يفتتح الرئيس ميشال عون جولاته العربية والإقليمية والدولية، بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، وذلك بعد 70 يوماً على انتخابه رئيساً للجمهورية.
ويرافقه في هذه الزيارة والتي تبدأ مساء اليوم وتنتهي صباح الأربعاء، حيث يتوجه من الرياض إلى الدوحة، وهي المحطة الثانية من جولاته العربية، ثمانية وزراء يمثلون مختلف التيارات والكتل والطوائف، وهم: وزراء التربية مروان حمادة، والمالية علي حسن خليل، الخارجية جبران باسيل، والداخلية نهاد المشنوق والدفاع يعقوب صرّاف، والاعلام ملحم رياشي، والاقتصاد رائد خوري، بالاضافة إلى وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول.
ويعكس حجم التمثيل السياسي والوزاري في الوفد المرافق عناية في الاختيار والاهتمام والرهانات اللبنانية وحتى السعودية، على انتاجية الزيارة، وموقعها المركزي والاستراتيجي، والتي تندرج في إعادة الثقة العربية والدولية بالبلد، بدءاً من البوابة السعودية خاصة والخليجية عامة، لأسباب تاريخية وراهنة، تتصل بتعلق اللبنانيين بالعلاقة الأخوية مع المملكة، وبحرص المملكة الدائم على تقديم كل ما يلزم من دعم سياسي واقتصادي ودبلوماسي للبنان، حيث شكل هذا الدعم خشبة خلاص في اكثر من محنة، وأزمة، بدءاً من الطائف وصولاً الى العام 2006.
وقالت مصادر لبنانية رسمية لـ«اللواء» أن اختبار الرئيس عون أن تكون المملكة المحطة الأولى في الحركة الخارجية، لا تتعلق بالبروتوكول فقط، وإنما تنبع من إدراك أن طي الصفحة المؤلمة التي سادت في الأشهر الماضية تشكّل حاجة حيوية للبنان، بعضها يتعلق بربع مليون لبناني الذين يعملون في السعودية ودول الخليج، وبعضها يتعلق بالصادرات الزراعية والصناعات اللبنانية التي تجد سوقاً لها بنسبة تتعدّى الـ60 بالمائة في المملكة ودول الخليج، فضلاً عن أن الاستثمارات الاجنبية في لبنان معظمها خليجي، ناهيك عن الملاءة الخليجية في المصارف اللبنانية.
وفي الإطار عينه، كشف رئيس اتحاد الغرف التجارية اللبنانية محمّد شقير أن 60 في المائة من تحويلات اللبنانيين في الخارج تأتي من دول الخليج.
وأشارت هذه المصادر الى أن الزيارة ستبحث أيضاً في الغيوم التي انتابت العلاقة على خلفيات سياسية او حزبية وحملات، مع تأكيد الرئيس عون أن موقف الدولة اللبنانية يعبر عنه رئيس الدولة والحكومة، وأن البيان الوزاري كان واضحاً لجهة التأكيد على انتماء لبنان العربي وتشديده على العلاقات المميزة مع أشقائه، ولا سيما مع المملكة ودول الخليج.
وبالاضافة إلى هذا الجانب، سيجري التطرق إلى هبة المليارات الثلاثة التي قدمتها المملكة للجيش اللبناني، من باب حماية الاستقرار اللبناني وتعزيز قدرات الدولة اللبنانية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، والتعاون المستمر لمواجهة الإرهاب الذي يعبث بالمنطقة ودولها واستقرارها.
وفضلاً عن اللقاء الذي دعا إليه وزير الاقتصاد رائد خوري أكثر من 300 رجل أعمال سعودي ولبناني لمناقشة مجالات الاستثمار والتعاون الاقتصادي بين رجال الأعمال اللبنانيين والسعوديين، تحتل القضايا السياسية والدبلوماسية في زيارة الرئيس عون أهمية خاصة.
فالرئيس اللبناني الذي سيكون مقر اقامته في قصر الضيافة في قصر الملك سعود تحت الرعاية الملكية، سيجهد لإعادة فتح المجال امام صفحة جديدة في العلاقات التاريخية مع المملكة وعلاقات لبنان مع دول الخليج، باعتبار ذلك خياراً وليس قراراً فقط.
وتوقع مصدر مطلع أن تتناول الخلوة التي يعقدها الرئيس عون مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الوضع اللبناني من كافة جوانبه، إضافة إلى الأوضاع العربية والحرب الدائرة في سوريا، ونظرة لبنان إلى أن إنهاء الحرب هناك سيفتح الباب بقوة لعودة النازحين السوريين الذين يتحمل لبنان وحده أعباء ايواء ومساعدة ما لا يقل عن مليون ونصف مليون نازح يتزايدون بصورة يومية، إما بسبب استمرار الحرب او التوالد، في حين ينكفئ المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته تجاه لبنان وتقديم ما يلزم من مساعدات.
وستتطرق المحادثات أيضاً إلى تطورات الوضع في المنطقة ودور المملكة وما ينتظر من تطورات على هذا الصعيد، وقضية الحرب على الإرهاب، في ضوء موقف الرئيس عون المعروف والذي يدعو إلى عمل مشترك لمواجهة الإرهاب ومعالجة اسبابه، هذا فضلاً عن موضوع تنقل اللبنانيين والسعوديين، وإمكان اعادة النظر بموضوع «النصيحة» السعودية لرعاياها بعدم زيارة لبنان في هذه المرحلة.
وينتقل الرئيس عون من الرياض إلى الدوحة الأربعاء في زيارة تستمر يوماً واحداً، ويعقد خلوة مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تتناول العلاقات الثنائية ودور قطر في مساعدة لبنان، لا سيما في مؤتمر الدوحة والوساطة التي قامت بها في تحرير عدد من العسكريين الذين كانت تحتجزهم جبهة «النصرة» وإمكان إعادة إحياء الوساطة القطرية لتحرير العسكريين الباقين الذين يحتجزهم تنظيم «داعش».
وعلمت «اللواء» ان التحضيرات جارية على قدم وساق لأن تكون المحطة الثالثة من زيارات الرئيس عون إلى جمهورية مصر العربية، لكن مصدراً أشار إلى ان موعد هذه الزيارة لم يتحدد بعد، موضحاً «ان الرئيس عون سيكون في بيروت الخميس بعد انتهاء زيارتيه لكل من الرياض والدوحة».
زيارة بروجردي
ونفت مصادر مطلعة ان تكون للزيارة التي قام بها رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي والوفد المرافق له إلى بيروت، خلال اليومين الماضيين، واللقاءات التي أجراها مع الرؤساء عون ونبيه برّي وسعد الحريري، أي علاقة لها بموضوع زيارة عون للسعودية، مؤكدة ان المسؤول الإيراني لم يأت على ذكر هذه الزيارة في أي من لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، بالإضافة إلى لقاء الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، مشيرة إلى ان بروجردي كان في زيارة إلى سوريا، ورغب بأن يزور لبنان لنقل رسالة من الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى على لاريجاني إلى الرئيس عون ورغبتهما في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وعرض الموقف الإيراني من التطورات الإقليمية ولا سيما في سوريا، والجهود المبذولة لتحقيق حل سياسي للأزمة السورية يقوم على الحوار بين الأطراف السوريين، معرباً عن أمله في ان تؤدي المفاوضات المرتقبة في «استانيا» إلى بلوغ الحل السياسي المنشود (راجع ص 2).
مجلس الوزراء
في هذا الوقت، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية في السراي الحكومي الأربعاء برئاسة الرئيس الحريري وعلى جدول أعمال الجلسة ما يزيد على 12 بنداً، على ان يوزع جدول الأعمال اليوم، وفي مقدمة هذه البنود مشروع مرسوم تعديل كامل القسم الثاني من النظام المالي الخاص بهيئة أدارة قطاع البترول المؤجل من الجلسة الماضية.
وتوقع مصدر وزاري ان يُقرّ هذا المرسوم بصيغته النهائية بعد إدخال تعديلات عليه جرى التفاهم حولها بين وزيري المال علي حسن خليل والطاقة سيزار أبي خليل في اجتماع عقد بينهما غداة انتهاء جلسة مجلس الوزراء الماضية.
وكشف مصدر وزاري آخر، ان بعض التعيينات مطروحة على جدول الأعمال، ومن بينها تعيين محافظ أصيل لجبل لبنان اقترحه وزير الداخلية، لكن المصدر لم يجزم إذا كان التعيين سيبت في هذه الجلسة أو الجلسة المقبلة ريثما يكون الوزير المشنوق عاد من عداد الوفد المرافق للرئيس عون.
قانون الانتخاب
وعلى هذا الصعيد، توقعت مصادر نيابية قريبة من تكتل «الاصلاح والتغيير» ان يتمكن فريق الخبراء الذي يمثل الكتل الأساسية في المجلس من احداث خرق عملي للتفاهم على قانون جديد للانتخابات يراعي هواجس بعض الكتل والطوائف، وينطلق من الإجماع على رفض قانون الستين الذي ما يزال ساري المفعول ما لم يُقرّ قانون آخر، يرجح ان يكون مختلطاً يراعي النظامين الأكثري والنسبي بنسب يتفق عليها.
وانشغلت القوى السياسية بفك ألغاز الخطاب «التويتري» الجنبلاطي الذي لا يكتفي بتسجيل اعتراضات، بل ينزع إلى الهجوم وكأن زعيم المختارة وليد جنبلاط بات يغرد وحيداً خارج السرب، مع ان النقاشات الدائرة تأخذ بالحسبان خصوصية جنبلاط والوضع الدرزي في جبل لبنان.
وكان جنبلاط أتحف الوسط السياسي بتغريدة استعارت في أحد تعابيرها كلمة «العلوج» التي اشتهر باطلاقها وزير الإعلام العراقي أيام الرئيس صدام حسين محمّد سعيد الصحاف، وجاء في التغريدة ما حرفيته: «لا يا ممثّل العلوج في الوزارة ان مكوناً اساسياً وتاريخياً من لبنان، لا يمحى بشحطة قلم في مزايدات النسبية».
وكان الرذيس عون وقع أمس الأوّل مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب حمل الرقم 23، على ان يبدأ من اليوم الاثنين وينتهي في 20 آذار المقبل ضمناً.
ويتضمن برنامج عمل الدورة بصورة رئيسية مشاريع أو اقتراحات قوانين الانتخابات النيابية، ومشاريع قوانين الموازنات العامة المحالة من السنوات الماضية إلى المجلس النيابي أو التي ستحال (في إشارة إلى موازنتي 2016 و2017) فضلاً عمّا يرتأيه مكتب المجلس.
ووصفت أوساط قصر بعبدا المرسوم الرئاسي بفتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب انه بمثابة «ضوء أخضر رئاسي يزخم الاندفاعة الوطنية نحو إقرار قانون جديد للانتخابات».
وأوضحت ان توقيع الرئيس عون على مرسوم الدورة الاستثنائية بأنه يفسح المجال واسعاً امام احتمال التوافق على قانون انتخاب جديد واقراره تالياً في مجلس النواب قبل آذار المقبل، خاصة وأن قرارات الحكومة في هذا الشأن تحتاج إلى «ورشة تشريع».
وتزامناً مع الخطوة الرئاسية، برز إعلان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في استعداد أجهزة الوزارة للاستحقاق النيابي، سواء على صعيد تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات قبل نهاية كانون الثاني الحالي أو بالنسبة لدعوة الهيئات الناخبة في شباط المقبل، لافتاً إلى انه سيتقدم بطلب الاعتمادات اللازمة ضمن المهل القانونية لاجراء الانتخابات في أيّار المقبل، اما في حال إقرار قانون انتخابي جديد فسيصار حينها إلى تأجيل الانتخابات لأسباب تقنية.
وكشف المشنوق ان اللجان التقنية من الخبراء تعمل بعيداً من الأضواء لكنها لم تتوصل بعد إلى نتيجة نهائية، موضحاً ان معظم القوى السياسية توافقت على ثلاث قواعد هي ان يكون هناك قانون انتخابي جديد، وأن تكون النسبية جزءاً مهماً منه وأن تكون هناك «كوتا» نسائية.
واللافت انه وسط الحديث عن قانون الانتخاب العتيد، طرأ توتر في العلاقات بين «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب، وفي اليومين الماضيين، أمكن احتواؤه من خلال بيانين منفصلين لكلا الحزبين بوقف الحملات المتبادلة، بالإضافة إلى سجال اندلع بين الوزير المشنوق والوزير السابق اللواء اشرف ريفي، على خلفية توقيف مرافق ريفي المؤهل عمر البحر من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن لاعتبارات مسلكية رأى ريفي ان لها ابعاداً سياسية «كيدية»