وصفت أوساط إعلامية وسياسية مواقف جنبلاط الأخيرة وتغريداته بالقنبلة نظرا لما تركته من تفاعلات وارتدادات إعلامية وسياسية على الساحة المحلية، وقالت هذه المصادر أن هواجس جنبلاطية عدة كانت السبب في إطلاق التغريدات الأخيرة منها ما يتعلق بالملف النفطي ومنها ما يتعلق بالمشاورات الجارية حول قانون الإنتخاب.
يستطيع النائب جنبلاط إثارة الرأي العام بأسلوبه المعروف، ويستطيع استفزاز شريحة كبيرة من السياسيين عبر صفحته على تويتر،واستطاع مؤخرا أن يمرر مواقفه الاعتراضية وهو المعروف عنه وفق سياسيين، أنه يعرف كيف يحقق ما يريد بالبدء بإرسال اشارات، من دون الدخول في معارك، ويكتفي بالإشارة إلى ما يريد وإلى ما لا يريد، ليبدأ العمل بسلسلة اتصالات ولقاءات وتأتي بعد ذلك حمى الاتصالات إلى كليمنصو والمختارة والجميع يسأل عن التغريدات الجنبلاطية .
شكّلت التغريدات المنتقدة آلية التوافق على النفط والغاز مروراً بالموقف الاعتراضي لوزراء الاشتراكي في جلسة الحكومة تجاه المرسومين، مادة أساسية في الفترة الأخيرة، لتليها مواقف جنبلاط من كيفية التعاطي مع قانون الانتخاب، وغرّد مساء الأحد، في 8 كانون الثاني، كاتباً: "لا يا ممثل العلوج، في الوزارة، إن مكوناً أساسياً وتاريخياً، من لبنان لا يمحى بشحطة قلم في مزايدات النسبية". كثرت الأسئلة والتكهنات عن الشخص المقصود. البعض اعتبر أنه وزير سنّي معني بملف الانتخابات، فيما البعض الآخر توقع أن يكون الوزير المعني مسيحياً من المزايدين والمراهنين على تهميش الأطراف الأخرى.
ولدى سؤال جنبلاط عن الشخص المقصود بممثل العلوج، يضحك، ويجيب: "عليكم أنتم أن تحزروا، ولست معنياً بالتوضيح". ويقول إن "هناك حوارات قائمة بين كل الأفرقاء. وهذا أمر إيجابي على الصعيد العام في البلد. لكن، في المقابل، نلاحظ أن هناك من لا يريد التواصل مع مكون أساسي من المكونات اللبنانية. ما نريده هو عدم تهميشنا فحسب".
ويبدي جنبلاط أسفه لطريقة التعاطي مع قوانين الانتخاب، ويرى أن الوضع مازال كما كان في السابق، خصوصاً أيام الوصاية السورية. ففي كل محطة انتخابية كان الهدف التصويب على الدروز والحدّ من حقوقهم التمثيلية، عبر قوانين ملتوية. ويذهب جنبلاط أكثر من ذلك، معتبراً أن ثمة معارك خيضت للحفاظ على التمثيل الصحيح لهذا المكون في المجلس النيابي. وبعض هذه المعارك السياسية استدعى معارك عسكرية. "لكن للأسف لانزال مكاننا، ونعاني ما نعانيه منذ أول تطبّيق لمفهوم الانتخاب في لبنان".
إقرأ أيضًا: عن حزب الله وزيارة عون إلى السعودية!!
في موازاة ذلك، تبرز مواقف تحرص على طمأنة جنبلاط وتبديد هواجسه على صعيد قانون الانتخاب. وأبرزها من حزب الله وحركة أمل، وكذلك تيار المستقبل. وهنا يقول: "جرت العديد من اللقاءات والمواقف كانت ممتازة، والكلام جميل، ولكن هناك من يتحدث بصيغة أخرى ولهجة مختلفة في الخفاء". يضيف: "علينا التوقف أمام التوافق المفاجئ بين أفرقاء كانوا على خصومة، والذي أنتج تسوية سياسية، أدت إلى انتخاب رئيس وتشكيل حكومة. بالتالي، علينا انتظار مزيد من المفاجآت قد يخفيها هذا التوافق المفاجئ".
وتعليقا على مواقف جنبلاط الاخيرة و تغردياته اعتبر أحد الوزراء ان موقف رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط في ما يتعلق بملف النفط هو موقف سياسي بامتياز، اذ ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يعتبر ان التناغم بين عون ورئيس الحكومة سعد الحريري قد ادى الى تقليص دوره الداخلي بعدما اعتبر لسنوات طويلة "بيضة القبان" في خريطة القوى.
من ناحية ثانية انتقدت مصادر وزارية موالية للعهد بشدة كلام النائب وليد جنبلاط عن الملف النفطي، وبأن ما جرى في هذا السياق هو جزءاً من الصفقة الكاملة في عملية انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة. كما انتقدت سؤاله "عن العروس الجديدة بعد النفط والغاز مرورا بالاتصالات والميكانيك او نمر السيارات"، وكلامه ايضاً عن "ملف النفط والغاز وبأنه اشبه بوليمة جهزت مسبقا في الكواليس كي يجري اكلها" وكذلك توصيفه "لجلسة الحكومة بفيلم العراب، هذا العرض الذي لا نستطيع رفضه"، متسائلا "يا ترى كم من عراب في الحكومة"، داعيا الى "وقف هذه المهزلة المفضوحة مشيرا الى حرمان الطائفة الدرزية". هذا الكلام الجنبلاطي استدعى ردا عنيفا من مصادر وزارية موالية للعهد. وكشفت هذه المصادر ادعاءات جنبلاط. وبينت ان مجلس الوزراء اقر مرسومي التنقيب عن النفط والبلوكات ودفتر الشروط النموذجية، ولم يناقش قطعياً مرسومي الشركة الوطنية والصندوق السيادي وكلف لجنتين دراسة الامر. وقالت المصادر الوزارية الموالية للعهد ان انتقادات جنبلاط نتركها للرأي العام الذي ارتاح لإقرار مراسيم النفط المجمدة منذ 2013 وهو يعرف جيدا الى ماذا يرمي النائب جنبلاط من اعتراضاته وماذا يريد من ورائها.
إقرأ أيضًا: نصر الله .. على سبيل التناقضات !!
وقالت هذه المصادر ان استخدامه لعبارات عن السرقة والفساد والمحاصصات فأمر مضحك جدا لان الناس يعرفون من قام بهذه الممارسات ويتقنها جيدا. واكدت المصادر الموالية للعهد ان مجلس الوزراء لم يتطرق الى الصندوق السيادي ولا الى الشركة الوطنية، فلماذا فتح هذه المواضيع واثارة الغبار حول مسائل غير مطروحة حتى الآن؟
واضافت المصادر الحصانة النيابية للنائب وليد جنبلاط لا تخوله اطلاق مثل هذا الكلام، والمواقف الابتزازية والتوصيفات غير المسبوقة التي لا تمر على الرأي العام الذي يعرف جنبلاط بوضوح وماذا حقق من مكاسب شخصية ومالية اضرت بالخزينة الوطنية، وكل انتقاداته معروفة الاهداف لانه العالم الاول بأمور المحاصصات والصفقات ومن اصحاب الخبرة في هذا النوع من هدر المال العام.
واكدت المصادر انه من حق جنبلاط الاعتراض وتصويب مكامن الخلل، لكنه حوّل اعتراضاته الى اعتراضات شخصية افقدت معارضته اي محتوى او مضمون، لانها باتت في الاطار الشخصي. ولذلك فإن كلامه لا يمكن ان يدرج في اطار الموقف الوطني المدافع عن الثروة الوطنية، بل في اطار التفتيش عن حصة كما يريدها في مطمر الكوستابرافا ومطمر الجبل.
وختمت المصادر الوزارية الموالية للعهد بالتأكيد على ان ما تحقق في موضوع النفط انجاز وطني قوبل بإيجابية وارتياح من كل اللبنانيين. وهذه الانجازات ستستكمل ولن توقفها انتقادات جنبلاط التي تعود اللبنانيون عليها وعلى خلفية اهدافها ومراميها من اجل قضايا شخصية.