جلسة «الثقة» النيابية لم تكن على قدر آمال اللبنانيين، وغاب الاهتمام الشعبي كلياً رغم انها الجلسة الاولى منذ سنتين ونصف، حتى الكلمات لم تكن على مستوى مشاكل البلد الاقتصادية والاجتماعية، وكانت «سطحية» و«مسلوقة» في ظل اصرار النواب على الرئيس بري «الاستعجال» وانهائها امس كي يتسنى لهم المغادرة وقضاء «عطلة الاعياد» في المنتجعات الخارجية، لكن نقص عدد النواب وعدم انجاز الرئيس الحريري لرده اديا الى تأجيل جلسة الثقة المحسومة الى اليوم ولن تستغرق مدتها الساعة فقط كي يسافر «كبار القوم».
الجلسة النيابية امس كشفت «افتقار» البلد الى «القامات» النيابية وموت الحياة النيابية التي لن تصحح وتعود عافيتها الا بقانون انتخابي عادل على مستوى البلد يضرب الاقطاعيات الطائفية والمالية ويؤسس لحياة سياسية جديدة لن تتحق طالما كل الكتل النيابية تريد قانون الستين، وتعمل له، فيما رفضها ليس الا من «باب الضحك على الذقون» وهذا الامر بدأ يتكشف مع بدء اعلان معظم الكتل ولو «همسا» ان «الستين» هو أهين الحلول.
لكن اللافت ان الجلسة شهدت سجالات مستقبلية، ستؤسس لمرحلة جديدة في منطقة الشمال، وبعد ان عاد النائب خالد الضاهر الى «بيت الطاعة المستقبلي» خلال الانتخابات الرئاسية، وصوت مع كتلة المستقبل لصالح العماد ميشال عون، وحضر مراراً الى بيت الوسط لكن «رياح» الضاهر «المستقبلية» الشمالية تبدلت كلها امس، ولم يعط الثقة للحكومة وخالف قرار المستقبل رغم ان الرئيس فؤاد السنيورة «تهرب» من حضور الجلسات بشكل ديبلوماسي واعلن مغادرته لبنان، كما ان الرئيس نجيب ميقاتي مع النائب احمد كرامي لم يحضرا الجلسة. وهذا ما سيؤسس حكماً الى تحالف وازن وقوي وفاعل في طرابلس والشمال بين الوزير اشرف ريفي والرئيس ميقاتي والنائب خالد الضاهر صاحب الحضور القوي وربما حسم هذا التحالف الانتخابات النيابية لصالحه وسيواجه الحريري مشكلة كبرى في طرابلس خصوصا ان اجواء الود والتلاقي على افضل حال بين الرئيس ميقاتي والوزير اشرف ريفي الذي حسم الانتخابات البلدية لصالحه في طرابلس واذا انضم النائب خالد الضاهر الى التحالف مع حضوره الاسلامي القوي فان معادلة جديدة سترسم في الشمال ويدركها الحريري جيداً، الذي تفاجأ بكلام خالد الضاهر ضد الحكومة وضد زميله في كتلة المستقبل رياض رحال، وربما اتخذت كتلة المستقبل قرارا في جلستها المقبلة ضد النائب خالد الضاهر.
واللافت ان الجلسة النيابية المخصصة لمناقشة البيان الوزاري، تطرقت الى كل شيء الا الى بنود البيان الوزاري حتى ان فقرة المحكمة الدولية اضيفت قبل دقائق من القاء الحريري للبيان وكذلك الملف النفطي، باستثناء القوات اللبنانية التي تطرقت الى موضوع سلاح المقاومة لكن نواب المستقبل تجاهلوا هذا الملف والعلاقة مع سوريا والنأي بالنفس وكل الملفات الخلافية من اجل انطلاق الحكومة، وحتى انهم لم يردوا على كلمة نائب حزب الله الحاج علي عمار بقوله «من نساجله يكبر ومن يساجلنا يصغر».
اليوم ستنال الحكومة ثقة معظم الكتل النيابية باستنثاء الكتائب والوزير بطرس حرب والنائب خالد الضاهر، لكن اللافت ان الوزير اشرف ريفي غاب عن الجلسة.

ـ قانون الانتخابات ـ

ورغم مرور جلسة الثقة بشكل هادئ وودي، لكن هذا الهدوء لن يطول مع بدء مناقشة قانون الانتخابات في جلسة الحكومة المقبلة، وعندها ستنفجر الخلافات لان البعض يعتبر القانون مسألة «حياة او موت» سياسية بالنسبة له وحسب المعلومات فان النائب وليد جنبلاط هدد بتصعيد كبير واعطى تعليمات لماكينته باطلاق حملة تصاريح سياسية واعلامية ضد النسبية ورفع السقف عاليا.
وفي المعلومات فانه في «عز» الهجوم الجنبلاطي على «النسبية» جاء كلام الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله عن استعداد حزب الله لمراعاة هواجس البعض وقلق البعض قاصداً النائب وليد جنبلاط دون ان يسميه. وهذا ما استدعى اتصالا من جنبلاط بالحاج وفيق صفا شاكراً السيد على مواقفه، واستتبع ذلك بسلسلة مواقف اشتراكية ايجابية تجاه حزب الله وبعدها قام المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والحاج وفيق صفا بزيارة جنبلاط في كليمنصو بحضور النواب اكرم شهيب، وائل ابو فاعور وغازي العريضي. وكان «طبق» النقاش الوحيد قانون الانتخابات، رغم التباين بين الطرفين حول تمسك جنبلاط برفض النسبية واعلان حزب الله موقفه المعروف لجنبلاط بتأييده للنسبية، لكنه تم التوافق بين الطرفين على استمرار النقاشات وتشكيل لجنة للوصول الى تفاهم اذا أمكن واعلان جنبلاط ماذا يريد، واي قانون يريده؟ مقابل ماذا يريد حزب الله ايضا؟ واكد وفد الحزب انه يتفهم هواجس جنبلاط، وتمسك حزب الله بالنسبية ليس مقصوداً به جنبلاط ولا الطائفة الدرزية. وكانت اجواء الاجتماع جيدة، وخرج جنبلاط مرتاحا حسب مصادره رغم استمرار التباين. لكن بالحوار يتم الوصول الى تفاهمات، لكن حزب الله يؤكد دائما ان الحوار مع جنبلاط لا يعني عدم تفهم حزب الله لهواجس حلفائه الدروز ايضا وتمسكهم بالنسبية.

ـ لجنة حزب الله والمستقبل وامل ـ

وفي ملف قانون الانتخابات ايضا، علم ان اللجنة الثنائية بين حزب الله وتيار المستقبل التي تجتمع بشكل دوري في عين التينة ستتحول الى ثلاثية بانضمام حركة امل وسيكون النقاش محصوراً في اجتماعها المقبل بقانون الانتخابات والوصول الى صيغة توافقية تولد من «رحم» القوانين المطروحة وربما تحتاج الى «معجزة» للوصول اليها. وهذا ما سيؤدي الى اجراء الانتخابات على اساس الستين.
 علما ان النقاش مستقبلا بين الكتل وداخل الحكومة سينحصر بقوانين الستين، والمختلط اي قانون الاشتراكي المستقبل القوات اللبنانية الذي لم يعد متحمسا له جنبلاط واساسه 68 نائباً على الاكثري و60 نائبا على النسبي، وقانون كتلة التنمية والتحرير والذي يتبناه الرئيس بري 64 اكثري 64 نسبي، وايضا قانون التأهيل الاكثري في القضاء والنسبي في الدوائر الكبرى، علما ان جنبلاط يرفض ما ورد في قانون الرئيس بري لجهة ضم بعبدا الى الشوف وعاليه فيما قانون القوات المستقبل الاشتراكي يتمسك بعاليه والشوف دائرة واحدة، وهذا فقط ما يرضي جنبلاط ويزيل هواجسه لكن المعارضة الدرزية تتمسك ايضاً بالنسبية وبثلاثية بعبدا الشوف عاليه ونقلت موقفها بوضوح الى حزب الله الذي سيوازن حتما بين مطالب جنبلاط وحلفائه الدروز رغم ان علاقة جنبلاط بحزب الله هذه الايام «سمن وعسل».