وقد جاء الإعلان الإيراني على لسان علي أكبر ولايتي، المستشار الأول للمرشد الإيراني علي خامنئي، الذي قال إنه بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، فإن حزب الله لن يخرج من هذا البلد.
واعتبر المراقبون أن تصريحات ولايتي تأتي ردا على تصريحات سابقة لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي قال إن “على جميع المقاتلين الأجانب بمن فيهم عناصر حزب الله مغادرة سوريا”.
وأضافت هذه الأوساط أن صدور الموقف من الشخصية القريبة من المرشد يعد ضرورة لحزب الله نفسه الذي تخوّفت أوساطه في الأيام الأخيرة من احتمالات صفقة قد تطيح بنفوذه في سوريا.
وجاءت تصريحات ولايتي في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء في العاصمة طهران عقب لقاء جمعه مع نائب الرئيس العراقي نوري المالكي، ما لفت نظر المراقبين إلى أن المناسبة والتوقيت يمنحان موقف طهران بعدا عاما له علاقة بالاستراتيجية الجماعية التي تعتمدها طهران مع حدائقها الخلفية المستندة على الشيعية السياسية وأحزابها في المنطقة.
وكشفت مصادر سورية موالية للرئيس بشار الأسد أن تصريحات ولايتي تكبل النظام السوري بوجود إيراني دائم يحرمه من أي هامش مناورة للاتساق مع خيارات موسكو في إطار أي تسوية محتملة.
ووصف ولايتي خروج حزب الله من سوريا بعد اتفاق وقف إطلاق النار، بأنه “دعاية الأعداء”.
واعتبر مراقبون في بيروت أن توقيت التصريح يأتي لتبديد المخاوف التي سادت الميليشيات الشيعية التابعة لإيران في سوريا، والتي أربكها ترحيب وزارة الخارجية الإيرانية بالاتفاق الروسي التركي الأخير لوقف إطلاق النار.
إلا أن مراجع دبلوماسية اعتبرت أن الموقف الإيراني بشأن بقاء حزب الله في سوريا لا يهدف فقط إلى طمأنة الحزب، بل يسعى إلى تقوية أوراق طهران داخل أي تسوية مقبلة وتذكير الأطراف المعنية بصلابة الأوراق التي تملكها داخل سوريا.
ويدور جدل داخل إيران حول موقع طهران من التسوية السورية التي تجري برعاية روسية تركية.
وتعتبر بعض الأوساط الإيرانية أن الاتفاق ثنائي الأطراف يجعل من روسيا وتركيا دولتين راعيتين لاتفاق وقف إطلاق النار، بما يضع إيران وميليشياتها والنظام السوري ضمن الحصة الروسية التي تضمنها موسكو، فيما تتولى تركيا ضمان أطراف المعارضة.
ورأت هذه الأوساط أن هذه المقاربة لا تلحظ الحصة الوازنة التي تريدها طهران في أي تسوية مقبلة.
وفي رده على سؤال حول “تجاهل روسيا لمصالح إيران في سوريا”، سعى ولايتي إلى التأكيد على أن بلاده تواصل التنسيق مع موسكو حيال سوريا.
إلا أن مراقبين في العاصمة الروسية رأوا في موقف مستشار خامنئي حول بقاء حزب الله في سوريا رسالة واضحة إلى الطرف الروسي تهدف إلى تلغيم الطريق نحو أستانة بشروط استباقية تأخذ بعين الاعتبار ما تمتلكه إيران من نفوذ ميداني منتشر على كافة الجبهات السورية.
وجاء الموقف الإيراني الجديد بعد أيام على زيارة المسؤولين السوريين وليد المعلم وعلي مملوك إلى طهران.
واعتبرت مصادر تركية أن تصريحات ولايتي حول وجود حزب الله في سوريا هو رأس جبل الجليد لاستراتيجية شاملة ستعتمدها طهران في مقاربة الورشة الروسية لإنتاج تسوية ما في مفاوضات أستانة.
وأشار مستشار خامنئي إلى أن “مستقبل سوريا ومفاوضات السلام ستعقد في محور الحكومة السورية وأصدقائها”.
وقالت هذه المصادر إن هذا الموقف موجّه مباشرة ضد أنقرة التي لا تعتبر نفسها من محور الحكومة السورية، وهي ما برحت تردد لازمة أن لا دور للرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل سوريا.
كما أن هذا الموقف موجه ضد احتمال ضم دول أخرى مناوئة لدمشق إلى الورشة الروسية في أستانة.
واعترفت مراجع دبلوماسية روسية أنها لم تفهم تصريحات ولايتي في أنه “لن يكون هناك مكان للجهات التي تبادر إلى تسيير محادثات السلام خارج إطار حكومة هذا البلد وإرادة شعبه”.
وبدا هذا التصريح غير مبرر خاصة أن موسكو كانت حريصة دوما على عدم السماح بأي جهد دبلوماسي دولي إلا من خلال الحكومة السورية، حتى أنها لم توافق على القرار الأممي الأخير بإشراف مراقبين دوليين على صفقة حلب إلا من خلال تثبيت موافقة حكومة دمشق على ذلك.