على عكس الاندفاعة القوية التي بدأ بها عهد الرئيس ميشال عون، من تأليف للحكومة ونيلها الثقة، والسرعة في إقرار عدد من المراسيم المهمة التي كانت مجمّدة منذ سنوات، وتحديداً في ملف النفط، يواجه ملف قانون الانتخابات صعوبات جمّة، على الرغم ممّا يعلنه الأفرقاء عن مجهود يبذل في سبيل تفادي استمرار قانون «الستين» على قيد الحياة.
فالرئيس نبيه برّي الذي أخذ على عاتقه تسويق قانون التأهيل في القضاء والنسبية في المحافظة، أكد أن «لا إشارة جدّية توحي بوجود تقدم في هذا الملف». أما النائب وليد جنبلاط الذي يبدو أكثر المتوجسين من طبخة أي قانون جديد، فاستكمل حملته على بعض القرارات الحكومية، وتلميحه عن صفقات قادمة في موضوع النفط، ورفع مساء أمس السقف عالياً ضد النسبية، مغرداً على موقعه على «تويتر» بالقول: «لا يا ممثل العلوج في الوزارة، إن مكوناً أساسياً وتاريخياً من لبنان لا يُمحى بشخطة قلم في مزايدات النسبية». وفي ما رفض رئيس الحزب الاشتراكي الكشف عن هوية المعني بالتغريدة، إلا أن تصعيده يشي بأن المعركة الجدية بدأت، وأن الأيام المقبلة ستشهد سيلاً من المواقف المتبادلة التي يُمكن أن تطيح أي أمل بالوصول إلى قانون جديد. تغريدة جنبلاط تزامنت مع ما كشفه الرئيس برّي عن أنه أوكل مهمة التفاوض على قانون الانتخابات مع جنبلاط إلى وزير المال علي حسن خليل الذي سيتولّى ذلك بالتنسيق مع الوزير السابق وائل أبو فاعور. استبق جنبلاط مساعي رئيس المجلس، وخصوصاً أن الأخير كان يعوّل على موقف جنبلاط، على اعتبار أن «سير رئيس الحزب التقدمي بقانون التأهيل يُمكن أن يدفع تيار المستقبل إلى تبنّيه». والقوات؟ تبقى هذه «مهمّة التيار الوطني الحر» بحسب برّي.
يُضاف إلى ما سبق تأكيد مصادر رفيعة المستوى في التيار الوطني الحر رفض أي اقتراح قانون مختلط بين الأكثري والنسبي، وتأكيدها أن البحث يتركّز على مشروع بري التأهيلي، واقتراح الوزير جبران باسيل للصوت المتعدّد (one person multiple votes). في المقابل، لا يزال تيار المستقبل يرفض البحث في أي اقتراح قانون غير مبني على النظام المختلط، علماً بأنه يعتبر مشروع بري التأهيلي مختلطاً بين الأكثري والنسبي، في حال الأخذ بملاحظاته.
في المقابل، تشخص الأنظار باتجاه الجولة التي يبدأها الرئيس عون اليوم إلى الرياض والدوحة، وهي الزيارة الخارجية الأولى له منذ توليه منصبه. هذه الزيارة التي يتمّ التعويل عليها لإذابة الجليد في علاقة الدول العربية مع لبنان، بعدما بلغ التوتر ذروته العام الماضي، نتيجة الخلاف حول الملف السوري، وأدى إلى تعليق الرياض لمساعدات عسكرية إلى لبنان بقيمة 4 مليارات دولار، بسبب ما اعتبرته المملكة مواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر الإقليمية والدولية. وفيما تساءلت أوساط سياسية عن «عدم سفر رئيس الحكومة مع الوفد اللبناني»، نفت أن «يكون لذلك علاقة بموقف سلبي من المملكة تجاه الرئيس سعد الحريري»، مؤكّدة أن «الزيارة الأخيرة التي قام بها المسؤول الإيراني علاء الدين بروجردي ولقاءه بالحريري، هي ليست مجرّد زيارة بروتوكولية إلى رئيس حكومة، بل مؤشر واضح على تقدّم الاتصالات المفتوحة التي حكي عنها بين الرياض وطهران». هذه الإيجابية تجاه إيران لم تنحصر في أرجاء منزل الرئيس الحريري في وادي أبو جميل، بل وصلت إلى معراب. ففي موقف مفاجئ، أعلن رئيس القوات سمير جعجع أن «زيارة الرئيس عون لطهران ايجابية»، وأننا «لسنا ضد أي مساعدة عسكرية. فإن كنا نتلقى مساعدات من السعودية ودول الخليج وفرنسا وأميركا، فلماذا نرفضها من إيران؟». ويُعدّ هذا التصريح بدء استدارة واضحة، بعد كلام رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد إبراهيم أمين السيد، من بكركي عن عدم إقفال الباب في وجه القوات اللبنانية. غير أن جعجع أكد في حديث صحافي أن «لا وجود لمؤشرات جدية لحوار بين الحزب والقوات حتى الآن، فلا الأمين العام السيد حسن نصرالله ولا أنا نحب أن نتسلّى».
تجدر الإشارة إلى أن زيارة الرئيس ميشال عون للسعودية، اليوم، لن تعطّل مجلس الوزراء، إذ تعقد الحكومة اجتماعاً لها في السرايا، برئاسة الحريري. ويتعامل التيار الوطني الحر مع هذه الجلسة بإيجابية، وتعد مصادره بتسهيل عمل رئيس الحكومة.