ويبدو ان الحكومة ستكون في الأسابيع المقبلة أمام الخطوة الملزمة الأولى في الاعداد للانتخابات النيابية من خلال تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات اثباتاً لجدية التزام اجراء الانتخابات في موعدها الدستوري في الربيع المقبل واسقاطاً لأي "شبهة" تتصل بتمديد محتمل اضافي لمجلس النواب يجمع المعنيون على استحالة تمريره إلا في اطار تمديد تقني محدود لفترة قصيرة اذا لاحت طلائع توافق على قانون انتخاب جديد. وبدا لافتاً في هذا السياق ان "كتلة الوفاء للمقاومة" عاودت أمس التشديد على اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة "ومراعاة الهواجس المفهومة لدى بعض المكونات"، معتبرة ان الصيغ الأخرى التي يجري البحث فيها "لن تحقق تمثيلاً صحيحاً وفاعلا وأخشى ما نخشاه ان يدهمنا الوقت ليتذرع بذلك كل من له مصلحة في اجراء الانتخابات وفق قانون الستين".
وأوضحت اوساط سياسية بارزة معنية بهذا الملف لـ"النهار" ان ما ظهر من تفاهمات سياسية عريضة عكستها رزمة القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في أولى جلساته أول من أمس لم تلامس بعد ملف قانون الانتخاب الذي لا يبدو ان مناخات التفاؤل التي تسود الأجواء الرسمية ستنسحب عليه بسهولة. ولاحظت ان موقف "كتلة الوفاء للمقاومة" أمس بدا أكثر تشدداً من الايحاءات التي تركتها تصريحات لوفد من "حزب الله" زار بكركي قبل أيام، الأمر الذي يعكس مراوحة في هذا الملف في انتظار اطلاق موجة من المشاورات لتحريكه جدياً قبل ان تدهم المهل القانونية الجميع. وذكرت بان رئيس الوزراء سعد الحريري كان أعرب قبل أيام عن موقف متشدد من اعتماد النسبية الكاملة التي اعتبرها بمثابة إلغاء لـ"تيار المستقبل" فيما لا تزال معادلة المفاضلة بين صيغ المشاريع المختلطة بين النسبية والأكثرية موضع تجاذبات ولم تتبلور بعد أي امكانات مبدئية للتوصل الى صيغة تسوية بينها. ولذا ترى الأوساط المعنية نفسها ان شهر كانون الثاني الجاري سيشكل اختباراً دقيقاً في عبور القوى السياسية الى مرحلة حاسمة من شأنها ان تبلور مصير ملف القانون الانتخابي في ظل تسوية سياسية كبيرة بدأت مع انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وانطلاقة الحكومة ويفترض وفق خطها البياني الا تصطدم بانتكاسة كبيرة في ملف قانون الانتخاب.
ملف النفط
في غضون ذلك، شرعت الحكومة امس في استكمال الخطوات الأساسية التي تقررت عقب اقرار المرسومين التطبيقيين لملف الغاز والنفط. ورأس الرئيس الحريري مساء في السرايا الحكومية اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة دراسة مشروع قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية، في حضور وزير المال علي حسن خليل ووزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون ووزير الطاقة سيزار أبي خليل وهيئة إدارة قطاع البترول في لبنان برئاسة الرئيس الدوري للهيئة وسام شباط والمستشار الاقتصادي للرئيس الحريري مازن حنا. وبعد الاجتماع صرح الوزير فرعون "أن اللجنة بحثت في إدخال بعض التعديلات على مشروع قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية الذي كان قد طرحه سابقاً الوزير أرتور نظاريان". ثم رأس اجتماعاً للجنة الوزارية الخاصة بالأحكام الضريبية المتعلقة بالنشاطات البترولية، في حضور الوزيرين علي حسن خليل وسيزار أبي خليل.
المجلس الأعلى للدفاع
علىصعيد آخر، علمت "النهار" من مصادر وزارية شاركت في الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للدفاع برئاسة الرئيس عون وحضور الرئيس الحريري والذي انعقد أمس في قصر بعبدا ان التركيز كان على التنسيق وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية. وجرى عرض مستفيض لطلبات معينة تحتاج اليها الأجهزة ولم تلب سابقاً.
واستغرق موضوع "وثائق الاتصال" وقتاً طويلاً من النقاش، وتقرّر ان يكون موضع متابعة بين الوزراء المعنيين والأجهزة المختصة لأن الجيش لا يقبل بإلغاء كل وثائق الاتصال بالجملة ذلك ان لكل حالة خصوصيتها. ومن المفترض ان يعرض الموضوع مجدداً على المجلس الأعلى أو مجلس الوزراء.
وعلى رغم ان مشاركة المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة في الاجتماع كان بمثابة التسليم بدوره ومسؤولياته وفق المصادر الوزارية، إلاّ ان موضوع أمن الدولة لم يطرح مباشرة. وأكد الرئيس عون في الاجتماع ان التنسيق بين القوى العسكرية والأجهزة الامنية وخصوصاً من حيث تبادل المعلومات "يضمن نجاح الاجراءات التي تتخذها هذه القوى للمحافظة على الاستقرار والأمن في البلاد". واعتبر ان "الأخطار التي تهدّد لبنان مصدرها دولة عدوة معلنة هي اسرائيل وعدو ثان هو الارهاب الذي لا دين له ولا قواعد ومسؤوليتنا ان نواجه هذين العدوين"، مشدداً على أهمية الاستمرار في التصدي للارهاب استباقياً وردعياً.
الى ذلك، أبلغ الرئيس عون وفداً من أهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم "داعش" في حضور المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم ان معالجة قضية العسكريين المخطوفين "تتم بدقة لانها ليست مع دولة أو تنظيم حزبي معروف بل مع عصابات مسلحة ارهابية"، لافتاً الى ان كل المراجعات التي تمت مباشرة أو بالواسطة "لم تسفر عن نتائج ايجابية لكن التواصل مستمر مع أكثر من وسيط للتوصل الى نتائج عملية". واستوقف المعنيين بهذا الملف اعلان رئيس الجمهورية انه سيحمل في رحلاته الى الخارج قضية العسكريين المخطوفين "سعياً الى أي مساعدة ممكنة".