تكثّف إسرائيل من اتصالاتها مع كل من روسيا والولايات المتحدة، للتوصل إلى تفاهمات بشأن مستقبل عملياتها داخل سورية، وذلك في إطار سعيها لمواصلة الحفاظ على خارطة مصالحها في سورية، تحسباً لعهد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ولإمكانية توصّل الولايات المتحدة وروسيا إلى توافق بشأن سورية.
وكشف المعلق العسكري الإسرائيلي، أمير أورن، عن أن إسرائيل شكلت طاقماً، يضم ممثلين عن أذرع وشعب الجيش، لإجراء اتصالات مع الجيش الروسي، للاتفاق على قواعد جديدة للتنسيق بشأن سورية. وفي تقرير نشره موقع صحيفة "هآرتس"، نوه أورن إلى أن الطاقم العسكري الإسرائيلي، الذي يرأسه قائد لواء العمليات في هيئة أركان الجيش، الجنرال إيتسيك ترجمان، قد أجرى بالفعل مباحثات في مدينة سانت بطربسبرغ الروسية مع طاقم يمثّل الجيش الروسي برئاسة أحد نواب الجنرال سيرغي روتسكوي، قائد شعبة العمليات في الجيش الروسي.
ونوه أورن إلى أن الهدف من الاتصالات التي يُجريها الطاقمان هو التوصل إلى قواعد تنسيق تضمن تقليص الاحتكاك، في ظل التحولات التي طرأت على طابع العمليات الروسية العسكرية في سورية. وضمن ذلك، تقليص أثر التحول على الفضاء الإلكترومغناطيسي، الذي تركه الوجود العسكري الروسي الكثيف في الجو والبحر على الأنشطة العسكرية الإسرائيلية داخل سورية وفي محيطها.
وأوضح أورن، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع الهيئات العليا في الجيش والمؤسسة الأمنية في تل أبيب، أن تشكيل الطاقم العسكري الإسرائيلي الجديد جاء أيضاً لمواجهة تبعات التحول المرتقب على العلاقة الروسية الأميركية في عهد ترامب.
"
إسرائيل شكلت طاقماً للتواصل مع الجيش الروسي بهدف الاتفاق على قواعد جديدة للتنسيق بشأن سورية
" وبحسب أورن، فإن الانطباع السائد في تل أبيب، أن ترامب، وبخلاف سابقيه، سيبلور سياساته الخارجية بناء على تفاهم وتنسيق وثيق مع روسيا. ولم يستبعد أورن أن يُفضي التقارب المتوقع بين واشنطن وموسكو في عهد ترامب إلى بروز كيان جيوسياسي جديد "يمكن أن نطلق عليه أمروسيا"، في إشارة إلى عمق التنسيق والتعاون المتوقع بين الطرفين. ولفت أورن إلى أن الإسرائيليين يركزون على الاتصال برئيس هيئة أركان الجيش الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، وليس بوزير الدفاع سيرغي شويغو، على اعتبار أن الخلفية المدنية للأخير جعلت غيراسيموف عملياً كبير مستشاري الرئيس فلاديمير بوتين والأكثر تأثيراً عليه.
في المقابل، كشف أورن أن الطاقم العسكري الجديد المسؤول عن الاتصال بالجيش الروسي عقد، الأسبوع الماضي، في تل أبيب، لقاءات مع ممثلي قيادات القوات الأميركية العاملة في سورية، للتباحث حول خارطة المصالح الأميركية في هذا البلد.
واستدرك أورن أنه، إلى جانب الرهان على تحسين التنسيق بين إسرائيل وكل من روسيا والولايات المتحدة بشأن سورية، فإنه يوجد قلق في تل أبيب من إمكانية التوصل بين موسكو وواشنطن إلى تسوية يهدف بوتين من خلالها إلى تحسين مكانة نظام الأسد. وحسب أورن، فإن هناك مخاوف من أن يتفق بوتين وترامب على تحقيق تسوية سياسية بين دمشق وتل أبيب، تنسحب إسرائيل بموجبها من هضبة الجولان المحتل، على حد قوله. وعلى صعيد آخر، لفت أورن إلى وثيقة أعدها رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، تنص على أن الهدف خلال أي مواجهة مستقبلية مع حزب الله سيكون "الحسم وليس الردع".
وفي تقرير آخر نشرته "هآرتس" أخيراً، نقلت المراسلة العسكرية للصحيفة، جيلي كوهين، عن جنرال في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي قوله إن انتخاب ترامب سيؤثر على مخططات الجيش، مشيراً إلى أن هذه المخططات ستتم مواءمتها مع العهد الجديد. وأضاف الجنرال، الذي لم يذكر اسمه، أن الاتصالات التي أجراها كل من رئيس جهاز الموساد، يوسي كوهين، وكبار موظفي ديوان مستشار الأمن القومي لنتنياهو مع كبار موظفي الإدارة الجديدة في واشنطن، هدفت إلى التعرف على اتجاهات التغيير على السلوك العسكري الإسرائيلي في أعقاب بدء ترامب مهام عمله. وتوقع الجنرال أن يفضي العهد الجديد في واشنطن إلى تقليص الجهد الحربي الإسرائيلي. وأشار الجنرال إلى أن هناك ما يدلل على أن الجيش الإسرائيلي سيقلص في عهد ترامب مستوى النفقات الأمنية والمشتريات العسكرية، ما سيفضي إلى عدم تعاظم موازنة الأمن.
صالح النعامي