لم يكن مستغربا ان يواكب مناخ الانفراج السياسي الذي تشهده البلاد الاحتفالات بعيد الميلاد خصوصا انها تميزت هذه السنة بعودة التقليد الذي يقضي بحضور رئيس الجمهورية قداس الميلاد في بكركي بعد انقطاع سنتين بفعل ازمة الفراغ الرئاسي التي طالت سنتين ونصف سنة .
 

 وساهم تشكيل الحكومة وانجاز اقرارها بيانها الوزاري استعدادا لمثولها امام مجلس النواب في الايام الثلاثة المقبلة ايضا في ارتفاع نبرة التفاؤل لدى رؤساء الطوائف المسيحية الذين اجمعوا تقريبا في عظاتهم في مناسبة عيد الميلاد على ابراز ايجابية التطورات التي تشهدها البلاد منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتشكيل الحكومة بسرعة . وهو الامر الذي برز في عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قداس بكركي الاحتفالي في حضور الرئيس عون وعدد من الشخصيات الرسمية والسياسية ، اذ أعرب عن الامل ان " يكون عهدكم عهد الاستنارة من اجل تبديد الظلمات عن الوطن والاقتصاد والأمن الاجتماعي " مبرزا الحاجة الى مصالحة وطنية شاملة والنهوض بكل قطاعات البلاد . كما ان ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة عبر بدوره في عظته عن " املنا الكبير في سيد هذا العهد ان يكون حامي الدستور والساهر على تطبيقه من اجل انتظام المؤسسات " كما امل في نجاح الحكومة في انقاذ البلاد من وضعها الصعب.

الرئيس عون بدا مقتضبا للغاية في تصريحه من بكركي فوعد اللبنانيين بالعمل على سد الفراغات الكثيرة والعمل بجهد لتحقيق الوعود . ولكن يبدو واضحا ان الاسبوع الاخير من السنة الذي يبدأ اليوم سيشهد الفصل النهائي من فصول استكمال المسار الدستوري لانطلاقة الحكومة بما يعني ان السنة الجديدة ستطل ببرمجة الاولويات التي لحظها البيان الوزاري للحكومة كما أقره مجلس الوزراء السبت الماضي . وهي اولويات ستجد متسعا من الوقت للنقاش المستفيض في ثلاثية جلسات مجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة النيابية بالحكومة التي ستبدأ من غد الثلثاء وتستمر الى الخميس . ومع ان لائحة طالبي الكلام من النواب في جلسات مناقشة البيان الوزاري لم تكتمل بعد فان المتوقع ان يكون العدد كبيرا نظرا الى افتقاد المجلس النيابي جلسات المناقشة العامة منذ زمن بعيد وهو الامر الذي ستعوضه جلسات مناقشة البيان الوزاري بحيث يتوقع ان يكون الإقبال كثيفا على المداخلات . ومن المتوقع ان تتمحور مناخات الجلسات في أيامها الثلاثة على مجموعة اولويات يأتي في مقدمها قانون الانتخاب الجديد وكذلك القضايا الاقتصادية والخدماتية الاساسية وموضوع مكافحة الفساد وهي قضايا تناولها البيان الوزاري . اما البحث الفعلي في قانون الانتخاب فسيكون موعد انطلاقته الكبيرة بعد رأس السنة حيث يبدأ السباق مع الوقت بما يلزم القوى السياسية الإسراع في بت الخلافات حول قانون الانتخاب تحت وطأة سريان مهل قانون الستين .