تعطي زيارة الرئيس ميشال عون الى السعودية بارقة أمل سياسية واجتماعية واقتصادية، إذ انها تعتبر ضرورية لتحسين العلاقات السياسية التي توترت في الأعوام الاخيرة نتيجة الأزمة السورية، والاضطرابات في المنطقة، والاختلافات الداخلية، وإيجابية لتعزيز العلاقات الاقتصادية التي تدهورت بشكل لافت مع انسحاب المستثمرين والسياح السعوديين، ومشجعة لطمأنة الوجود اللبناني في المملكة.
تبرز العلاقات الاقتصادية اللبنانية – السعودية على الشكل الآتي:
1- الوجود اللبناني في السعودية: يبلغ عدد اللبنانيين في منطقة الخليج نحو 500 الف نسمة منهم نحو 250 الفاً في السعودية مشكلين 48% من اجمالي أعداد اللبنانيين في منطقة الخليج، و120 الفاً في الامارات العربية المتحدة، و 35 الفاً في قطر.
وسبّبت الاجراءات السعودية الاخيرة في حق اللبنانيين المقيمين في المملكة، بقلق وخوف لديهم من اجراءات تعسفية أو مجحفة قد تطاولهم.
2- السياحة السعودية: بلغ عدد السياح السعوديين في العام 2010 نحو 191 الف سائح بنسبة 8.8% من اجمالي السياح. وتراجع هذا العدد في الأعوام الاخيرة بنسبة 75% ليصل الى 47.881 الف سائح في العام 2015 مشكلاً 3% من اجمالي السياح. يعود السبب الى حظر المملكة رعاياها من المجيء الى لبنان، والى الاضطرابات السياسية والامنية الداخلية.
3- الاستثمارات السعودية: بلغت الاستثمارات السعودية في لبنان في فترة 2004 – 2012 نحو 5.3 مليارات دولار مشكّلة 40% من اجمالي الاستثمارات العربية البالغة 13.250 مليار دولار. كما سجلت الحركة الاستثمارية السعودية جموداً وتراجعاً لأكثر من 40% في الأعوام الاخيرة نتيجة التوترات السياسية والامنية الداخلية.
وتتركز الاستثمارات السعودية في القطاع العقاري والسياحي والمالي والمصارف (موفمبيك، فورسيزنز، روتانا جفينور، غراند هيل، سمرلند).
4- تحويلات اللبنانيين من السعودية: تبلغ اجمالي تحويلات اللبنانيين سنوياً نحو 7.5 مليارات دولار منها نحو 58% من دول الخليج اي ما قيمته 4.350 مليارات دولار. تشكّل التحويلات من السعودية نحو 20% من اجمالي التحويلات اي ما قيمته 1.5 مليار دولار وتتأثر بتراجع
اسعار النفط عالمياً، وتراجعت مداخيل المملكة لكنها حافظت في الاعوام الاخيرة على مستواها رغم الاضطرابات في
المنطقة.
5- التبادل التجاري بين لبنان والسعودية: تراجع بشكل ملموس في فترة 2012 – 2016 نحو 18% من 782.8 مليون دولار في العام 2012 الى 644 مليون دولار في العام 2016، وتتوزع على الشكل الآتي:
الاستيراد: تراجع نحو 12.2% في فترة 2012 – 2016 من 423.7 مليون دولار عام 2012 الى 372 مليون دولار عام 2016.
الصادرات: تراجعت نحو 25% من 358.9 مليون دولار عام 2012 الى 272 مليون دولار عام 2016 مشكّلة 10% من اجمالي الصادرات.
تأثر التبادل التجاري نتيجة اقفال المعابر البرية في سوريا لا سيما معبر نصيب، والاضطرابات في المنطقة، وتوتر العلاقات السياسية بين البلدين.
6- الاستثمارات اللبنانية - السعودية: بلغت الاستثمارات اللبنانية في دول الخليج نحو 5.3 مليارات دولار وتركزت في قطاع المقاولات والتجارة والصناعة والمطاعم. وحظيت السعودية على نسبة 52% من اجمالي الاستثمارات اللبنانية في منطقة الخليج ما قيمته 2.750 مليار دولار.
7- الهبة السعودية لدعم الجيش: قررت السعودية تجميدها من جهة بسبب توتر العلاقات السياسية بين السعودية ولبنان (دور حزب الله في سوريا، العراق...) ومن جهة اخرى (وهو السبب الرئيسي) بسبب المشكلات المالية التي تعانيها المملكة نتيجة تراجع اسعار النفط عالمياً، وخسارتها اكثر من 50% من مداخيلها، وإنفاقها العسكري الضخم في اليمن وسوريا مما اضطرها الى ايقاف عدد كبير من مشاريعها الاستثمارية، والغاء الدعم على الكهرباء والمياه والمشتقات النفطية، والى لجوئها للأسواق المالية العالمية والداخلية للاستدانة.
تعتبر زيارة الرئيس ميشال عون الى السعودية ايجابية، اذ تنشط الحركتان الاستثمارية والسياحية اقتصادياً وتعيد علاقات الثقة بين البلدين، وتطمئن اللبنانيين المقيمين في المملكة اجتماعياً وتخفّف من قلق ترحيلهم. وهي تعزز سياسياً العلاقات بين البلدين اذ تفتح صفحة جديدة في العلاقات، وتصلح الخلافات، وتطوي حقبة من التشنّج والتوتر، وتحرك مالياً ملف هبة الثلاثة مليارات دولار لدعم الجيش.
الدكتور غازي وزني