يودّع البقاعيون عامهم الحالي كما أعوامهم السابقة. الوداع لن يكون على فرح بل على مآسٍ مستمرة تنتقل من سنة إلى سنة.

بحسب روزنامة العام الذي سينطوي، يسجّل أهل البقاع شكاوى كثيرة من تضاعف الهموم وتعاظمها إلى مستوى النكبات. تفجيرات القاع وذكراها الأليمة، تفجير العين. تفجير كسارة زحلة. خوف من تحركات عسكرية عند أطراف جبل الشيخ وشبعا. الهاجس الأمني يطغى، ولكن لا يحجب هموم العيش وهي كثيرة.

وللسنة السادسة على إيقاع الأحداث السورية، لا يزال البقاع يدفع الفاتورة الأغلى لكل ارتدادات هذه الأزمة، وخصوصاً ملف النزوح الاجتماعي الإنساني، وهي ارتدادات تتبدّى في يوميات البقاعيين.

الأحزاب في زحلة
تفرض الحرب السورية إيقاعها في زحلة. تدخل في تفاصيل الحياة البقاعية. ترافقها «خربشات» تجلّت في استحقاق الانتخابات البلدية الأخيرة، التي أفرزت مشهداً «عشائرياً» كان قد بدأ يتلاشى، لكنه عاد. فقد أدت نتائج الانتخابات المذكورة إلى زوال كيانات عائلية وأخرى سياسية، خصوصاً في زحلة التي تصدرت العنوان الانتخابي الأكبر في البقاع. وقد تجلى ذلك في الموقعة البلدية التي جرت بين ثلاث لوائح (لائحة الأحزاب المسيحية الثلاثة ولائحة «الكتلة الشعبية» ولائحة النائب نقولا فتوش).

انتزعت أحزاب «القوات اللبنانية»، و «التيار الوطني الحر» و«الكتائب» الفوز بكامل عدد أعضاء المجلس البلدي، وبالتالي بقرار المدينة.

العنوان السياسي الثاني في البقاع دارت تفاصيله ضمن جغرافية منطقة البقاع الغربي وداخل الطائفة السنية إثر زيارة الوزير السابق عبد الرحيم مراد إلى «بيت الوسط» ولقائه الرئيس سعد الحريري، وهو أول لقاء سياسي بينهما منذ لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلا أن مفاعيل لقاء كسر الجليد لم تدم طويلاً، بدليل أن اللقاءات لم تتواصل بين الجانبين، لا بل بقي مسار العلاقة المتوترة بين الاثنين هو السائد حتى اليوم.

ارتفاع الحوادث الأمنية
أمنياً، شهد البقاع أحداثاً دموية كان أسوأها تفجيرات القاع. كما شهد تقاطع كسارة – زحلة – سعدنايل تفجير عبوة ناسفة بتاريخ 31 /8/ 2016 كانت تستهدف مواكب تقل مناصرين لـ «حركة امل»، وقد قتلت في الهجوم سيدة سورية وبعدها بعشرة أيام مغتربة لبنانية كانت قد قدمت من استراليا وأصيبت بجروح بالغة في الحافلة التي كانت تقلّها وآخرين. كما وقع انفجار في بلدة العين لم تتضح ملابساته حتى الآن، وأدى إلى مقتل نائب رئيس البلدية خالد حوري وهو من كوادر الحزب الشيوعي اللبناني في البقاع الشمالي.

إلى ذلك، ارتفعت عمليات الخطف التي وصلت إلى 20 حالة وتصدّر شهر نيسان وحده القائمة بخمس عمليات. كما ارتفعت عمليات سرقة السيارات، إذ أحصت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي سرقة 265 سيارة حتى نهاية شهر تشرين الثاني، ويمكن القول إن كل يوم تقابله سرقة سيارة.

وإشارت إحصاءات قوى الأمن الداخلي إلى سرقة 180 سيارة من أمام منازل أصحابها و65 سيارة بقوة السلاح اي على الطرق و20 سيارة بطرق مختلفة عبر الاحتيال او استئجار السيارات.

ولم تتوقّف عمليات تهريب البشر بين سوريا ولبنان عبر معابر غير شرعية، إذ قضى على هذه الطرق نحو 20 سورياً وجدت جثثهم قرب الحدود بين البلدين لدى محاولة دخولهم خلسة إلى لبنان.

اقتصاد إلى تراجع
استمر التراجع في قيمة الصادرات الزراعية والصناعية. وللسنة الخامسة على التوالي لا يزال اقتصاد المنطقة في غرفة العناية المركّزة، خصوصاً مع اشتداد الحرب السورية والاستمرار في إقفال الحدود السورية – الأردنية التي كانت تشكل المعبر الأساس لكل حركة التبادل التجاري البري بين لبنان وبقية الدول العربية وحتى تركيا.

بهذا لا تجد المحاصيل الزراعية البقاعية طريقاً أو سبيلاً للوصول إلى الأسواق العربية، خصوصاً أن الشحن البحري، وإن تكفّل، بحل جزئي لهذه المشكلة إلا أنه يحتاج إلى تطوير.
كذلك، فإن مشكلة محاصيل البقاع ازدادت سوءاً جراء الحدود المشرّعة أمام عمليات التهريب وإدخال آلاف الأطنان من الإنتاج الزراعي السوري، الذي شكل عاملاً سلبياً كبيراً على القطاع الزراعي في البقاع.

وثمّة مشكلات مقيمة في البقاع مثل مشكلة نهر الليطاني الذي تحوّل مصدراً للأمراض والأوبئة، فضلاً عن مشكلة المياه التي تفاقمت في العام 2016 بشكل غير مسبوق في تاريخ السهل، حيث تتزايد ظاهرة جفاف الآبار الارتوازية في ظل فوضى التراخيص، ناهيك عن انعدام الرقابة الرسمية.


سامر الحسيني