وكان أوباما قال في مؤتمر صحافي في 16 كانون الاول الجاري أن الولايات المتحدة سترد على القرصنة الروسية للتأثير في الانتخابات لرئاسية الأميركية، موضحا أن بعضا من الرد سيكون "واضحا وعلنيا"، وآخر سيكون غير ذلك.
ومع أنه تجنب خلال حديثه تأييد الاستنتاج الذي توصلت إليه وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي" بأن روسيا اخترقت حسابات البريد الإلكتروني لمؤسسات ومسؤولين في الحزب الديموقراطي بهدف مساعدة الجمهوري دونالد ترمب للفوز في الانتخابات الرئاسية على حساب الديموقراطية هيلاري كلينتون، أكد "أننا سنرد في الزمان والمكان اللذين نختارهما".
وأمر أوباما وكالات الاستخبارات بإجراء مراجعة كاملة لعملية القرصنة، وتقديم تقرير له قبل أن يترك منصبه يوم 20 كانون الثاني المقبل، مشيرا إلى أن "هناك مجموعة كاملة من التقييمات لا تزال قيد الإجراء بين الوكالات".
وفي ذلك اليوم نفسه، أعلن البيت الأبيض أنه يحمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسؤولية المباشرة عن القرصنة المعلوماتية. وأكد ثلاثة مسؤولين أميركيين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشرف على هجمات إلكترونية نفذتها أجهزة استخباراته للتأثير على الانتخابات الرئاسية، وتحويلها من جهد عام إلى محاولة محددة لدعم ترامب لإضعاف الثقة في العملية الانتخابية.
واليوم، نسبت صحيفة "الواشنطن بوست" الى مسؤولين اميركيين أن "اعلاناً يحدد العناصر العامة للعقوبات (الاميركية على روسيا على خلفية القرصنة) يمكن أن يحصل هذا الاسبوع".
أمر تنفيذي
ويؤخر الاعلان حتى الان نقاش داخلي في شأن الطريقة المثلى لتكييف أمر تنفيذي يعود الى العام 2015 يعطي الرئيس سلطة فرض عقوبات على لاعبين أجانب نفذوا هجمات سيبيرية ضد الولايات المتحدة.
واستخدم هذا الأمر التنفيذي ك "عصا" في المفاوضات على اتفاق مع الصين العام 2015 قضى بأن أي دولة لن تخترق دولة أخرى لتحقيق مكاسب اقتصادية.
الا أن مسؤولين خلصوا في الخريف الماضي الى أن الأمر التنفيذي لا يغطي نوع العمليات السرية التي تعتقد وكالات الاستخبارات أن روسيا نفذتها خلال الانتخابات، بما فيها اختراق منظمات سياسية وتسريب رسائل الكترونية بهدف التأثر على نتائج التصويت.
ويتيح المرسوم الذي يعود تاريخه في نيسان 2015 لوزارة الخزانة تجميد أصول الأشخاص أو الكيانات التي استخدمت وسائل رقمية لإلحاق الضرر بالبنى التحتية الاميركية الحساسة أو الاشتراك بتجسس اقتصادي.
ويبدو أن تكييف الامر التنفيذي يرمي بحسب مسؤول أميركي بارز الى "تصنيف البنى التحتية الانتخابية الراهنة، على غرار قواعد المعلومات الخاصة بالدولة، بأنها بنى تحتية حساسة، وأن ما قام به الروس ألحق بها ضرراً".
من هذا المنطلق، تقول الصحيفة الاميركية إن الامر التنفيذي قد يعدَّل ليشير بوضوح الى أنه ينطبق على التدخل في الانتخابات، أو يمكن الحكومة أن تعلن النظام الانتخابي بنى تحتية حساسة، وهو اقتراح مثير للجدل سبق لدول أن تجنبته.
وكان أوباما واجه ضغوطاً من بعض الديموقراطيين للرد على روسيا على خلفية القرصنة، قبل تسليمه الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة في كانون الثاني المقبل.
ويتخوف البعض من أن يمتنع ترامب الذي أبدى رغبة في تحسين العلاقات مع الكرملين، عن اتخاذ أي خطوة ضدها.
وقال النائب آدام شيف، وهو ديموقراطي من كاليفورنيا: "لا أثق بأن أوباما سيفرض أي عقوبات على روسيا. أنا قلق من أن يقوم بالتراجع عن العقوبات المفروضة أًصلاً...لذا أعتقد أن على الادراة أن تقوم بما عليها فعله في أسرع وقت".
وكانت الادارة الاميركية اتهمت علناً الاستخبارات الروسية بالهجمات على اللجنة الوطنية الديموقراطية ومنظمات سياسية أخرى، بينها البريد الالكتروني الخاص لجون بوديستا رئيس حملة هيلاري كلينتون.
ويعتقد مسؤولون استخباراتيون أن الافراج لاحقاً نن تلك الرسائل المسروقة من خلال ويكيليكس ووسائل أخرى كان محاولة من الحكومة الروسية للتدخل في الانتخابات الاميركية.
ولكن الادارة الاميركية لا تسعى فقط الى معاقبة موسكو على التدخل في العملية الانتخابية، الا أنها تأمل على ما يبدو في القيام بذلك بطريقة تمنع ترامب من العودة عنها.
وتنقل "الواشنطن بوست" عن مسؤول أميركي أن "جزءاً من الهدف هنا هو التأكيد من نشر أكثر قدر ممكن من السجلات أو ارسالها الى الكونغرس في شكل يمنع العودة عنها ببساطة". وأضاف أن "الرد يهدف ايضاً الى ردع روسيا عن استخدام نفس عمليات التأثير في المستقبل".
وقال مسؤول آخر: "لست قلقاً مما حصل لنا في الانتخابات، ما يقلقني هو ما سيحصل لنا في المستقبل.أنا مقتنع بأن الروس وآخرين سيقولون إن هذا الامر نجح العام 2016، لذا لنتابع الامر. لدينا انتخابات كل سنتين في هذا البلد".
ويبدو أن الادارة الاميركية تدرس سلسلة من الردود الاخرى، وكل منها ينطوي على أخطار.ويوضح مسؤولون إن الاتهامات الجنائية قد تكون خياراً، كتلك التي استخدمت ضد خمسة ضباط من جيش التحرير الشعبي الصيني العام 2014، وسبعة إيرانيين في وقت سابق هذه السنة، الا أن الأف بي آي يبحث عن أدلة كافية للمضي في هذه الدعوى.