إيران بلدُ مجموعةٍ من التناقضات: إنها جمعت بين أثرى الناس في العالم وأفقر الناس؛ فهناك شابٌ ثلاثيني اسمه بابك زنجاني سرق من عوائد النفط الإيراني ما يفوق 3 مليارات دولار، علمًا بأنه ليس وحيداً في هذا المجال، إذ يقول مساعد الرئيس الإيراني أكبر تركان بأن لدينا مجموعة أشخاص من أمثال بابك زنجاني يرجح أن قد سرق كل واحد منهم، وهم كثر، مليار دولارٍ أو ملايين الدولارات من أموال الشعب الإيراني، بينما هناك مواطنون يعيشون في المقابر أو البيوت المدمرة.
يتمنى النظام الإيراني الموت لأمريكا طيلة أربعة عقود تقريبًا، بينما هناك مواطنون إيرانيون يلتجئون إلى القبور وليس المقابر كما ذكرنا آنفاً من شدة الفقر والبرد القارس. وذلك لأن هناك فرقًا بين المقابر والقبور، حيث أن المقابر هي غرف مسقوفة يمكن تجهيزها بلوازم منزلية، كما أن مئات الآلاف من المصريين يسكنون تلك المقابر العائلية وهناك في إيران فقراء يسكنون تلك المقابر وليس عددهم كثيرًا، ولكن القبور التي التجأ إليها مواطنون إيرانيون في مدينة شهريار القريبة من العاصمة طهران هي قبور فارغة جاهزة لدفن الموتى.
إقرأ أيضا : كيف اخترق فيروس ستاكس نت قلب المفاعل النووية الإيرانية؟
وبعد أن تداولت مواقع التواصل الاجتماعية صورًا وتفاصيل لهؤلاء الفقراء اللاجئين إلى القبور، تدخّلت فرق الشرطة لتفريقهم بعنف، ما دفعهم إلى التخوف لدرجة أنهم رفضوا التحدث إلى الإعلاميين!
هذا وإن الإذاعة والتلفزيون الإيراني يغطيان دوماً أي موضوع يتناول الفقر في أمريكا وأوروبا ويطالبان أوروبا بتحسين أوضاع اللاجئين غير القانونيين في شوارع فرنسا وإيطاليا وقبولهم كمواطنين ومنحهم حقول المواطنة الكاملة، بينما تشهد البلاد هروب مواطنين إلى القبور في وطنهم. أليس لمكافحة الفقر في البلاد أولوية على القضاء على الاستكبار العالمي وإسرائيل مع الاحتفاظ بمكان الأخيرين في سلّم الأولويات؟!
أليس الفقر عدواً للمواطنين الإيرانيين يستحق دفع الأموال لقلع جذوره بجانب الأعداء الأجانب؟ إلى متى يمكن استخدام الشعارات لتأجيل الاستجابة لمطالبات الشعب؟
إقرأ أيضا : ظريف تحت رحمة المتشددين
أليس لمكافحة هذا الفقر المدقع أولوية على إطلاق صواريخ باليستية مكتوب عليها الموت لإسرائيل باللغة العبرية؟ متى يغطّي النظام الإيراني هذا الشرخ الكبير بين مطالبه ومطالب الشعب الذي يعاني من الفقر الذي فُرض عليه؟
وبينما يعيش الشعب الإيراني صدمة روحية إثر هذا الحادث المؤلم يستمرّ محافظون متشددون في محاولاتهم لضرب الاتفاق النووي وإيعاد العقوبات الاقتصادية التي كانوا هم المستفيدين منها لنهب أموال الشعب تحت غطاء تدوير العقوبات، بينما كانوا يدورون الشعب الإيراني.