الفضول من طبيعة النفس البشرية، لذا أصبح الإيمان بعلوم التنجيم والتي تدعي التنبؤ بالغيب حاضرا بقوة في بعض المجتمعات، فالكل طواق لمعرفة هل سيعمل؟ هل سيتزوج؟ هل ..؟هل..؟
وهذا ما يحصل في نهاية كل عام حيث يتسمّر المشاهد أمام شاشات التلفزة لمتابعة هذا البرنامج أو ذاك وقد أتاحت هذه الشاشات الوقت الكافي لما يسمى بالعرافين والعرافات على حساب المهنية والشفافية .
وحتى مع إيمان البعض الآخر بكذب ما يقوله المنجمون بشأن ما يتعلق بالمستقبل فإنهم أيضا يجربونه من باب التسلية، لذا نجد هذا الإقبال على علم الخرافات كما يسميه العلماء إقبالا واسعا، حتى أصبحت له ضروب وطرق شتى، جعلت جل الناس وبالأخص الجهلاء والأميين وطبقة الفضوليين فريسة سهلة للدجالين والنصابين.
من الناحية العلمية يدحض العلم كل هذه الخرافات، كذلك الديانات السماوية تحرمها جملة وتفصيلا.
وفيما يلي قراءة في تاريخ ونشأة بعض هذه التقاليد.
إقرأ أيضًا: توقعات ماغي فرح العاطفية لـ2017
التنجيـــم
التنجيم نسبة للأجرام السماوية وما يمكن أن توفره من معلومات حول الأمور الدنيوية، ويسمى من يعمل بالتنجيم بالمنجم، وخلال الألفية الثالثة ظهرت العديد من التقاليد والطقوس التي تستخدم المفاهيم الفلكية وقام البابليون والآشوريون بنقلها إلى مناطق مختلفة كالهند والصين.
حتى تم الخلط بينه وبين علم الفلك ولم يتم التمييز بينهما إلا بعد عصر النهضة، وعبر تاريخه الطويل تعرض التنجيم لكثير من التطورات والتغيرات، ومن تقاليد التنجيم الهامة بالنسبة للمنجمين التنجيم العربي والفارسي، وتنجيم مايا.
قراءة الكف
إحدى الطرق الموجودة في التراث الشعبي لدى البعض ويقال أنها تمكنهم من التنبؤ بالمستقبل، ذلك عبر قراءة التعرجات والخطوط على كف الإنسان ، عرفت هذه الممارسة منذ وقت قديما قد يعود إلى 3000 قبل الميلاد في بلاد الرافدين، الهند والصين وبقيت تتناقلها الأجيال جيل بعد جيل.
يعد أنجاويدا هو أقدم توثيق مكتوب يلقي الضوء على هذه الممارسة في الهند، كما عرفها اليونانيون والرومان وأسموها (قحافة اليد)، ومنذ القرن الرابع الميلادي حظرت الكنيسة قراءة الكف وكان كل من يخرق هذا الحظر يعتبر كافرا ، ومع توافد الغجر على أروبا في العصور الوسطى انتشرت طرق قراءة الكف بشكل كبير، وكذلك في عصر النهضة، ومن وجهة نظر العلم هي مجرد خزعبلات ولا توجد أي أبحاث تثبت صحتها.
إقرأ أيضًا: بالتفاصيل.. توقعات كارمن شماس لأبراج 2017
ضرب الودع
ويسمى في مورتانيا (قزانة الودع)، وهو نوع من التنجيم لمعرفة الطالع وأسباب بعض المشاكل، وفي الغالب تقوم بها النساء، ويقوم بضرب أو تحريك الودع بشكل عشوائي يدعي من خلاله قراءة بعض الأمور وليس فقط التنبؤ بالمستقبل..
ويعد الغجر هم أشهر من قام بضرب الودع ، ومن الطريف أنه يشترط وضع بعض النقود ليتمكن من قراءة الطالع بصورة أوضح.
قراءة الفنجان
عادة تركية قديمة، مارسها الأترك قديما عند المعابد، إذ كانوا يقومون بشرب القهوة وترك الفنجان للبابا لقراءة المستقبل، وبنظر المنجمون هناك طرقا وشروطا كي تكون القراءة صحيحة كما يدعون كأن تكون القهوة سادة ومضاف إليها بعض الروائح كالعنبر وحب الهال.
وأن يتنفس صاحبها شهيقا وزفيرا مع كل رشفة، ويرجع علماء النفس هذه الظاهرة إلى الكبت والضغوط النفسية التي يعاني منها الشخص وعجزه عن حل مشكلاته بطرق علمية سليمة.
أوراق التاروت
مجموعة من الصور الرمزية يستخدمها العراف لقراءة حياة الشخص ومستقبله كما يدعي، اختلفت أصول تسميته إذ ينسبها البعض إلى كلمة توراة، ويرى آخرون أنها مركبة من كلمتين بالهروغليفية (تا) و (رو) ويقصد بها الطريق الملكي.
كما قيل أن أصلها هندوسية نسبة إلى Tara أم الآلهة الهندوسية، لم يعرف أحد كيف نشأت هذه الممارسة، إلى أن أنطوان كورت مؤلف كتاب ” العلم البدائي” يرى أن أول ظهور لهذه الأوراق كان في أرويا في منتصف القرن الرابع عشر.
الكرة البلورية
تعتبر من أشهر الأدوات التي يستخدمها العرافون للكشف عن الطالع إلى جانب المرايا السوداء وماء البحيرة الراكد، وقد جاءت في القصص الشعبية كعلامة مميزة للسحرة والأشرار، ويعتبر هؤلاء العرافون أن بلورة الكريستال أفضل تلك الأنواع إذ أنها تحتوي كما يزعمون على بعض الذبذبات..
بينما يرى آخرون أنه لا يهم معدن البلورة، ويرى علماء النفس أنها محض خرافة لا أكثر، وأن الأجواء التي يقوم بها العراف تنقله من حالة ذهنية إلى حالة ذهنية أخرى مختلفة عن حالة الوعي الكامل وما يراه من خيالات و صور ناتجة عن تأثير الإضاءة الخافتة و حالة الهدوء و التركيز.
أما اليوم فإن ما نشاهده على شاشات التلفزة من ظهور لبعض العرافين والعرافات يأتي في هذا السياق إذ لا خلفيات علمية منطقية له وإن انتظار المشاهد لمثل هذه البرامج ما هو إلا من قبيل التسلية من جهة ومن جهة ثانية الفراغ الذي يصيب بعض العامة من الناس إذ يلجأون لمثل هذه البرامج كفضول لا أكثر.