نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للكاتب كيم سينغوبتا، يتحدث فيه عن المذبحة التي وقعت عشية رأس السنة في مدينة اسطنبول التركية، وأدت إلى مقتل 39 شخصا.
ويقول الكاتب إن "مذبحة رأس السنة في الملهى الليلي في اسطنبول، كانت بمنزلة تذكير مشؤوم آخر بالعنف الشرير الذي بدأ ينتشر في تركيا، بالإضافة إلى أنها سلطت الضوء على جانب لم ينل نصيبه من العرض على المستوى العالمي، وهو كيف بدأ الإرهاب القادم من سهول آسيا الوسطى بإلقاء ظلاله الفتاكة في عالم الجهاد الدموي".
ويشير التقرير إلى أن مجندين من تنظيم "الدولة الاسلامية" من تلك المنطقة قاموا بالهجوم على ملهى رينا، بحسب السلطات التركية، التي تعتقد بأن المجموعة ذاتها كانت مسؤولة عن الهجوم على مطار أتاتورك، لافتا إلى أنه يقال إن المسلح كان من إثنية الإيغور، وهم أقلية مسلمة ناطقة باللغة التركية في الصين، كما يقال إن المعتقلين المتهمين بالمشاركة هم من الإيغور والقرغيز والتركمان.
وتذكر الصحيفة أن أربعة أشخاص قتلوا، وجرح عدد آخر يوم الخميس الماضي، في هجوم استخدمت فيه سيارة مفخخة وبنادق في هجوم على محكمة في إزمير، مشيرة إلى أنه تم إلقاء القبض على عدد من الأشخاص في المدينة على خلفية هجوم اسطنبول، من بينهم عدد سافر من مدينة قونية التركية، حيث يعرف أن مرتكب هجوم الملهى عاش هناك لعدة أسابيع.
ويلفت سينغوبتا إلى أنه "قُتل في الهجوم، مهاجمان وشرطي ومدني، وليس من الواضح عما إذا كان وراء الهجوم إسلاميون أو انفصاليون أكراد من حزب العمال الكردستاني، لكن المسؤولين المحليين الأتراك سارعوا إلى اتهام حزب العمال الكردستاني".
ويفيد التقرير بأن "قوة ومدى وصول المقاتلين الوسط آسيويين تزايدت مع تفاقم الحرب الأهلية السورية، حيث يقدر عددهم في المجموعات الإسلامية المتشددة بحوالي أربعة آلاف مقاتل، فأبو عمر الشيشاني، الذي ينحدر من أصول شيشانية جورجية (واسمه الأصلي ترخان باتيرشفيلي)، كان من أنجح قيادات تنظيم الدولة، حيث قاد كتيبة المهاجرين، التي تحتوي على عدد كبير من المقاتلين المنحدرين من القوقاز، لتحقق سلسلة من الانتصارات قبل أن يقتل في غارة جوية أمريكية في تموز، العام الماضي".
وتنوه الصحيفة إلى أن "التهديد الذي يشكله المقاتلون من الجمهوريات السوفيتية سابقا، هو أحد الأسباب التي ساقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتدخله في سوريا، الأمر الذي غير قوانين اللعبة، وكان الانفصاليون الشيشان قاموا بعدد من الهجمات الشهيرة في روسيا، حيث كانت هناك تهديدات متكررة من الجهاديين للقيام بالمزيد من التفجيرات، فبالإضافة إلى القيام بالغارات الجوية، فإنه يتم اتهام الكرملين بالقيام بإدارة حملة سرية من الاغتيالات داخل تركيا، حيث تم قتل حوالي 12 شخصا من الشيشان والأوزبك والطاجيك خلال 12 شهرا".
ويجد الكاتب أن "أحد الأسباب الرئيسية لانتهاء عدد من ذوي الأصول الآسيوية الوسطى في تركيا، هو حلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن يصور نفسه وبلده بأنهم ورثة العثمانيين وزعماء الشعوب التركية، بالإضافة إلى أن عددا مهما ممن أتوا إلى تركيا هم من المحافظين المسلمين، الذين هم على خلاف مع حكومات بلادهم".
وبحسب التقرير، فإن أشخاصا من هذه المجتمعات قاموا بعبور الحدود إلى سوريا؛ للمشاركة في الحرب الأهلية، وبعضهم أخذ معه أطفالا، مثل مرتكب هجوم اسطنبول، حيث وصلوا إلى تركيا مع عائلاتهم، لافتا إلى أن الأولاد القادمين من وسط آسيا يشكلون الجزء الأكبر من "أشبال الخلافة"، وبعضهم لا يزيد عمره على ثماني سنوات، وظهروا في فيديوهات يقومون بعمليات إعدام.
وتشير الصحيفة إلى أنه تم إصلاح العلاقات بين موسكو وأنقرة، التي كانت متوترة على خلفية وجود لاجئين إسلاميين في تركيا، واتهام روسيا بالقيام باغتيالات، بالإضافة إلى أن حكومة أردوغان قامت بتشجيع المظاهرات تأييدا للإيغور، بعد اتهام الحكومة الصينية بالقيام بحملة ضدهم خلال شهر رمضان، حيث أصدرت وزارة الخارجية بيانا، تقول فيه: "شعبنا حزين بشأن الأخبار التي تقول إن الأتراك الإيغور منعوا من الصيام، أو القيام بواجباتهم الدينية الأخرى".
ويستدرك سينغوبتا بأنه "تم كبح المظاهرات بعد مهاجمة المطاعم الصينية، وما تبع ذلك من احتجاجات غاضبة من بكين، حيث إنه من الصعب على تركيا أن تخاطر بالتسبب بالمزيد من الأضرار لقطاع السياحة بسبب الهجمات الإرهابية، بالإضافة إلى الاضطرابات التي تبعت محاولة الانقلاب الفاشلة الصيف الماضي، وكذلك الخوف من التداعيات الدبلوماسية الخطيرة".
ويورد التقرير أن الحكومة الصينية أعلنت قبل عامين أن حوالي 400 مقاتل من الإيغور من الحركة الإسلامية في شرق تركستان، وهي الحركة الانفصالية في إقليم شينجيانغ، يقاتلون في سوريا، لافتا إلى أن الطريق التي سلكوها كانت من بيشكيك وقرغيزستان ثم إلى تركيا قبل عبور الحدود إلى سوريا.
وتكشف الصحيفة عن أنه يقال إن هذا الرقم تضاعف أربع مرات منذ ذلك الوقت، مصحوبا بتحد عنيف للحكومة الصينية، وقالت حكومة قرغيزستان إن المقاتلين الإيغور في سوريا هم الذين نظموا هجوما على السفارة الصينية في بيشكيك، مشيرة إلى أن المهاجم استخدم جواز سفر طاجيكيا لدخول البلد، وهو ما يشير إلى تعاون بين المتمردين في وسط آسيا، بالإضافة إلى أن هناك ارتفاعا في التفجيرات وإطلاق النار في شينجيانغ.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أنه "كان لهذه الهجمات أثر في تغير السياسة الخارجية الصينية، بعيدا عن تجنب التدخل العسكري المعلن في الخارج، حيث وافقت بكين مؤخرا على تدريب قوات نظام الأسد، وهكذا يستمر الرابط الوسط آسيوي في جر القوى الدولية إلى مستنقع الصراع الإقليمي".
(اندبندنت ـ عربي21)