يتحرّك الوضع الداخلي على إيقاعين، الأوّل سياسي مرتبط بالحركة الرئاسية التي توّجت بالجولة الرئاسية التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى كلّ مِن السعودية وقطر، وما يمكن أن ينتج عنها من انعكاسات إيجابية على الداخل اللبناني وخصوصاً لجهة إحياء الهبة السعودية العسكرية للجيش اللبناني، وأمّا الإيقاع الثاني فهو انتخابي مرتبط بالبحث الجاري عن القانون الانتخابي الذي يفترض أن تجري الانتخابات النيابية على أساسه أواخر الربيع المقبل. وفي موازاة العاصفة السياسية، كان لبنان بالأمس على موعد مع عاصفة مناخية عبّرت عن نفسها بأمطار غزيرة وتساقطِ الثلوج على المرتفعات والمنخفضات، وخلّفت أضراراً في بعض المناطق اللبنانية وخصوصاً الجبلية، إلّا أنّها من ناحية ثانية كان لها الأثر الإيجابي كرفع منسوب المتساقطات وتعزيز سياحة التزلّج.
تتّجه الأنظار إلى اللقاء الذي سيجريه رئيس الجمهورية اليوم مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث ستكون العلاقات الثنائية بين البلدية بنداً اساساً في المحادثات، التي يراهن الجانب اللبناني على أن تثمر إيجابيات ملموسة.
ولم تستبعد مصادر مرافقة لعون ان يبادر الى طرح إحياء الهبة السعودية العسكرية للجيش، مشيرةً الى اجواء ايجابية، غير رسمية، قد تبلّغَها الجانب اللبناني في هذا الخصوص قبل سفر رئيس الجمهورية.
وقد أكّد عون في حديث لـ«الإخبارية» السعودية أنّ العلاقات اللبنانية ـ السعودية تأثّرت بالأحداث التي شهدتها الدول العربية، وحصَلت بعض الشوائب غير الواضحة بالنسبة الى البلدين، «وأنا اليوم هنا لأبدّد الالتباسات التي حصلت، حاملاً المودّة والصداقة للشعب السعودي».
وشدّد على أنّ الفرَقاء في لبنان اجتمعوا على فكرة إعمار لبنان بغضّ النظر عن النتائج التي ستؤول اليها التطورات في الدول الاخرى، لأنّ الإعمار والأمن والاستقرار هو للجميع.
وأعلنَ «أننا جميعاً بحاجة الى التعاون لمحاربة الإرهاب، ولبنان ليس جزيرة بعيدة عن هذه المشكلة، وبالتالي لسنا وحدَنا، ونحتاج الى التعاون مع المملكة العربية السعودية وكل الدول، لأنّ الارهاب لم يعد محصوراً في دول الشرق الاوسط بل عمَّ العالمَ، وبالتالي يجب التفاهم مع الدول الكبرى التي يمكنها وحدها اتخاذ قرار في الامم المتحدة في هذا المجال. أمّا الحروب المتفرقة ضد الارهاب، فلا يمكنها وحدها ان تحدّ من مفاعيله».
وأضاف: «على الرغم من عدم تجاورِ لبنان والسعودية جغرافياً، لكنّ تبادُلَ الخبرات والمعلومات حول الارهاب هو امر جيّد ومرغوب فيه. وخلال الزيارة، سنعرض كلّ المواضيع الممكنة، ومنها إمكان تقديم المساعدة للجيش اللبناني». وأعربَ عون عن عدمِ خشيته من فقدان التوازنات في لبنان، لا بل اعتبَر أنّها ستكون اكثر ثباتاً يوماً بعد يوم.
وشدّد على «أنه مهما كانت النتائج في ما خصّ قانون الانتخاب، فلن نعود الى التقاتل والعنف، موضحاً أنه في المرحلة التي مضت اتّبعنا سياسة توازن داخلي لكي لا نتخطّى حدوداً معيّنة، وهي قائمة على الابتعاد عن كل ما يزيد الشرخ بين الدول العربية. وأكّد أن «لا حاجة على مستوى لبنان لقيام «طائف جديد»، لأنّ لدينا القدرة أن نصنع تعديلات معيّنة إذا ارتأينا وجود حاجة إليها».
وكان عون قد وصَل إلى الرياض، مساء أمس، في إطار زيارة يقوم بها إلى السعودية تلبيةً لدعوة رسمية من الملك سلمان. حيث كان في استقباله امير الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز، والوزير المرافق وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور ابراهيم العساف وكبار المسؤولين في الرياض وأركان السفارة اللبنانية. وأقيمت مراسم الاستقبال في القاعة الملكية للمطار قبل ان ينتقل عون الى مقر إقامته في قصر الملك سعود.
الحريري
في غضون ذلك، جدّد رئيس الحكومة سعد الحريري الترحيبَ بزيارة عون الى السعودية. واعتبَر امام وفدٍ بيروتي امس، انّ هذه الزيارة»خطوة مهمّة في المسار العربي الصحيح لإعادة علاقات لبنان مع المملكة ودول الخليج إلى سابق عهدها».
قطر
وفي السياق ذاته، اعتبَر سفير قطر علي بن حمد المري انّ زيارة عون الى الدوحة تكتسب أهمّ الدلالات و» تدشّن مرحلة جديدة للعلاقات الوطيدة بين البلدين».
وأكد انّ جولة عون الخليجية وعودة الحياة الطبيعية الى لبنان، ستوفّر بيئة مناسبة ومؤاتية للانطلاق بقوة نحو افضل العلاقات اللبنانية الخليجية، ممّا سيكون له الأثر الطيّب على زيادة الحركة والتنمية الاقتصادية في لبنان الذي يدرك الجميع أهمّيته في تأمين المزيد من الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية»، وأملَ في «ان يعود لبنان كوجهةٍ أولى للسياحة الخليجية».
تصعيد انتخابي
إنتخابياً، يبدو أنّ الحركة السياسية المرتبطة بالملف الانتخابي، باتت قاب قوسين أو أدنى من الانطلاق في رحلة البحث الجدي عن الصيغة الانتخابية للقانون الانتخابي الحالي، وعلى هذا الاساس تُعدّ القوى نفسها لخوض «معركة القانون» التي تؤشّر الأجواء المحيطة الى صدام سياسي حاد حولها، نظراً للافتراق الحاد في النظرة الى شكلِ القانون وتقسيمات الدوائر، وكذلك النظرة الى النظامين الاكثري والنسبي، بين فريق يَعتبر النظام الاكثري وفق القانون المعمول به حالياً والمعروف بقانون الستين سبيلاً للتمثيل السليم وللحفاظ على كل مكوّنات البلد السياسية والطائفية، ولاغياً لكلّ هواجس الإلغاء والتهميش، وبين فريق يَعتبر النسبية خشبةَ الخلاص وسبيلاً لبثّ الحيوية في النظام السياسي.
وإذا كان أنصار النسبية، وفي مقدّمتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري و»حزب الله» وحلفاؤهما، قد حسَموا خيارَهم منذ الآن لجهة الرفضِ الكلّي لبقاء القانون الحالي، والسعي للوصول الى صيغة لقانون لا ينطوي على نسبية كاملة بل على نسبية جزئية، ويلتقون بذلك مع موقف رئيس الجمهورية الذي جرى التعبير عنه في اللقاء الاخير بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل اللذين أكّدا التوافق انتخابياً وعلى النسبية بشكل اساسي، ورفض بقاء قانون الستّين، فإنّ تيار «المستقبل» ومعه «القوات اللبنانية» ما زالا متمسّكين بالمشروع المختلط المقدم من قبَلهما بالشراكة مع «الحزب التقدمي الاشتراكي». إلّا أنّ حسم الموقف النهائي الذي لم يتمّ التوصل اليه بعد، مرهون بما ستُسفر عنه المشاورات الجارية حول الملف، وخصوصاً بين «حركة أمل» وتيار «المستقبل» و»حزب الله».
لكن حتى الآن، وبحسب اجواء الاطراف الثلاثة، لم يتمّ الاقتراب بعد من ايّ نقطة مشتركة، يمكن البناء عليها لتوسيع حلقةِ الحوار الانتخابي تمهيداً لبَلورة صيغة انتخابية ترضي الجميع وتبدّد الهواجس المتراكمة في هذا الجانب أو ذاك.
جنبلاط لـ«الجمهورية»
على أنّ النقطة الأكثر سخونةً على هذا الصعيد ماثلةٌ في الضفّة الجنبلاطية، حيث لوحِظ في الآونة الأخيرة ارتفاع النبرةِ الاعتراضية لدى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، على المنحى الذي يشمّ فيه رائحة إلغاء وتهميش على حدّ تعبير أوساط مقرّبة منه، والتي تؤكّد أنه «إزاء هذا المنحى الإلغائي ليس امام جنبلاط إلّا الدخول في مواجهة قاسية معه، لرفعِ السيف الانتخابي أو سيف النسبية الذي يشهره البعض، من خلفيات سياسية وإقصائية وإلغائية له ومن يمثّل، لا بل لإعدام طائفته».
والواضح أنّ جنبلاط قد أعدّ العدّة للمواجهة ـ إنْ فُرضت عليه ـ ويمهّد لها بسلسلةِ التغريدات التصعيدية والتي يعبّر فيها عن امتعاضه من بعض الوزراء ومن القرارات الحكومية وهجومه على مراسيم النفط وتلميحه عن صفقات قادمة بالسؤال عن «العروس الجديدة: الميكانيك أم نمَر السيّارات».
ولعلّ أكثرها دلالةً التغريدة التي أطلقَها في الساعات الماضية، وفيها « لا يا ممثّل العلوج في الوزارة إنّ مكوّناً أساسياً وتاريخياً من لبنان لا يُمحى بشحطة قلم في مزايدات النسبية».
وسألت «الجمهورية» جنبلاط عمّن يقصد بالعلوج، فاكتفى بالقول: «معروفون، هناك علج، وعلوج، وأول العلوج، وعلى كلّ حال فتّشوا عليها في المعجم لعلّكم تجدون معناها».
وردّاً على سؤال حول مستجدّات الملف الانتخابي، وموقفه من الصيغ والأفكار التي تُطرح، أجاب: «ليكن معلوماً أنّني أرفض اعتبار مكوّن اساسي في لبنان قيمةً ثانوية.. وأنني لن اتخلّى عن مصلحة هذا المكوّن مع جهوزيتي الدائمة للتشاور».
وقال: «كفى مزايدات ومشاورات جانبية، كلٌّ يفصّل على طريقته ويفتّش عن مصلحته وعمّا يناسبه، في الزوايا والأروقة والاندية وتحت الارض وفوقها ومِن وراء البحار والمحيطات، كلّ يفصّل على على مقاسه وكأنّهم هم وحدَهم فقط موجودون، وكأن لا وجود لمكوّن أساسي في لبنان هو الطائفة الموحّدة الدرزية اللبنانية. أصبحنا في وضعٍ يشبه وكأنّنا نحمل قيد الهوية (مكتومو القيد)، وهذا ما لن نقبل به على الإطلاق».
بري
وعبّر بري أمام زوّاره عن تفهّمه لهواجس جنبلاط وتأكيده على صيغة انتخابية عادلة تبدّد هواجس ولا تتّسم بصفة إلغائية لأيّ كان. والأمر نفسه تبَلّغه جنبلاط أخيراً من وفد «حزب الله» الذي زاره في كليمنصو، للبحث في أيّ مِن الصيغ الانتخابية التي يمكن أن تناسب جنبلاط.
الأمن المركزي
من جهة ثانية، وفي جديد الملف الأمني، عقِد امس، الاجتماع الأول لمجلس الأمن المركزي برئاسة وزير الداخلية نهاد المشنوق وحضور الأعضاء قادة وممثّلي الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضاء، بمشاركة المدير العام لأمن الدولة العميد جورج قرعة للمرّة الأولى ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وخصِص للبحث في التطورات الأمنية على مختلف الأراضي اللبنانية واتّخذ المجتمعون عدداً من القرارات التي لم يعلن عنها.
وعلمت «الجمهورية» انّ المجتمعين عرَضوا للتقارير الأمنية على الأراضي اللبنانية وخصوصاً في المناطق الحدودية والداخل وكذلك للتقارير الخاصة بالأعياد، بالإضافة الى الخطط الأمنية المتعلقة ببعض المناطق والمخيّمات الفلسطينية ومحيطها وكذلك الخطط المتعلقة بالمهمّات الأمنية الاستثنائية كتلك الجاري تنفيذها في بعض المقار ومحيط المواقع الإستراتيجية والسفارات لحماية أفراد السلك الديبلوماسي المعرّضين لشتّى المخاطر.
وقال مشاركون في الاجتماع إنّ قادة الأجهزة العسكرية والأمنية وممثّليهم قدّموا تقارير مفصّلة لم تأتِ بأيّ جديد لكنّها شكلت امتداداً للمخاوف السابقة من ايّ خروق امنية متوقَّعة في ايّ وقت، وسُبل مواجهتها في افضل الطرق. كذلك تناول ما انجِز من الخطط السابقة وما تبَقّى منها عدا عن المتابعة الحثيثة لتحرّكات افراد شبكات ومجموعات متعددة الاختصاصات ورصد الخلايا الإرهابية، بالإضافة الى العلاقات بين هذه الأجهزة ونظيراتها الدولية والإقليمية.
وأكّد المجتمعون انّ عمليات الرصد مستمرة وقائمة على قدم وساق، بحرفية ومهنية عالية، لعدد من افراد الشبكات المخِلّة بالأمن وخصوصاً تلك التي تتعاطى مع الخارج والتي قامت بسرقة بعض المصارف والاعتداء على الأملاك الخاصة والخطف مقابل فدية بعد توقيف عدد من أفرادها، ولا سيّما اخطر المطلوبين منهم.
ونوَّه المجتمعون بما تَحقّق على مستوى التنسيق بين هذه الأجهزة والقضاء والنتائج الإيجابية التي تَحقّقت بفعلها، وهو ما اسفر عن تحقيق الاستقرار القائم في البلاد رغم الغَليان الذي تشهده المنطقة المحيطة بلبنان، خصوصاً في سوريا وبعض دول الجوار .
وأكّد المجتمعون على مزيد من التنسيق بين القيادات لمواكبة الأوضاع العامة والنهضة السياسية والاقتصادية الموعودة نتيجة اكتمال عقدِ المؤسسات الدستورية، فالأمن عمود الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
وشدّد وزير الداخلية على أهمّية إعطاء بعض القضايا الإدارية والمسلكية الأهمّية التي تستحق، منوّها بالترتيبات التي اتّخِذت في السجون وفقَ الخطط المرسومة، على أمل استكمالها في أقرب وقت ممكن.
ولم تستبعد مصادر مرافقة لعون ان يبادر الى طرح إحياء الهبة السعودية العسكرية للجيش، مشيرةً الى اجواء ايجابية، غير رسمية، قد تبلّغَها الجانب اللبناني في هذا الخصوص قبل سفر رئيس الجمهورية.
وقد أكّد عون في حديث لـ«الإخبارية» السعودية أنّ العلاقات اللبنانية ـ السعودية تأثّرت بالأحداث التي شهدتها الدول العربية، وحصَلت بعض الشوائب غير الواضحة بالنسبة الى البلدين، «وأنا اليوم هنا لأبدّد الالتباسات التي حصلت، حاملاً المودّة والصداقة للشعب السعودي».
وشدّد على أنّ الفرَقاء في لبنان اجتمعوا على فكرة إعمار لبنان بغضّ النظر عن النتائج التي ستؤول اليها التطورات في الدول الاخرى، لأنّ الإعمار والأمن والاستقرار هو للجميع.
وأعلنَ «أننا جميعاً بحاجة الى التعاون لمحاربة الإرهاب، ولبنان ليس جزيرة بعيدة عن هذه المشكلة، وبالتالي لسنا وحدَنا، ونحتاج الى التعاون مع المملكة العربية السعودية وكل الدول، لأنّ الارهاب لم يعد محصوراً في دول الشرق الاوسط بل عمَّ العالمَ، وبالتالي يجب التفاهم مع الدول الكبرى التي يمكنها وحدها اتخاذ قرار في الامم المتحدة في هذا المجال. أمّا الحروب المتفرقة ضد الارهاب، فلا يمكنها وحدها ان تحدّ من مفاعيله».
وأضاف: «على الرغم من عدم تجاورِ لبنان والسعودية جغرافياً، لكنّ تبادُلَ الخبرات والمعلومات حول الارهاب هو امر جيّد ومرغوب فيه. وخلال الزيارة، سنعرض كلّ المواضيع الممكنة، ومنها إمكان تقديم المساعدة للجيش اللبناني». وأعربَ عون عن عدمِ خشيته من فقدان التوازنات في لبنان، لا بل اعتبَر أنّها ستكون اكثر ثباتاً يوماً بعد يوم.
وشدّد على «أنه مهما كانت النتائج في ما خصّ قانون الانتخاب، فلن نعود الى التقاتل والعنف، موضحاً أنه في المرحلة التي مضت اتّبعنا سياسة توازن داخلي لكي لا نتخطّى حدوداً معيّنة، وهي قائمة على الابتعاد عن كل ما يزيد الشرخ بين الدول العربية. وأكّد أن «لا حاجة على مستوى لبنان لقيام «طائف جديد»، لأنّ لدينا القدرة أن نصنع تعديلات معيّنة إذا ارتأينا وجود حاجة إليها».
وكان عون قد وصَل إلى الرياض، مساء أمس، في إطار زيارة يقوم بها إلى السعودية تلبيةً لدعوة رسمية من الملك سلمان. حيث كان في استقباله امير الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز، والوزير المرافق وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور ابراهيم العساف وكبار المسؤولين في الرياض وأركان السفارة اللبنانية. وأقيمت مراسم الاستقبال في القاعة الملكية للمطار قبل ان ينتقل عون الى مقر إقامته في قصر الملك سعود.
الحريري
في غضون ذلك، جدّد رئيس الحكومة سعد الحريري الترحيبَ بزيارة عون الى السعودية. واعتبَر امام وفدٍ بيروتي امس، انّ هذه الزيارة»خطوة مهمّة في المسار العربي الصحيح لإعادة علاقات لبنان مع المملكة ودول الخليج إلى سابق عهدها».
قطر
وفي السياق ذاته، اعتبَر سفير قطر علي بن حمد المري انّ زيارة عون الى الدوحة تكتسب أهمّ الدلالات و» تدشّن مرحلة جديدة للعلاقات الوطيدة بين البلدين».
وأكد انّ جولة عون الخليجية وعودة الحياة الطبيعية الى لبنان، ستوفّر بيئة مناسبة ومؤاتية للانطلاق بقوة نحو افضل العلاقات اللبنانية الخليجية، ممّا سيكون له الأثر الطيّب على زيادة الحركة والتنمية الاقتصادية في لبنان الذي يدرك الجميع أهمّيته في تأمين المزيد من الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية»، وأملَ في «ان يعود لبنان كوجهةٍ أولى للسياحة الخليجية».
تصعيد انتخابي
إنتخابياً، يبدو أنّ الحركة السياسية المرتبطة بالملف الانتخابي، باتت قاب قوسين أو أدنى من الانطلاق في رحلة البحث الجدي عن الصيغة الانتخابية للقانون الانتخابي الحالي، وعلى هذا الاساس تُعدّ القوى نفسها لخوض «معركة القانون» التي تؤشّر الأجواء المحيطة الى صدام سياسي حاد حولها، نظراً للافتراق الحاد في النظرة الى شكلِ القانون وتقسيمات الدوائر، وكذلك النظرة الى النظامين الاكثري والنسبي، بين فريق يَعتبر النظام الاكثري وفق القانون المعمول به حالياً والمعروف بقانون الستين سبيلاً للتمثيل السليم وللحفاظ على كل مكوّنات البلد السياسية والطائفية، ولاغياً لكلّ هواجس الإلغاء والتهميش، وبين فريق يَعتبر النسبية خشبةَ الخلاص وسبيلاً لبثّ الحيوية في النظام السياسي.
وإذا كان أنصار النسبية، وفي مقدّمتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري و»حزب الله» وحلفاؤهما، قد حسَموا خيارَهم منذ الآن لجهة الرفضِ الكلّي لبقاء القانون الحالي، والسعي للوصول الى صيغة لقانون لا ينطوي على نسبية كاملة بل على نسبية جزئية، ويلتقون بذلك مع موقف رئيس الجمهورية الذي جرى التعبير عنه في اللقاء الاخير بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل اللذين أكّدا التوافق انتخابياً وعلى النسبية بشكل اساسي، ورفض بقاء قانون الستّين، فإنّ تيار «المستقبل» ومعه «القوات اللبنانية» ما زالا متمسّكين بالمشروع المختلط المقدم من قبَلهما بالشراكة مع «الحزب التقدمي الاشتراكي». إلّا أنّ حسم الموقف النهائي الذي لم يتمّ التوصل اليه بعد، مرهون بما ستُسفر عنه المشاورات الجارية حول الملف، وخصوصاً بين «حركة أمل» وتيار «المستقبل» و»حزب الله».
لكن حتى الآن، وبحسب اجواء الاطراف الثلاثة، لم يتمّ الاقتراب بعد من ايّ نقطة مشتركة، يمكن البناء عليها لتوسيع حلقةِ الحوار الانتخابي تمهيداً لبَلورة صيغة انتخابية ترضي الجميع وتبدّد الهواجس المتراكمة في هذا الجانب أو ذاك.
جنبلاط لـ«الجمهورية»
على أنّ النقطة الأكثر سخونةً على هذا الصعيد ماثلةٌ في الضفّة الجنبلاطية، حيث لوحِظ في الآونة الأخيرة ارتفاع النبرةِ الاعتراضية لدى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، على المنحى الذي يشمّ فيه رائحة إلغاء وتهميش على حدّ تعبير أوساط مقرّبة منه، والتي تؤكّد أنه «إزاء هذا المنحى الإلغائي ليس امام جنبلاط إلّا الدخول في مواجهة قاسية معه، لرفعِ السيف الانتخابي أو سيف النسبية الذي يشهره البعض، من خلفيات سياسية وإقصائية وإلغائية له ومن يمثّل، لا بل لإعدام طائفته».
والواضح أنّ جنبلاط قد أعدّ العدّة للمواجهة ـ إنْ فُرضت عليه ـ ويمهّد لها بسلسلةِ التغريدات التصعيدية والتي يعبّر فيها عن امتعاضه من بعض الوزراء ومن القرارات الحكومية وهجومه على مراسيم النفط وتلميحه عن صفقات قادمة بالسؤال عن «العروس الجديدة: الميكانيك أم نمَر السيّارات».
ولعلّ أكثرها دلالةً التغريدة التي أطلقَها في الساعات الماضية، وفيها « لا يا ممثّل العلوج في الوزارة إنّ مكوّناً أساسياً وتاريخياً من لبنان لا يُمحى بشحطة قلم في مزايدات النسبية».
وسألت «الجمهورية» جنبلاط عمّن يقصد بالعلوج، فاكتفى بالقول: «معروفون، هناك علج، وعلوج، وأول العلوج، وعلى كلّ حال فتّشوا عليها في المعجم لعلّكم تجدون معناها».
وردّاً على سؤال حول مستجدّات الملف الانتخابي، وموقفه من الصيغ والأفكار التي تُطرح، أجاب: «ليكن معلوماً أنّني أرفض اعتبار مكوّن اساسي في لبنان قيمةً ثانوية.. وأنني لن اتخلّى عن مصلحة هذا المكوّن مع جهوزيتي الدائمة للتشاور».
وقال: «كفى مزايدات ومشاورات جانبية، كلٌّ يفصّل على طريقته ويفتّش عن مصلحته وعمّا يناسبه، في الزوايا والأروقة والاندية وتحت الارض وفوقها ومِن وراء البحار والمحيطات، كلّ يفصّل على على مقاسه وكأنّهم هم وحدَهم فقط موجودون، وكأن لا وجود لمكوّن أساسي في لبنان هو الطائفة الموحّدة الدرزية اللبنانية. أصبحنا في وضعٍ يشبه وكأنّنا نحمل قيد الهوية (مكتومو القيد)، وهذا ما لن نقبل به على الإطلاق».
بري
وعبّر بري أمام زوّاره عن تفهّمه لهواجس جنبلاط وتأكيده على صيغة انتخابية عادلة تبدّد هواجس ولا تتّسم بصفة إلغائية لأيّ كان. والأمر نفسه تبَلّغه جنبلاط أخيراً من وفد «حزب الله» الذي زاره في كليمنصو، للبحث في أيّ مِن الصيغ الانتخابية التي يمكن أن تناسب جنبلاط.
الأمن المركزي
من جهة ثانية، وفي جديد الملف الأمني، عقِد امس، الاجتماع الأول لمجلس الأمن المركزي برئاسة وزير الداخلية نهاد المشنوق وحضور الأعضاء قادة وممثّلي الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضاء، بمشاركة المدير العام لأمن الدولة العميد جورج قرعة للمرّة الأولى ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وخصِص للبحث في التطورات الأمنية على مختلف الأراضي اللبنانية واتّخذ المجتمعون عدداً من القرارات التي لم يعلن عنها.
وعلمت «الجمهورية» انّ المجتمعين عرَضوا للتقارير الأمنية على الأراضي اللبنانية وخصوصاً في المناطق الحدودية والداخل وكذلك للتقارير الخاصة بالأعياد، بالإضافة الى الخطط الأمنية المتعلقة ببعض المناطق والمخيّمات الفلسطينية ومحيطها وكذلك الخطط المتعلقة بالمهمّات الأمنية الاستثنائية كتلك الجاري تنفيذها في بعض المقار ومحيط المواقع الإستراتيجية والسفارات لحماية أفراد السلك الديبلوماسي المعرّضين لشتّى المخاطر.
وقال مشاركون في الاجتماع إنّ قادة الأجهزة العسكرية والأمنية وممثّليهم قدّموا تقارير مفصّلة لم تأتِ بأيّ جديد لكنّها شكلت امتداداً للمخاوف السابقة من ايّ خروق امنية متوقَّعة في ايّ وقت، وسُبل مواجهتها في افضل الطرق. كذلك تناول ما انجِز من الخطط السابقة وما تبَقّى منها عدا عن المتابعة الحثيثة لتحرّكات افراد شبكات ومجموعات متعددة الاختصاصات ورصد الخلايا الإرهابية، بالإضافة الى العلاقات بين هذه الأجهزة ونظيراتها الدولية والإقليمية.
وأكّد المجتمعون انّ عمليات الرصد مستمرة وقائمة على قدم وساق، بحرفية ومهنية عالية، لعدد من افراد الشبكات المخِلّة بالأمن وخصوصاً تلك التي تتعاطى مع الخارج والتي قامت بسرقة بعض المصارف والاعتداء على الأملاك الخاصة والخطف مقابل فدية بعد توقيف عدد من أفرادها، ولا سيّما اخطر المطلوبين منهم.
ونوَّه المجتمعون بما تَحقّق على مستوى التنسيق بين هذه الأجهزة والقضاء والنتائج الإيجابية التي تَحقّقت بفعلها، وهو ما اسفر عن تحقيق الاستقرار القائم في البلاد رغم الغَليان الذي تشهده المنطقة المحيطة بلبنان، خصوصاً في سوريا وبعض دول الجوار .
وأكّد المجتمعون على مزيد من التنسيق بين القيادات لمواكبة الأوضاع العامة والنهضة السياسية والاقتصادية الموعودة نتيجة اكتمال عقدِ المؤسسات الدستورية، فالأمن عمود الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
وشدّد وزير الداخلية على أهمّية إعطاء بعض القضايا الإدارية والمسلكية الأهمّية التي تستحق، منوّها بالترتيبات التي اتّخِذت في السجون وفقَ الخطط المرسومة، على أمل استكمالها في أقرب وقت ممكن.