ملفات كبيرة أمام حكومة ذات عمرٍ قصير جدا , وأمام تحولات إقليمية فوضوية

 

السفير :

لا يشبه المشهد اللبناني عشية السنة الجديدة كل ما عداه منذ عقد من الزمن حتى الآن.
ليست المسألة مسألة ترف سياسي، بل مسألة وقائع أو الأصح موازين قوى تفرض نفسها لبنانيا وإقليميا.
منذ السنة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، وفي عز تورط القطريين والأتراك بدعم المعارضة المسلحة، كان السؤال الأساس: ما هو الثمن الذي ينبغي دفعه للدوحة وأنقرة حتى تجلسا إلى طاولة التسوية الإقليمية الكبرى؟
لم يقدم أحد جوابا مقنعا. ذهب القطريون يوم قال لهم السعوديون والأميركيون أن انتهى دور «الوكيل» بلا ثمن وبلا أي تنازلات. تقدم دور السعودية في الميدان السوري وبقي السؤال التركي بلا جواب.
اليوم، وعلى عتبة السنة الجديدة، ثمة مشهد جديد في سوريا وربما في المنطقة.
هواجس 2012 التي فجّرتها لحظة تفجير خلية الأزمة السورية في عاصمة الأمويين، لم تعد موجودة في حسابات موسكو وطهران ودمشق نفسها.. وحليف هؤلاء «حزب الله».
لم يعد هناك من خطر على سقوط النظام السوري، أقله بحسابات حلفائه، ولم يعد من الممكن أن تمر تسوية على حسابه وحده. التسوية الوحيدة ممرها الإلزامي أن يقدم الجميع تنازلات، بمن فيهم النظام، لن تكون بعيدة عن حسابات الميدان.
هذه هي صورة ما بعد حلب. السياسات والإستراتيجيات تتحول أو توشك على التحول. هذه هي قراءة ما بعد الاتفاق القاضي بوقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية باستثناء مواقع «التنظيمات الإرهابية»، اعتبارا من ليل 30 ـ 31 كانون الأول 2016.
المؤسف في هذا الاتفاق الروسي ـ التركي ـ الإيراني أن لا سوريا موجودة فيه ولا أي دولة عربية، ولو بصفة مراقب!
هل يمكن أن يصمد الاتفاق.. وينجح؟
لا يملك أحد جوابا حاسما والتجارب السابقة تقول إن زمن التسوية لم يحن لكن العبرة في النيات.. ومعظمها إيجابي وتبقى العبرة في التنفيذ والأفعال!
ما هو الثمن الذي يمكن أن تقبضه تركيا وما هو الثمن الذي يمكن أن تدفعه في الوقت نفسه؟
لا أحد يملك جوابا نهائيا حول هذه النقطة بالذات. يجب ترقب ما بعد دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. إذا صدرت إشارة أميركية ما تدل على وجود اتجاه لتسليم فتح الله غولن رجل الدين التركي المعارض لرجب طيب أردوغان، والمتهم بالمحاولة الانقلابية وباغتيال السفير الروسي في تركيا (من وجهة نظر الحكومة التركية)، يمكن تلمس مناخات تدل على استشعار أردوغان حجم المأزق الداخلي المتعاظم، وبالتالي حاجته إلى كل ما يدعم سلطته وإضعاف معارضيه.. ولو على حساب كل المعارضات السورية!
هل يكفي عزل تركيا عن المشهد السوري، أم ثمة حاجة لعزل السعودية ودول الخليج؟
ثمة انطباع سائد في موسكو أن تحييد تركيا هو الأساس، أما دول الخليج، فيجب انتظار ما بعد العشرين من كانون الثاني 2017. لن يمتلك الخليجيون ترف إجابة كهذه. إذا كان مسار الإدارة الأميركية الجديدة هو الهدنة مع موسكو وليس التصادم معها، وهذا هو المرجح، «فعلى دول الخليج أن تدفع فاتورة الحرب الدولية على الإرهاب.. وأي تردد، يعني التلويح بقانون جاستا»، على حد تعبير أحد الديبلوماسيين الشرقيين.
ثمة تشجيع أميركي نقله موفدون لدونالد ترامب إلى القيادة المصرية، بأن تستمر بالحفاظ على هوامشها الإقليمية. ليس المطلوب من مصر الانقياد إلى السعودية ولا الخروج عن الخطوط العريضة للسياسة الأميركية في المنطقة التي تأخذ في الاعتبار أولا وأخيرا مصلحة إسرائيل. هل يكون مفاجئا مثلا أن نرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعطي الأوامر في عام 2017 للقوات المصرية بالانخراط في محاربة الإرهاب على أرض ليبيا؟
لا شيء مستبعدا من هذا القبيل.
المشهد في المنطقة يتغير.. والعبرة في ما بعد تسلم دونالد ترامب سدة الرئاسة الأولى. ثمة صندوق أسود. كل يوم قد يتحف المنتظرين بمفاجأة من العيار الذي ينتظره أو يصدمه!
هل يمكن لرجل عاقل في المنطقة ولبنان أن لا يقرأ هذه الوقائع؟
هذا هو معنى قول رئيس حكومة لبنان سعد الحريري إنه مستعد لتدوير الزوايا والتضحية من أجل البلد. لم يعد مطلوبا من زعيم «14 آذار» أن يقرأ أدبيات لا تمت بصلة إلى الواقع. صار واقعيا بحكم الضرورة وما كان في دائرة المستحيل في عام 2016 صار ممكنا في عام 2017.
هل يمكن مثلا أن يتطور الحوار المفتوح بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، برعاية عين التينة، في عام 2017، إلى حد التأسيس لإعادة اجتماع السيد حسن نصرالله وسعد الحريري للمرة الأولى منذ آخر لقاء بينهما قبل نحو سبع سنوات؟
لن يكون مستغربا أن يكون الجواب إيجابياً، أقله، في ضوء الضوء الأصفر السعودي للحريري بأن يتحرر من اعتبارات المملكة وأن يتصرف وفق مصلحته وأن لا ينتظر إذنا منهم لا في هذه ولا في غيرها من العناوين المحلية.
هذه اللاممانعة السعودية، من شأنها أن تفتح أبوابا سياسية جديدة قد تؤدي إلى تعديل بعض قواعد اللعبة المحلية. يكفي لكثر من أهل السياسة أن يستمعوا إلى ما يردده من يمثّل المملكة في لبنان اليوم وبالفم الملآن: «انتهى زمن الحصرية السياسية.. لم يعد أحد في لبنان يحتاج إلى سعد الحريري ممرا إلزاميا للتواصل معنا. خطوطنا مفتوحة مع جميع اللبنانيين مباشرة باستثناء من قرر أن يستعدينا (في إشارة واضحة إلى «حزب الله»)».
لا «تتحرر» السعودية وحدها. «سعدها» في لبنان أيضا يتحرر. ماذا بعد دخول الحريري إلى السرايا، بالأمس، قابضا على ثقة 87 نائبا فقط؟
عهد جديد. حكومة جديدة. الباقي على جدول الأعمال هو قانون انتخابي. الكل يغنّي على موّاله. «الثنائي الماروني» طموحه التوصل عبر «الستين» أو «المختلط» أو «النسبي» إلى قانون يعطيه «الثلث المعطل» في مجلس النواب، وهو يساوي 44 نائبا من أصل 128. لا رئيس جمهورية يمر إلا عبر ممر إلزامي مسيحي ولا شيء يحتاج إلى الثلثين إلا عبر «الثنائي».
من يلتقط الإشارة؟

 

النهار :

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقاً لوقف النار بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة بدءاً من منتصف ليل الخميس - الجمعة. وكان هذا الاتفاق ثمرة التقارب الاخير بين موسكو حليفة دمشق وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة.
وهو ثالث اتفاق لوقف النار على مستوى البلاد سنة 2016. وانهار الاتفاقان السابقان اللذان توسطت فيهما روسيا والولايات المتحدة خلال أسابيع، فيما تبادل الأطراف المتحاربون الاتهامات بانتهاك الهدنة. ولا يشمل الاتفاق الحالي الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة.
وكانت المعارضة المسلحة قد مُنيت بهزيمة كبيرة في مدينة حلب حيث اضطلعت الغارات الجوية الروسية والقوات البرية التي تدعمها إيران بدور كبير في مساعدة الحكومة على طرد مسلحي المعارضة من الأجزاء الشرقية من حلب.
واكتسبت المحادثات في شأن وقف النار زخماً بعدما أبدت روسيا وإيران وتركيا استعدادها لدعمه وتبنت "إعلان موسكو" الذي يحدد مبادئ يتعين على أي اتفاق أن يلتزمها.

 

الهدنة
وبعد لقاءات عدة في تركيا بين مبعوثين روس وممثلين للفصائل المعارضة، أعلن بوتين التوصل الى وقف النار ضمن اطار اتفاق بين النظام السوري وفصائل المعارضة يتضمن بدء محادثات سلام دولية مع تركيا وايران في استانا عاصمة قازاقستان.
وقال خلال لقاء مع وزيري الدفاع والخارجية الروسيين الجنرال سيرغي شويغو وسيرغي لافروف إن "حدثاً انتظرناه منذ زمن وعملنا كثيراً من أجل التوصل اليه تحقق قبل بضع ساعات".
وأوضح أن جماعات المعارضة والحكومة السورية وقعت عدداً من الوثائق بينها اتفاق وقف النار وإجراءات مراقبة الاتفاق وبيان في شأن الاستعداد لبدء محادثات السلام.
وأضاف: "الاتفاقات التي تم التوصل إليها طبعاً هشة وتحتاج الىعناية خاصة ومشاركة... ولكن بعد كل ذلك هذه نتيجة ملحوظة لعملنا المشترك ومساعي وزارتي الدفاع والخارجية وشركائنا في المنطقة".
وأعلن أن روسيا وافقت على الحد من انتشارها العسكري في سوريا حيث رجّح دعم موسكو للرئيس بشار الأسد كفة المعركة لمصلحته.
وتحدث بوتين هاتفياً مع الأسد الذي قال إنه ملتزم احترام وقف النار.

 

ترحيب بالاتفاق
ووصف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اتفاق وقف النار بأنه "فرصة تاريخية" لانهاء الحرب في سوريا.
وأبدى كل من الجيش السوري والفصائل المقاتلة و"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" موافقتهما على وقف النار تزامنا مع ترحيب الامم المتحدة بالاتفاق، آملة أن يسمح بايصال المساعدات الى المدنيين.
وتحدث شويغو عن سبع مجموعات تمثل 62 ألف مقاتل من "ابرز قوات" المعارضة، وقعت اتفاق وقف النار مع دمشق، بينها "حركة أحرار الشام الاسلامية" التي تحظى بنفوذ.
وأكد بوتين واردوغان خلال اتصال هاتفي الخميس اهمية "تعزيز التعاون في مكافحة الارهاب"، مشدّدين، استناداً الى بيان للكرملين، على ان "وقف النار لا يشمل مجموعات ارهابية وفي الدرجة الاولى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)".
وبموجب بيان الجيش السوري، "يُستثنى" من القرار "تنظيماً داعش وجبهة النصرة الارهابيان والمجموعات المرتبطة بهما".
الا ان المستشار القانوني لفصائل المعارضة أسامة أبو زيد الذي شارك في المفاوضات مع الجانبين الروسي والتركي، أكد في مؤتمر صحافي في أنقرة ان الاتفاق "يشمل جميع المناطق وجميع الفصائل العسكرية الموجودة في مناطق المعارضة السورية".
وشدّد رئيس الدائرة الإعلامية في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" أحمد رمضان على ان "الاتفاق يستثني فقط تنظيم الدولة الاسلامية وتنظيمات ارهابية أخرى"، لكنه يشمل "جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً قبل اعلانها فك ارتباطها مع "القاعدة").
وقال إن الاتفاق يسري على "جميع المناطق التي فيها المعارضة المعتدلة أو تلك التي تضم المعارضة المعتدلة مع عناصر فتح الشام على غرار ادلب" في شمال غرب البلاد.
وعلى رغم عدم مشاركتها في المفاوضات الجارية، وصفت واشنطن الاتفاق على وقف النار بأنه "تطور ايجابي". وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية مارك تونر: "نرحب بكل جهد لوقف العنف وانقاذ الارواح وتهيئة الظروف لمعاودة المفاوضات السياسية المثمرة".

المفاوضات
وبالتوازي مع اتفاق وقف النار، أعلنت موسكو بدء الاستعدادات لمفاوضات سلام يفترض ان تعقد في استانا قريباً، في كانون الثاني على الأرجح.
وناقش بوتين واردوغان الجهود المبذولة حالياً لتنظيم هذه المفاوضات.
وتحدث الكرملين في بيان عن اتصال هاتفي بين بوتين والرئيس السوري بشار الاسد، اللذين أبديا "وجهة نظر مشتركة بأن اطلاق المفاوضات في استانا حول تسوية سلمية سيشكل خطوة مهمة في اتجاه الحل النهائي للازمة".
وأكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان دمشق ستشارك في محادثات استانا، وان "كل شيء يطرح قابل للنقاش عدا السيادة الوطنية وحق الشعب السوري في اختيار قيادته".
وقال لافروف: "سنبدأ مع تركيا وايران الاعداد للقاء استانا"، مبدياً استعداد موسكو لدعوة مصر، مشيراً الى أنها تحاول جذب قوى اقليمية أخرى كالسعودية وقطر والعراق والاردن.
ولم يحدد المجموعات المعارضة التي ستفاوض ممثلي الاسد على طاولة المحادثات.
وأكد أبو زيد بدوره "التزام المعارضة أن تشترك في مفاوضات الحل السياسي خلال شهر من دخول وقف النار حيز التنفيذ" وفق بنود الاتفاق، موضحاً ان وفد المعارضة سيكون "منبثقاً من الهيئة العليا للمفاوضات".
وفي جنيف، أعرب المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا عن دعمه لمحادثات استانا، آملاً في أن تساهم هذه التطورات في "معاودة المفاوضات السورية... التي ستوجّه الدعوة اليها في رعاية الامم المتحدة في 8 شباط 2017".
ولفت وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الى ان اجتماع استانا "ليس بديلاً من لقاء جنيف... بل مرحلة مكملة له".

الميدان
وفي مؤشر للحد الذي بلغه التقارب الثنائي في سوريا، شنّت مقاتلات روسية ليل الاربعاء - الخميس غارات على مدينة الباب حيث تخوض القوات التركية وفصائل معارضة هجوماً لطرد "داعش" منها.
وعلى صعيد آخر، أحصى "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له مقتل ثلاثة مدنيين جراء سقوط قذائف صاروخية على أحياء عدة في حلب. وأوردت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" ان مصدر القذائف ريف حلب الجنوبي الغربي.

 

 

المستقبل :

اكتملت دورة الاستحقاق الحكومي بسرعة بريق الأمل الذي لاح في الأفق الوطني مع انطلاقة العهد الجديد.. في البدء كانت الرئاسة واليوم الحكومة وغداً مجلس النواب، ثلاث محطات رئيسة عبّدت مبادرة إنهاء الشغور الطريق إليها فنجحت «لبننة» التوافقات في تجاوز إثنين منها والانطلاق تالياً نحو محطة الاستحقاق النيابي المرتقب إنجازه، قانوناً وانتخاباً. فبأكثرية وازنة بلغت 87 صوتاً من أصل 92 نائباً شاركوا في جلسة التصويت، منح مجلس النواب أمس ثقته لحكومة «استعادة الثقة» برئاسة الرئيس سعد الحريري بعدما كان قد أكد في ردّه على مداخلات جلسة مناقشة البيان الوزاري التزام حكومته بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وعزمها على إنجاز قانون جديد للانتخابات النيابية وعلى الاضطلاع بمهة تنفيذ أجندتها الوطنية المزدحمة بجدول أولويات يتقدمها تأمين مصالح الناس «لأنهم فعلياً تعبوا ويريدون نتائج عملية« كما لفت رئيس الحكومة في معرض دعوته مختلف الكتل النيابية إلى الاستفادة من اللحظة الإيجابية السائدة في البلد و»السير معاً» باتجاه تحقيق المزيد من الإنجازات الوطنية. علماً أنّ مصادر وزارية أكدت لـ»المستقبل» أنّ مجلس الوزراء سيلتئم مطلع العام المقبل، مرجحةً أن ينعقد الأربعاء المقبل في قصر بعبدا.

وفي أبرز ما حمله رد رئيس الحكومة على المداخلات النيابية، لفت توقفه عند بعض النقاط التي وردت في ملاحظات عدد من النواب حيال فقرات البيان الوزاري، فجدد التذكير في ما يتصل بموضوع السلاح خارج نطاق الشرعية بأنه موضوع خلافي متروك للحوار الوطني الهادف إلى إقرار 

الاستراتيجية الدفاعية، كما جزم في ما خصّ ملف قانون الانتخاب بأنّ «كل القوى السياسية في الحكومة، وأنا على رأسهم، نريد قانون انتخابات جديد، ونريد أن ننجز هذا القانون تمهيداً لإقراره في مجلس النواب». أما بالنسبة للإشكالية التي أثارها البعض إزاء عبارة «مبدئياً» في الفقرة المتعلقة بالمحكمة الخاصة بلبنان، فأكد الحريري التزام الحكومة «بشكل جازم ونهائي» بمتابعة مسار المحكمة، موضحاً أنّ المقصود بهذه العبارة هو أنّ «المحكمة أنشئت من حيث المبدأ لإحقاق الحق، ولا خلاف حول ذلك«. فضلاً عن إعادة تشديده على العناوين الحيوية التي وثّقها بيان الحكومة، مع التأكيد على التزامها «متابعة قضية الجنود الأسرى وصولاً لعودتهم إلى أهلهم وبلدهم»، وعدم سماحها من ناحية أخرى «بتجاوز قرار إلغاء العمل بوثائق الاتصال ما لم تكن مستندة إلى استنابة قضائية».

فحوص الـDNA

تزامناً، وبعد طول ترقب، برز أمس إعلان المديرية العامة للأمن العام أنّ نتائج فحوص العينات المأخوذة من الجثث التي كانت قد وجدت في إحدى المناطق الحدودية مع سوريا، جاءت غير مطابقة للعسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش» بعدما جرت مقارنتها مع العينات التي أخذت لهذه الغاية من أهالي العسكريين.

 

الديار :

حصل لأول مرة اتفاق شامل لوقف اطلاق النار بعد جهد كبير قام به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبالتنسيق مع تركيا وبالدرجة الأولى مع ايران. والضمانة لوقف اطلاق النار هي روسيا، كذلك تركيا أيضا ستلتزم بهذا الحل وأعلنت موافقتها ودعمها والتزامها بوقف اطلاق النار في سوريا.
وجاء ترحيب بوقف اطلاق النار من واشنطن ومن باريس ومن ايران، التي رحبت بوقف اطلاق النار في سوريا.
اما سوريا فقد صرّح وزير خارجيتها السيد وليد المعلم انه يثق بروسيا وايران ودولته لا تثق بتركيا. وان وقف اطلاق النار هو فرصة تاريخية لحل سياسي حقيقي. 
حصل وقف اطلاق النار بعد تحرير حلب من التكفيريين ونجاح الجيش العربي السوري وحلفائه في تحرير المدينة من كافة التكفيريين الإرهابيين وخروجهم منها بالحافلات الى ادلب. 
ويبدو هذه المرة، ان وقف اطلاق النار هو جدي، باستثناء «داعش» و«جبهة النصرة» اللذان اعتبرهما مجلس الامن منظمتين ارهابيتين، وهنالك اتباعهم من القاعدة أيضا ستجري الحرب ضدهم، وستستمر. 
ويمكن اعتبار ان النظام في سوريا حقق انتصارا كبيرا لهذا الوقف الشامل لاطلاق النار لصموده على مدى 6 سنوات من حرب ضروس اكلت الأخضر واليابس، ودمرت مدناً وقرىً في سوريا، ومات فيها واستشهد عدد غير محدد يقدّره البعض بـ 300 الف قتيل وجريح.
وعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اجتماعا مع وزير الخارجية ووزير الدفاع، واعلن بشخصه هو وقف اطلاق النار الشامل في سوريا. 
كذلك اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان التزام تركيا بالعمل على وقف اطلاق النار في سوريا، وانه سيكون جديا، ودعت تركيا المعارضة والجميع الى وقف اطلاق نار جدي في سوريا.
كذلك فان حزب الله وروسيا وايران حققوا انتصارا كبيرا من خلال تحرير حلب ومن خلال السيطرة على مناطق عديدة حول دمشق، ومن خلال الهدوء في درعا، وسياسياً، يمكن اعتبار ان الحل سيجري الان بالتفاوض في كازاخستان في العاصمة الاستانة، حيث سيجلس وفد يمثل النظام السوري ووفد يمثل اتحاد المعارضة، لان اتحاد المعارضة اعلن موافقته على وقف اطلاق النار، والدعوة لحل سياسي. 
وكانت ايران وتركيا وروسيا اتفقت على هذه المفاوضات، ثم قالت الان انها ليست لاغية لمحادثات جنيف بل استكمالا لها وسيستمر الحوار في جنيف بعد الاستانة. وهكذا منذ اندلاع الحرب في سوريا في 13 آذار سنة 2011، حتى 29/12/2016، يكون اول اتفاق اطلاق نار شامل قد تم إعلانه في سوريا الا اننا سنشهد جولات حرب وصراعاً مع داعش وجبهة النصرة وجماعة احرار الشام الذين اعلنوا ان لديهم تحفظا عن وقف اطلاق النار ولن يوافقوا.
ويمكن القول ان روسيا حققت نصرا ديبلوماسيا على اوروبا وأميركا، حين توصلت مع تركيا وايران والنظام السوري والمعارضة السورية المسلحة غير التكفيرية الى اتفاق على وقف اطلاق النار على الأراضي السورية بشكل شامل. 
وسيراقب مراقبون من روسيا ومن ايران، كذلك تركيا، ستسعى الى العمل على وقف اطلاق النار في سوريا. وسيدخل وقف اطلاق النار حيّز التنفيذ، منتصف ليل الخميس - الجمعة، وحتى إشعار آخر.
المنتصر الكبير دوليا هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمنتصر سورياً، هو الرئيس بشار الأسد، وطبعا الحلفاء الذين دعموه، بخاصة حزب الله وايران.

ـ مراقبة تنفيذ الهدنة ـ

دخل اتفاق وقف اطلاق النار شامل في سوريا حيز التنفيذ منذ اليوم اذ اكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان بلاده وتركيا وايران اخذت على عاتقها الالتزامات بمراقبة تنفيذ الهدنة وضمان عملية التسوية السورية وذلك بعد ان اوضح بوتين خلال اجتماع مع وزيري الخارجية والدفاع، سيرغي لافروف وسيرغي شويغو، أنه تم التوقيع على 3 اتفاقيات، الأولى منها هي اتفاقية وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة. أما الاتفاقية الثانية، فتنص على حزمة إجراءات لمراقبة نظام وقف إطلاق النار، فيما تمثل الوثيقة الثالثة بيانا حول استعداد الأطراف لبدء مفاوضات السلام حول التسوية السورية.
وفي السياق ذاته، أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، خلال مكالمة هاتفية، استثناء التنظيمات الإرهابية، وبالدرجة الأولى، «داعش» من الهدنة في سوريا معربين في الوقت ذاته عن ارتياحهما للاتفاقات التي توصلت إليها الحكومة السورية والمعارضة السورية المعتدلة بوساطة روسيا وتركيا، حول وقف إطلاق النار في كامل أراضي سوريا، وبدء التسوية السياسية. كما شدد الرئيسان على أهمية الجهود التي تبذل حاليا من أجل إطلاق عملية مفاوضات سلام في أستانا، عاصمة كازخستان.
ووصف الرئيس التركي ان وقف اطلاق النار الشامل في سوريا هو «فرصة تاريخية يجب عدم اضاعتها» لانهاء النزاع الدائر في هذا البلد منذ حوالى ست سنوات في وقت اعتبرت وزارة الخارجية الاميركية ان وقف الاعمال القتالية تطور ايجابي وعبرت عن املها في تنفيذه من قبل جميع اطراف النزاع.
وفي نطاق متصل، شدد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، على أن اتفاق الهدنة بين الحكومة السورية والمعارضة ينص على وقف جميع العمليات العسكرية بما في ذلك الجوية في وقت كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن فتح خط ساخن مع تركيا في ما يخص الرقابة على وقف إطلاق النار قائلا: «فتحنا خط اتصال مباشرا بالشركاء الأتراك الذين سيؤدون دور الضامنين لتنفيذ كافة مقتضيات هذه الاتفاقية، ولا سيما مقتضيات الرقابة على تنفيذ هذه الاتفاقيات... جوهر هذه الرقابة يكمن في اعتبار التنظيمات التي لن تتوقف عن القتال، إرهابية، والشروع في محاربتها مثل تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة».
من جهتها، صنفت وزارة الدفاع الروسية 7 فصائل للمعارضة الاكثر نفوذا والتي قد انضمت الى الهدنة في سوريا:  فيلق الشام، أحرار الشام، جيش الإسلام، ثوار الشام، جيش المجاهدين، جيش إدلب، الجبهة الشامية.

ـ الجيش السوري يعلن التزامه ـ

أكد الرئيس السوري بشار الاسد على استعداده للالتزام باتفاقيات وقف اطلاق النار والانتقال للعملية السياسية وفقا لما اعلنه الكرملين باجراء اتصال هاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوري. كما أشار الرئيسان إلى أن بدء المفاوضات حول التسوية السورية في أستانا سيكون «خطوة هامة في طريق تسوية الأزمة».
واعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية وقفا شاملا للأعمال القتالية على جميع الأراض السورية اعتبارا من منتصف ليل امس اليوم (30 كانون الاول). وأصدرت القيادة في بيان لها أنه يستثنى من قرار وقف إطلاق النار تنظيما «داعش» و«جبهة النصرة» المصنفان إرهابيين، والمجموعات المرتبطة بهما موضحة أن اتفاق وقف إطلاق النار يأتي بهدف تهيئة الظروف الملائمة لدعم المسار السياسي للأزمة في سوريا.

ـ المعارضة توافق على الهدنة ـ

اما من جانب المعارضة، فقد  اعلن «الجيش السوري الحر» التزامه باتفاق وقف إطلاق النار في سوريا المبرم بين دمشق والمعارضة مشددا على ان روسيا تفاوضت باعتبارها طرفا ضامنا للسلطات في دمشق ومضيفا أن المفاوضات لم تتضمن أي لقاء مباشر مع الحكومة. واعتبر الجيش السوري الحر إن هذه المفاوضات عملت على توفير واقع أفضل للمواطن السوري، وجاءت بعد فشل المجتمع الدولي ومنظماته في دعم الأهالي.
وبدوره ، أكد «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، دعمه لاتفاق وقف الأعمال القتالية في كافة أراضي سوريا، غير ان المتحدث باسم الائتلاف احمد رمضان لفت الى  ان المعارضة  سترد في حال حصول انتهاكات، مشيرا  إلى أن من بين الفصائل الموقعة على الاتفاق «حركة أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الشام ونور الدين الزنكي». وشدد رمضان على أن الوثيقة لا تسمح «بمس المدنيين» مؤكدا أنه «يسري كذلك على محافظة إدلب» في شمال غرب البلاد والتي يسيطر عليها ائتلاف فصائل إسلامية في مقدمها «جبهة فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقا). وتعقيبا على ذلك، قال مسؤولون بالمعارضة السورية المسلحة  إن اتفاق هدنة أبرم مع الحكومة يشمل جبهة فتح الشام التي كانت تعرف من قبل باسم جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة على الرغم من أن الجيش نفى ذلك. ولذلك تضاربت المعلومات عن كون جبهة النصرة مستثناة من الهدنة ام فقط تنظيم الدولة الاسلامية هو الوحيد المستبعد من  اتفاق وقف اطلاق النار الشامل في سوريا.
والى ذلك اضاف المتحدث باسم الائتلاف إن المعارضة السورية تتوقع «إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة بإشراف الأمم المتحدة» بعد سريان وقف إطلاق النار.

ـ دي ميستورا: الهدنة تمهيد للسلام ـ

رحب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا بإعلان وقف إطلاق نار في سوريا وقال إنه يأمل أن يسهم في إنقاذ أرواح المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية ويمهد لمحادثات بناءة في أستانة.
وقالت متحدثة باسم دي ميستورا في بيان «هذه التطورات ينبغي  أن تساهم في مفاوضات شاملة وبناءة بين السوريين تعقد تحت رعاية الأمم المتحدة في 8 شباط 2017».

ـ اشتباكات تسبق الهدنة ـ

ميدانيا، وقبيل البدء بتنفيذ الهدنة، سقط عدد من القذائف على بعض أحياء العاصمة دمشق منها على أماكن في منطقة التجهيز ومناطق أخرى في المزة 86 ما أدى الى وقوع  أضرار مادية وإصابة عدة أشخاص بجروح الى جانب  أصابة 3 أشخاص بجروح إثر سقوط قذائف صباح امس على مناطق في حي المزرعة الذي توجد فيه السفارة الروسية وسط دمشق. بموازاة ذلك، تجددت الاشتباكات في منطقة وادي بردى. اضف على ذلك، استهدف الطيران السوري مواقع المسلحين في كل من مدن دوما وحرستا وعربين وزملكا وسقبا وعربين وبلدة جسرين وأطراف بلدة كفر بطنا بغوطة دمشق الشرقية.
كذلك سقطت قذائف على مناطق في ضاحية الأسد القريبة من مدينة حرستا دون ورود معلومات عن إصابات في وقت تجددت الاشتباكات العنيفة بين عناصر تنظيم «داعش» ووحدات من الجيش السوري في مدينة تدمر حيث يسعى الجيش لاجتثاث التنظيم من قرية شريفة بمنطقة التيفور. 
وفي منطقة الرستن شمال مدينة حمص، وجهت وحدة من الجيش ضربات مدفعية وصاروخية على مقرات لتنظيم جبهة النصرة والمجموعات التابعة له في جبل الكن، ما أدى الى  تدمير عدد من الآليات ومقتل العديد من الإرهابيين.
وفي إدلب اغارت الطائرات الحربية على  مواقع المسلحين في الأطراف الشمالية الغربية لمدينة خان شيخون الواقعة في الريف الجنوبي لإدلب، كما قصف الطيران الحربي مواقع المسلحين في ريف إدلب الغربي حيث استهدفت الغارات مناطق اشتبرق وحلوز ومنطقة معمل السكر وأماكن أخرى في مدينة جسر الشغور.
وفي درعا جنوب البلاد، قال مصدر عسكري أن وحدة من الجيش نفذت عملية نوعية في مدينة طفس بالريف الشمالي الغربي اسفرت عن مقتل عدد مما يسمى جيش المعتز وتدمير مقر اجتماعهم وعدة آليات بعضها مزود برشاشات. وفي منطقة درعا البلد، أشار المصدر العسكري الى ان وحدة من الجيش أسقطت بعد الرصد والمتابعة طائرة مسيرة مفخخة لتنظيم «جبهة النصرة» ودمرتها في محيط مبنى البريد دون وقوع إصابات بين المواطنين.
اما في محافظة حماة، فقد نفذ الطيران الحربي غارات  على مواقع المسلحين في قرى البويضة ولحايا والزكاة بالريف الشمالي لحماه، كما قصفت الطائرات الحربية مواقع للمسلحين في قرية زور الناصرية وفي مناطق في بلدتي اللطامنة وحلفايا بريف حماة الشمالي.

 

الجمهورية :

مع بدء العدّ العكسي لطيّ صفحة عام 2016 والتحضيرات الجارية لاستقبال السنة الجديدة، انكفأت الحركة السياسية الداخلية نسبياً، بفعل دخول البلاد عطلة عيد رأس السنة، على أن تنطلق بعدها «مسيرة الإصلاح» بعد نيلِ الحكومة الثقة، على حدّ ما أعلنَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس، في وقتٍ أكّد رئيس الحكومة سعد الحريري أنّ الحكومة «ستباشر درسَ المشاريع الحيوية وحلَّ المشكلات التي يعاني منها المواطنون». ويُنتظر أن يتصدّر الأولويات ملف قانون الانتخاب الجديد والانتخابات التي ستُجرى على أساسه.

خرقَ الهدوءَ السياسيّ الداخلي أمس زيارةُ وفد «حزب الله» لبكركي وإعلانه من الصرح البطريركي أنّ الحزب باقٍ في سوريا «من أجل هزيمة المشروع الإرهابي بكامله»، مؤكدا أنه لم يوجد في سوريا «بقرار تركي أو أميركي أو سعودي»، بل في إطار التعاون بينه وبين الدولة السورية، «وعندما نرى أنّ المصلحة تناسب خروجنا من سوريا نخرج، ولكن ليس التزاماً منّا بقرار تركيا أو غيرها».

ويأتي موقف الحزب القديم ـ الجديد بعد إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو «أنّ جميع المقاتلين الأجانب يتعيّن ان يغادروا سوريا، ويتعيّن على «حزب الله» العودة الى لبنان. كذلك يتزامن موقف الحزب مع حدث إقليمي نوعي كبير تَمثّل بالإعلان عن اتّفاق لوقف إطلاق نار شامل في كلّ أنحاء سوريا بين المعارضة والنظام برعاية روسيّة وتركية، بهدف تهيئة الظروف الملائمة لدعم المسار السياسي لحلّ الأزمة.

وفي هذه الأثناء أكّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أنّ «وجود «حزب الله» في سوريا هو بطلب من الحكومة السورية الشرعية».
وقد دخل الاتّفاق على وقف النار حيّز التنفيذ منتصف ليل أمس، وهو لا يشمل تنظيمَي «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيَين والمجموعات المرتبطة بهما.

ورشة عمل

داخلياً وعلى الصعيد السياسي، وبعد اكتمال عقدِ المؤسسات الدستورية ونيلِ الحكومة ثقةَ مجلس النواب، ووسط استمرار الأزمات الاقتصادية والحياتية والمعيشية، يترقّب اللبنانيون مسار العهد الجديد ومدى التقيّد بتنفيذ الوعود التي قطِعت لهم بمعالجة ملفّاتهم، سواء في بيان القسَم أو في البيان الوزاري، فيما تبقى العين على العمل المنتظر لإقرار قانون انتخابي جديد.

زيارة الرياض

وكشَفت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» أنّ التحضيرات ما بين القصر الجمهوري ووزارة الخارجية قد انطلقَت مع نظيراتها العربية والخليجية وقطَعت شوطاً بعيداً تحضيراً للجولات الخارجية لرئيس الجمهورية بهدف ترتيب المواعيد وجداول الأعمال التي ستتطرّق إليها محادثات سلسلة القمم الرئاسية العربية المقرّرة تبعاً للدعوات التي تلقّاها قصر بعبدا.

وقالت هذه المصادر إنه بات من الواضح أنّ الرياض ستكون أولى زيارات عون الخارجية للقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وهي متوقَعة منتصف الشهر المقبل، وتليها جولة عربية تشمل العواصم المصرية والأردنية والقطرية، ثمّ جولة في أوروبا تشمل الفاتيكان وبعضَ العواصم الأوروبية التي وجّهت إلى عون دعوات رسمية لزيارتها.

وكان عون قد أكّد أمس أنّ مسيرة الإصلاح ستنطلق بعدما نالت الحكومة الثقة، وتشمل إدارات الدولة ومؤسساتها، ولا سيّما لجهة العمل على تجديدها لكي تصبح أكثرَ إنتاجاً، ثمّ المباشرة بتنفيذ مشاريع إنمائية، ولا سيّما منها تلك التي تتطلّب جهداً كبيراً.

مجلس وزراء

ومع مطلع السنة الجديدة، يُتوقع أن تبدأ الحكومة أعمالها في أول جلسة لمجلس الوزراء تُعقد الأربعاء المقبل.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ آليّة توزيع جدول الأعمال على الوزراء قبل 72 ساعة سَقطت مع الحكومة الجديدة، ولم يعُد مِن مبرّر لهذا الإجراء الاستثنائي الذي تَكرّس في حكومة الرئيس تمّام سلام بعد انتفاء حالة الشغور الرئاسي، وبالتالي فإنّ المؤسسات ستعود إلى عملها بانتظام وفق الأصول، ورئيس الحكومة يعدّ جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء بعد التشاور مع رئيس الجمهورية في أيّ وقت، حتى إذا اضطرّ الأمر عشية الجلسة مباشرةً.

برّي

وفي سياق متّصل، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره: «الوضع الحكومي مبشّر، ولديّ أخبار سارّة، حيث علمتُ أنّ مراسيم النفط ستُدرَج في جدول أعمال مجلس الوزراء، إضافةً الى انّ المشروع الضريبي المتعلق بهذا الأمر والذي أعدّه وزير المال سيدرَج أيضا».

وأضاف: «الأجواء العامة مريحة، وآملُ أن يستمرّ الانسجام بين القوى السياسية، وخصوصاً القوى المنضوية في الحكومة، بما يؤدّي إلى إنتاجية وفعالية أكبر».

وأكّد بري «أنّ مجلس النواب في صَدد الانطلاق بورشةٍ تشريعية، ونحن ننتظر أن يجتمع مجلس الوزراء، وتُفتح دورة تشريعية استثنائية لمجلس النواب، لكي يباشر هذه الورشة. علماً أنّني في صدد عقدِ جلسة شهرية للمناقشة أو التشريع، بالتوازي مع التوجّه إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية (دائمة) حول مختلف الأمور والقضايا».

وعن موضوع قانون الانتخاب، كرّر بري القول «إنّ البحث محصور بأمرَين، إمّا القانون المختلط (انتخاب 64 نائباً على أساس النظام الاكثري و 64 نائباً على اساس النظام النسبي)، وإمّا طبقتان: القضاء والمحافظة. وحتى الآن لا نستطيع أن نقول إنّ هناك تقدّماً، هذا رهنٌ بما سيَظهر في الفترة القليلة المقبلة». وقال: «إنّ الحلّ الدائم والعادل هو بالنسبية الشاملة، لكن في وضعِنا الحالي النسبيةُ الجزئية هي أسلمُ دواء.

لن أقبلَ بأيّ قانون يعيد إنتاج الواقع الطائفي أو المناطقي أو الانقسامي، بل مع قانون النسبية في عمقه سبيلاً للخروج من القمقم». وختَم: «آخِر قرش عندي النسبية ولا شيء غير ذلك. ولن أقبل بقانون أكثري، ونقطة على السطر».

الحريري

مِن جهته، زاولَ الحريري في السراي الحكومي أولَ نشاط رسمي له بعد نَيل الحكومة الثقة. وأعلنَ خلال استقباله وزيرَي الدفاع يعقوب الصرّاف والداخلية والبلديات نهاد المشنوق وقادة الأجهزة الأمنية «أنّ الحكومة لن تألوَ جهداً في سبيل توفير كلّ مقوّمات الدعم للجيش والقوى الأمنية لتتمكّن من الاستمرار في القيام بمهمّاتها في الحفاظ على أمن الوطن والمواطن».

وأشار الحريري خلال استقباله ممثّلي عائلات وشخصيات بيروتية، إلى أنّ الحكومة ستباشر على الفور درسَ المشاريعِ الحيوية وحلَّ مشكلات اللبنانيين، وفي مقدّمها أزمات الكهرباء والمياه و السير وملفّ النقل العام وغيره.

وقال: «نحن كسياسيّين يجب أن نضحّي من أجل البلد، حتى ولو في السياسة، فالاستقرار هو الأساس ويجب أن لا نوقفَ البلد من أجل الخلافات السياسية القائمة بين الأفرقاء وأن لا نضعَ العصيّ في الدواليب، لأنّه تبيّن أنّ الخلافات السياسية الجذرية الموجودة، ليست طائفية ولا مذهبية بل سياسية بَحتة».

وإذ تحدّثَ الحريري عن وجود محاولات متواصلة للتعطيل، شدّد على أنّ «الأهمّ بالنسبة إلينا هو أن نسعى باستمرار إلى تجاوزِ هذه المحاولات وتحقيق الإنجازات في سبيل النهوض بلبنان».

ِ«الحزب» في بكركي

وفي هذه الأجواء، نَقل وفدٌ مِن حزب الله برئاسة رئيس المجلس السياسي في الحزب السيّد ابراهيم أمين السيّد إلى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تهانىء الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله بالأعياد.

ودعا السيّد بعد اللقاء المسؤولين إلى «الاستفادة من مناخ التعاون والاستقرار والتوافق العام الموجود، للقيام بكلّ ما يحتاج إليه اللبنانيون». ورأى أنه «إذا انتصَر المشروع الإرهابي في سوريا فكلّ المنطقة ستتأثّر، خصوصاً لبنان، وإذا فشلَ ستتأثّر المنطقة، وخصوصاً لبنان بحكم الجغرافيا والتاريخ».

واعتبَر «أنّ ما حصَل في الآونة الأخيرة، خصوصاً في تحرير حلب، يشكّل خطوة مهمّة في مسار هزيمة المشروع الإرهابي في المنطقة، والمطلوب أن يستفيد منه الجميع لبناء الوحدة والاستقرار والوحدة الوطنية، والتصدّي لهذا المشروع وتداعياته على صعيد المجموعات والخلايا الإرهابية».

وفي الملف الانتخابي، أكّد السيّد أنّ «الحلّ الأمثل للّبنانيين هو اعتماد النسبية الكاملة وأن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة، ولكنّنا لسنا وحدنا في لبنان، وهناك قوى سياسية ما زالت بعيدة عن هذا الطرح، إلّا أنّنا منفتحون على البحث في الصيغة القانونية التي تحقّق شيئاً من النسبية وتخفّف القلق والهواجس عند اللبنانيين. هناك ثلاث صيغِ قوانين مطروحة، والنقاشُ مفتوح فيها، ونحن موجودون في اللجان التي تَبحث فيها.

إنْ تمكّنا من الوصول إلى نتيجة أو أيّ توافق معيّن على هذه الصيَغ ما مِن مشكلة عندنا». ورأى أنّ «المختلط غير واضح تماماً. هناك وجهات نظر متعدّدة حياله. وفي النقاش هناك إمكانية الدمج للخروج بقانون انتخابي بالحد الأدنى يُرضي الجميع».

وعن إمكانية حصول حوار بين «حزب الله» و«القوات اللبنانية» في السنة الجديدة، قال السيّد: «الظروف الموجودة اليوم في لبنان ستفرض حتماً نوعاً من التواصل، وهذا التواصل نأمل في أن يصل إلى مدى سياسي معيّن. ونحن منفتحون على هذا الموضوع».

«القوات» تردّ

وقال مصدر في «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ كلام السيّد من بكركي لجهة «انفتاحه على الحوار مع «القوات» و«أمله بلوغ التواصل مدى أوسع وأبعد»، هو كلام إيجابي يَجدر التوقّف عنده، ولكن، ويا للأسف، نقاط الاختلاف مع الحزب كبيرة جداً، إلّا أنّ إرادة التلاقي والانفتاح تشكّل محطّ ترحيب، علَّ وعسى».

 

 

اللواء :

هل نجح لبنان في كسب تسوية سياسية أعادت النصاب السياسي إلى مؤسساته الدستورية، قبل التحولات الكبيرة الجارية في المنطقة، بدءاً من الاشتباك الأميركي – الروسي، حول خارطة التسوية السياسية في سوريا، والتي تضمنها روسيا الاتحادية، بالنيابة عن النظام وحلفائه الميدانيين والاقليميين، وتركيا عن المعارضة المعتدلة الدائرة في فلكها والمتجمعة باسم الائتلاف السوري الذي يضم «الجيش الحر» وتنظيمات عسكرية على صلة بالفلك التركي؟
الأوساط السياسية والدبلوماسية في بيروت تعتبر أن لبنان كسب الرهان، سواء أن كانت مكونات هذه التسوية ذات ابعاد محلية أو ابعاد خارجية، وإن كان البعض يعتقد أن ما حدث من الممكن أن يكون رمية من دون رام.
ولم يخف الرئيس سعد الحريري حاجة اللبنانيين إلى الاستقرار، والتضحية من أجل الحفاظ على الاستقرار، مشيراً إلى «مشروع خطير في المنطقة، وعلينا أن نحافظ على لبنان وإبقائه بعيداً عن الحروب والحرائق المجاورة»، مؤكداً أنه «عندما يكون التحدي يتعلق بالنهوض بالبلد يجب علينا الا ننظر إلى من يربح أو من يخسر، بل أن يكون لبنان هو الرابح على الدوام».
وشدّد على انه «من المهم أن نعيد إلى بيروت التألق، وأن لا تكون تحت رحمة أحد لا في موضوع النفايات ولا في موضوع الكهرباء»، كاشفاً ان بلدية بيروت ستطلق عدداً من المشاريع، سواء بالنسبة إلى النفايات أو الكهرباء لتلبية حاجات العاصمة ومتطلباتها.
وأكّد الرئيس الحريري، الذي تعهد بأن يبقى على نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالاستمرار في تدوير الزوايا من أجل مصلحة البلد، ان الالتزام بنهج الاعتدال أثبت جدواه في تجنيب لبنان الكثير من المنزلقات، لافتاً إلى أن «الاعتدال هو القوة وليس التطرف».
أزمة الصحافة
ومع أجواء الإيجابيات والتفاهمات والانفراجات الداخلية، حضرت الأزمة الخانقة التي تمر بها الصحافة اللبنانية، لا سيما المكتوبة منها، في اللقاء الذي عقد في قصر بعبدا بين الرئيس ميشال عون ووزير الاعلام ملحم رياشي، وفي وقت كانت فيه إجراءات الصحف تشكّل حملاً ثقيلاً على العاملين في هذه المؤسسات من كتّاب ومحررين ومخبرين ومصورين وإداريين وعاملين في الاقسام التنفيذية.
فمع قرار صحيفة «السفير» بالتوقف عن الصدور، بحيث يكون عدد اليوم وغداً آخر اعدادها، بعد أن صرفت العاملين فيها، ومع قرار صحيفة «النهار» صرف دفعة من العاملين في أقسام متعددة، حيث بلغ عدد الدفعة الأولى 25 صحافياً كجزء من مائة زميل قررت الصحيفة الاستغناء عن خدماتهم.
ولم يعرف تماماً ما هي إجراءات الدولة، وما إذا كان هذا الموضوع سيحضر على طاولة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل، أم أن الحكومة ومؤسسات الدولة والمجتمع كلها ضربت عرض الحائط بمستقبل الاعلام اللبناني الذي واكب خطوات الانفراج ودافع عن الوحدة الوطنية في عز أيام التناحر السياسي والمذهبي والطائفي.
وكشف مصدر متابع لهذا الملف أن حزمة الاقتراحات التي جرى التداول فيها في عهد وزير الإعلام السابق رمزي جريج، تبين انه من غير الممكن الأخذ بها باعتبار انها غير عملية.
مجلس الوزراء
في هذا الوقت، نقل زوّار عين التينة عن الرئيس نبيه برّي قوله ان «الاجواء السياسية جيدة، وانه يستعد لاطلاق ورشة تشريعية، لا سيما في الحقل المالي، فضلاً عن إقرار الموازنة، متعهداً امام الزوار انه بانتظار اجراء الانتخابات النيابية سيعقد جلسة مساءلة كل شهر لمراقبة عمل الحكومة».
ووفقاً لما اشارت إليه «اللواء» أمس، رجحت مصادر رسمية أن يعقد مجلس الوزراء أولى جلساته العملية بعد عطلة رأس السنة مباشرة، متوقعة أن تكون يوم الأربعاء المقبل، مثلما لفت الرئيس عون نظر الوزراء، في أوّل جلسة عقدتها الحكومة لوضع البيان الوزاري.
وكشفت المصادر عن مشاورات تجري بين الرئيسين عون والحريري للتحضير لجدول أعمال الجلسة المرتقبة، على الرغم من أن أي دعوة لم توجه للوزراء.
واستبعدت المصادر أن يتضمن الجدول موضوع الموازنة، على اعتبار انه يحتاج إلى جلسات محددة لهذه الغاية، فيما ال<