عاقدةً النية والعزم على تسريع خطوات «استعادة الثقة» بالدولة واستنهاضها من كبوتها المؤسساتية إنعاشاً لدورة الحياة الوطنية بمختلف شرايينها الحيوية، أدارت الحكومة محركاتها العملية أمس لتُسجّل في باكورة اجتماعات العام الجديد انطلاقة استثنائية على مقياس الإنجاز والإنتاج سيما وأنها نجحت في وضع القطار اللبناني على السكة الوطنية القويمة نحو بلوغ محطة التموضع على خارطة الدول المنتجة للنفط، مع ما يختزنه هذا القطاع من آمال وطنية شاخصة نحو مرحلة النهوض بالبلد ورفع أعباء المديونية التي أثقلت كاهل الاقتصاد الوطني واستنفدت المال العام.

ففي جلسة «إيجابية مثمرة» كما وصفتها مصادر وزارية متقاطعة لـ«المستقبل»، أقر مجلس الوزراء، في اجتماعه الأول بعد نيل الثقة، مرسومي ملف النفط المتعلقين بتقسيم الرقع البحرية اللبنانية ودفتر شروط التراخيص ونموذج اتفاقية الاستكشاف والانتاج، مع تشكيل لجنتين وزاريتين برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، الأولى تضم وزيري المالية علي حسن خليل والطاقة سيزار أبي خليل لدرس المشروع الخاص بالأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية، بينما اللجنة الثانية التي تضم إلى خليل وأبي خليل وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون تُعنى بدرس مشروع القانون المتعلق بالموارد البترولية في الأراضي اللبنانية.

وأوضحت المصادر الوزارية أنّ البحث خلال الجلسة في بند المراسيم النفطية استغرق نحو ساعة وتخلله نقاش بين وزيري المالية والطاقة على خلفية مطالبة خليل بتعيين مراقب مالي على عمل هيئة إدارة قطاع النفط في مقابل اعتراض أبي خليل على هذا التعيين باعتباره مقيّداً لصلاحيات الهيئة، مشيرةً إلى أنّ 

رئيس الحكومة حسم هذا النقاش بدعوته إلى اعتماد مدققين ماليين «auditors» يتم التعاقد معهم لهذه الغاية. وفي نهاية المطاف تمت الموافقة على البند مع تسجيل وزيري «اللقاء الديمقراطي» مروان حمادة وأيمن شقير اعتراضهما على إقراره، مبررين الاعتراض، وفق ما نقلت المصادر، بأنه نابع من كون المشروع الذي تمت الموافقة عليه يمنح وزير الطاقة صلاحية مطلقة بما في ذلك تخويله تحديد البلوكات البحرية.

على صعيد آخر متصل بإنتاجية جلسة الحكومة أمس، فإلى سلسلة مقررات حيوية كالموافقة على توسيع نطاق المدارس الزراعية الفنية في المحافظات، وتشكيل لجنة درس مناقصة مشروع تطوير محطات «الميكانيك»، برز إقرار مجلس الوزراء خلفين لعبد المنعم يوسف، عماد كريدية رئيساً ومديراً عاماً لهيئة أوجيرو وباسل الأيوبي مديراً عاماً للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات. كما سجلت الحكومة إنجازاً مفصلياً على الطريق نحو تأمين استعادة المتحدرين لجنسيتهم اللبنانية من خلال إقرار بند تحديد بدلات أتعاب اللجنة المختصة بالنظر في طلبات استعادة الجنسية.

وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد استهل الجلسة بالدعوة إلى الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا اعتداء اسطنبول الإرهابي، مشيداً بأداء الحكومة وبالإجراءات التي اتخذتها للمحافظة على الأمن ليلة رأس السنة، كما أعلم مجلس الوزراء أنه بالاتفاق مع رئيس الحكومة سيترأس اليوم اجتماع المجلس الأعلى للدفاع لإعطاء بعض التوجيهات إلى القيادات الأمنية المعنية وتحديد طريقة عمل المجلس في ضوء الصلاحيات المنوطة به. في حين تحدث الحريري في استهلاليته عن الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهة ذيول الاعتداء الإرهابي الذي وقع في اسطنبول مؤكداً أنّ «الدولة قامت بما يمليه عليها واجبها حيال جميع أبنائها»، داعياً إلى تشكيل لجنة وزارية لوضع خريطة عمل لمواجهة أي حادث طارئ، وأخرى لوضع استراتيجية اقتصادية وطنية.

مشاريع العاصمة

ومساءً، شدد رئيس مجلس الوزراء خلال استقباله في السرايا الحكومية رئيس وأعضاء مجلس بيروت البلدي على «ضرورة تسريع الخطى لإنجاز المشاريع الملحة التي تحتاجها العاصمة ولا سيما الكهرباء والنفايات والصرف الصحي«، مؤكداً جهوزية الحكومة «لدراسة ودعم الخطوات والمشاريع الأساسية والحيوية التي تتطلب موافقة مجلس الوزراء لكي توضع موضع التنفيذ في أقرب وقت ممكن». 

وبعد اللقاء أوضح رئيس المجلس جمال عيتاني أن الوفد أطلع الحريري على الإنجازات التي قام بها والعقبات التي واجهها، والمشاريع المستقبلية التي يحتاج تنفيذها إلى جهد كبير وتعاون بين المجلس البلدي ومجلس الوزراء، لافتاً في هذا المجال إلى أنه سيعلن في 23 الجاري بشكل مفصّل عمّا قام به المجلس منذ بدء ولايته والأعمال المنوي تنفيذها والمخططات الموجودة لديه.