في إدارة شؤونها هي في حماية الدولة شرط ألا يكون في ذلك إخلال بالنظام العام!". أليس إخلالا في النظام العام مصادرة ملكية الغير، أليس إخلالا بالنظام العام أن يرسل المجلس الشيعي ميليشيات شارعية بدلا من قرار قاض عدلي عادل.
لا أعرف مم يخاف بعض القضاة! إذا كانوا يخافون جلادا أو فرعونا ما، فيجب أن يخشوا أيضا الضحية، بل ضحايا امتناع العدالة في القضاء أو في الإدعاء العام، فالضحية لها صوت ولسان وحنجرة ويد وقلم وعقل تقاتل بها قبل أن يسيل بعض دمها على يد ظالميها.
- نحن لا نريد أن نصدق أن بعض أفراد من الشرطة وضباطها الشيعة يستجيبون لتوجيهات من خارج السلك النظامي القانوني، من "أبو فلان" أو "مساعد فلان"، ولا يزال في الطائفة أشراف كثر لا يأبهون "للأبوات"، أليس فينا أشرف الناس؟ وكنا دائما نشكو أن الدولة تفسد من داخلها وأن إصلاحها يبدأ من حمايتها من بعض من يستوطنها، ونحن مستبشرون بالعهد الجديد في أن يحمي القضاء ويعصم الأمن ويتصدى لفساد الداخل.
- إن الاعتداء ليس على مؤسسات الإمام شمس الدين فحسب، بل هو على بلدية بيروت وعلى مدينة بيروت من الرملة البيضاء إلى هنا، وهذه كلها، على ما يبدو، يحركها ساحر واحد.
على بلدية بيروت أن تتحرك بسرعة وبحزم وتتدخل لدى القضاء باعتبارها أيضا معنية أولى في القضية، فلا يحق لأحد كائنا من كان، أن ينزع ملكيتها ويجعلها وقفا. إن بلدية بيروت وحدها تستطيع أن توقف الأرض التي تملكها.
إن من يريد أن يخدم أهل بيروت يجب أن يتمكن من حفظ أرض بيروت.
- إن "حزب الله"، الذي أطلعناه تفصيلا على الاعتداء على الجمعية ومؤسساتها، والذي يقول إنه يدافع عن المظلوميات ويبحث عنها في أقطار الدنيا كلها، والذي يقول إنه يريد أن يبني دولة صحيحة عادلة في لبنان، وهو - الذي يريد أن يرتب أوضاع المنطقة كلها- لا يجوز له أن يترك أكثر الشيعة اللبنانيين ومؤسستهم المركزية غنيمة لزعامة طائفية تريد أن تؤبد نفسها باستلحاق عدد من رجال الدين الذي يحتاجون إلى تأهيل، وتجعلهم الولي الفقيه على أرزاق الناس وحقوقهم".
وقال: "إن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لم تجر فيه انتخابات منذ وفاة الشيخ شمس الدين منذ 16 عاما، وهو منتهي الولاية والصلاحية كليا وتماما، بنائب رئيسه وهيئتيه الشرعية والتنفيذية، ولم يجر التمديد له ابدا، وبالتالي لا صلاحية له أن يتصرف في شيء، وكل ما يقوم به من تبديل في هيكلية المجلس، ومن تعيينات، ومن تصرف بالأوقاف وتعديات أخرى مخالفة لقانون إنشائه، ومخالفة لأنظمته هي باطلة وسيتم الطعن فيها كلها. ولا يجوز السكوت عن هذا الأمر من أي جهة محترمة داخل الطائفة تعتبر نفسها مسؤولة، وخصوصا من رجال الدين المحترمين، وكذلك القضاة والمفتين الذين لا ينبغي لهم أن يرهبوا بعزلهم، فهذا لم يعد ممكنا كما حصل مع البعض المحترمين منذ سنوات.
للمجلس الشيعي أن ينظم الأوقاف لا أن يصادرها وينتزع ملكيتها ويسجلها باسمه لمجرد أن نائب رئيسه الذي انتهت ولايته وقع قرارا بذلك ونشره في الجريدة الرسمية، وهو أصلا ليست له صلاحية بذلك اطلاقا بناء على قانون المجلس".
واضاف: "إن المجلس الشيعي يحتاج إلى انقاذ مما هو فيه، ويجب أن يعود مؤسسة لجميع الشيعة كما كان قبل 16 عاما، وليس لبعضهم الحزبي، ويجب أن يبقى على مسافة واحدة من الجميع، ويجب أن ينتخب له رئيس حقيقي وعلني، لا أن يكون له رئيس غير معلن يسكن بعض عيون بيروت".
وختم: "إن إصلاحا شيعيا عميقا يجب أن يباشره الشيعة اللبنانيون لوضعهم الداخلي فيما بينهم ولعلاقتهم كجماعة لبنانية مدنية مشرقة، مع اللبنانيين الآخرين، ومع العرب في أوطانهم، وهذا الإصلاح يبدأ بإجراء انتخابات في المجلس الشيعي بهيئتيه المدنية والشرعية ولرئيس جديد، وعدم تركه فريسة للتسلط وللخروج عن الدين".