فنجد في كتبهم ما هو مستهجن عند العامة حتى تكاد تكون متّهما لو نقلت الى معظمهم فحوى تلك المقاطع الغريبة عن عقولهم وعن ممارساتهم .
وهذا الرّفض يُعتَبر إنجازا انسانيا بامتياز ، لولا وجود مَن يصرّ على اعتبار ما ذُكر أعلاه من المسائل مسلّمات لا يسمح بالمسّ بها ويجد لها في قاموسه من المبرّرات التي يشيب لها الرّضّع .
ويستأنسون بما رُوي زورا من أن النبيّ صلى الله عليه وعلى آله الكرام تزوّج بعض أزواجه وهي لمّا تبلغ سنّ البلوغ بعد .
والعجيب أنهم يقرؤون القرآن الكريم الذي يحدّد بوضوح علّة الزّواج وضوح الشّمس باعتباره آية من آيات الله تهدف الى السّكينة التي لا تتمّ بغير المودّة والرّحمة بين الأزواج .
بالإضافة الى جمهور من الأحاديث الصّحيحة التي تفرض على الزّوجين واجبات وفروض لا يمكن أن يقوم بها غير النّاضج المدرك الذي أدرك الغاية وفهم الهدف من بناء تلك المؤسسة القائمة على الشّراكة وتحمّل الأعباء المفروضة بكلّ وعي .
عدا عن العقوبات المفروضة على الطرفّ الذي يخلّ بمقدّسات العقد المبارك الذي التزموا به دون الزام أو اكراه أو حتى استحياء .
والتي لا يصحّ فرضها على غير المدرك قطعا، فكيف يصحّ أن ننسب ذلك الى الباري سبحانه وشريعته السمحاء .
ومن المُلاحظ دون جهد اعتبار العقود التي يجريها وليّ احد الطّرفين أو كلاهما دون أن يكون للعروسين الرّضيعين أو القاصرين أيّ علاقة بالرّفض أو الإيجاب طبعا لوضوح أنهما في عالم لا شأن له بعالم العقود وحتما لا يفقهان معنى الرّغبة وما الى هنالك من المسائل المتعلقة بهذا الواقع .
إقرأ أيضا : الشهادة بين العقيدة الإسلامية والعرف السائد
علما أن هذا القاصر لا تُقبل له شهادة ولا يصحّ منه انشاء عقد بيع أو شراء أو مطلق عقد من العقود المشروعة للكبار .
والأغرب الأغرب أن زواج كبير من قاصر دون تحديد العمر غير مُستبعد بل هو جائز ومقبول دون فرق بين أن يكون الكبير ذكر أو أنثى ويكون بطل هذه الجريمة بحسب تلك المرويّات وليّ احد الطّرفين الذي شاء القدر أن يكون ولي أمره جاهلا الى أبعد حدّ ممكن وسعيد أو سعيدة الحظّ !!!(الزوج أو الزّوجة ) .
ويتناسى مَن يتمسّك بكلّ ذلك بأن ينبّه الراشدين الى كيفية إختيار الشّريك التي عندنا لها من الأحاديث ما لو أُلّفت فيها عشرات الكتب لقصّرت في شرح الحكمة منها ، كما ورد عن المصطفى (ص): إياكم وخضراء الدّمن ، فقالوا يا رسول الله وما خضراء الدّمن فقال المرأة الحسناء في منبت السوء .
كدلالة على اهمّية اختيار الزّوجة العاقلة ذات الخصال الحميدة ، وعدم النّظر الى جمالها أو مالها ، أو المصلحة مهما كانت .
وكلّ ذلك لا ينطبق على الصّغيرين قط ، لعدم قدرتهما على الإختيار .
وأيضا قوله (ص): اذا جاءكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوّجوه .
كدلالة على ضرورة توفّر الأخلاق الحسنة والمحبّبة في الزّوج وحسن التّدين أي أن نضمن عدم مخالفته الشّريعة في بعض واتباعها في بعض ، وذلك لأن القرآن الكريم يفرض المودّة والرّحمة في التّعامل مع الشّريك وليس السلطة والإستفراد في أخذ القرارات البيتية ومنها الطّلاق الذي يُفسد المجتمع قبل الأسر وهو يحصل بسبب عدم اعطاء الفرصة للإختيار السليم للشريك عن تدبّر وإدراك .
كلّ ذلك مسكوت عنه نقدا ، فقط لأننا نخشى مواجهة الموروث ولو خالف البيّن من القرآن الكريم ، لغلبة العقل المبني على تقبّل النّافر على حساب ديننا وشريعتنا وكتابنا المحفوظ من ربّ العباد وأيضا على حساب فكرنا الديني الذي بات عرضة لهذا وذاك ...
ثبّتنا الله بالقول الثابت وسلّمنا من المتعصّبين (المؤمنين ) !وحمى مجتمعنا من مخاطر تلك الموروثات التي نشجّع مخالفتها حتى الإندثار .