الجلسة الأولى لمجلس الوزراء في عهد الرئيس ميشال عون، تميزت بالانتاجية المتفق عليها، والتي تمثلت بمقاربة ناجحة لملفين شكلا محور تجاذب لسنوات نظراً لارتباطه بمواقع النفوذ ومصالح الدولة، وهما:
1- إقرار مشروعي مرسومين يتعلقان بتقسيم المياه البحرية الخاضعة لولاية الدولة اللبنانية إلى مناطق على شكل رقع (بلوكات)، ودفتر الشروط الخاص بدورات التراخيص في المياه البحرية، ونموذج اتفاقية الاستكشاف والانتاج، مع تشكيل لجنتين وزاريتين برئاسة الرئيس سعد الحريري، واحدة تُعنى بالأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية، والثانية تُعنى بالموارد البترولية في الأراضي اللبنانية (البر).
2 – ويتعلق الملف الآخر بقطاع الاتصالات، حيث تمّ تعيين رئيس لمجلس إدارة ومدير عام لهيئة «اوجيرو» هو المهندس عماد كريدية، كما جرى تعيين مدير عام للاستثمار في وزارة الاتصالات هو المهندس باسل الأيوبي من بلدة كفريا الكورة، وكان من بين الجرحى الذين اصيبوا في انفجار مسجد التقوى في طرابلس قبل سنتين.
وجاء هذا التعيين في كلا المنصبين، بعد وضع المهندس عبدالمنعم يوسف بتصرف رئاسة الحكومة، وهو الذي كان يشغل لسنوات هذين المنصبين، وموجود حالياً في فرنسا.
ومع هاتين النتيجتين البارزتين في انتاجية الجلسة، كشفت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن هذه القرارات لم تمر مرور الكرام، واشارت إلى ما يلي:
1 – اعترض وزيرا «حزب الله» محمّد فنيش وحسين الحاج حسن على التعيين من باب عدم الالتزام بالآلية المتفق عليها في مجلس الوزراء، والتي تقضي بترشيح ثلاثة أسماء يرفعها الوزير المعني ويختار المجلس واحداً من هذه الأسماء التي يجب أن ترفع مع تقديم النبذات التعريفية بكل منها (C.V).
ورد الرئيس الحريري على أن الحكومة ملتزمة بآلية التعيين، لكن ما حصل هو تعيين استثنائي، لأن إزاحة يوسف من منصبه وإبقائه في منصب آخر سيفتح مشكلة، وتجنباً لهذه المشكلة جرى العمل بهذا الاجراء، مع العلم ان الوزير المعني جمال الجراح هو الذي اقترح الأيوبي في منصب مدير الاستثمار والصيانة، في حين أن كريدية لهيئة «اوجيرو» متفق عليه.
2 – اعتراض الوزيرين مروان حمادة وايمن شقير، على مرسومي النفط، وطالبا بأن لا تكون صلاحية وزير الطاقة وحدها تشمل تلزيم البلوكات النفطية، وبالتالي فهذا الموضوع يجب ان يكون تحت سلطة مجلس الوزراء، وقد أخذ بهذا الاقتراح، ومع ذلك بقي الوزيران على اعتراضهما الذي وصف بأنه «مبدئي»، فيما اعتبره وزير الإعلام ملحم رياشي «ايجابياً».
3 – طلب وزير المال علي حسن خليل في أن يكون هناك عند إقرار الصندوق السيادي المتعلق بالعائدات النفطية، مفوض مالي للحكومة للاشراف على العائدات المالية.
كما علم أن الوزير خليل طلب بضم بلوكات الجنوب نظراً لأهميتها في ربط النزاع مع إسرائيل، وتم الأخذ بهذا الاقتراح، وتقلصت البلوكات من عشرة إلى خمسة، ثلاثة في الجنوب، وواحد في كل من الوسط والشمال.
ومن القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء، الموافقة على تخصيص 20 مليار ليرة من احتياطي الموازنة لتغطية تكلفة نفقات الأدوية التي سلمت من خارج الموازنة عن العام 2016.
وكشفت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن هذا المبلغ هو جزء من 85 مليار ليرة ديون مستحقة على وزارة الصحة لشركات الأدوية كانت صرفت في عهد وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور نتيجة ارتفاع أسعار الأدوية وتوسيع رقعة الخدمات التي كانت تقدمها الوزارة. واعتبر الرئيس عون ان هذا التجاوز يستوجب اجراء تحقيق حول ظروف وأسباب تجاوز صلاحيات الوزير، وقد تقرر صرف مبلغ الـ20 ملياراً، على أن يتقرر الشهر المقبل كيفية سداد باقي الفاتورة، وإمكانية اجراء عقود مصالحة مع الشركات، بعد التشاور مع مجلس الشورى وهيئة القضايا.
وفي حين غرد وزير الخارجية جبران باسيل عبر «تويتر» مباركاً للبنانيين بالنفط والاتصالات واستعادة الجنسية، معتبراً ذلك انطلاقة استثنائية للحكومة، اعتبر مصدر وزاري لـ«اللواء أن القرارات التي اتخذها المجلس
لم تكن على مقدار الطموحات التي كان الوزراء يتطلعون لتحقيقها في أوّل جلسة لانطلاقة العهد الجديد، ووصفتها بأنها كانت «عادية ومتواضعة نوعاً ما»، لكن المصادر نفسها استدركت بأن الجلسة «اصبحت وراءنا» في إشارة إلى عدم رضاها على ما تحقق.
ولفتت المصادر الى أن الجلسة كانت عادية جدا حتى إن النقاشات لم تكن هادئة تماما كما كان متوقعا لها ، لا سيما حين تم طرح موضوع تعيين المدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات باسل الايوبي وادى هذا الامر الى تسجيل إعتراض عدد من الوزراء على الموضوع مما أثار ملف التعيينات بشكل عام وموضوع الالية المعتمدة وهل سيتم الاستمرار بها أو أن الامور ستختلف وسيتم إعتماد الالية أخرى، ولكن بعد نقاشات مستفيضة حول الموضوع تم تعيين الايوبي.
وعن عدم إقرار جميع البنود المتعلقة بملف النفط وتشكيل لجان لبحثها، أشارت المصادر الى أن مهمة درس لجنة مشروع القانون المتعلق بالموارد البترولية في الاراضي اللبنانية هو العمل على تطوير هذا المشروع من خلال دراسة دقيقة للموضوع لاتخاذ القرارات المناسبة بشكل علمي فني وتقني دون التسرع في إعطاء الدراسات حول تطوير هذا المشروع خصوصا ان الوقت غير ضاغط فيما يختص بهذا الموضوع.
الجراح
اما وزير الاتصالات جمال الجراح فلم يشأ ان يضع موضوع التعيينات في هيئة «اوجيرو» والاستثمار في الوزارة، في إطار ملف مكافحة الفساد، لكنه وصفه في إطار رؤية جديدة للقطاع تواكب التطور التكنولوجي، مشيراً إلى ان هذه الرؤية تحتاج إلى إدارة جديدة.
وأشار الجراح في سياق مقابلة مع تلفزيون M.T.V ضمن برنامج «بموضوعية» إلى ان المهندس عبد المنعم يوسف كان يسير أعمال أوجيرو والاتصالات معاً منذ ست سنوات، من دون ان يعين بديل له نتيجة الخلاف السياسي، والآن بعد وجود رئيس جمهورية وحكومة جديدة لم يعد هناك حجة بعدم تعيين بديل له.
وبالنسبة للنفط، أعلن الوزير الجراح انه خرج من جلسة مجلس الوزراء مطمئناً إلى ان الثروة النفطية أصبحت في المسار الآمن، كاشفاً بأن النقاش في موضوع المراسيم استغرق أكثر من ساعتين ونصف الساعة من مناقشات المجلس، وانه كان موضوعياً وتقنياً وبكل مسؤولية، وكان هناك تأكيد على موضوع الشفافية ومعايير التلزيم، وعلى ان يكون دفتر الشروط واضحاً يراعي كل القواعد العلمية العالمية.
وكشف ان استثمار النفط في المياه اللبنانية أصبح ضمن بقعة جغرافية قسمت إلى خمس بلوكات، ثلاثة في الجنوب وواحد في الوسط وواحد في الشمال.
وأشار إلى ان القانون الضريبي للقطاع سيقر في مجلس الوزراء بعد ثلاثة أسابيع، وبذلك يكون هذا الملف أصبح جاهزاً للاستثمار من قبل الشركات، لافتاً النظر إلى ان التجارب السابقة لم تكن ناجحة مع الشركات الوطنية، في حين ان الصندوق السيادي هو ملك للأجيال المقبلة، وسيأتي في وقت لاحق.
مجلس الدفاع
ويعقد مجلس الدفاع الأعلى أوّل اجتماع له عند الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون وفي حضور الرئيس الحريري ووزراء الدفاع والداخلية والمالية، وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وعلى جدول أعماله، وفقاً لمصدر رسمي: عرض الوضع الأمني في البلاد، وإعطاء التوجيهات من قبل رئيس الجمهورية لكل الوزارات المعنية بالاستقرار، فضلاً عن مطالبة قادة الأجهزة الأمنية بالتنسيق ورفع الجهوزية لمواجهة أي طارئ.
وفي حين علم ان الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ستعقد في السراي الكبير برئاسة الرئيس الحريري، نظراً لكون الرئيس عون في جولته الخليجية، بدءاً من يوم الاثنين المقبل في المملكة العربية السعودية، بدا فريق 8 آذار مطمئناً لزيارة عون، بل منفتحاً عليها ومباركاً لها، بحسب ما أوضحت مصادر بارزة في هذا الفريق لـ«اللواء»، والتي اشارت إلى ان الرئيس عون حر في قراراته، ومعظم القوى اللبنانية عندها ثقة كاملة بشخصه، لأنه «رجل ثوابت لا يحيد عنها».
ووفقاً لهذه المصادر، فإن جدول أعمال الزيارة يتضمن بنداً اساسياً وسيادياً، أهم من الواجبات البروتوكولية، وهو إعادة ترتيب وصياغة علاقة لبنان مع محيطه العربي.
اعتداء اسطنبول
وفيما من المفترض ان تكون السيدة بشرى الدويهي ابنة النائب اسطفان الدويهي عادت إلى بيروت منتصف الليلة الماضية، لمتابعة علاجها في المستشفى بعد ان استقر وضعها الصحي، نتيجة اصابتها بجروح في اعتداء اسطنبول، اتجهت الأنظار إلى اقتراح الرئيس الحريري، خلال جلسة مجلس الوزراء، بتشكيل لجنة وزارية تُعنى بأي طارئ أو حادث إرهابي.
وكان مجلس الوزراء استهل جلسته الثالثة أمس والتي استمرت ما يقرب من أربع ساعات ونصف ساعة، بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الضحايا الذين قضوا في جريمة اسطنبول في الساعات الأولى من أوّل أيام السنة.
ثم تحدث الرئيس عون عن الإجراءات التي اتخذتها القوى الأمنية والعسكرية ليلة رأس السنة والتي كانت موضع ثناء من قبل الجميع لأنها نجحت في المحافظة على الأمن في تلك الليلة، كما تحدث عن جريمة اغتيال رجل الأعمال اللبناني أمين بكري في انغولا، من دون ان يستبعد ان يكون جهاز الموساد الإسرائيلي وراء هذه الجريمة، لكنه طلب التأكد من صحة هذه المعلومات.
وفي السياق، لاحظت مصادر دبلوماسية ان جريمة الاعتداء على الساهرين ليلة رأس السنة في اسطنبول جريمة إرهابية مكتملة العناصر بالاستناد إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، والتي انضم إليها لبنان وتركيا، وبالتالي فإن الإجراءات التي أكدت عليها الاتفاقية ملزمة للتعاون القضائي والأمني لضمان حقوق الضحايا، وذلك من خلال المبادرة الفورية إلى تكوين ملف قضائي كامل، عبر وزارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة العدل والنيابة العامة التمييزية.
ودعت المصادر ذاتها إلى أن يشمل الملف القضائي تكوين ملف طبي متكامل للضحايا والجرحى على همة وزارة الصحة والقضاء اللبناني، بالتنسيق مع وزارة الخارجية.
ولفتت إلى انه لتمكين المراجع اللبنانية كافة من الاستحصال على الأدلة والمستندات الضرورية لهذه الإجراءات، لا بدّ من تشكيل خلية متابعة تضم خبراء متخصصين تعمل بالتنسيق مع السفارة اللبنانية في انقرة، وفقاً لآلية واضحة تبلغ رسمياً للخارجية التركية لضمان سرعة وانتظام وسلامة التعاون والتنسيق بين البلدين.