تحت عنوان "قراءة مسيحية في الدور الشيعي: سؤال الدولة يتكرر!"، كتب قاسم قصير في صحيفة "السفير": "تتابع بعض الاوساط الكنسية مقاربة المراجع الشيعية الدينية والسياسية للتطورات في لبنان والمنطقة لا سيما بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، وفي ظل ما يجري من تطورات متسارعة في العراق وسوريا والدور الاقليمي المتعاظم لـ "حزب الله".

هذه الأوساط تتوقف باهتمام عند ما رافق تشكيل الحكومة وبدء مناقشة بيانها الوزاري، والنقاشات حول القانون الانتخابي الجديد، لا سيما ما أثير من قبل بعض مراكز الأبحاث والدراسات حول احتمال قيام حلف ثنائي ماروني ــ سني وبالتالي استعادة خطاب العزل والتحذير عن عودة مناخات الحرب الاهلية.

تطرح هذه الاوساط أسئلة حول دور وموقع الطائفة الشيعية في الكيان اللبناني والدولة اللبنانية، "فالشيعة وبرغم ان البعض يعتبرهم ليسوا طائفة مؤسسة أو مساهمة في نشوء الكيان اللبناني تاريخيا، كانوا من اكثر المستفيدين من هذا الكيان للحفاظ على هويتهم المذهبية وتحقيق حضورهم التاريخي والسياسي في لبنان والمنطقة". ويضيف هؤلاء ان مسألة مواجهة الحرمان التاريخي التي تبنتها قياداتهم الدينية والسياسية منذ الستينيات حتى الطائف "لم تعد مطروحة اليوم، بعدما حققوا الكثير من الانجازات السياسية والاقتصادية والثقافية وأضحوا قوة وازنة محليا وأيضا قوة اقليمية كما يعترف بذلك قادتهم، وبالتالي تجاوز دورهم الحدود اللبنانية".

في مقابل هذه الانجازات والأدوار، وبينها بطبيعة الحال، دورهم الرئيسي في تحرير لبنان من العدو الاسرائيلي، فان السؤال المركزي الذي يطرح عليهم اليوم، حسب هذه الاوساط المسيحية: ما هو الموقف من قيام الدولة في لبنان؟ وكيف يمكن تجاوز الطائفية والمذهبية؟ وكيف يمكن التزاوج بين دور الشيعة الداخلي ودورهم الاقليمي؟ واذا كان لدى الشيعة انتقادات ومخاوف من جراء ما تعرضوا له تاريخيا من اعتداءات من العدو الصهيوني، وكذلك اليوم من ازدياد خطر التطرف والتعصب وعدم قيام الدولة بدورها الاساسي في حمايتهم، فان ذلك يجب ان يدفعهم للبحث في كيفية بناء الدولة اللبنانية وتعزيز دورها واجهزتها الامنية والعسكرية وتقديم كل الدعم لها كي تقوم بدورها الاساسي في هذا المجال، ولا يمكن انتظار قيام الدولة وحدها كي نحدد موقفنا منها.

وتتابع الاوساط الكنسية: مع انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، دخلنا مرحلة سياسية جديدة، خصوصا أن العماد عون يعتبر الحليف الاقرب إلى "حزب الله" وهناك ثقة عالية بين "الجنرال" وبين الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، وهذا ما يكرره قادة الحزب، وعلى الصعيد الخارجي، حقق الحزب وحلفاؤه انتصارات مهمة في سوريا والعراق، وكل ذلك، يشكل ضمانات مهمة للحزب والشيعة لا بل لمعظم شعوب المنطقة في مواجهة خطر الارهاب، لكن في المقابل، كيف سيتصرف الشيعة تجاه العهد الجديد وهل سيواكبون خطواته الاصلاحية، واين سيصرفون فائض قوتهم العسكرية ورصيد الانتصارات التي يحققونها خارجيا وهل سيظلون يعملون من خارج منظومة الدولة اللبنانية؟

وتختم الأوساط بأنه لا بد من البحث عن صيغة جديدة تحمي التنوع الطائفي والمذهبي وتحقق التمثيل السياسي العادل والصحيح للجميع، وهذا يتم من خلال جهد لبناني مشترك وان كان المفروض عدم تكرار الدعوة لعقد مؤتمر تأسيسي لأن هذا المصطلح يستفز بعض الاطراف اللبنانية ولا ينسجم مع ما هو مطلوب لبنانيا اليوم، وتشير إلى أن المهم الا تنجّر الطوائف اللبنانية الى سجالات طائفية ومذهبية او تستدرج بعضها البعض إلى نبش مخاوف قديمة".