رسم الرئيس ميشال عون اطاراً لمحادثاته في المملكة العربية السعودية التي وصلها بعد ظهر أمس، حيث استقبله في مطار خالد الدولي امير الرياض فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، ووزير الدولة المرافق إبراهيم العساف وأركان السفارة اللبنانية في المملكة، والقائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت وليد بخاري.
وتمثل هذا الإطار في رؤية بعضها يتعلق بطبيعة الزيارة، حيث أكّد رئيس الجمهورية «انا اليوم هنا لأبدد الالتباسات التي حصلت، حاملاً المودة والصداقة للشعب السعودي»، في إشارة إلى ما انتاب العلاقات اللبنانية – السعودية من شوائب من جرّاء الأحداث التي جرت في بعض الدول العربية، ولا سيما سوريا واليمن.
وكشف الرئيس عون، في تصريحات أدلى بها «للاخبارية» السعودية، بعيد وصوله إلى مقر اقامته في قصر الملك سعود، انه اصطحب معه عدداً من الوزراء للبحث مع نظرائهم في المملكة مجالات التعاون في القطاعات الديبلوماسية والسياسية والمالية والاقتصادية والأمنية والإعلامية.
ورأى الرئيس عون أن «الحروب الداخلية الدائرة في المنطقة لا تنتهي الا بحل سياسي، تماماً كما حصل للبنانيين من خلال اتفاق الطائف الذي رعته المملكة».
وأكّد أن «لبنان بحاجة إلى التعاون مع المملكة العربية السعودية وكل الدول لمحاربة الارهاب»، وأن «تبادل الخبرات والمعلومات هو أمر جيد، وسنعرض كل المواضيع الممكنة، ومنها إمكان تقديم المساعدة للجيش اللبناني».
وفي ما خص الأزمة في سوريا، اعرب عون عن أمله بحل سياسي وسلمي يسمح بإعادة النازحين السوريين الذين ضاعفوا عدد السكان في لبنان، وأن لبنان بات يتحمل أعباء مادية كبيرة وزيادة في معدلات الجرائم، مشدداً على العيش المشترك لمختلف الاقليات في الشرق الأوسط.
وعن الوضع الداخلي اللبناني، أكّد أن جميع الأفرقاء في لبنان اجتمعوا على فكرة إعماد لبنان بغض النظر عن تطورات المنطقة، رافضاً الحاجة إلى طائف جديد، ومؤكداً انه «مهما كانت النتائج في ما خص قانون الانتخاب، فلن نعود إلى التقاتل والعنف».
وظهر اليوم يستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الرئيس عون والوفد الوزاري المرافق، على أن يعقد معه خلوة، قالت مصادر مطلعة انها ستتناول «تطورات المنطقة، إضافة الى القضايا الثنائية التي تهم البلدين».
ووفقاً لهذه المصادر، فان أهمية الزيارة الرسمية للمملكة، والتي جاءت تلبية من خادم الحرمين الشريفين، تكمن في توقيتها، بعد تسوية سياسية اوصلت الرئيس عون إلى قصر بعبدا، وأعادت الرئيس سعد الحريري إلى السراي الكبير.
وهذه الزيارة التي وصفها الرئيس الحريري «بالخطوة المهمة في المسار العربي الصحيح»، تتناول وفقاً لمصدر وزاري في الوفد اللبناني، النقاط الاتية:
1 – إعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
2 – إعادة النظر، بالتحذير للرعايا السعوديين من السفر إلى لبنان.
3 – طرح موضوع الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني التي تم وقفها.
4 – فرص الاستثمار المتاحة للسعوديين والخليجيين في ضوء الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان.
في المقابل، قال محللون في الرياض أن المملكة تأمل باستقرار أكبر في لبنان.
ونسبت وكالة «فرانس برس» إلى اللواء السعودي المتقاعد أنور عشقي، مؤسس مركز الشرق الأوسط للدراسات، أن «الهدف الأساسي للسعودية هو ضمان سلام واستقرار لبنان»، معرباً عن أمله في أن تشمل المحادثات بين الرئيس عون والقيادة السعودية مسألة المساعدات العسكرية، والذي يشمل برنامجها تسليم أسلحة وتجهيزات عسكرية فرنسية (دبابات ومروحيات ومدافع) للجيش اللبناني، انطلاقاً من ان «السبيل الوحيد لارساء السلام في هذا البلد هو دعم عون».
ومع هذه الأجواء الإيجابية، تزايدت أجواء الارتياح في الداخل اللبناني، بانتظار النتائج العملية لهذه الزيارة، والتي يتوقف على نجاحها إنهاء الجفاء بين لبنان ودول الخليج والتي تفاعلت قبل عام على مستويات عدّة اقتصادية وسياحية، بما في ذلك المساعدات للمؤسسات العسكرية والأمنية، بعد تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية واتهام الحكومة اللبنانية بأنها خاضعة لتأثيراته.
ومن الرياض ينتقل الرئيس عون إلى الدوحة في زيارة ليوم واحد، يلتقي خلالها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في إطار الصفحة الجديدة التي يرغب لبنان بفتحها مع أشقائه العرب، ولا سيما الخليجيين.
وعلم أن الوفد الوزاري المرافق للرئيس عون سيجري اليوم في قصر الملك سعود سلسلة لقاءات مع نظرائهم السعوديين، حيث سيلتقي وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة عند الثامنة صباحاً وزير التعليم السعودي احمد العيسى، فيما يلتقي وزير المالية علي حسن خليل نظيره محمد الجدعان عند العاشرة. اما وزير الإعلام ملحم رياشي فيلتقي عند الحادية عشرة وزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي، ويلتقي وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري عند الحادية عشرة والنصف وزير التجارة والاستثمار ماجد القصيبي، ويلتقي وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عند الرابعة عصراً. وعند السادسة مساء يجتمع الوزير خوري مع نائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري.
مجلس الوزراء
وفي ضوء هذه الأجواء الطيبة، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية الثانية في السراي الحكومي برئاسة الرئيس الحريري، بعد ان وزّع جدول أعمالها السبت، ويتضمن 11 بنداً، يتصدر البند الاول منه مشروع مرسوم يرمي إلى تعديل كامل القسم الثاني (النظام المالي) من المرسوم رقم 7968/2012 (هيئة إدارة قطاع البترول)، والمؤجل من جلسة 4/1/2017.
وأوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان هذا الموضوع تقني ولا علاقة له بأي تعيين في هيئة إدارة القطاع، مؤكدة ان أي تعيين مرجح يتم في الجلسة التي يترأسها رئيس الجمهورية.
ولفتت في هذا السياق إلى الاجتماع الذي عقد في وزارة المال بين الوزيرين علي حسن خليل والطاقة سيزار أبي خليل في حضور أعضاء هيئة إدارة القطاع، ونوقشت فيه القوانين والمراسيم المتعلقة بالقطاع النفطي بهدف الإسراع في اقرارها، بعد الاتفاق على البنود بين الوزارتين وآليات العمل، بما فيها قانون ضريبة الدخل على شركات النفط.
وأشارت المصادر الوزارية إلى ان الاتجاه يميل إلى جعل كل جلسات الحكومة، سواء التي يترأسها الرئيس عون، أو الرئيس الحريري منتجة، مستبعدة ان تبحث مواضيع كبرى من خارج جدول الأعمال في جلسة الغد، لافتة إلى ان التوافق تام بين الرئيسين حول الملفات المطروحة في مجلس الوزراء، وهو أمر مفروغ منه.
وأكدت ان لا روزنامة محددة أو جدول زمني معين يتصل بماهية الملفات التي تبحثها الحكومة، وأن كل الملفات الأساسية مرشحة لأن تدرج في الجلسات المقبلة، سواء على صعيد التعيينات الإدارية أو الموازنة وقانون الانتخاب، الى جانب الملفات الاقتصادية والاجتماعية والتي على تماس مباشر بالمواطنين.
وبرز من بين البنود المطروحة في جدول أعمال جلسة الغد البند رقم 4 والمتعلق بطلب وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين معين المرعبي الموافقة على تعديل قرار مجلس الوزراء رقم 72 تاريخ 2/5/2014 المتعلق بتشكيل خلية وزارية لمتابعة مختلف اوجه موضوع نزوح السوريين إلى لبنان.
وفي هذا الإطار أوضح الوزير المرعبي لـ«اللواء» ان الطلب أمر ضروري بعدما أصبحت هناك وزارة خاصة تُعنى بشؤون النازحين وأن يكون لهذه الوزارة دور أساسي وبناء في هذه الخلية التي يرأسها رئيس مجلس الوزراء وتضم وزراء الداخلية والخارجية والعمل والشؤون الاجتماعية، معتبراً ان لا مشكلة حول الموافقة على طلبه في الجلسة، متوقعاً ان تكون جلسة عادية تبت في بنود الجدول.
الورشة التشريعية
تشريعياً، يستعد الرئيس نبيه برّي لنفض غبار التعطيل عن المجلس، وهو لهذه الغاية وبعد صدور مرسوم فتح الدورة الاستثنائية في الجريدة الرسمية يترأس اجتماعاً لمكتب المجلس الخميس المقبل، يفترض ان يضع جدول أعمال الجلسة التشريعية المرتقبة، والتي سيكون بخدمها مشاريع الموازنة وقانون الانتخاب، في ضوء المشاورات المستمرة والقائمة على قدم وساق بين القوى السياسية في الكواليس لتقريب وجهات النظر بينها حول القانون العتيد.
وإذا كان أي خرق لافت لم يسجل على هذا الصعيد، بحسب ما كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق، فإنه يفترض بعد صدور مرسوم فتح الدورة، ان تتكثف وتيرة المشاورات قبيل تحديد موعد جلسة مجلس النواب والتي يتردد انها قد تعقد قبل نهاية الشهر الجاري، علماً ان الصيغ الأكثر تقدماً هي «المختلط» مناصفة بين النسبي والاكثري، على ان يتم توحيد معاييره، ومشروع التأهيل على مرحلتين: الأولى حسب الأكثري على مستوى القضاء والثانية على النظام النسبي على مستوى المحافظة.
وفي ما خص قانون الانتخاب، دافعت مصادر نيابية في «اللقاء الديمقراطي» عن وقوف النائب وليد جنبلاط في وجه القانون النسبي وتمسكه بقانون الستين، رافضة وصفه بأنه نظام أكثري.
وأشارت إلى ان كل طرف أو مكون يسعى لتحسين ظروفه النيابية، وما يفعله النائب جنبلاط يصب في هذا الاتجاه.
وتساءلت هذه المصادر: ما دامت المهل الموضوعة في قانون الستين اخذة في الضغط علي الجميع، فلمَ لا تجري الانتخابات على أساس هذا القانون؟.
بدورها، نقلت أوساط التقدمي الاشتراكي ان وزير المال علي حسن خليل الذي التقى النائب وائل أبو فاعور، في إطار التنسيق بين الطرفين في ما خص قانون الانتخاب، أبلغه ان الرئيس برّي لن يسير بأي قانون انتخابي يعارضه جنبلاط إلى حدّ الذي يعتبره محاولة لالغائه.
وكان من المفترض ان يحضر قانون الانتخاب على طاولة جلسة الحوار الثنائي رقم 39 بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، في عين التينة، وبرعاية الرئيس برّي، لكن الجلسة لم تعقد بسبب سفر الوزيرين المشنوق وخليل مع الرئيس عون في السعودية وقطر.