قبل أيام من إقفال جريدة «السفير» التي سيصدر عددها الأخير صباح السبت المقبل، إنطلقت «النهار» إلى تنفيذ الخطّة التي حضّرتها قبل أشهر وتقضي بالإستغناء عن عدد كبير من الموظفين، فقد بدأت نايلة تويني رئيسة مجلس إدارة الصحيفة التي تأسست العام 1933، أمس بإبلاغ نحو 80 موظفًا بقرار الإستغناء عنهم من أصل 170، ويتنوّع المصروفون بين أقسام الارشيف والسنترال، إلى جانب صحافيين في مختلف الأقسام، بعدما باعت الصحيفة جزءاً من الطابق السابع في مبناها القائم في وسط بيروت، ستمول من عائداته عملية صرف الموظفين الذين سيتقاضون متأخراتهم فقط، من غير تعويضات الطرد التعسفي.

وتصل المستحقات (الرواتب المتأخرة) لدى بعض الموظفين الى 14 شهراً، بينما تصل لدى آخرين الى 4 أشهر، وهو الأمر الذي كان محط اعتراض لدى كثيرين خلال الأشهر الماضية، على ضوء ما أسموه "الاستنسابية" في دفع المستحقات المالية المتأخرة للموظفين. 

وتنضم "النهار" بذلك الى التعثر الذي يطاول وسائل الاعلام في لبنان منذ أكثر من عامين، على ضوء انحسار المال السياسي، وتراجع العائدات الاعلانية بسبب الأزمات المالية التي تعصف بالمنطقة، فضلاً عن تراجع نسب المبيعات بسبب التحول الى القراءة الالكترونية.

وثمة توقعات بأن يتحسن واقع الصحف ووسائل الاعلام بدءاً من شباط/فبراير المقبل، على ضوء "الاستقرار السياسي" الذين يشهده لبنان ويتمثل في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ما يجعل البعض في الأوساط الصحافية يتوقع إعادة ضخ للمال السياسي، لا سيما الأموال العربية، في أوردة صحف وتلفزيونات لبنانية عديدة. 

اللافت في قضية "النهار" أن الموظفين، وبحسب قرار التبليغ، لن يتقاضوا تعويضات الطرد التعسفي، وستقتصر المستحقات على المتأخرات المالية في ذمة المؤسسة، وذلك خلافاً لموظفي صحيفة "السفير" الذين تتراوح تعويضات الطرد لكل منهم بين 4 و6 و8 أشهر، إضافة الى تعويضات نهاية الخدمة من الضمان الاجتماعي، بحسب ما أبلغهم الناشر طلال سلمان في اجتماع عقد مع الموظفين أبلغهم خلاله قراره بإغلاق الجريدة نهاية العام الحالي. 

كذلك، تختلف قضية موظفي "النهار" عن موظفي جريدة "المستقبل" الخمسين الذين لجأوا الى وزارة العمل، وحصلوا على تعهد بأن ينالوا مستحقاتهم وتعويضات صرف قانونية. 

و"النهار"، تعاني أزمة مالية كبيرة دفعتها بادئ الامر الى اقفال الملاحق الأسبوعية، تلاها قرار خفض عدد الصفحات في الجريدة الى 12 صفحة، واستفحلت الأزمة بشكل بالغ منذ نحو عامين، وبدأت الصحيفة تتأخر في دفع رواتب الموظفين، حتى تراكم بعضها الى 14 شهراً. ولم تجد الصحيفة وسيلة للاستغناء عن نحو نصف موظفيها الذين تتراكم رواتبهم، الا بطرح الطابق السابع من مبناها للببيع، وهو ما تحقق خلال الاسابيع الماضية، إذ تم بيع نصف الطابق، ما وفر العائدات المالية اللازمة لدفع المستحقات، ولتجنب مصير الإقفال. 

ويعاني الموظفون حالة نفسية صعبة على ضوء القرار الاخير، خصوصاً في ظل التأكيد بأن الجريدة غير قادرة على دفع تعويضات الطرد. وتتفاوت أرقام المبَلَّغين بين 80 و100 موظف بحسب مصدرين في الجريدة، ويشمل هذا العدد كل الأقسام، علماً أن أكثرها تضرراً هو القسم الرياضي، إضافة الى موظفين في قسم التصوير. 

ومن المتوقع أن يلجأ الموظفون الى نقاباتهم (خصوصاً نقابتا المحررين والمصورين) خلال الاسبوع الحالي، في محاولة لتحصيل تعويضات. في حين تسعى الصحيفة لاعلان خطة اعادة هيكلة، لم تتضح معالمها بعد.