فحلقة برنامج للنشر الذي تقدمه كركي عبر تلفزيون الجديد إستضاف في حلقة الإثنين الماضي المذيعة على قناة الحياة آمال مصطفى وهي قناة متخصصة بالإساءة بقسوة للنبي محمد (ص) والإسلام بشكل عام.
تخلل الحلقة عبارات قاسية وأوصاف مشينة وكلمات نابية من قبل آمال مصطفى بحق الرسول (ص) والإسلام وكان واضحا حجم الحقد الذي تكنه الإعلامية لشخص النبي محمد والديانة السماوية الثالثة.
وما أن إنتهت الحلقة النارية ، حتى قامت قيامة المؤسسات الإسلامية الرسمية التي رفعت دعاوى قضائية بحق القناة والبرنامج متهمين كركي بالإساءة للنبي.
وواكب هذه الدعاوى حملة إعلامية عبر وسائل التواصل الإجتماعي ودشن هاشتاغ :" الا محمد " كتضامن مع الرسول ورد على كركي التي نالت حصة كبيرة من التهجم والإنتقادات من قبل الناشطين.
ردت كركي برسالة أوضحت فيها أهدافها من الحلقة وحذرت من سوء النوايا التي إقتطعت أجزاء من الحلقة، ولاحقا قدمت الجديد إعتذار في حال أسيء النية.
لكن السؤال الجوهري الذي يطرح هو: هل أخطأت ريما كركي في حلقتها؟
بالبداية لا بد من التأكيد أن الإعلام هو رسالة بالدرجة الأولى يتمتع بحماية قانونية تكفل له التعبير بحرية من دون ضغط أو إستفزاز شرط عدم الإساءة والتجريح بمعتقدات الآخرين.
ومن شاهد الحلقة بأكملها من دون إجتزاء سيرى أن ريما كركي كانت مدافعة عن النبي وخرجت في الكثير من فقرات الحلقة عن موضوعيتها للدفاع والتصدي للإساءات فهي لا تتبنى وجهة النظر المسيئة للإسلام كونها في الأساس من خلفية إسلامية وكون هدف برنامجها هو تسليط الضوء على المواضيع التي تثير وتسبب المشاكل والفتن في المجتمع.
ولو أخذنا الموضوع من زاوية أخرى وبموضوعية بعيدا عن الحماس الصادق الموجود لدى المعترضين والذين شعروا بإهانة وقاموا بردة فعل عفوية تماشيا مع من خطط وإقتطع فقرات وإجتزأها من سياقها العام، لو أخذنا الموضوع بعيدا عن كل هذا وعالجنا الموضوع بطريقة بناءة تؤسس لنتائج إيجابية في المستقبل سنجد أن كركي قدمت أكبر خدمة ونصرة للإسلام وللنبي محمد من خلال تسليطها الضوء على قناة مسيئة للنبي تصل إلى بيوت اللبنانيين ولم يكن أحد يعيرها إنتباها لعدم معرفته بأهدافها وبها.
إقرأ أيضا : اللبنانيون لقناة الجديد : إلا محمد.... والقناة ترد
فبعد حلقة كركي ، الجميع أصبح مدركا بقناة الحياة وأهدافها ونواياها وبالتالي بات على الدولة والنخب والمسؤولين تحمل المسؤوليات إتجاه هذه القضية ومعالجتها، فالمشكلة الحقيقية هي مع قناة الحياة وليست مع ريما كركي التي فضحت هذه القناة وعرتها أمام اللبنانيين.
فلو كانت قناة الحياة تنتقد بأسلوب علمي كنا سنتمسك بحقها بالبث ولكنها قناة تحرض على الفتنة المذهبية، وريما كركي شعرت بحساسية الموضوع ونقلته للرأي العام من أجل تشكيل نواة ضغط على الحكومة للتحرك وأخذ الإجراءات المناسبة.
إضافة لذلك، نقطة في غاية الأهمية يجب على الغاضبين من كركي الإلتفات لها وهي سبب إقتطاع أجزاء من الحلقة وإعادة بثها وتجاهل الحلقة الكاملة، فالسؤال هو لماذا إجتزأت الحلقة ولم يبثها من حرض على كركي بأكملها؟
لذلك مشاهدة الحلقة بهدوء ومن دون أحكام مسبقة ستكشف أن ريما كركي قدمت مادة ساخنة ومثيرة على الساحة يجب علاجها وعدم المماطلة أو التغطية عليها وهذه أهداف ريما كركي.
فالتجربة علمتنا أن المماطلة والتغطية تراكم الحقد وتزيد المشاكل أما فضح الأمور كما هي فسيسهل معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها.
ومن الأمور المهمة والتي ذكرتها ريما كركي في ردها على المعترضين عليها هو أنها كانت دائما ما تطالب من رجال دين ذوي علم للقدوم إلى برنامجها للرد على إفتراءات أو حتى ربما هواجس الطرف الآخر لكنهم كانوا يرشحون رجال دين آخرين، فما ذنب ريما كركي في الموضوع، فناقل الكفر ليس بكافرا.
ونحن إذ نحاول معالجة الموضوع بطريقة أخلاقية بعيدة عن المزايدات، نهدف للتأسيس لحلول وتقريب وجهات النظر.
وأفضل تضامن وأرقى حب للنبي محمد (ص) يكون بإلتزام أخلاقه والسير على خطاه لإثبات أخلاقية الدين الحنيف وعدم الإنزلاق إلى ردود تنتهك كرامة إعلامية وتتناولها بعبارات نابية وبأوصاف تمس بكرامتها وشرفها، فحينها فقط نكون قد أثبتنا وجهة النظر المسيئة للنبي (ص).
فلنرتقي بردودنا ولنتحاور على كلمة سواء.