ورد في صحيفة "الحياة" أن تصاعد وتيرة الأسهم السياحية بدد التشاؤمَ الذي كان شكل هاجساً كبيراً للبنانيين في المرحلة الماضية، فاستُبدل به تفاؤل، ولو محدود، لدى الشارع عموماً وأصحاب المحال التجارية وحركة السوق خصوصاً، وانعكس وعداً بالاستقرار فور تشكيل الحكومة التي وضع رئيسها في سلم أولوياته النهوض الاقتصادي.
وبدأ التفاعل مع حكومة الرئيس سعد الحريري مع عبارات الترحيب التي كانت أكبر بكثير من عبارات الانتقاد، باعتبار أنها "شكلّت للخروج من الأزمة الاقتصادية التي أرهقت اللبنانيين طوال فترة الشغور الرئاسي، علّه يحدث نقلة نوعية على رغم عمرها القصير وحصر البعض عملها بإنجاز قانون جديد للانتخاب، والموازنة العامة...".
وفي جولة في بيروت وضاحيتيها الشرقية والجنوبية تفاوتت آراء مواطنين استصرحتهم "الحياة" بين متشائم من التركيبة الحكومية التي جاءت بوجوه غالبيتها أنتجتها أحزاب سياسية، وبين مؤيد لها "شرط ألا تسير على خطى سابقاتها".
وفي محل لبيع الألعاب في الحدث، وقفت ناتالي عازار وهي منهمكة في توضيب الهدايا لزبائن ملأوا المكان، سائلة الله أن "تدوم هذه الحركة"، ليقاطعها أحد الزبائن ضاحكاً: "هل برأيك أن هذه الحكومة ستبقى 6 أشهر؟ ستفشل في اتخاذ أي قرار مصيري إذا اضطرت لذلك". ثم سجّلت ناتالي اعتراضها على تولي رجلٍ وزارةَ الدولة لشؤون المرأة، ليقاطعها أحد العمال بالقول: "الرجال أدرى بمصلحة النساء".
على مقربة من محل الألعاب، جلست زلفا شرفان داخل محل لبيع الأدوات المنزلية والكريستال ترتشف القهوة، مكتفية بمطالبة الحكومة بتأمين الكهرباء والمياه، لكنها أكدت أن "لديها ثقة بها بوجود الجنرال ميشال عون". رأي زلفا لم يختلف كثيراً عن رأي كاتيا ديب شقيقة عضو "تكتل التغيير والإصلاح" النيابي حكمت ديب، التي قالت: "أنا مع العهد، إن شاء الله خير..."، مرحبة بـ "انضمام وجوه شابة جديدة إلى التركيبة على رغم الإبقاء على وزراء فيها، لأن الأحزاب تريد ذلك".
ويبقى الهم المعيشي على رأس أولويات اللبنانيين، وسأل إيلي سلوم مستغرباً كيف يمكن حكومة عمرها لا يتجاوز الستة أشهر أن تعمل في حين أن العصفور يحتاج إلى هذه المدة ليبدأ التغريد، بينما وصفها سعيد خاطر بأنها "حكومة أزلام ومحاسيب"، مصراً على أنها "حكومة تمرير الوقت الضائع كي لا يبقى البلد من دون رؤساء وفي الوقت ذاته يستفيد كل وزير من راتبه وبعض الصفقات... نحن نعيش في حال من الفوضى القاتلة التي لا أفق لها". وقال: "لننتظر الرئيس عون في الأشهر والسنوات المقبلة، فماذا بمقدوره أن يصلح في نظام أثبت أنه غارق في الفساد؟".
بأسلوب عفوي، حرص صاحب محل لبيع الهواتف الخليوية في محلة الكفاءات على التعبير عن رأيه، مفضلاً عدم ذكر اسمه، على رغم أنه لا ينتمي إلى أي حزب. الشاب المتعلّم الذي لا يتجاوز الـ30 سنة وصف الحكومة بأنها "حكومة نفاق وطني". تجربته مع الدولة اللبنانية رواها والده، إذ إن الشاب تقدم بطلب لشغل وظيفة في الدولة إلا أن "الواسطة سبقته" وبات الحصول على "فرصة عمل" مطلب كثير من الباحثين عن وظائف شاغرة "التي كثيراً ما يتم الاستعداد لتقديمها بالشهادة المتخصصة والدورات، إلاّ أن ما يحدث في بعض الحالات هو توظيف أشخاص في إدارات وقطاعات حكومية لم يتم الإعلان مسبقاً عن وظيفة شاغرة فيها، ولم يعلم عنها المتقدمون لوظائف".
في شارع هادي نصرالله، توقّع حسين أبو جبال الذي كان يجلس أمام بسطة إكسبرس لبيع القهوة والشاي أنه "في حال عدم توافر الأصوات اللازمة لإقرار أي قانون للانتخابات، فهذا يعني حكماً العودة إلى قانون الستين، ولكن قد يخضع حينها إلى بعض التعديلات والتجميلات بحيث يصبح مقبولاً من الجميع". وقال: "طالما أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يشارك في الحكومة، فلبنان بألف خير". رأي حسين لا يختلف كثيراً عن رأي أحمد ضاهر صاحب محل لبيع السجاد الذي أشار إلى أن "الانتخابات لن تحصل إلا على قانون يصب في مصلحة كل الأفرقاء". واعتبر أنها "حكومة تقسيم حصص".
وفيما اكتفى "حزب الله" بوزيرين، يرى حسين حرب صاحب محل في الشياح أن "هذه الحكومة هي حكومة حزب الله، كون حلفائه من التيار الوطني الحر وأمل والقومي السوري واللبناني الديموقراطي والمردة كان لهم التمثيل الوازن فيها"، مؤكداً أن "المقاومة هي خط أحمر والخاسر في هذه الحكومة 14 آذار التي لم تملك الثلث المعطل". وقال: "أصلاً الحزب ترسّخ إقليمياً ولم يعد يهمه لبنان. وهو يأتي برئيس ويسقط رئيساً". وذهب أحدهم إلى تأكيد أن "الرئيس نبيه بري هو العمود الفقري للبنان فلو لم يتنازل عن حقيبته (للمردة) لم تتشكل الحكومة".
في المقابل، اعتبر محيي الدين الناطور أنه "طالما هناك سلاح غير شرعي في البلد لا يمكن اعتماد القانون النسبي الكامل للانتخاب، وطالما أن الرئيس سعد الحريري رئيس لحكومة لبنان سيكون بألف خير". واعتبر أن "وجود امرأة واحدة داخل الوزارة لا يكفي، وكان يجب أن تضم كوتا وازنة، لما للعنصر النسائي من قدرة على الصبر في إنجاز عملها". وذهب أحدهم ليتوقع أن "الحكومة ستبقى لأكثر من 8 أشهر، فمن يحلم بقانون النسبية يلاقي اعتراضات حادة". وسأل: "النسبية لن تنفع في بلد يضم 3 ملايين نسمة". وأضاف: "يخافون من كتلة كبيرة ككتلة الحريري وهم يحاولون (يقصد "أمل" و"حزب الله") أن يسلبوه من عدد نوابه باعتماد النسبية". ورجح "اعتماد نصف نسبية في قانون الانتخاب".
وعن تسمية البعض الحكومة بأنها "حكومة ما بعد حلب"، رأى أن "حزب الله لم ينتصر بمفرده، فقبل أن تدخل إيران لمساندته كان يشيّع عشرات القتلى في لبنان".
وقال آخر رفض الكشف عن اسمه: "لا أقول فول تيصير بالمكيول. أمضيت العمر أستمع إلى المسؤولين يردّدون أن انتخاب رئيس مسألة مصيريّة، واختيار رئيس جديد للحكومة مسألة مصيريّة، وانتخاب رئيس للبرلمان مسألة مصيريّة، وتسديد الدين العام كذلك. لا شكّ في أن المواطن العادي موافق مئة في المئة على أنّ كل هذه المسائل مصيريّةً. لكنه يسأل الدولة: إلى متى سيبقى التقنين المجحف في توزيع المياه والكهرباء مسألة ثانوية؟ وإلى متى سيبقى توفير الاستشفاء والدواء، مسألة ثانوية؟".