مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية يلوح في الأفق السياسي الإيراني إصطفافات ومجابهات بين التيار المحافظ والتيار المعتدل، وتُغذي ملفات الفساد المالي تلك الإصطفافات والمواجهات ليصل الصراع على السلطة إلى حد توجيه اتهامات فضائحية.
وملف الفساد المالي الكبير الذي تورط فيه رجل الأعمال الإيراني الشاب بابك زنجاني المحكوم عليه بالإعدام، وفّر وقودا لنيران الصراع السياسي قبيل الانتخابات، حيث أن تيار الرئيس روحاني يعتبر أن إصدار حكم الإعدام بحق هذا المجرم لن يعوّض عن الأموال التي نهبها وتُقدّر بنحو ميليارين و700 مليون دولاراً. وأكّد الرئيس روحاني على أن تنفيذ عقوبة الإعدام بحق بابك زنجاني لن يجدي نفعاً ولن يعيد الأموال المسروقة، فضلاً عن أن الشعب يتساءل عمن كان يدعمه ويشاركه ويُسهّل له نهب العوائد النفطية.
هذا الهجوم الذي قام به الرئيس روحاني أثار غضب رئيس القضاء صادق آملي لاريجاني الذي وجّه ردّاً قاسيا على الرئيس متزامناً مع نفي التسامح القضائي في ملف زنجاني، محملاً المسؤولية للرئيس وحكومته التي يناط بها التفاوض مع الدول التي نقل زنجاني العوائد النفطية الإيرانية إلى بنوكها.
وصعّد رئيس القضاء لهجته ضد الرئيس روحاني بما نقله عن بابك زنجاني قوله بأنه قدّم ما يعادل ملايين دولارات إلى الحملة الانتخابية للرئيس روحاني.
إقرأ أيضًا: إيران تعزز نفوذها في سوريا بعد الإتفاف الروسي - التركي
وهكذا وجّه رئيس القضاء اتهاما لرئيس الجمهورية خلال كلمة له في اجتماع عام، وليس عبر الاجراءات القضائية، بينما يمنع الدستور الإيراني توجيه الإتهام بهذه الطريقة ، فضلاً عن أن التبرع بملايين دولارات الذي يدعيه المتهم لا يحمّل شيئا على القابض وهكذا تبرعات عادية في جميع الدول، بالرغم من أن مساعدي الرئيس روحاني في حملته الانتخابية ينفون ادعاء زنجاني جملة وتفصيلاً.
ويعرف رئيس القضاء ما يقصده الرئيس روحاني من إلقاء اللائمة على القضاء فيما يتعلق بملف زنجاني والمطالبة بالكشف عن الكواليس، فإن هناك وزراء سابقون في حكومة الرئيس أحمدي نجاد متهمون بوضع شحنات النفط تحت تصرف زنجاني ويخص بالذكر وزيري النفط السابقين الجنرال رستم قاسمي ومسعود كاظمي، وهناك آخرون من العسكر كانوا يحمون زنجاني.
إقرأ أيضًا: لهذه الأسباب فلاديمير بوتين شخصية العام 2016
وبينما يطالب روحاني بالكشف عن الأيدي المتورطة في الفساد المالي الذي حكم القضاء عليه بالإعدام في حق زنجاني ولكن المتشددون يوجهون أصابع الاتهام اليه تارة وإلى شقيقه حسين تارة أخرى. ففي نفس الوقت الذي يتهم فيه رئيس القضاء، الرئيس بما أفاده المتهم زنجاني، طالب عدد من النواب المتشددين في البرلمان الإيراني الرئيس روحاني بتقديم شقيقه إلى القضاء بغية محاكمته بأسرع وقت ممكن!
وتناسى هؤلاء النواب المحافظون بأن ما يزيد على 800 ميليار دولار من العوائد النفطية ذهبت هدراً في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وهو نفسه متورط في أكثر من ملف فساد مالي، ولكنهم التزموا الصمت حيال فساده كما التزموا الصمت حيال بابك زنجاني الذي شكّل ملفه وصمة عار على النظام الإيراني.
هذا يعني إذا يكون الرئيس لصاً ولديه مزرعة من اللصوص لا أحد يعيب عليه في جمهورية إيران الإسلامية كما كان الحال عليه في عهد الرئيس السابق وأما إذا طالب رئيس الجمهورية بالكشف عن تفاصيل ملفات الفساد، فإن هناك من يتهم الرئيس وشقيقه بالفساد، لأن القاضي متواطيء مع المجرم قبل تحويل الأخير إلى متهم.
فعلى الرئيس روحاني أن يلتزم الصمت أمام سرقة أموال الشعب كيلا يدوّخ رأسه ولا يجعل أقرباءه عرضة للاتهامات.