واجه اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، الذي توسطت فيه روسيا وتركيا اللتان تدعمان أطرافاً مختلفة في الصراع، بداية هشَّة بعد منتصف الليل، في أحدث مسعى لإنهاء الحرب في سوريا.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقف إطلاق النار، أمس الخميس، بعد إعداد الاتفاق مع تركيا التي تدعم المعارضة السورية منذ وقت طويل.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومسؤول بالمعارضة إن "اشتباكات وقعت بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية على امتداد الحدود الإقليمية بين إدلب وحماة، وإنه تم سماع إطلاق نار على نحو متفرق في جنوب البلاد، بعد أقل من ساعتين من سريان الهدنة. لكن الأطراف المتحاربة توقفت على الأرجح عن إطلاق النار في الكثير من المناطق الأخرى".

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن "الولايات المتحدة قد تنضم إلى عملية السلام فور تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة في 20 كانون الثاني، وعبّر أيضاً عن رغبته في انضمام مصر والسعودية وقطر والعراق والأردن والأمم المتحدة".

وأعلن متحدث باسم الجيش السوري الحر، أن "الجيش الحر" سيلتزم بوقف إطلاق النار. وعبر أحد قادة المعارضة أيضاً عن تفاؤله بصمود هذا الاتفاق الذي يعد ثالث محاولة هذا العام لوقف إطلاق النار في سائر أنحاء البلاد.

وسادت حالة من التشوش حول جماعات المعارضة التي سيشملها الاتفاق؛ إذ قال قال نظام الأسد إن "اتفاق الهدنة لا يشمل تنظيم داعش ولا المقاتلين التابعين لجبهة فتح الشام التي كانت تعرف باسم جبهة النصرة ولا أي فصائل على صلة بتلك الجماعات".

لكن مسؤولين بالمعارضة قالوا إن "الاتفاق يضم جبهة النصرة التي أعلنت في تموز قطع صلتها بتنظيم القاعدة". فيما قالت حركة "أحرار الشام" القوية إنها لم توقع على اتفاق وقف إطلاق النار وإن لديها "تحفظات" ستوضحها في الوقت المناسب.

ويعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي جاء في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس باراك أوباما، أول مبادرة دبلوماسية دولية كبيرة في الشرق الأوسط خلال عقود لا تشمل الولايات المتحدة.

ودخل الاتفاقان السابقان اللذان توسطت فيهما روسيا والولايات المتحدة حيز التنفيذ في شباط، وأيلول الماضيين، لكنهما انهارا خلال أسابيع، فيما تبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات بانتهاك الهدنة وازدادت حدة القتال.

مؤتمر أستانة

وتنوي روسيا، بُعيد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا، عقد محادثات بين المعارضة السورية والحكومة؛ لبحث الحل في البلاد.

وقال بوتين إن "الأطراف على استعداد أيضاً لبدء محادثات سلام المقررة في أستانة عاصمة كازاخستان". وذكرت وسائل الإعلام السورية الرسمية في وقت متأخر يوم الخميس أن هذه المحادثات ستبدأ قريباً، مضيفاً أن "جماعات المعارضة والحكومة السورية وقعتا عدداً من الوثائق، بينها اتفاق وقف إطلاق النار وإجراءات مراقبة الاتفاق وبيان بشأن الاستعداد لبدء محادثات السلام".

وستفاوض الحكومة السورية هذه المرة من موقف قوة بعد أن تمكنت قواتها وحلفاؤها، من دحر المعارضة في آخر معاقلها بحلب هذا الشهر.

وأدت حملة جوية روسية، منذ أيلول العام الماضي، إلى تحويل دفة الحرب لصالح الحكومة، وغادر آخر مقاتلين للمعارضة حلب إلى مناطق لا تزال تحت سيطرة المعارضة إلى الغرب من المدينة ومنها محافظة إدلب.

تقارب تركي روسي

ويأتي هذا الاتفاق حول سوريا، في أعقاب عودة الدفء للعلاقات بين روسيا وتركيا.

واكتسبت المحادثات بشأن وقف إطلاق النار زخماً بعد أن قالت روسيا وإيران وتركيا إنها على استعداد لدعمه وتبنت إعلاناً يحدد مبادئ سيتعيّن على أي اتفاق أن يلتزم بها.

ورغم أن أنقرة من كبار رعاة المعارضة المناهضة للأسد، فإن الإطاحة به أصبحت عنصراً ثانوياً مقارنة بمحاربة التوسع الكردي في شمال سوريا، فيما تبدو فرص معارضي الأسد في الإطاحة به أبعد من أي وقت مضى طوال الحرب.

وتم تهميش واشنطن في المفاوضات الأخيرة، ومن غير المقرر أن تحضر الجولة المقبلة من محادثات السلام في كازاخستان وهي حليف وثيق لروسيا.

وقال مسؤولون إن استبعاد واشنطن يبرز تنامي إحباط تركيا وروسيا بشأن سياسة واشنطن تجاه سوريا.

وأعربت واشنطن عن ارتياحها من اتفاق وقف إطلاق النار واصفة إياه بـ"الإيجابي"، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر: "نأمل أن يتم تنفيذه بشكل كامل واحترامه من كل الأطراف".

وقال جيمس دوبينس، وهو دبلوماسي أميركي كبير سابق، إن "عدم مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات بين روسيا وإيران وتركيا لا تمنع أميركا من أن تكون عنصراً كبيراً فعالاً في المنطقة".

(هافينغتون بوست)