ومن البنود التي تمّ الاتفاق عليها بين روسيا وتركيا، والتي لن تجد إيران والمعارضة السورية بُدّاً من الخضوع لها، بند إخراج كلّ المقاتلين الأجانب من سوريا بعدما نفّذوا المطلوب منهم دوليًا "ومن حيث لا يشعرون"، حيث تم تفريغ حلب وبعض المدن الأخرى في سوريا من المعارضة الإسلامية، وبِيَد ودم مقاتلين شيعة لبنانيين وعراقيين وغيرهم، تمّ إيهامهم بأنهم يقاتلون لبناء مجد الله في سوريا، وذلك التفريغ جاء تمهيدًا لتسليمها لمعارضة سنية "معتدلة" تقيم حكمًا ذاتيًا يرضيها.
من هنا، كان التحرك السريع لقيادة منظمة حزب الله في لبنان باتجاه زعماء الطوائف التقليديين، بدءًا بميشال عون عبر العمل للإتيان به رئيسًا للجمهورية وسعد الحريري رئيسًا للحكومة، مرورًا بطلال إرسلان وسليمان فرنجية وترضيتهما بوزارات داخل الحكومة، انتهاءً بوليد جنبلاط والعمل على إرضائه بقانون انتخابي يرضيه ويحافظ على زعامته الدرزية، وكل ذلك من أجل إقامة شبكة أمان داخلية للمنظمة تمهيدًا لعودة مقاتليها من سوريا وسدّ باب مسائلتها محليًا ودوليًا عما فعلته في السنوات الخمس الماضية في سوريا من خارج أطر الدولة، حيث من المتوقع فتح أبواب المحاكم الجنائية الدولية لكل من شارك في الحرب السورية وتسبّب بمآسيها. هذا التصرف من قبل قيادة تنظيم حزب الله لم يرضِ الشخصيات الحليفة لها في الطوائف الأخرى، فبادر بعضهم لانتقاد تصرّف منظّمة حزب الله معهم بسبب إبعادهم عن أي وزارة، متهمين إياها بأنها تكرّر خطأ السوريين عندما كانوا في لبنان وتحالفوا مع أول من عاد وانقلب عليهم عند صدور القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري .
المهم في كل ما جرى وما سيجري هو ما ستجيب به هذه المنظمة أبناء طائفتها الذين أوقعتهم بعداوة "لن تُنسى" مع جيرانهم السوريين والذين معهم الحدود الوحيدة التي كانت يوماً صديقة لهم، وكذلك جوابها لعوائل شهدائها وجرحاها الذين سقطوا في الحرب الأهلية السورية،تلك التي تبيّن أنها مجرد مؤامرة صليبية شرقية وغربية معدّة سلفًا لتقسيم سوريا الذي لا يتم إلا بدماء غزيرة بين مذاهب أهل الشام، وتكون دماؤهم هي الحبر الذي سيرسم حدود المناطق الثلاث للحكم الذاتي في سوريا .