خلافًا لما توقّع بعض الخبراء ليس هناك ما يؤشّر إلى تقليص الدور الإيراني في سوريا وما يجري فيها من وقف إطلاق النار والتطلع إلى السلم على كافة أراضيها.
إن القرار الأمميّ أشار إلى "البيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران يوم 20 كانون الأول/ ديسمبر" الماضي، الذي دعا إلى مفاوضات سياسية، ووقف موسعًا لإطلاق النار في سوريا" مما يعني أن المجتمع الدولي لا يعتبر إيران مصدراً لتمويل الإرهاب، بل ينوّه بدورها الإيجابي في مكافحة الإرهاب، حيث من المستحيل أن ترحب الأمم المتحدة بدور بلد في مسار وقف العنف في سوريا وفي نفس الوقت تُعتبر هي داعماً للإرهاب.
وهناك مؤشرات أخرى ومنها الاتصال الهاتفي الذي قام به الرئيس بوتين بنظيره الإيراني حسن روحاني قبيل الاجتماع الأممي لبحث القرار الذي أعدته روسيا لوقف إطلاق النار في الأراضي السورية.
كما أن السوريين انتبهوا إلى أخطار الإقصاء المحتمل للدور الإيراني، ولهذا سارع وزير الخارجية السوري وليد المعلم برفقة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري لزيارة طهران، وأعلن المعلم من هناك أن دمشق لن تثق بالأتراك، ما يتطلب التوسط الإيراني لدى النظام السوري لقبوله بالدور التركي لحلحلة الأزمة السورية، ولو أن تركيا - من المنظور الإيراني- تأخرت كثيراً في الانضمام إلى المحور الشرقي. وحذّرت القيادة الإيرانية الرئيس التركي أكثر من مرة من مغبة دعم المعارضة المسلحة وخاصة الإرهابيين الزاحفين إلى سوريا من كل حدب وصوب. وأنذرت إيران جارتها التركية في وقت سابق بأن الإرهاب سوف يستهدفها ولن تبقى تركيا بعيدة عن النيران التي أشعلها الإرهابيون وراء حدوده.
إقرأ أيضاً: لهذه الأسباب فلاديمير بوتين شخصية العام 2016
فضلاً عن أن مؤتمر الذي سيُعقد في أستانة العاصمة الكازاخية بمشاركة روسية وتركية وإيرانية هو في الأساس مبادرة إيرانية لفصل تركيا عن الغرب والعرب وجرّها إلى محور الشرق. وتقصد إيران من وراء تلك المبادرة إبعاد الدول العربية والولايات المتحدة وحتى الأمم المتحدة عن أداء أي دور مباشر في سوريا، وقد أثلج قلوب الإيرانيين انزعاج الأمريكيين من إبعادهم من المفاوضات الثلاثية التي عُقدت في موسكو والقادم، أي مؤتمر أستانة، سيكون أسوء لكرامة الولايات المتحدة.
وتأتي تلك المبادرة الإيرانية كردّ على الموقف السلبي الذي اتخذته الولايات المتحدة طيلة عقود تجاه إيران كتنفيس للعقد المتراكمة التي عاشتها إيران طوال تلك الفترة، وتبجّح الإيرانيون من تمكنهم على إقضاء الدور الأمريكي وتهميشه في القضية السورية ويشعرون أنّ زمن تهميشهم ولّى وجاء زمن الاعتراف بدورهم كما صرّح به القرار الأممي الأخير.