إيجابيّة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حيال مشروع التسوية الشيعي للأزمة – الحرب في العراق أمام وفد "التحالف الوطني" برئاسة السيد عمار الحكيم قد لا تعبِّر في رأي الباحثين العرب أنفسهم عن الموقف الفعلي والنهائي لإيران منه.
فظريف هو وزير خارجيّة رئيس الجمهوريّة الشيخ حسن روحاني. والقرار النهائي فيه ليس له لأنّه يمثّل الاعتدال في مواجهة التشدُّد الذي يلوذ أصحابه، في مجلس الشورى وفي القوى الأمنيّة والعسكريّة المتنوّعة وفي الأوساط العلمائيّة بالولي الفقيه السيد علي خامنئي. وهو ليس لمؤسّسة رئاسة الجمهوريّة أيضاً وفقاً للدستور. طبعاً لا يعني ذلك سلبيّة هؤلاء تجاه المشروع. بل يعني أن موقفاً نهائيّاً منه لم يُتّخذ بعد وقد لا يُتّخذ قريباً لأن تحرير الأراضي العراقيّة التي يحتلّها "داعش" لم يُنجز بعد، ولأنّه قد يحتاج إلى وقت أطول بكثير من وعود المسؤولين في بغداد. فضلاً عن أن الصراع السياسي ذي الطابع المذهبي والإثني في العراق الذي يتحوّل عسكريّاً عند الحاجة لم ينتهِ بعد. ونهايته لا ترتبط بإيران وحدها رغم وضعها الممتاز والمميّز فيه. بل ترتبط بالنظام الإقليمي الجديد الذي يفترض أن يخلف نظام سايكس – بيكو أو أن يطوّره سواء في السياسة أو في الجغرافيا. وقيام هذا النظام يرتبط بعوامل دوليّة وإقليميّة عدّة غير متوافر تعاونها أو تفاهمها حتى الآن. وعلى العكس من ذلك، فإن ما يشهده العراق منذ سنوات طويلة هو حرب بالواسطة بين إيران والمملكة العربيّة السعوديّة وتركيا ودول خليجيّة عدّة، كما بينها وبين أميركا والغرب عموماً. وهي ستطول رغم انخفاض حدّتها بسبب اللّاموقف الأميركي في رئاسة أوباما المُشارفة على الانتهاء، وبسبب الموقف التدخّلي الفاعل لروسيا بوتين في سوريا وفي المنطقة من خلالها، وبسبب التخبّط الكبير في السياسات الإقليميّة ولا سيّما التركيّة منها والسعوديّة والخليجيّة، أخيراً بسبب الانتظار الذي قد يطول للسياسة التي سينتهجها الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، والتي يوحي أن التعاون مع الروس سيكون عمادها إذا لم تُلغِه إثباتات دامغة عن تدخّلها المباشر في انتخابات أميركا.
إقرأ أيضا : إشكاليّات سُنّية أمام التسوية الشيعيّة
والإيجابيّة حيال مشروع التسوية الشيعي للأزمة – الحرب في العراق التي أبداها المسؤولون الأردنيّون يعتبرها الباحثون العرب أنفسهم موقفاً مبدئيّاً يحتاج إلى التبلور في ضوء التطوّرات الصراعيّة السياسيّة والعسكريّة داخله وفي الإقليم. وفي هذا المجال لا بدّ من الإشارة إلى أنه سيكون له دور ما في العراق عندما تتضّح معالم طريقه إلى مستقبل جديد. وهو ليس مستعجلاً على التدخّل أو التورّط وإن بنيّة إيجابيّة، مثلما لم يكن مستعجلاً سابقاً على التدخّل السلبي إذا جاز التعبير، أي لمساندة القوى السياسيّة السُنّية المعارضة لسيطرة إيران الشيعيّة على العراق بواسطة غالبيّته الشيعيّة، التي يقيم قسم مهم منها في عمّان. وفي المجال نفسه لا بدّ من الانتباه إلى أن موقف الأردن من "المشروع" وحتى في العراق عموماً لا يمكن أن يكون مخالفاً أو بالأحرى مناقضاً لموقف السعوديّة. ذلك أنه في حاجة إليها اقتصاديّاً ونفطيّاً وماليّاً، كما هي في حاجة إليه عسكريّاً رغم كونه دولة صغيرة وفقيرة بالموارد. ولهذا السبب يحتاج أصحاب "مشروع التسوية" إلى الرياض لإقناع الأردن بالمساعدة ولإقناع السُنّة العراقيّين بالتجاوب. فهل تقبل إيران المتحاربة مباشرة في السياسة وبالواسطة عسكريّاً مع السعودية دوراً للأخيرة في العراق؟ والجواب هو: الآن كلّا. وهل تقبل الدولتان التحاور تمهيداً للاتفاق على علاقة سويّة وتالياً على استراتيجيا مشتركة للمنطقة أو على الأقل للخليج؟ والجواب: هو: كلّا لأن إيران لا تزال مُتمسّكة بمشروعها الخليجي والعربي والإسلامي الذي تعتبره السعوديّة وغالبيّة العرب السُنّة هيمنة عليهم، بل لا تزال تحارب مباشرة وبالواسطة لتنفيذه. وقد حقّقت نجاحات بارزة في سوريا. كما المملكة لا تزال تُواجهه مع قوى إقليميّة أخرى لكن بكفاءة أقل وبعدم قدرة على تحقيق نجاحات ملموسة حتى الآن. وهل تمتلك إيران الإسلاميّة تصوّراً لعراق ما بعد الأزمة – الحرب التي تعصف به منذ عام 2003؟ هل تعرف هي أي عراق تريد؟ وهل يعرف حلفاؤها الشيعة فيه أي عراق تريد أو يريدون؟ وهل يُحتمل أن يختلف عراقها عن عراقهم؟ وهذه أسئلة لا أجوبة عنها حتى الآن. وذلك يُقلق العراقيّين كلّهم ولا سيّما عندما يراجعون الطريقة التي انتصر فيها "داعش" في العراق عام 2014 وانهزم حلفاء إيران وأبرزهم نوري المالكي.
هل من دور لأميركا في ذلك؟