أمام كاميرات التلفزيون؛ وعد قائد الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي، خلال كلمة له في المؤتمر الوطني للشباب بشرم الشيخ في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بتعديل قانون التظاهر، مؤكدا تكليف الحكومة والجهات المعنية بالدولة بدراسة المقترحات والمشروعات المقدمة من الشباب، إلا أن هذا الوعد لم يترجم إلى خطوات عملية حتى الآن.
وبعد هذا المؤتمر بنحو شهرين؛ أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بعدم دستورية المادة العاشرة من القانون، وهو ما يعني إلغاء شرط الحصول على موافقة وزير الداخلية على إخطار التظاهر، لكن نظام السيسي ما زال "يتلكأ" في تعديل القانون، بحسب تعبير مراقبين.
وكان الرئيس الانقلابي المؤقت عدلي منصور قد أصدر قانون التظاهر في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، للحد من التظاهرات المعارضة للانقلاب، ومنذ ذلك الوقت لا تتوقف للمطالبات بإلغائه، أو تعديله على الأقل.
وأعلنت حكومة الانقلاب في حزيران/يونيو الماضي؛ تكليف وزير الشؤون القانونية والبرلمانية، المستشار مجدي العجاتي، بتعديل قانون التظاهر، تمهيدا لعرضه على رئيس مجلس وزراء الانقلاب، ليتم بعدها إحالته إلى مجلس النواب لإصداره.
وفي محاولة لكسب الوقت، بحسب مراقبين، أعلن العجاتي في مقابلة تلفزيونية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي؛ إدخال بعض التعديلات على القانون، مشيرا إلى أن التعديلات موجودة حاليا في مجلس الدولة لمراجعتها قبل تمريرها للبرلمان من أجل إقرارها.
لكن العجاتي رفض الإفصاح عن تفاصيل تلك التعديلات الجديدة، لافتا إلى أن وجود التعديلات في مجلس الدولة قد يستغرق وقتا طويلا قبل أن تظهر للنور.
تباطؤ واضح
وقال النائب السابق لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، عبدالغفار شكر، إن هناك "تباطؤا واضحا" من الحكومة في تعديل قانون التظاهر، رغم أن السيسي أوصى بذلك.
وأضاف لـ"عربي21" أن حكم المحكمة الدستورية ببطلان المادة العاشرة من القانون؛ يوجب على وزارة الداخلية في حال كان لديها معلومات تجعلها تعتقد أن المظاهرة ستضر بالأمن العام؛ أن تلجأ إلى قاضي الأمور المستعجلة، وتطلب منه حكما بإلغاء المظاهرة، "لكن من الواضح أن الحكومة تتعمد التباطؤ ولا تريد تعديل القانون".
وأوضح شكر أن دور مجلس النواب يقتصر على نظر مشروعات القوانين التي تحال له من قبَل الحكومة للنظر فيها، وبالتالي فلا علاقة للمجلس بقانون التظاهر الذي لم يقدم به أي اقتراح من مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن هذا التباطؤ من السلطة التنفيذية يعني "دون شك" أن حكم المحكمة الدستورية لا يعجبها، "وهذا هو السبب في عدم إجراء أي تعديلات على القانون".
تقنين القمع
بدوره؛ أكد أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، رأفت فودة، أن قانون التظاهر "غير دستوري، والحكومة تعلم ذلك تماما، لكنها لا تريد أن تعدل أي مادة منه".
وقال فودة لـ"عربي21" إن "النظام يريد أن يظل قانون التظاهر كما هو، حتى يتمكن من القبض على كل من يتظاهر أو يعارض السلطات، وبالتالي يتخذ القمع غطاء قانونيا حتى لا يتهمه أحد بأنه نظام يخالف القانون".
وأضاف أنه "من المفترض أن يعدل مجلس النواب القانون، أو يقدم قانونا جديدا يراعي التعديلات والملاحظات التي أوردها المجلس القومي لحقوق الإنسان؛ لأن القانون الحالي يتضمن مواد تنص على أحكام مشددة للمتظاهرين، وغرامات كبيرة، كما أن القانون يحوي بعض المواد الموجودة فعليا في قانون العقوبات، كما أن هناك عددا من المواد مرفوع بها قضايا أمام المحكمة الدستورية للنظر في عدم دستوريتها".
الاختبار الأول
وفي أول وأكبر اختبار حقيقي لتطبيق النظام الانقلابي لقانون التظاهر بعد حكم المحكمة الدستورية العليا؛ دعت الحملة الشعبية للدفاع عن الأرض، وعدد من الأحزاب والقوى السياسية، إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء، الأربعاء المقبل، اعتراضا على "تنازل" النظام عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
لكن وزارة الداخلية رفضت استلام إخطار القوى الوطنية بتنظيم الوقفة، حسبما يقتضي قانون التظاهر، فيما أعلن منظمو الوقفة إصراراهم على تنفيذها، متمسكين بنص حكم المحكمة الدستورية الذي جعل التظاهر من خلال الإخطار، وألغى شرط الحصول على موافقة مسبقة من الداخلية.
وقال القيادي في "التيار الشعبي" معصوم مرزوق، في تصريحات صحفية، إن الوقفة ستنفذ في موعدها، وإن الحزب المصري الديمقراطي الداعي لها "سيرسل الإخطار للداخلية على يد محضر؛ لمنعها من الالتفاف على القانون".
وتوقع مراقبون أن تضرب داخلية الانقلاب بالقانون عرض الحائط، وتلقي القبض على كثير من المشاركين في الوقفة المرتقبة، تماما كما فعلت الأسبوع الماضي عندما فضت وقفة مشابهة أمام نقابة الصحفيين.
تامر علي