احداث سنة 2016 تذكّر بما قاله فلاديمير لينين من انه احيانا تمر عقود لا يحدث فيها شيء، واحيانا تمر اسابيع تحدث فيها عقود.
 

تداعيات ما حدث في 2016 في الولايات المتحدة واوروبا والشرق الاوسط ستبقى معنا لسنوات وعقود، ما يعني انها سنة مفصلية وسلبية بمجملها. بعد معركة انتخابية طويلة دمرت فيها الاعراف والمسلمات "الارثوذكسية"، حقق دونالد ترامب اختراقا لا سابق له حين فوّض إليه الاميركيون الدخول الى البيت الابيض في العشرين من الشهر المقبل. ترامب هو أول رئيس اميركي لم ينتخب في سنواته السبعين لأي منصب سياسي آخر، ولم يخدم في أي منصب عسكري. ومنذ انتخابه يتصرف ترامب باسلوب غير معهود، ويطلق احكامه ويدلي بآرائه من خلال شبكة "تويتر" دون ان يبالي بالحقائق، او بمضاعفات تغريداته السياسية والاقتصادية. تغريدات ترامب المكتوبة بلغة ركيكة تشبه فرمانات سلطان لا يجرؤ على محاسبته احد، لا بل يسارع مساعدوه ومنتقدوه السابقون الى "توضيح"، او "تصحيح" او "تفسير" تغريداته. تغريدة واحدة تسببت بأزمة مع الصين، وتغريدات حول امكان الغاء صفقات عسكرية مع شركات اميركية، ادت الى هبوط اسعار اسهم هذه الشركات في اسواق المال. كل هذا حدث خلال مرحلة انتقالية يقضي العرف بألا يتصرف فيها الرئيس المنتخب بأي شيء يمكن ان يؤثر سلبا على الرئيس الفعلي.

انتخاب ترامب "الشعبوي" هو جزء من ظاهرة عالمية برزت ملامحها بوضوح مقلق في 2016، تشكك في جدوى الديموقراطية الليبرالية، وتستند الى القوميات الضيقة وحتى الشوفينية، وقيادة الرجال الاقوياء الاوتوقراطيين، والخوف من العولمة. هذه الظاهرة تم التعبير عنها في استفتاء انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وانتصار القوى المناوئة للاتحاد الاوروبي في ايطاليا، والنفوذ المتزايد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الشؤون الاوروبية الداخلية من خلال دعمه السياسي (والمالي) للقوى اليمينية مثل "الجبهة الوطنية" في فرنسا وغيرها. ويمكن ان نضع في هذه الكونفيديرالية الاوتوقراطية الرئيسين التركي طيب رجب اردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي. اللافت ان الاحزاب اليمينية الاوروبية المناوئة للمهاجرين واللاجئين من العالم العربي وافريقيا ترى في بوتين آخر زعيم ابيض ومسيحي في اوروبا قادر على صد أو دحر ما يعتبره هؤلاء غزواً إسلامياً جديداً.
في الشرق الاوسط، يشكل سقوط حلب في ايدي التحالف الروسي - الايراني - الاسدي كارثة سياسية وتاريخية اخضعت سوريا عملياً للاحتلالين الروسي والايراني. تدمير حلب الذي تم تصويره وبثه حيا لاشهر طويلة من دون ان تتحرك الدول الكبرى لوقفه، يعني انه سيعزز نفوذ الطغاة والاوتوقراطيين ودورهم في المنطقة. والاسوأ هو انه لا شيء يوحي بأن 2017 ستكون افضل.