تجد تركيا صعوبة بالغة في السيطرة على مدينة الباب شمالي سوريا، في ظل مقاومة شرسة يبديها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي دفعها إلى طلب المساعدة من التحالف الدولي.
وبدأت تركيا في التاسع من الشهر الجاري عملية عسكرية في مدينة الباب الواقعة في الريف الحلبي، مستعينة بجماعات سورية لطرد تنظيم داعش، بيد أنه وعلى خلاف المتوقع لم تنجح حتى الآن في تحقيق اختراق مهم.
وتكبد الجيش التركي خلال الفترة الأخيرة خسائر بشرية فادحة، حيث قتل داعش الأربعاء في الباب 16 جنديا تركيا، وهو اليوم الأكثر دموية للجيش منذ إطلاقه في أغسطس عملية عسكرية في شمال سوريا ضد التنظيم المتطرف والمقاتلين الأكراد.
ونشر تنظيم الدولة الإسلامية الخميس فيديو أظهر إحراق جنديين تركيين كانا محتجزين لديه. ولم يصدر أي رد فعل عن الرئيس رجب طيب أردوغان ولا رئيس الوزراء بن علي يلدريم منذ نشر هذه المشاهد الوحشية مساء الخميس.
وكان وزير الدفاع أعلن عن ثلاثة جنود محتجزين حاليا لدى تنظيم الدولة الإسلامية دون المزيد من التفاصيل. وردا على سؤال عن أوضاعهم رفض المتحدث باسم الرئاسة التعليق على الموضوع. لكنه أكد أن 226 مقاتلا من تنظيم الدولة الإسلامية قتلوا في الباب خلال العمليات التي نفذت الأسبوع الماضي.
ودفع هذا الوضع أنقرة إلى الاستنجاد بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لمساندتها في الهجوم المتواصل على المدينة الاستراتيجية، مع تعزيز حضورها العسكري على حدودها مع سوريا.
وقال إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان “بشأن عملياتنا في الباب (…) من واجب التحالف الدولي تحمل مسؤولياته خصوصا من ناحية تأمين غطاء جوي”.
وأضاف المسؤول التركي خلال مؤتمر صحافي أنه “يمكن أحيانا للأحوال الجوية أن تتسبب في التأخير. لكن غياب الغطاء الجوي عندما لا يكون هناك سبب مبرر غير مقبول”.
وسبق أن أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تشارك في العملية العسكرية في الباب، مشيرة إلى أن أنقرة لم تنسق معها حين اتخذت خطوة التقدم صوب المدينة.
إبراهيم كالين: تركيا اتفقت مع واشنطن على مشاركة "الجيش الحر" في تحرير الرقة
ويخيم التوتر على العلاقات التركية الأميركية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة الذي قادها عسكريون أتراك ضد أردوغان في يوليو الماضي.
وتتهم أنقرة رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المحتدة بالوقوف خلف العملية، وتطالب واشنطن بتسليمه إلا أن الأخيرة ترفض ذلك لعدم توفر أدلة ثابتة على الاتهام.
وازدادت الفجوة بين أنقرة وواشنطن اتساعا مع استدارة تركيا اللافتة صوب روسيا والتي ترجمت في الاتفاق الذي تم في مدينة حلب، فضلا عن موافقة أنقرة على مبادرة روسية لبدء محادثات للتسوية في سوريا في مدينة أستانا الكازخستانية.
وتستشعر واشنطن وجود محاولة روسية بدعم تركي لتحييدها عن الملف السوري. بيد أن سياسة الولايات المتحدة البراغماتية قد تدفعها إلى القبول بطلب تركيا بالتدخل جوا في الباب، طبعا مع تقديم الأخيرة لتنازلات من قبيل مشاركتها في عملية الرقة، دون شروط مسبقة.
وصرح إبراهيم قالين بأن تركيا اتفقت مع الولايات المتحدة على مشاركة ما يعرف باسم “الجيش السوري الحر” في عمليات تحرير مدينة الرقة السورية من سيطرة تنظيم داعش.
وعلى خلاف العادة لم يتطرق المسؤول التركي إلى ذلك الشرط المكرر وهو عدم مشاركة وحدات حماية الشعب الكردي التي تعدها أنقرة تنظيما إرهابيا في معركة الرقة، الأمر الذي فهم منه أن تركيا تطرح معادلة الباب مقابل الرقة.
ويعكس هذا التخلي التركي عن الشرط السابق مدى خوفها من التكلفة الباهظة التي قد تقدمها لخوضها عملية عسكرية في سوريا منفردة ودون غطاء من التحالف الدولي.
وبمعزل عن الموقف الأميركي فإن تركيا ورغم خسائرها لن توقف العملية التي بدأتها في الباب، في ظل قناعة بأن أمنها القومي مرتبط أيّما ارتباط بالشمال السوري .
وقال نائب رئيس الوزراء التركي، ويسي قايناق، خلال مؤتمر صحافي عقده بمقر ولاية “كليس” (جنوب) “أمننا يبدأ من سوريا والعراق، لذا ينبغي أن نحمي حدودنا”.
العرب