فجأة وجدت صحيفة السفير نفسها أمام خصم وعدوٍّ لطالما حاربها وحاربته؛ أصبح مسيطراً على الحياة السياسية ولا بُدّ من التعاطي معه ولو كانت كارهة له كونه يمثّل الفكر الظلامي بحسب ما كانت الصحيفة تصف أحزاب الإسلام السياسي وكان حزب الله طليعة الصحوة الإسلامية .
وجدت الصحيفة في المقاومة التي امتلكها حزب الله فرصة للتعاون في قاسم مشترك باعتبار أن العدو الإسرائيلي يجمع الشمل والأخصام والأعداء في بيان رسمي واحد وأصبحت مقاومة حزب الله قبلة الصحيفة القومية واليسارية وانهالت على الحزب ورموزه بمديح مشابه لمديح رموز قادة دول التصدي والصمود وخاصة لشخص القذافي كقائد تاريخي، وريث عبد الناصر في الأمّة العربية، ولرموز أبوات الثورة الفلسطينية خاصة في المرحلة التي أضاعت فيه طريق القدس ومشت طوعاً في شوارع و زواريب لبنان وهي تنفث سموم الحرب المجنونة .
بالغت السفير كأي وسيلة عربية ثورية بالثوار العرب حتى بعد أن تبيّن للقاصي والداني أنهم نُخَب تتقن فن التجارة لا الثورة، ولم تتراجع رغم ما عاناه لبنان من تجربة المقاتلين من أجل فلسطين في الشوارع اللبنانية الضيقة وكذلك استمرت في اندفاعها نحو حملة السلاح ودفاعها عنهم وإن أخطأوا في إطلاق النار، وهكذا استمرت متنقلة بين القوى الممسكة بالسلاح تحت سيل من شعارات المقاومة القومية، وذهبت ذهابها الكامل نحو قوى غير قومية ولها اعتراض فعلي على الفكرة والتجربة للقوميين العرب .
إقرأ أيضا : باي فلسطين.... حلب أولاً
حبست السفير نفسها داخل الصف السوري طيلة السيطرة السورية وبعد الوصاية اصطفّت مع القوى السورية واستمرت كلسان سوري مقيّدة بدرجة من الوطنية اللبنانية وهي بذلك لم تغادر موقعها الطبيعي حيث أنها تعتبر كل هذه الصيغ المتناقضة طرق طويلة لفلسطين .
بعد تراجع دور الصحافة المكتوبة وزوال الحاجة لدور السفير في ظل انعدام السيولة المالية لدى الجهات التي غطّت نفقات السفير لسنيين بُحّ صوت الذين لا صوت لهم وهم ينادون ولا أحد يجيب، رغم تدخل المقاومة لحفظ هذا الصوت لسنة واحدة احتراماً للدور الذي لعبته هذه الصحافة في التأييد لسلاح الحزب .
مرّة جديدة تنعي السفير نفسها والكل حاضر لحمل النعش وغير مستعد لإنقاذ صحيفة عاشت مرحلة الإشباع زمن قومية القذافي، خاصة وأن أزمة المال السياسي تطرق أبواب الدول والأحزاب المشاركة في الحروب القائمة من سورية إلى اليمن .