لن يستطيع الذين يمارسون مهنة العرافة، واليوم موسمهم السنوي مع نهاية كل عام، الإحاطة بتطورات سوريا التي صارت اليوم قضية إقليمية ودولية في آن. ربما كان إتفاق وقف النار الذي بدأ سريانه بالامس أمرا يدعو الى الاسترخاء بعض الشيء، لكنه إتفاق مدعوم فعليا من روسيا وتركيا فيما كانت الولايات المتحدة الأميركية مبتعدة وإيران حذرة على رغم الالفاظ المنمقة التي أطلقها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف.
ما يدعو الى إعتماد سياسة "إنتظر وأنظّر" هو ما كشفه ديبلوماسي روسي زار طهران منذ وقت قريب جدا أمام سياسيين لبنانيين عن الموقف الايراني من التطورات الجارية بعد معركة حلب، فنقل عن مسؤولين إيرانيين قولهم "أن الجمهورية الاسلامية لن تتخلّى عن دمشق وبيروت في أي ظرف" في إشارة الى ان أي مشروع حل قد يفضي الى تسوية تقضي بإنسحاب طهران وتاليا "حزب الله" ليست واردة في القاموس الفارسي.
ما صدر بالامس عن الكرملين من أن الرئيس السوري بشار الاسد أكد في إتصال هاتفي مع الرئيس فلاديمير بوتين "إستعداد حكومته التزام إتفاق وقف النار ومواصلة العملية السياسية " بدا وكأنه محاولة من موسكو لكي يلتزم النظام السوري علنا التحرك الجاري برعاية روسيا بغية إقناع المجتمع الدولي بعزمها الجاد على إدارة دفة الاحداث في سوريا.لكن الديبلوماسي الروسي المشار اليه أعلاه يقول أن بلاده غير متمسكة ببقاء الاسد إذا ما اقتضت التسوية النهائية تنحيه. ويضيف: "لم تعد حساباتنا في سوريا مثلما كانت أيام حافظ الاسد.أن نجله بشار غير والده تماماً، ملمحا الى ان إرتباط الرئيس الابن بطهران يتقدم على علاقته بموسكو.
في لقاء أجراه مراسل قناة "روسيا اليوم" في طهران قال وزير الدفاع الايراني حسين دهقان: "في المرحلة الحالية هناك بشار الاسد الاسد... أما أن يأتوا ويقولوا أنه يجب على بشار الاسد أن يترك السلطة فهذا هراء".
في العدد السنوي لمجلة "الايكونوميست" البريطانية والذي حمل عنوان "العالم في 2017" أن الاسد "سيبقى على ساحله بلا شك، آمنا من الاطاحة به على يد المتمردين بفضل الدعم الروسي.غير أنه وبالتوازي لن يكون قادرا على بسط سيطرته على القسم الاعظم في البلاد.إن الجهادية ستزدهر هناك بين الانقاض".
عام 2017 سيكون عام الخليفة ابو بكر البغدادي الذي صار في الرقّة كما تقول المصادر الاميركية بعدما أوشكت الحرب على "داعش" على إنجاز تصفية وجود هذا التنظيم في العراق بفضل الدعم الاميركي الواسع. كما أنه سيكون عام الاسد في دمشق بدعم إيراني واسع بفضل عشرات الالاف من العناصر الايرانية والموالية لها وفي طليعتها "حزب الله".في رأي الخبراء ستكون سنة 2017 سنة "تانغو" الاسد والبغدادي. ومن بيروت يشعر المرء بأن السنة الجديدة ستكون سنة الانفجار الكبير في سوريا.