يخضع لبنان في هذه المرحلة لرعاية دبلوماسية غربية وعربية مباشرة، من خلال سلسلة الوفود والزيارات للمسؤولين الغربيين والعرب للبنان، وعبر العمل لتقديم أوسع دعم ممكن للعهد الجديد والحكومة اللبنانية كي تستطيع إنجاز المهمات المطلوبة منها، ولا سيما إجراء الانتخابات النيابية وحماية الاستقرار الأمني، وعبر مواكبة المتغيرات السياسية وعلاقة الأطراف والأحزاب اللبنانية في ما بينها.
ويؤكد دبلوماسيون عاملون في بيروت أن هناك ارتياحاً كبيراً للتطورات التي حصلت في لبنان خلال المرحلة الأخيرة، ولا سيما بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة ونيلها السريع للثقة، وكذلك لاستمرار الاستقرار الأمني ونجاح الأجهزة الأمنية باكتشاف عدد كبير من المجموعات والشبكات المتطرفة التي كانت تعمل لتنفيذ عمليات تفجير في عدد من المناطق اللبنانية.
ويعتبر هؤلاء الدبلوماسيون، ان لبنان دخل مرحلة سياسية جديدة تحتاج لمواكبة دائمة، وهناك متابعة تفصيلية للعلاقات بين مختلف الأطراف وكذلك لتحرك القوى والمجموعات الإسلامية وطبيعة العلاقات التي تربط في ما بينها وبانتظار وضوح الرؤية للمر حلة المقبلة.
فما هي أبرز آراء الدبلوماسيين العاملين في بيروت حول التطورات الأخيرة ووضع الحكومة اللبنانية الجديدة؟
وماذا يتوقع هؤلاء الدبلوماسيون لمستقبل التطورات اللبنانية؟
ارتياح دبلوماسي
بداية كيف ينظر الدبلوماسيون العاملون في بيروت الى التطورات السياسية الأخيرة في لبنان، ولا سيما بعد نيل الحكومة الثقة وفي ظل نجاح الأجهزة الأمنية اللبنانية في اكتشاف عدد من الشبكات المتطرفة التي كانت تعد لتنفيذ تفجيرات أمنية في عدد من المناطق اللبنانية؟
يجيب بعض هؤلاء الدبلوماسيين بأن التطورات التي شهدها لبنان منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً وتشكيل الرئيس سعد الحريري لحكومته الجديدة والنيل السريع للثقة شكل تطوراً إيجابياً على الصعيد اللبناني الداخلي، وهي تعطي الأمل بأن لبنان يسير في الاتجاه الصحيح في المرحلة المقبلة، وإن كان التحدي الأبرز الذي يواجه اللبنانيين حالياً هو التوصل الى قانون جديد للانتخابات من أجل إجراء هذه الانتخابات في مواعيدها الدستورية.
ويشيد هؤلاء الدبلوماسيون بالانجازات العسكرية والأمنية التي يحققها الجيش اللبناني ومختلف الأجهزة الأمنية من خلال مواجهة المجموعات المتطرفة على الحدود واكتشاف عدد كبير من الشبكات التي كانت تجهز لتنفيذ عمليات تفجير في عدد من المناطق اللبنانية.
ويولي الدبلوماسيون اهتماماً كبيراً بمتابعة أوضاع الحركات والقوى الإسلامية في لبنان على مختلف اتجاهاتها وطبيعة العلاقات التي تربط في ما بينها وكذلك مع الدول العربية والإسلامية، وعلى صعيد العلاقات في ما بينها، ولا سيما علاقات حزب الله بمختلف القوى السياسية.
ويسأل هؤلاء: ما هو مستقبل العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر والرئيس العماد ميشال عون؟ وهل ستظل العلاقة الاستراتيجية التي تربط بينهم على متانتها إذا ما انتهج الرئيس عون سياسات جديدة على صعيد العالم العربي قد تكون مخالفة للسياسات التي ينتهجها حزب الله؟ وما هي أفق العلاقات بين الحزب وبقية القوى والحركات الإسلامية، ولا سيما التي حصلت معها خلافات بشأن الأزمة السورية؟ وأي دور للحزب مستقبلاً إذا توقفت الحرب في سوريا ونجحت المفاوضات السياسية؟
التوقعات المستقبلية
لكن ماذا يقول الدبلوماسيون العاملون في بيروت حول آفاق المرحلة المقبلة سواء على الصعيد اللبناني أو في المنطقة؟
يؤكد الدبلوماسيون أن لبنان لا يزال يخضع لرعاية دولية وإقليمية وعربية، ولذلك سيظل يعيش في حالة استقرار سياسية وأمنية، وسيزداد الاهتمام بالوضع اللبناني، إن من خلال الزيارات المتنوعة لقادة وحكام ومسؤولي الدول الغربية أو العربية لبيروت، أو عبر تقديم المزيد من المساعدات، وخصوصاً للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية كي يحافظ لبنان على الاستقرار ويمنع انتقال المجموعات المتطرفة إليه أو عبره.
ويضيف هؤلاء: لكن الملف الأبرز الذي يحتاج للمتابعة إقليمياً وسيكون له تأثيره المباشر في الوضع اللبناني هو ما يجري في سوريا ودول المنطقة، لأن التطورات السورية السياسية والعسكرية سيكون لها تأثيرها المباشر على الوضع اللبناني ودور مختلف القوى السياسية والحزبية، ولا سيما حزب الله، وفي حال التوصل الى تسوية سياسية للأزمة السورية، فإن لذلك تأثيراً كبيراً بمستقبل الحزب ودوره، مع أن التطورات الميدانية، وخصوصاً في شمال سوريا، لا توحي أن المعارك ستتوقف قريباً بشكل نهائي، والحل السياسي لا يزال متأخراً.
ويتابع الدبلوماسيون: ان هناك أسئلة عديدة حول دور تركيا المستقبلي في سوريا والعلاقات التي تربطها بروسيا وإيران ومدى قدرة هذه الدول على التوصل إلى حلول سياسية بدون الأخذ بالاعتبار السياسات الأميركية الجديدة ودور كل من السعودية وقطر.
كذلك لا بدّ من متابعة تطور ودور الحركات الإسلامية في المرحلة المقبلة، لأن هذه القوى تبقى أحد أبرز اللاعبين الأساسيين في دول المنطقة رغم أنها تتعرض للكثير من التحديات والأزمة.
ويختم الدبلوماسيون بالقول: لقد دخل لبنان والمنطقة مرحلة جديدة، ولا سيما بعد معركة حلب والاتفاق الروسي - التركي لوقف النار في سوريا وفي ظل ما يشهده لبنان من تطورات سياسية إيجابية، لكن هناك العديد من التحديات التي ينبغي متابعتها، إن كان على صعيد الوضع اللبناني الداخلي، أو لجهة ازدياد العمليات الإرهابية، ما يفرض المزيد من اليقظة والانتباه، لأن المخاطر الأمنية ستزداد، كذلك قد تشهد العلاقات بين القوى السياسية اللبنانية بعض التوترات في ظل التغير الذي قد يحصل على صعيد المواقف اللبنانية الخارجية.}