* انتصار النظام وإيران في حلب لن يطول، وهناك تغير في المعادلة العالمية
* نظام ولاية الفقيه يسعى إلى الاستيلاء على المنطقة من خلال مشروع تصدير الثورة
* أكثر من 10 ملايين إيراني يعيشون في حالة الفقر
* 25 ألف عنصر لإيران من الحرس الثوري والمليشيات في حلب وأطرافها
* خسائر إيران في سوريا تجاوزت 10 آلاف قتيل
تأسس "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية"، أو ما يعرف بـ"مجاهدي خلق"، في تموز/ يوليو عام 1981 في طهران؛ بهدف إسقاط النظام الحاكم في إيران، ثم نقلَ مقره المركزي إلى باريس، واختار مريم رجوي زعيمة له، ومنحها منصب رئيسة للجمهورية في إيران للفترة الانتقالية. ويمثل المجلس المعارضة الرئيسية للنظام الإيراني في الخارج حاليا.
"عربي21" التقت عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس، موسى أفشار، للحديث عن دور المليشيات الإيرانية في سوريا، ودور المقاومة الإيرانية في دعم الثورة السورية.
* بداية كيف تنظرون إلى سياسة النظام الإيراني في سوريا؟ هل نجحت أم فشلت؟ ولماذا؟
- بصراحة من الممكن أن نفهم مدى فشل النظام الإيراني في سوريا، من خلال ما أكده خامنئي، مرشد النظام، في تصريحات له مؤخرا قال فيها: "ينبغي ألّا ننتظر حتى يأتي العدو إلى داخل بيتنا لنفكر بالدفاع عن حياضنا، بل يتعين قمع العدو عند حدوده". وقال أيضا: "الشباب الذين توجهوا إلى سوريا والعراق يحملون هذه البصيرة، فيما يجلس هناك البعض اليوم في البيت، ولا يفهمون ماهي القضية".
وأصبح التركيز الرئيسي للجهاز العسكري لنظام الملالي اليوم في جبهتي العراق وسوريا. وفي هذا السياق، أكد أيضا "رحيم ازغدي بور"، عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية في نظام الملالي، الذي يمكن أن نفهم من خلاله أيضا مدى الأهمية الاستراتيجية التي يوليها هذا النظام لتدخله في سوريا، حيث قال: "يجب أن نعرف أن سوريا تقاتل من أجل إيران، وليس إيران من أجل سوريا، وفي الحقيقة أصبح العراق وسوريا وقاية لإيران؛ لأن في نهاية المطاف نحن جميعنا نعمل في جبهة موحّدة معا".
ومما سبق، نرى أن الطريق الوحيد لإنهاء تدخلات الملالي في دول المنطقة، وتحقيق السلام والهدوء في المنطقة واقتلاع داعش، هو قطع دابر النظام الإيراني والحرس الثوري ومرتزقته من المنطقة، خاصة سوريا.
* كيف هي برأيكم المعادلة السياسية بين روسيا وإيران في سوريا، خاصة بعد أن التقيا في حلب؟
- هنا أود أن أوكد بأن هناك اختلافا بين المشروعين الروسي والإيراني، وهناك اختلاف واضح بين المصالح الروسية والمصالح الإيرانية، على الرغم من أنهما استندا إلى قاعدة مشتركة أدت إلى تحالف بين الطرفين، لكن هذا لن يستمر طويلا؛ بسبب اختلاف المشاريع واختلاف المصالح، وهذا ما برز بشكل أو آخر في أحداث حلب.
من جانب آخر، يعلم الجميع أنه لا يمكن الحوار مع نظام الولي الفقيه والتفاوض معه، لكن روسيا تتخذ من سوريا ورقة من أجل التفاوض على الطاولة الدولية من أجل قضايا متعددة، منها مثلا الحلف الأطلسي ونشر الأسلحة بالقرب من الحدود الروسية، ومنها قضايا وملفات تتعلق بالأمن العالمي، ومنها ملفات تتعلق بالطاقة والنفط والغاز، ومنها أوكرانيا والقرم وأسعار النفط، والمصالح الاستراتيجية بالنسبة لروسيا.
* ما الأهداف التي رسمها وحققها سياسيا وعسكريا نظام طهران في سوريا؟
- بتصوري أن نظام ولاية الفقيه يسعى إلى الاستيلاء على المنطقة من خلال مشروع تصدير الثورة، ومن خلال التدخل في شؤون الدول الأخرى، ومن خلال صرف الأموال الطائلة والجهد السياسي والعسكري والأمني والبشري على مليشياته الإرهابية. وحسب معلوماتنا من داخل إيران، فإن عدد عناصر الحرس الثوري والمليشيات المنضوية تحت أوامر النظام الإيراني في حلب وأطرافها تجاوز 25 ألف عميل.
وهنا أريد أن أوكد بأن الملالي، وبتدخلهم وبكل إمكانياتهم في حلب، وكما هو في سائر البلدان المنطقة، يحاولون التستر على ضعفهم في داخل البلاد.
* ما هي دلالات زيارة سليماني لقلعة حلب؟ وما هو تعليقكم موضوع تبادل التهاني بين بشار الأسد ونظام إيران بخصوص ما يسمونه نصرا في حلب؟
- ليست صدفة أن يكون قاسم سليماني أول متفقّدي الركام الذي ترقص فوقه عناصر مليشياته، بل أراد الجنرال الإيراني أن يوقّع "انتصاره" بقدميه، كما فعل مرارا في العراق، فكثيرون كذلك تذكروا صورة آرييل شارون في بيروت خلال اجتياح لبنان قبل 34 عاما، إذ رأوا تحدّيا متماثلا في الحدثين، الإسرائيلي غازياً في عاصمة عربية، والإيراني معربدا في حلب بعد دمشق.
ولكن هذا الانتصار الشكلي لن يطول كثيرا، وهناك تغير في المعادلة العالمية، حيث إن أول مساند لخامنئي ونظام ولاية الفقيه الذي هو الرئيس الأمريكي الحالي أوباما، لكنه اتخذ موقفا قويا أيضا ضد الملالي، وقال إنهم ارتكبوا جرائم في سوريا وفي حلب، كما أن الرئيس المنتخب الجديد (دونالد ترامب) يتحدث عن ضرورة وجود منطقة آمنة في شمال سوريا، وهو ما أكدت عليه المعارضة السورية وتركيا منذ سنوات، وكذلك المقاومة الإيرانية، حيث كان من بين البنود التسعة التي أعلنتها السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، كمبادئ لحل الأزمة السورية.
* ما تعليقكم على التصريحات الإيرانية بأن مشروع إيران، بعد حلب، سيمتد للبحرين واليمن والموصل؟
هكذا تصريحات ليست لأول مرة، ونحن تعودنا عليها، وهذا السيناريو يتكرر بين حين وآخر، فتلك التصريحات تثير الضحك، في حين إن النظام برمته يعاني من الأزمات الداخلية، ولا يستطيع السيطرة على الوضع في الداخل، واليوم لا أحد يأخذ هذه التصريحات النارية بمحمل الجد، ولا تضيف إلا سخط وشجب الشارع الإيراني، والأوساط الاجتماعية والإعلامية في المنطقة والعالم كله.
* هل تتوقعون ثورة حقيقية داخل إيران ضد النظام الحالي؟
- بالطبع، فهذا النظام قد خلق منذ 37 عاما أكبر المجازر في الداخل وأكبر الكوارث للمنطقة، بتصديره الإرهاب وتأجيج الصراعات الطائفية، وأدى إلى سقوط 120 ألف شهيد في الداخل، وأكبر الأدوار في قتل الملايين من المسلمين، سواء الشيعة أو السنة، في كل من العراق وسوريا واليمن والمملكة العربية السعودية.
طبعا، الهدف من إثارة الحروب من قبل الملالي ليس إلا لحفظ النظام المكروه لدى أبناء الشعب الإيراني، لما مارسه طيلة 38 عاما من أعمال القمع والتعذيب والإعدام والسرقة والفساد، ومن هنا، فإن التقييمات الداخلية للنظام تفيد بأن 94 في المئة من الشعب يطالبون بالتغيير، حيث إن الفقر والبطالة والتضخم تفشت في كل مناحي حياة المواطنين، والظرف الراهن وما يجري داخليا وخارجيا يؤكد الحالة الهشة لنظام الملالي، فهناك أكثر من 10 ملايين يعيشون في حالة الفقر، ويواجه النظام توسع الاحتجاجات الاجتماعية.
* إلى أي حد أنتم -المعارضة الإيرانية- تستطيعون الضغط على المجتمع الدولي لإحالة ملف جرائم المليشيات الإيرانية للمحاكم الدولية؟
- الطريق الوحيد أمام تصدير الإرهاب والتطرف المسوّق من هذا النظام هو التصدي الحازم لتدخلاته في دول المنطقة، والواقع أن هذا النظام، وبسبب عدم تعرضه لأي محاسبة على جرائمه التي ارتكبها داخل إيران، قد تشجّع وقام بكل وقاحة بالتطاول على الدول الأخرى، وخير مثال على ذلك تورطه في المشهد السوري والجرائم التي ارتكبت في حلب، فنحن لدينا دعوة دولية واسعة لإحالة ملف هذه الجريمة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومحاكمة المتورطين في هذه الجريمة، من آمرين ومنفذين.
* أخيرا، ما هي تقديراتكم لخسائر إيران في سوريا، من حيث أعداد القتلى؟
- حسب التقارير الواردة إلينا من داخل إيران، فإن عدد قتلى قوات الحرس وعملائها من اللبنانيين والأفغان والباكستانيين والعراقيين المؤتمرين بإمرة الحرس، تجاوز 10 آلاف شخص، بينهم أكثر من 70 من العمداء والعقداء في الحرس، وهناك خسائر بشرية لقوات النجباء وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله في حلب، تبلغ حوالي 180 شخصا وعشرات من عناصر حزب الله اللبناني، قتلوا في معركة حلب، وعدد كبير من مرتزقة الحرس الثوري في حلب أصيبوا بجروح، وقامت قوات الحرس بنقل بعض منهم إلى طهران.
أحمد زكريا