لن ينسى العالم تاريخ 29 كانون الأول، فأمس أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن توصل بلاده وتركيا إلى اتفاق لوقف إطلاق نار شامل في سوريا، اتفاق يأمل كثيرون في أنّ يضع حداً للحرب المستعرة منذ العام 2011، ولكن كيف قرأه المحللون؟


تفاءل المحلّل في صحيفة "الغارديان" البريطانية، باتريك وينتور، باتفاق وقف إطلاق النار، معدّداً 4 عوامل من شأنها أن تساهم في كتابة نهاية هذه الحرب تتمثل بـ: حس الخيبة النابع من الاستنزاف، والانقلاب الحاسم في الموازين العسكرية، وإعادة توزيع أدوار اللاعبين الأساسيين والتحوّل في التحالفات الديبلوماسية.

وفي التفاصيل التي استند إليها وينتور لشرح العوامل المذكورة أنّ التدخل الروسي رجح كفة الأسد، وأنّ خسارة هيلاري كلينتون في الانتخابات كتمت الأصوات المعارضة لروسيا والداعية إلى تدخل أوسع في سوريا، وأن فوز ترامب في الانتخابات يقدّم لدعم أميركي للرئيس السوري بشار الأسد على حساب المعارضة المدعومة سعودياً وأنّ تركيا قرَّرت مصالحة بوتين.

في هذا الصدد، ذكّر وينتور بالأكلاف الباهظة التي تكبدتها السعودية نتيجة مشاركتها في حرب اليمن، وبالاستثمارات الخليجية في روسيا وبتقرّب مصر من موسكو، معتبراً أنّ هذه التطورات تؤشر إلى أنّ العراقيل أُزيلت من درب السلام في سوريا.

في المقابل، أكّد وينتور أنّ نهاية الحرب السورية لن تكون بالمهمة السهلة بالنسبة إلى روسيا، في ظل تشديد تركيا على ضرورة تنحي الأسد، والاختلاف حول تحديد الفصائل التي ستشارك في المفاوضات بإسم المعارضة، واتساع النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن والأراضي الفلسطينية، واحتمال عدم مشاركة الأكراد في محادثات السلام المزمع إجراؤها في أستانة، وانحسار دور واشنطن على حساب موسكو.

من جهته، رأى موقع "ديبكا" الاستخباراتي الإسرائيلي أنّ اتفاق وقف إطلاق النار هذا يقرّب الحرب السورية إلى نهايتها أكثر من أيّ وقت مضى، متحدِّثاً عن الدور الذي لعبته إيران إلى جانب كلّ من روسيا وتركيا، وتدخل موسكو العسكري الذي قلب الموازين لصالح الأسد، بالإضافة إلى محادثات السلام المقبلة.

في السياق نفسه، تطرّق الموقع إلى توقيت إعلان بوتين عن التوصل إلى الاتفاق، لافتاً إلى أنّ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، دعا الأربعاء الفائت إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا، بعد تدخلها المزعوم في نتائج الانتخابات الأخيرة التي انتهت بفوز دونالد ترامب من جهة، وإلى أنّ وزير الخارجية جون كيري ألقى خطاباً مساء اليوم نفسه هاجم فيه سياسة الاستيطان الاسرائيلية من جهة ثانية.

وفي معرض تعليق الموقع على خطاب كيري، اعتبر أنّ فحواه ونبرته يدلان على بُعد الولايات المتحدة الأميركية عن التطورات التي شهد عليها الشرق الأوسط مؤخراً وعلى انحسار تأثيرها في الأحداث المفصلية، محللاً وقف إطلاق النار كما يأتي:

1. لا يمكن لسوريا الاحتفال بالسلام أو حتى بوقف كامل للأعمال العدائية، إذ يستثني اتفاق وقف إطلاق النار تنظيمي "داعش" و"جبهة فتح الشام"، ما يعني أنّ الجيش السوري وحلفاءه سيركزون على استهدافهما، على حدّ الموقع. إلى ذلك، تحدّث الموقع عن إمكانية رفض بعض المجموعات المعارضة المشمولة في وقف إطلاق النار الهدنة واتقاق السلام خلال المفاوضات المقبلة، مقابل مشاركتها بأسلحتها في القتال في صفوف المجموعات المتشدّدة الأخرى.

2. ستواجه الإدارة الأميركية العتيدة بقيادة ترامب تحديات خطيرة إثر ازياد تأثير روسيا في العالم وكسبها موقعاً استراتيجياً قوياً في الشرق الأوسط بعد سقوط حلب بيد الأسد بدعم منها وتوصلها إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في سوريا، ما أكسبها موقعاً استراتيجياً قوياً في الشرق الأوسط، بحسب الموقع. في هذا الإطار، رأى الموقع أن توجيه موسكو دعوة لواشنطن للمشاركة في محادثات السلام، بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض، حوّل الولايات المتحدة إلى لاعبة كسواها من الدول بعدما كانت تشكّل قوى عظمى.

3. اعتبر الموقع أنّ روسيا، بحديثها عن إمكانية سحب عدد من قواتها من سوريا، وجهت دعوة إلى إيران و"حزب الله" والقوات الأخرى لبدء سحب مقاتليها، متوقعاً أن تتجاهل طهران هذه الرسائل في بداية مراحل اتفاق وقف إطلاق النار على الأقل.

4. سيبقى الأسد في سدة الرئاسة، إذ لم يطلق أوباما دعواته لتنحيته في أوقات مناسبة، ناهيك عن أنّ هذه الدعوات لم تكن واقعية، على حدّ ما أورد الموقع.

 "لبنان 24" - The Guardian - Debka)