وتضمن المحضر الذي كشفت عنه وثائق الأرشيف الوطني البريطاني المذكورة أعلاه، أن رفعت الأسد بقي يحتفظ بمنصب "نائب الرئيس" حتى العام 1998، وذلك بعد أن جرّده حافظ من أهم قواته العسكرية آنذاك (سرايا الدفاع) ونفيه مع مبلغ مالي ضخم، قيل وقتها إنها ميزانية الدولة السورية.
وبحسب الوثائق التي رفعت عنها السريّة وترجمتها صحيفة "الحياة" اللندنية اليوم، أنه في 3 نيسان (أبريل) 1990، تلقى وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيرد وتشارلز باول (السكرتير الخاص لرئيس الوزراء ماغريت ثاتشر) رسالة من النائب في البرلمان جوليان أمري تضمنت محضراً لاجتماع عقده مع "نائب الرئيس السوري" خلال عطلة نهاية الأسبوع (31 آذار - مارس - 1 نيسان) في إسبانيا.
ويروي محضر اللقاء، في العام 1990، أن رفعت كان يأمل بالعودة إلى سوريا مستغلاً اضطرار أخيه حافظ الأسد إلى الانفتاح على الغرب في إطار تأقلمه مع بدء انحسار نفوذ الاتحاد السوفياتي الذي كان لفترات طويلة حليفاً أساسياً لنظامه.
وينقل المحضر عنه قوله "إنه لن يعود إلى دمشق ما لم تتم إعادة تنصيبه في منصبه القيادي السابق، ويُسمح له بأن يعود معه عدد من الضباط الذين تبعوه إلى المنفى".
وجاء في رسالة أمري: "ذهبت لرؤية رفعت الأسد خلال نهاية الأسبوع في البانوس، قرب ماربيا، حيث يملك عقاراً. كان يحاول منذ بعض الوقت أن يرتّب لقاء/ أرفق طيّه ملاحظات عن مناقشاتنا".
ومن ملاحظات أمري التي وردت في الوثائق أنه قال "لم يستجب حافظ الأسد، كما يبدو، لمطالب شقيقه الذي كان جرّده منذ العام 1984 من قوّته العسكرية الأساسية (سرايا الدفاع) ونفاه إلى خارج سورية بمنصب «نائب الرئيس» حيث تبعه عدد من قادة الوحدات العسكرية الموالية له.
وما زال رفعت حتى اليوم يعيش في المنفى، لكن المحضر البريطاني يعيد التذكير بحقبة الصراعات داخل عائلة الأسد، مشيراً إلى علاقات رفعت بزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، في رد كما يبدو على محاولات حافظ شقّ المنظمة وقلبها ضد زعيمها.
وأُرفقت رسالة النائب البريطاني إلى رئيسة الوزراء ووزير الخارجية بمحضر حمل عنوان "ملاحظات في شأن لقاء بين نائب الرئيس السوري رفعت الأسد والنائب جوليان أمري يوم السبت 31 آذار 1990 في البانوس قرب ماربيا من الساعة 8 مساء حتى منتصف الليل».
وأضاف المحضر: «عقدت لقاء مع نائب الرئيس استمر ساعتين (محادثة مترجمة) تلاه عشاء. كان (رفعت) يطلب اللقاء منذ بعض الوقت. لم يكن لديه شيء جديد ليقوله. اعتقد بأنه ببساطة كان تواقاً لإبقاء خط الاتصال مفتوحاً.
بدأ رفعت بالحديث عن آماله الكبيرة بحصول تغيير أساسي في ســـياسة سوريا في آب (أغسطس) العام الماضي. لقد أُجهضت تلك الآمال. في رأيه الوضع لم يتغيّر تغيّراً كبيراً منذ ذلك الوقت باستثناء التحسن في العلاقات بين سورية ومصر. يميل إلى الاعتقاد بأن هذا (التحسن إنما هو) حملة علاقات عامة من كل من القاهرة ودمشق».
وتابع المحضر ناقلاً عن رفعت: «في سوريا نفسها الوضع يتدهور لأسباب عدة. الوضع الاقتصادي يسوء ولا يمكن تحسينه من دون الابتعاد عن (سياسة) التحكّم في السوق. لبنان يستهلك قدرات (سوريا) ورجالها. عودة الأردن إلى الحكم البرلماني تطرح أسئلة محرجة في دمشق. التأييد السوفياتي يتراجع في شكل واضح. ما زالت موسكو ترسل السلاح لكنها قلّصت في شكل كبير الدعم المادي والمعنوي، وهذا أمر يصبح جلياً. الدعم السعودي يبدو أيضاً أنه في تراجع. ما زال هناك أمل بالدعم الأميركي».
واختتم أمري محضره بالقول "جاء إليّ رفعت بعد ظهر اليوم التالي لتوديعي، سألني عن علاقتي بياسر عرفات، عندما قلت له إنني لم أقابله قط، قال إنه سأل فقط لأنه اعتقد بأنني يمكن أن أطلب إرسال تحياتي له كونه سيأتي لرؤية رفعت في مساء اليوم ذاته، (فهمت أن حافظ يدعم جماعة فلسطينية منافسة لمنظمة التحرير الفلسطينية لذلك فإن منظمة التحرير تحاول خطب ود رفعت). جوليان أمري".